قال المُخرج المسرحيّ المغربي مسعود بوحسين، إنّ النهوض بالمسرح المغربي يَتجَاوزُ وزارة الثقافة، ويستدعي تدخّل الدولة لمأسسة القطاع المسرحي، والقطاع الفنّي عموما، وأضاف "كان الاهتمام ينصبّ على الابداع، بيْنما طرح سُؤال المأسسة بشكل متأخّر"، معتبرا أنّ النهوض بالمسرح، وبالفنون عموما، "قضيّة دولة تتجاوز وزارة الثقافة". وأضاف بوحسين في حديث لهسبريس أنّ النهوض بالمسرح يرتبطُ بعلاقة الدولة بالثقافة، مُشيرا إلى أنّ المسرح كان يُثير مخاوفَ الفاعلين السياسيين في السبعينات والثمانينات، لأنّه كان واجهةً من واجهات النضال السياسي، داعيا إلى خلْق آليات مؤسساتية من أجْل وضع سياسة ثقافية ومسرحية، "والتي لا يمكن تطبيقها بدون وجود آليات مؤسساتية"، يقول بوحسين. وأشار المخرج المسرحي المغربي الذي قدّم العرض الافتتاحي لمهرجان المسرح العربي الذي انطلقتْ فعّاليات بمدينة الرباط يوم السبت الماضي، إلى أنّ الدولة في الوقت الراهن تتعامل مع مبادرات مسرحية وفنية فردية، عن طريق الدعم المسرحي والسينمائي وطلبات العروض بالنسبة للتلفزيون، وليْست (الدولة) منتجة، وهو ما يجعلها تخلق وُسطاء بين الدولة والفنان. ويرَى مسعود بوحسين أنّ السياسة المُتّبعة حاليا، في مجال التعاقد مع الفنانين، أدّتْ إلى اختفاء محموعة من الأجواق الموسيقية، والفرق المسرحية، وفرق التمثيل الإذاعية، بعدما صارَ القطاعُ الخاصّ وسيطا بيْن الفنانين والدولة، وأضاف "المفارقةُ الغريبة أنّ هذا القطاع الخاصّ يشتغل بأموال الدولة". ودافعَ بوحسين عن تدخّل الدّولة لوضْع آليات ثقافية ومؤسساتية لتأطير القطاع الفنيّ، وقال "هناك من يقول إنه لا ينبغي للدولة أن تتدخل في القطاع الفني وتدعمَ الانتاج، لأن ذلك سيؤدّي إلى الحدّ من حرية التعبير وحرية المبادرة الفردية، وهذا غير صحيح، لأن كل الديمقراطية لديها آليات ثقافية ومؤسسات، ولكن في الآن نفسه تضمن حريّة التعبير". وفيما يخصّ الوضعية الحالية للمسرح المغربي، قال مسعود بوحسين إنّ المسرح المغربي، من ناحية المبادرات الفردية يُعتبر من أقوى المسارح العربية، وما ينقص -يُردف المتحدث- هو الجانب المؤسساتي والقانوني لتأطير الممارسة المسرحية المغربية من الناحية القانونية والاقتصادية ومن ناحية الممارسة، التي لا زالتْ غير مقننة بشكل جيّد. وردّا عن سؤال حول أسباب عدم إقبال الجمهور المغربي على المسارح، قال المخرج المسرحي المغربي "لكيْ يحضر الجمهور إلى المسارح نجتاح إلى الكيف والكمّ أيضا، من أجل الاستمرارية"، وأضاف "الجمهور المعتاد على المسارح، يجب أن يجد قاعات فيها برمجة مستديمة للعروض المسرحية، والحاصل اليوم هو أنّ وتيرة العروض متباعدة، وهناك مجالات أخرى لها قوة جاذبة مثل الرياضة والتلفزيون الانترنت.. وبالتالي إذا لم يكن المسرح حاضرا بكثافة، لا يمكن تعويد الجمهور على الولوج إلى المسارح وفضاءات العروض". واعتبر بوحسين أن الصيغة الجديدة للدعم المسرحي، التي تنهجها وزارة الثقافة، والهادفة إلى توطين الفرق المسرحية، وبناء مسارح جديدة، من شأنه أن يخلق دينامية مسرحية، مشيرا إلى أنّه لا بد من تقوية الجانب المؤسساتي، خاصة بعد تأسيس عدد من المسارح، ولا بد من سياسة لتسييرها، تكون متناغمة مع الممارسة المسرحية، والفنون عموما.