"نعاني في بلجيكا من نقص كبير في تكوين الأئمة، وهو المجال الذي يتوفر فيه المغرب على خبرة جيدة"، هكذا صرح وزير الخارجية البلجيكي، ديديي رينديرز خلال لقاء جمعه بنظيرته المغربية، امباركة بوعيدة، بمدينة جنيف السويسرية، للتأكيد على رغبة بلده في إرسال أئمتها إلى المغرب، من أجل تكوينهم على تعاليم الإسلام "المعتدل". اهتمام بلجيكا بتكوين أئمتها يجده تفسيره في كون هذا البلد الأوروبي أصبح من أكبر الدول الأوروبية المصدرة للمقاتلين نحو "داعش"، وهو ما اعتبرته الحكومة البلجيكية ناقوس خطر يستوجب إعادة النظر في طريقة تعاملها مع المساجد والأئمة، لذلك ترى ضرورة تلقي الأئمة البلجيكيين تكوينا على أيدي الهيئات الدينية المغربية. الحكومة البلجيكية باتت من أشد المتحمسين لفكرة إشراف المغرب على تكوين أئمتها، رغم معارضة بعض الهيئات الممثلة للمسلمين في بلجيكا لهذا المشروع، وتستند الحكومة البلجيكية في المنافحة عن موقفها على ما يتوفر عليه المغرب من خبرة في مجال تكوين أئمة عدد من البلدان. ومن العوامل التي حفزت بلجيكا على اللجوء إلى المغرب في مجال تكوين الأئمة، أن فرنسا تعمل حاليا على التنسيق مع السلطات المغربية من أجل تكوين أئمتها، حيث إن العديد من الصحف المغربية والفرنسية تحدثت عن لقاء سري جمع بين رئيس الحكومة، عبد الإله بن كيران، ووزير الأوقاف، أحمد التوفيق، بوزير الداخلية الفرنسي السابق "بريس هورتفو"، حول تكوين المغرب للأئمة الفرنسيين. وأشارت صحف بلجيكية إلى أن المذهب المالكي الذي يعتمده المغرب كان من العوامل المشجعة للحكومة البلجيكية لفتح نقاش مع المغرب حول تكوين الأئمة، إذ ترى الحكومة البلجيكية في المذهب المالكي "مذهبا معتدلا يمازج بين التراث والعقلانية"، هذا إلى الجانب الأهمية التي أصبح يوليها المغرب لمسألة التصوف. في المقابل تبدو مهمة الحكومة البلجيكية صعبة في إقناع ائتلاف مسلمي بلجيكا الذي عبر عن رفضه لفكرة تكوين الأئمة البلجيكيين في المغرب، والذي أطلق مبادرة تحمل شعار "مبادرات مواطنة لأجل إسلام بلجيكي". وتقوم مبادرة ائتلاف مسلمي بلجيكا على تكوين أئمة بلجيكيين في بلجيكا، حتى يكون "الإمام ملما بالأوضاع الاجتماعية والاقتصادي في بلجيكا" حسب بلاغ أصدره الائتلاف، لتعيش بذلك بلجيكا نفس الجدل الذي عاشته فرنسا حول الجدوى من إشراف المغرب على تكوين أئمتها.