اعتبر كمال القصير، محلل سياسي وباحث في مركز الجزيرة للدراسات، أن الانتخابات القادمة التي من المزمع أن يشهدها المغرب ابتداء من شتنبر 2015، تعتبر مناسبة للتعرف على مدى صلابة التوافقات والقواعد السياسية التي توافقت عليها الملَكية والفاعلون السياسيون في المرحلة التي أعقبت حراك 2011. وأفاد القصير، في ورقة بحثية نشرها مركز الجزيرة للدراسات، أن الأهمية السياسية التي تمثلها هذه الانتخابات تتجاوز الأبعاد القانونية والإجرائية التي يمكن أن تصاحب هذه العملية"، مبرزا أن "النجاح فيها سياسيًّا يؤكد على صلابة الإصلاحات السياسية التي تم ضخها في البنية السياسية للدولة منذ2011". وعلى مستوى الخارج، يضيف القصير، يعني نجاح تنظيم الاستحقاقات المقبلة أن هناك تجربة سياسية ولدت في سياق صعب ومعقد، بفعل الهزات التي أحدثتها الثورات في المنطقة العربية، تمتلك دينامية قادرة على العمل بنجاعة والتحول إلى نموذج سياسي يصلح للقياس عليه عربيا. وأكد الباحث أن المؤسسة الملكية لن تتدخل للتأثير على مجريات الانتخابات القادمة لحساب طرف دون طرف آخر، مهما كانت تخوفات المعارضة من نتائجها"، مشيرا إلى أن "نجاح الانتخابات القادمة يتقاطع مع حاجة الملَكية إلى إثبات صلابة مواقفها، والمسار التوافقي الذي دفعت نحوه البلاد عقب احتجاجات عام 2011. واستطرد المحلل بأن نتائج الانتخابات سوف تُظهر الأحجام الحقيقية لأطراف المشهد السياسي، والتغيير الذي سوف يمس الأحزاب السياسية وزنًا وموقعًا، بعد جولات من الصراع بين الحكومة والمعارضة استُخدم فيها كثير من الأسلحة السياسية والاجتماعية، لأكثر من 3 سنوات. وكتب القصير بأن "القراءة السياسية تشير لتنزيل مضامين الدستور الجديد، وقضية الصلاحيات المحدَّدة للملك ورئيس الحكومة، التي تستحوذ على جزء مهم من النقاش السياسي الداخلي، إلى أن العلاقة بين الملكية ورئيس الحكومة تعرف حالة من الاستقرار". وعرجت ورقة القصير إلى ما سمته "التفاهم بين المؤسسات" بالمغرب، والذي عزاه الباحث إلى "رؤية إسلاميي العدالة والتنمية التي تتمثل في تجنب النزاع مع الملك"، مبرزا أن إصرارهم على إغلاق ملف التطبيع مع الملكية يرجع إلى التمييز بين الفعل الاستراتيجي والممارسة التكتيكية". ولفت المحلل ذاته إلى أن "العلاقة مع الملك تتجاوز كونها مرحلة عابرة، وزمن الملوك سياسيًّا يقاس بالفترات الطويلة، وهو مختلف عن زمن السياسيين الذين يخططون لفترات سياسية أقصر بكثير، حيث إنها قد تقف في كثير من الأحيان عند إعادة انتخابهم". وزاد بأن "الملكية تقابل هذا التوجه بخطوات مماثلة من التقارب، ومزيد من الاستيعاب لهذا المكون الإسلامي الذي لا يخفي ارتياحه كذلك لهذا الوضع"، مردفا أن "ما يدل على هذا التوجه غياب شواهد أو وقائع للخلاف في الرؤية السياسية أو الاجتماعية لإدارة الدولة حتى اللحظة".