أشارت جمعية أنفاس الديمقراطية إلى أن تملّك الجسد يدخل في باب الحرية الفردية والحياة الخاصة، وبالتالي للمرأة حرية الإنجاب أو عدم الإنجاب، وأن الشرط الوحيد لحدّ هذا المبدأ، هو الاتجار في الجسد، معتبرةً أن الحق في الحياة لدى الجنين، يتوقف فقط عند ذلك الذي يحظى بصفة الإنسان أو الكائن القانوني. وأبرزت الجمعية في ورقة لها حول الموضوع أن الحياة تبقى من الناحية البيولوجية مسلسلًا مستمرًا منذ التخصيب مرورًا بالتطوّر الجنيني ثم الولادة فالحياة خارج الرحم، ولذلك "يجب التمييز بين بداية الكائن البيولوجي وبداية الكائن القانوني أو الشخص"، مبرزة أن التشريع المغربي يعاني من فراغ بخصوص تعريف الحياة، خاصة في تعريف الزمن المحدّد التي يصير فيه الجنين كائنًا قانونيًا. وفيما يتعلّق بمدة الحياة داخل الرحم التي يُعتبر الجنين خلالها "شيئًا وليس كائنًا قانونيًا"، ارتأت الجمعية عدم اقتراحها، إذ أشارت إلى ضرورة تحديد هذا الزمن على المستوى الوطني عبر توافق متعدد الأبعاد، يجب أن يحدد بداية الحياة الإنسانية حسب القانون المغربي، فالتجارب عبر العالم أثبتت أن اختيار هذا الزمن يتغير حسب المجتمعات وحسب التاريخ، من ستة أسابيع إلى 24 أسبوعًا انطلاقاً من انقطاع الطمث، تقول الجمعية. وأضافت الجمعية أن محاربة الإجهاض السري يجب أن يمرّ عبر تشريع يوّسع حقل الإنهاء الإرادي للحمل الآمن وليس فقط الإنهاء العلاجي له، مستطردة بأن الإجهاض تجربة مرعبة في حياة المرأة و يجب أن ببقى حلًا استثنائيًا ومستعجلًا، فاختياره ليس سهلًا، ولكنه "مسلك اضطراري لأناس في مواجهة أوضاع معقدة و سلبية". كما أبرزت الجمعية أنه من حق من كلّ من تعرَّضت لاغتصاب أو زنا محارم ونتج عن ذلك حمل أن تُجهض وأن تستفيد من مرافقة مختصة وعاجلة ومن مسطرة استعجالية، كما من حق المرأة التي تعي أن جنينها يحمل تشوّهات شديدة أن تنهي الحمل، إذ يجب إدراج لائحة واضحة للتشوّهات والإعاقات الثقيلة التي تستدعي الإجهاض، مع اجتناب السقوط في هواجس تحسين النسل، كما من حق الفتيات القاصرات اللائي يمكن أن يشكّل الحمل في سنهنّ ضررًا جسديًا ونفسيًا، أن ينهين الحمل، إذ يتحوّل الإجهاض هنا إلى "حل مشروع وإنهاء علاجي للحمل". وفي هذا السياق، قال يونس كريم، طبيب وعضو أنفاس، في تصريحات لهسبريس:"لقد اخترنا هذه المقاربة البعيدة عن اتخاذ موضوع الإجهاض كوسيلة للاستقطاب وتمرير خطاب إيديولوجي. الإجهاض قضية علمية و فكرية يتداخل فيها ما هو طبي بما هو رؤية المجتمع القانونية و الفلسفية للحياة، لذلك طالبنا بتشريع يحدد بداية للحياة داخل الرحم وأن يتم تحديد هذه البداية من طرف لجنة وطنية متعددة التخصصات، وانطلاقا من ذلك اقترحنا أن يكون الإجهاض متاحًا وحقاً لكل امرأة في إطار أجل قانوني". وقدمت الجمعية مجموعة من التوصيات للمساهمة في حلّ إشكالية الإجهاض في المغرب، منها تنصيب لجنة مغربية للأخلاقيات، تعمل على تهيئ قانون عام للأخلاقيات الإحيائية من قبيل الإنهاء الإرادي للحمل والموت الرحيم، وإلغاء مختلف العقوبات ضد المرأة التي أجهضت أو تحاول ذلك سواء أكان ذلك شرعيًا أو سريًا، ومعاقبة المزاولين لعمليات الإجهاض السري المُمارس خارج الضوابط القانونية، والترخيص للإنهاء العلاجي للحمل، وإتاحة الحق لكل امرأة حامل في تقديم طلب لمؤسسة صحية عمومية أو خصوصية للولوج إلى الإنهاء الإرادي للحمل، بشرط أن يتم ذلك داخل الأجل القانوني المتوافق عليه. ومن التوصيات الأخرى الواردة في الورقة تبرز مأسسة دروس إجبارية للتربية الجنسية في المدارس، والولوج إلى كافة أنواع منع الحمل، وجعل الإجهاض مجانياً داخل المستشفيات العمومية وأن تغطي التغطية الصحية مصاريفه في حالة إجرائه بالقطاع الخاص، وتحمل الدولة لأعباء الأطفال المتخلى عنهم وتيسير مساطر تبنيهم، وإعادة الاعتبار للأمهات العازبات.