ناقش المتدخلون في ندوة دولية نظمها منتدى مغرب الكفاءات يوم السبت 10 ماي 2014 أهم المشاكل التي يعاني منها مغاربة الخارج. وفيما يلي أهم المداخلات. الوافي: حالات زواج شاذة تنتج عن صعوبات في الطلاق قالت نزهة الوافي البرلمانية المقيمة بالخارج، إن مغاربة الخارج يواجهون صعوبات كثيرة للحصول على الطلاق وتنجم عنه حالات شاذة وغريبة، وذكرت الوافي في هذا الصدد، أنها تلقت اتصالات من عدد من النساء المغربيات بإيطاليا لم تحصلن على الطلاق النهائي من أزواجهن بسبب مسطرة الطلاق الطويلة والمعقدة، مما دفعهن للبحث عن الاستقرار في زواج ثان رغم عدم صدور حكم الطلاق وهو ما يجعلهن يعشن في وضعية "تعدد الأزواج" أو "معايشة"، أو يلجأن إلى زواج غير موثق. وأشارت الوافي إلى زواج المغربيات ببحرينيين وما يطرح ذلك من إشكالية المذهب، وأوضحت الوافي أن المغربيات حين يتزوجن برجال من البحرين شيعيين يمنحن جنسيتهم لأبنائهن بشكل مباشر، فيصبح هؤلاء الأبناء مغاربة شيعيي المذهب، مضيفة أن هذه الحالات تطرح إشكالية وتناقضا تظهر في الدستور الذي يعترف من جهة بازدواجية الجنسية ومنحها عن طريق الأم ويتحدث من جهة أخرى عن حماية الهوية الوطنية والمذهب. البطاح: هذا ما فعته وزارة العدل للحفاظ على مصالح الجالية قال عبد الهادي البطاح قاضي ملحق بمديرية الشؤون المدنية بوزارة العدل، إن هذه الأخيرة واكبت تطبيق مدونة الأسرة منذ البداية وخاصة المادتين 14 و15 وجمعت الإشكالات المرتبطة بتطبيق المدونة على الجالية المغربية بالخارج. وأضاف البطاح أنه على المستوى المؤسساتي تم إحداث قضاة الاتصال وعددهم حاليا 3 وهي آلية جديدة تسمح للمواطنين في بلاد المهجر بأخذ المعلومات في نفس بلد الإقامة، أضف إلى ذلك تعيين 7 قضاة للتوثيق والزواج في مجموعة من دول المهجر خاصة في فرنسا وايطاليا وهولندا وبلجيكا وإسبانيا وألمانيا، وأشار القاضي إلى وجود خلية على مستوى محاكم المملكة تعمل لفائدة الجالية المغربية، إلى جانب إحداث مكتب تحليل الشكايات لمعالجة الشكايات مغاربة المهجر كما أنه أصبح هناك تواصل مع أفراد الجالية المغربية بالهاتف على مستوى قضاء الأسرة. وأضاف إلى ذلك إصدار مجموعة من المناشير المتعلقة بملاءمة تطبيق المدونة للحفاظا على مصالح هذه الفئة، كما أن اللجن الثنائية تعمل بشكل دؤوب لحل النزاعات الاسرية العابرة للحدود والزواج المختلط او استرجاع الاطفال. بويزدوزن: ازدواجية الجنسية تطرح إشكالات أسرية كبيرة قال المحامي بمحكمة لاهاي بهولندا يوسف بويزدوزن، إن الزواج والطلاق في هولندا يخضعان للقانون المدني، وأوضح المحامي أن ازدواجية الجنسية تطرح إشكالات أسرية كبيرة، مشيرا في هذا الصدد لبعض الحالات المعقدة التي تتعلق بزيجات مختلطة مثل امرأة مغربية عاشت في إسبانيا وتحمل جنسية هذا البلد تزوجت برجل من أصل تونسي ويحمل الجنسية الهولندية ولديهم ابنة مزدادة بهولندا، وفي هذه الحالة تطرح إشكالية تتعلق بالقانون الذي يفترض تطبيقه في مثل هذه الزيجة عند انحلالها، هل القانون المغربي أم الفرنسي أم الاسباني أم الهولندي. وأضاف المحامي أن هذه الحالة ذكرته بدرس لأحد أساتذة القانون بلاهاي قال فيه إن الزواج مثل الشركة، فكما أنه في الشركة علينا تحديد القانون الذي يجب أن تخضع له، فإن الأمر نفسه بالنسبة للزواج إذ المطلوب من الزوجين أن يحددا ضمن بنود عقد الزواج القانون الذي سيخضع له هذا العقد لتجنب المشاكل القانونية وتنازع القوانين. البوعزاوي: لا توجد قنوات للتوعية القانونية لمغاربة الخارج قال مصطفى البوعزاوي مدير الشؤون القنصلية والاجتماعية إن النظام المغربي في الأحوال الشخصية المستمد من الشريعة الإسلامية يزاح نهائيا في بعض الدول باسم النظام العام، ففي وسط علماني يكون القاضي ملزم بإقصاء القانون الآخر وتطبيق قانون بلده. وأضاف المتحدث أن معظم المغاربة لا يعرفون النصوص القانونية ولا توجد قنوات تواصل من أجل تبليغ المعلومة والتوعية القانونية لمغاربة الخارج، معتبرا أن دور الجمعيات المدنية أن تكون جسر التواصل بين القنصليات ومغاربة الخارج. وأوضح البوعزاوي أنه بقدر ما سهلت المدونة مجموعة من الأمور إلا أنه تبين من خلال الممارسة وجود حالات تقتضي اجتهادات كبيرة وتستلزم المعالجة وتقديم إجابات، لافتا إلى أنه أعطيت التعليمات للموظفين في القنصليات لتقديم التسهيلات اللازمة للمغاربة الراغبين في إبرام عقود زواج أو الطلاق. المجدوب: مزدوجو الجنسية يقعون في مشاكل قانونية قالت المحامية بإسبانيا رحيمو بن عمر المجدوب، إن لجوء مغربية لطلب الطلاق في محكمة إسبانية عام 2002 كان السبب وراء تعديل القانون المدني الإسباني، وأوضحت رحيمو أن القاضي الإسباني رفض طلب هذه المرأة المغربية لكون القضاء الإسباني لايسمح له بإحداث الطلاق وفق مقتضيات بلد المهاجر الأصلية، لذلك تم في عام 2003 تعديل القانون المدني في إسبانيا بإضافة مواد تسمح بقبول طلبات الطلاق التي يتقدم بها الأجانب وفق قوانين بلدانهم الأصلية شرط أن يتضمن الطلب مواد القانون المحال عليه مترجمة إلى اللغة الإسبانية. وأضافت المستشارة القانونية بشؤون الهجرة، إنه بناء على هذا التعديل أصبح بإمكان المغاربة تقديم طلبات الطلاق إلى المحاكم الإسبانية شرط أن يتم إرفاق الطلب بمواد مدونة الأسرة التي تنظم مسألة الطلاق مترجمة إلى اللغة الاسبانية ومصادق عليها من طرف القنصلية المغربية، لكن في حالة عدم الإشارة الى هذا الشرط في الطلب فإن القاضي يطبق القوانين الإسبانية المدنية في مسألة الطلاق الذي قد يستمر لسنوات. وقالت ارحيمو إن مزدوجي الجنسية يقعون في إشكالات قانونية بسبب وضعهم القانوني، فهؤلاء وإن لم يصرحوا بذلك يتخلون عن جنسيتهم المغربية مقابل الاسبانية، لكنهم عند زيارتهم للمغرب يتزوجون بعقد زواج وفق قوانين مدونة الأسرة وعندما يعودون إلى إسبانيا يشرعون في تقديم ملف للسلطات لطلب التحاق زوجاتهم بهم فيصطدمون بعدم اعتراف السلطات الغسبانية بهذه الزيجة لأنهم بالنسبة لها مواطنون إسبان يحملون جنسية هذا البلد والزواج ينبغي أن يتم وفق القانون المدني الاسباني. وقالت رحيمو إن التعدد بالنسبة للمغاربة الذين يحملون الجنسية الإسبانية يعتبر جريمة جنائية يعاقب عليها القانون، لكنه بالنسبة للمغاربة المقيمين في اسبانيا والذين لا يحملون جنسيتها لا يعتبر كذلك. فرحان: مغاربة إفريقيا لم يستفيدو من التحسيس بمدونة الأسرة قالت أمينة فرحان نائبة رئيس اتحاد مغاربة الغابون، إن المرأة المغربية عند زواجها بمواطن غابوني تجد نفسها مطالبة بإنجاز ثلاثة عقود، أولها عقد الزواج الذي تقوم به في المغرب وفق مدونة الأسرة المغربية ثم عقد زواج مدني بعد انتقالها إلى الغابون ثم زواج عرفي وفق عادات وتقاليد القبيلة التي ينتمي إليها الزوج، فإذا لم يتم الزواج تقليديا ووفق الأعراف فإن القبيلة لا تعترف بهذا الزواج ولو توفر العقد المدني. وأضافت أمينة فرحان أن المرأة المغربية تجد نفسه في أوضاع خطيرة وغريبة إذ تصطدم بالواقع الغابوني الذي يعتبر أبناء خليلات الزوج شرعيين ويتم اقتطاع نفقتهم من أجرة الزوج، وتجد المرأة متزوجة من زوج لا ينفق عليها هي وابناؤها فقط بل على أبناء آخرين لا تعرفهم إلا بما يتم خصمه من مداخيل الزوج. وقالت فرحان إن مغاربة إفريقيا ليس لهم نفس حظ مغاربة أوربا فيما يخص التحسيس بمضامين مدونة الأسرة "رأينا وفودا مختلفة من وزارة العدل والخارجية وجمعيات تتقاطر على أوربا في حين لم نر أي تحسيس بمدونة الأسرة وبالتالي يوجد عدم فهم مدونة الأسرة وجهل كبير في صفوف مغاربة في افريقيا" وأضافت " المغاربة في إفريقيا لا يعرفون عن المدونة سوى أن الرجل لايمكنه أن يتزوج ثانية إلا إذا وافقت الزوجة الأولى". وأشارت إلى أن مشاكل عديدة ظهرت عندما تقرر منح الأم الجنسية لأبنائها من زواج اجنبي، إذ أصبحت المغربيات مطالبات بإنجاز عقود زواج وفق القانون المغربي، ومن أجل تسهيل تطبيق مدونة الأسرة على المغاربة، دعت أمينة فرحان إلى إحداث مصلحة اجتماعية بالقنصلية المغربية في الغابون وإحداث مكتب للعدول وكذا تبسيط مساطر الحصول على الجنسية الحر: تنازع القوانين وراء النزاعات الأسرية لمغاربة الخارج قالت القاضية زهور الحر إن النزاعات الأسرية لدى مغاربة الخارج سببها تنازع القوانين، ذلك أن هناك قواعد مرتبطة بالقانون المغربي وأخرى بالقانون الدولي، وأوضحت عضو لجنة تعديل المدونة أن قوانين الأسرة المغربية تصطدم كثيرا بفكرة النظام العام لبلد الإقامة وسيادته التي يجب احترامها، وقالت الحر إنه أمام النزاعات المتعلقة بالأسرة المغربية في الخارج تطرح أسئلة من قبيل هل تطبق قوانين الإقامة أو قانون البلد الأصل. وكشفت الحر أن هذه الإشكالات كانت حاضرة أمام لجنة تعديل مدونة الأسرة وسببها أننا نريد تحقيق أمرين، فمن جهة نريد المحافظة على الهوية الوطنية المغربية حتى لا تضمحل، ومن جهة لدينا رغبة في التفتح على مستجدات العصر ومقتضيات القانون الدولي، وتضيف الحر "رغم وجود اتفاقيات ثنائية مع العديد من الدول الأوربية إلا أن هذه الاتفاقيات لم يعد لها معنى خاصة بعدما انصهرت أوربا في اتحاد واحد وأصبح النظام العام السائد هو النظام الأوربي وليس نظام كل دولة على حدة. وأشارت زهور الحر إلى أن أول المباديء التي اشتغل عليها أعضاء لجنة تعديل المدونة هو النظر في مبدأ المساواة بين الرجل والمرأة وجعلهما في وضع قانوني متكافيء، قمن قبل كانت الولاية لأب المرأة في الزواج، في حين كان الرجل ولي نفسه، لكن بفضل المدونة أصبح من حق المرأة أن تعقد قرانها لوحدها أو بإشراف وليها إذا أرادت، كما أن من مظاهر المساواة توحيد سن الزواج بين الفتى والفتاة في 18 سنة. ومن مظاهر المساواة أيضا التي جاءت بها المدونة أنها حاولت أن تجعل حقوق الزوج والزوجة متكافئة، مثلا الإخلاص وعدم الخيانة واحترام أهل الزوج كانت من حقوق الزوج ولم تكن من حقوق الزوجة لكن هذه الحقوق أصبحت متكافئة في المدونة. كما أن طلب الطلاق من طرف المرأة كان صعبا جدا قبل مدونة الأسرة لكن المدونة خلقت طرق ووسائل تجعل المرأة تحصل على الطلاق كما هو الشأن بالنسبة للرجل. بالنسبة للجالية المغربية، قالت الحر إنهم غالبا ما يبرمون عقدا مدنيا عند الزواج ولا يقومون بتوثيقه لعدة أسباب، لذلك كان الحل هو اعتماد العقد المدني الذي تم إبرامه امام السلطات في بلد الإقامة، ولتسهيل العملية تم اعتماد المرونة من أجل تقريب الشروط الواجب توفرها في العقد كما تنص على ذلك المدونة وكذا شروط العقد المدني. بدران: 100 طفل مغربي انتزعو من أسرهم وتبناهم إيطاليون قالت كوثر بدران محامية بإيطاليا إنه في الوقت الذي مكنت فيه ترجمة مدونة الأسرة إلى الفرنسية والإسبانية الباحثين من الاطلاع عليها، إلا أن عدم وجود الترجمة إلى الايطالية لم يتح الفرصة للقانونيين الإيطاليين والقضاة والمحامين للاطلاع على مضامين المدونة المغربية الجديدة. وعرضت بدارن حاصلة على شهادة الدكتورة في القانون الأوربي والدولي، عددا من المشاكل الاجتماعية الناجمة عن الاختلاف بين مضامين مدونة الأسرة وقانون الأسرة الإيطالي، ومن هذه المشاكل تلك المتعلقة بالكفالة وقد ظهرت أولى الحالات في تورنتو سنة 2002 تتعلق بزوجين مغربيين لجآ إلى الكفالة بالمغرب لكن القضاء رفض تطبيق هذا المفهوم في التراب الإيطالي على اعتبار أن الكفالة ليست في مرتبة التبني بل إنها مرحلة ما قبل التبني. كما أشارت كوثر إلى العديد من المشاكل الاجتماعية التي ظهرت في أوساط مغاربة إيطاليا بعد الأزمة الاقتصادية التي شهدها العالم، والتي دفعت العديد من الأزواج المغاربة إلى إعادة زوجاتهم وأبنائهم إلى المغرب بسبب فقدانهم وظائفهم بسبب الأزمة، وأثر ذلك بشكل مباشر على وضعيتهم القانونية في إيطاليا. كوثر بدران الرئيسة المؤسسة لجمعية المحامين الشباب المغاربة في إيطاليا، قالت إنهم تلقوا في الجمعية 300 ملف لنساء مغربيات يبحثن عن السبل القانونية التي تمكنهن من عدم تنفيذ رغبة أزواجهن في العودة إلى المغرب، وتضيف أن هؤلاء النساء لجأن إلى مصلحة "المساعدة الاجتماعية" في إيطاليا، هذه الأخيرة تدفعهن إلى طلب الطلاق من أزواجهن على أن يتم التكفل بهن وبأبنائهن بعد ذلك، لكن الذي يحدث - تضيف المحامية الإيطالية- أن هؤلاء النساء وقعن ضحية جهلهن بالقانون الإيطالي، إذ بعد حصولهن على الطلاق تطالبهن المساعدة الاجتماعية بالحصول على عمل في أجل 6 اشهر حتى يستطعن التكفل بالأبناء، وحين يعجزن عن ذلك بسبب قلة فرص الشغل يحكم القضاء بانتزاع الأطفال منهن وعرضهم على أسر إيطالية، وقالت كوثر بدران إن حوالي 100 طفل تم نزعهم من أمهاتهم المغربيات دون أن تقوم الدولة المغربية بأي تدخل لوقف هذا النزيف المستمر. وأشارت المحامية إلى قصة مغربي رفعت عليه زوجته دعوى طلاق عندما كان عمر ابنه سنتان وتم انتزاعه منهما بعد الطلاق لعدم توفر الأبوين على عمل قار، تقول كوثر إن الإبن عمره حاليا 17 سنة ويلتقي بوالده لمدة ساعة وبحضور المساعدة الاجتماعية، الأب أخبر المحامية بحسرة أن ابنه يخبره بأنه أصبح مسيحيا ولا يعرف العربية ولا يستهجن تناول لحم الخنزير "لقد أصبح ابنه غريبا عن هويته الأصلية المغربي" تضيف كوثر، كما نقلت كوثر بدران عن الأب قوله إن " الذي ضاع ليس ابنه فقط بل ابن المغرب" ويتأسف لكونه طلب المساعدة من سلطات بلده لكن أحدا لم يمد له يد العون. بن راضي: مغاربة يعودون إلى المغرب من أجل التعدد قالت مليكة بن راضي الأستاذة بجامعة محمد الخامس إنه من بين الاختلافات بين مدونة الأسرة والقانون الفرنسي أن هذا الأخير يعتبر التعدد جريمة، بينما هو أمر مقبول في قانون الأسرة المغربي، وأضافت أن المغربي في فرنسا لا يمكنه القيام بالتعدد لذلك يعود إلى المغرب ويتزوج مرة ثانية ويعود إلى فرنسا ويعيش مع الزوجة الثانية وينجب منها أبناء في إطار هذه العلاقة القانونية في المغرب وغير القانونية في فرنسا، وتعيش الزوجة الثانية وأبناؤها دون التمتع بالحقوق التي يعطيها القانون الفرنسي للزوجة والأبناء. واعتبرت بن راضي أن الاتفاقيات الثنائية بين البلدين تحل بعض الإشكالات في مجال الأسرة، داعية إلى الاجتهاد والانفتاح على المذاهب الأخرى لأن الهدف هو التيسير وليس التعسير.