أبدَى ائتلافٌ لمسلمِي بلجيكَا معارضتهُ فكرة استقدام أئمَّة مغاربة أوْ سعُوديين لأجل إمامة المسلمِين في البلاد، مفضلِين أنْ يجرِي الاعتمادُ على أئمَّة محليِّين، كيْ لا يظلَّ الارتهانُ للخارج قائمًا، بما يجرُّه منْ إشكالات تقترنُ بعدمِ استيعاب كثيرٍ من الأئمة الوافدِين لمقتضيات المجتمع البلجيكي وإشكالات الاندماج الهويَّة. الائتلاف الذِي تشكل منْ مسلمِين يعيشُون في بلجيكا وأطلق على نفسه "مبادرات مواطنة لأجل إسلام بلجيكي"، رفضَ حديث نائب الوزير الأوَّل البلجيكي، ووزير الخارجية، في الثالث من مارس الماضي، إلى إمكانية إقامة شراكة مع المغرب في مجال تكوِين الأئمَّة، في السعي إلى تحصين الحقل الديني. وسوغ الائتلاف رفضه استقدام أئمة من المغرب أوْ السعودية، بكون الأئمَّة الذين يأتون من الخارج يجهلُون بحسب قولهم، السياق الاجتماعي والثقافي للبلجيكيِّين، الأمر الذين يجعلهم غير ذوِي فعالية في تأطير المسلمِين، أوْ أنهم يضلعُون لدى تأطيرهم الشباب في الزيغ بهم إلى التطرف، بعد مضي أعداد كبيرة من المهاجرِين إلى العراق وسوريا للالتحاق بتنظيم "الدولة الإسلامية" الإرهابي. ورأى الائتلاف أنَّ من الأفضل تأمين السبل لبروز إسلام بلجيكي، وذلك من خلال إفساح المجال أمام أساتذة على تكوين رصين في الدين الإسلامي، يدركُون ما يعيشهُ المجتمع البلجيكي، ولا يتركُون الشباب تائهًا أمام الوعاظ المتطرفِين. الائتلاف دعا أيضًا إلى قطع الطريق أمام أيِّ تدخل أجنبي في تدبير الشأن الديني في البلاد، على اعتبار أنهُ جرَّ ويلاتٍ كثيرة على البلاد. وعنْ الموضوع قال الأكاديمي في بروكسيل، المهدِي اللبادِي، في تصريحٍ صحافي، إنَّ الأمر صار مستعجلا، وإنَّ إفساح المجال أمام الأئمة أمام الأجانب هو الذِي أفرز متطرفِين كالحركة التي سمتْ نفسها "Chariaa for Belgium"، حالمة بتطبيق الحدُود في البلاد. "في ما مضى، كان التلميذُ في بلجيكا يطرحُ سؤالًا على إمام قادم من المغرب وبلجيكا، فيجدُ الأخير نفسه عاجزًا عن تقديم جواب لسؤال يتعلقُ في الأساس بجانب منْ جوانب الحياة، لجهله بالسياق البلجيكي. وكان وزير الخارجية البلجيكي، ديديِي رينديرْ، قدْ صرح عقب لقائه بالوزيرة المغربية المنتدبة في الخارجيَّة، مباركة بوعِيدة، إن لدى بلاده نية لتكوين الأئمة، وإنَّ المغرب لهُ تجربة مهمَّة في المجال، وإن من الممكن عقد شراكة لتأمين التكوين. وتنكبُّ فرنسا بدورها على موضوع الأئمة الأجانب، حيثُ يدافعُ الرئيس الفرنسي الأسبق، نيكُولا ساكوزِي، عمَّا يسمِيه "إسلام فرنسا" عوضَ "الإسلام الفرنسي"، تفاديًا لما يفتحهُ استقدام أئمة من الخارج منْ أبواب أمام بثِّ خطاب متطرف، لا يراعِي السياق الأوروبي.