في هذا المقال، يسلّط المحامي المغربي المقيم بفرنسا علي شلاط الضوء على المستجدات القانونية المتعلقة بالزيجات المتعلقة بالمواطنين المغاربة والفرنسيين، خاصة الزواج الأخير بين مثلي مغربي وآخر فرنسي. ويعمل الشلاط على تفكيك النصوص القانونية للبلدين ويقارنها من أجل الوصول إلى حلول جذرية تقطع مع المشاكل الناتجة عن الزيجات المختلطة. وفيما يلي ترجمة فقرات من مقاله المنشور بموقع فرنسي متخصّص في القانون: بالنظر إلى العلاقات الشخصية والأسرية بين مواطني المغرب وفرنسا، وبالنظر لضرورة احتفاظ المواطنين بالمبادئ الأساسية للهوية الوطنية، وقعت الجمهورية الفرنسية والمملكة المغربية اتفاقية مؤرخة في 10 غشت 1981، بشأن وضع الأشخاص والأسرة والتعاون القضائي. يسعى هذا الاتفاق أولاً لحماية وتعزيز الصلات القائمة أو تلك التي يمكن أن تنشأ بين مواطني الدولتين. وثانياً لإرساء قواعد إدارة الصراع المشتركة للقوانين والسلطات القضائية فيما يتعلق بوضع الأشخاص والأسرة. فهو يعالج في الأخير تعزيز علاقات التعاون القضائي بين البلدين لحماية أفضل للأطفال . منذ دخولها حيز التنفيذ في عام 1983، يعتقد المحامون والأزواج المعنيون أن مسألة اختصاص المحكمة فيما يخصّ الأسرة، قد تمت تسويتهما بين الدولتين، بينما لم يتم الأمر كما يتصورون. فبعد قراءة عدد من القرارات، تبيّن أن الردود حول الاتفاقية الفرنسية-المغربية التي تعود لتاريخ 10 أغسطس1981، غير كافية وغير فعالة مقارنة مع القضايا التي أثيرت من قبل الأزواج، كما أن هناك العديد من المشاكل في تطبيق هذه الاتفاقية التي قد يتعرّض لها القضاة والمحامين حتى بعد إصلاح مدونة الأسرة المغربية، التي أجريت في عام 2004. هذه الاتفاقية الدولية تثير تساؤلات قانونية كثيرة، تتعلق أولها بمدى سمو الاتفاقيات على القوانين، بينما يتعلق الثاني بسبب خلقها بالأساس، أهي اتفاقية لحل المشاكل بين الدولتين ومواطنيها أو لخلقها؟ في القانون الفرنسي، تنصّ المادة 144 من القانون المدني على أن "الزواج يتم عبر التعاقد من قبل شخصين من نفس الجنس أو من جنس مختلف". أما في القانون المغربي، فتنصّ المادة 4 من قانون الأسرة على ما يلي "الزواج هو عهد على أساس الموافقة المتبادلة لإقامة اتحاد قانوني ودائم بين رجل وامرأة". في هذه الحالة، يبدو من الواضح أن المغرب يحظر الزواج على الأشخاص من نفس الجنس. مؤخرا، في 28 يناير 2015، أصدرت المحكمة العليا بفرنسا حكما يسمح بزواج زوجين مثليين من الجنسيتين الفرنسية والمغربية، وقد اعتبرت المحكمة أن الزواج بين أشخاص من نفس الجنس هو حرية أساسية، أي أن أيّ اتفاق بين فرنسا والمغرب لا يمكن أن يمنع ذلك، خاصة إذا كان الزوج المغربي في المستقبل له علاقة مع فرنسا، كأن يستقر بها، أي أنها تراجعت عن بند في الاتفاقية التي وقعتها فرنسا مع المغرب لصالح ما تعتبره نظامًا عالميًا لا يجب أن يمنع حرية الزواج. في الواقع، يمكن أن يستبعد القانون المغربي، الذي يحظر زواج المثليين، العمل بالمادة 4 من هذا الاتفاق الفرنسي-المغربي التي تسمح بمثل هذا الزواج، غير أنه من ناحية أخرى، تنصّ المادة 55 من الدستور على أن "المعاهدات أو الاتفاقات المصادق عليها أو التي يتم إقرارها، فور نشرها، تصبح لها سلطة عليا على القوانين. ويتضح من هذه المادة أن الدستور يعترف لمثل هذه الاتفاقيات بسلطة أعلى من القانون. يجب أن نخشى أن تعلن المحاكم المغربية كون القانون الفرنسي يتعارض مع السياسة العامة الوطنية المغربية، والذي ربما سيترتب عنه عدم تنفيذ القرارات الفرنسية في المغرب. وللقيام بذلك، قد تعتمد المحاكم المغربية على المادة 4 من الاتفاقية، التي تنص على أن "قانون إحدى الدولتين المعنيتين بهذه الاتفاقية، قد يرفض من قبل محاكم الدولة الأخرى، خاصة إذا ما تعارض بشكل واضح مع النظام العام لها". وبالتالي، أصبح واضحا أنه إذا أراد المغاربة أن يكون زواجهم صحيحًا قانونيا في فرنسا، يجب أن يتم تسجيله في القنصلية. وبما أن القانون الفرنسي لا يتفق مع السياسة العامة الوطنية المغربية، فلن يتم تسجيل الزواج في فرنسا من قبل مواطنين مغاربة مباشرة كما كان يحصل من قبل في القنصلية، فنقطة التقارب الوحيدة في الاتفاقية الفرنسية-المغربية تظهر على مستوى النسخ أو الاعتراف بالزيجات الذي يتم في واحدة من الدولتين. في الختام، يجب أن يؤدي هذا الظلم الواضح بالمشرعين من كلا البلدين لإيجاد حلول لهذه القضية الحساسة خاصة المتعلقة منها بإجراءات الطلاق، وينبغي التأكيد على أن غالبية الأزواج يشكون عددا من القضايا المتعلقة بالطلاق التي تعتبر إشكالية قديمة، تحاول كلا الدولتين معالجتها، لأن ذلك سيجنب الأزواج ازدواجية التكلفة و الإجراءات المتعلقة بالطلاق كما سيتم تفادي تمزق الأسرة ومعاناة الأطفال. باختصار، لقد صار ضرويًا إنشاء اتفاق جديد فرنسي مغربي، يعطي الزوجين فرصة لبناء زواجهما وطلاقهما على بطاقة، كما يجب أن يكون مصحوبا بإصلاح شامل للنظام الداخلي لتجنب تضارب القرارات بين فرنسا والمغرب.