نبيل بنعبد الله: عضو المكتب السياسي لحزب التقدم والاشتراكية في حوار مع أسبوعية"المشعل" "" جل تصريحات زعماء حزب التقدم والاشتراكية، قبل وبعد انتخابات السابع من شتنبر، تسير في اتجاه التصارع من أجل الاستمرار في الحكومة المقبلة متشبثين باتفاق الكتلة التي تحتضر بفعل المشاكل التي لا تحصى بين طرفيها، الاتحاد الاشتراكي والاستقلال، بل وصل الأمر بالبعض إلى حد اعتبار رفع الحزب شعار توفير مليوني منصب شغل محاولة من الحزب لمسايرة أرقام رفيقيه في الكتلة ورغبة منه في عدم الظهور بمظهر الحلقة الضعيفة، بل أكثر من ذلك فقد أكد بعض المسؤولين القياديين غير ما مرة أنهم سيحصلون على مليون صوت في هذه الانتخابات، وهو الأمر الذي كذبته نتائج الاقتراع الأخير رغم أن نبيل بن عبد الله يرى أن الحزب حقق نتائج يعتز بها لمجرد تمكنه من ضمان الاستفادة من الدعم العمومي لخمس سنوات مقبلة وأيضا لوصول حزبه إلى نسبة 6 بالمائة بالنسبة للائحة الوطنية، كما بدا وزير الاتصال مزهوا بالمشروع التأهيلي لقطاع الإعلام والذي اشتغل بخصوصه مع مجموعة من الهيئات المهنية متناسيا أن البعض يرى أن لا فضل لحكومته في التنامي الحذر لحرية الصحافة الذي عاشه المغرب على اعتبار أن نطاق الحرية المسموح به هو نتيجة طبيعية لتغيرات المناخ الدولي، هذا بالإضافة إلى أن مبدأ "الحق في الخبر الذي رفعته الحكومة الحالية بقي مجرد شعار بعيدا عن الواقع، وظل الخبر محجوزا عليه في جل الوزارات التي فشل أغلبها وفي مقدمتها وزارة الاتصال في خلق موقع الكتروني، حيث لا يتجاوز عمر موقعها ثلاثة أشهر، وبقي الخبر في عهد نبيل بن عبد الله يتسلل بالطريقة المعهودة لفائدة صحف بعينها. لقد بدت الأجواء مناسبة قبل الانتخابات لنبيل بن عبد الله ليخرج راضيا مرضيا من الحلبة الانتخابية التي دخلها حسب اعتقاده كمعركة سياسية وإيديولوجية ضد مرشح غريم حزبه اللذوذ العدالة والتنمية قبل أن تنقشع غيوم الحملة بأسلوب يليق "بِفُُتُوَّاتْ" الأحياء الشعبية، لا مرشحين للإنابة عن أناس همهم الوحيد تحقيق أبسط شروط الحياة، من جهته يصر نبيل بن عبد الله على أن منافسيه هم من يروجون ضده إشاعات دنيئة، تنحو منحا دينيا بقولهم إنه كان يجري حملته الانتخابية وهو في حالة سكر، وهي إشاعة في نظره كافية لدحض كل الدعم الذي حظي به من قبل زمرة من الفنانين المغاربة المرموقين في سابقة أولى من نوعها في تاريخ الانتخابات بالمغرب. صرحتم في وقت سابق أنكم ستحصلون على مليون صوت في الانتخابات، إلا أن الواقع كذب هذا الحلم، ما السبب في نظركم؟ صرحنا كذلك بأن هذا العدد هو شعار تعبوي وكنا نعي تماما بأنه من الصعب جدا الحصول على هذا الرقم، وبالتالي أعتقد بأن الأهم بالنسبة لنا هو الوصول إلى 6 في المائة بالنسبة للائحة الوطنية، وحققنا ذلك مع إمكانية ولوج العتبة التي تمكننا من الاستفادة من الدعم العمومي بخمس سنوات مقبلة وحققنا ذلك، ووضعنا لأنفسنا أن نتجاوز عتبة عشرين نائبا برلمانيا واقتربنا كثيرا من هذا الهدف مما يجعلنا في المجمل نعتز بالنتائج التي حصلنا عليها وذلك رغم تعثر بعض مسؤولينا القياديين ورغم تسجيلنا لهفوات على المستوى التنظيمي. هفوات مثل ماذا؟ هفوات على مستوى هياكلنا القاعدية، وقدرتها على خوض المعركة الانتخابية وكذلك على مستوى بعض المرشحين الذين لم يحصلوا على أصوات بالدرجة المرجوة. ما تقييمكم لنسبة 37 في المائة من المغاربة المشاركين في الانتخابات، ألا تشعرون بأن هذه النسبة لا تمثل المغاربة في شيء؟ لا أعتقد أنها لا تمثل المغاربة، لأن الديمقراطية هكذا تسير، هناك انتخابات تنظم وهناك نسبة عالية من الممتنعين عن التصويت والتي كانت منتظرة، وهناك نسبة أخرى انضافت إلى ما كان موجودا سنة 2002 وتشكل إنذارا بالنسبة للحقل السياسي المغربي، والتي تقتضي أن نأخذها بعين الاعتبار من خلال إعادة النظر في أساليب عملنا وطرق تنظيم تواصلنا مع المواطنين. ألا ترون أن الإكراه المطروح هو ما مدى مصداقية المؤسسات المنتخبة بمشاركة نسبة 37 في المائة من المغاربة فقط؟ لسنا البلد الوحيد الذي يعرف نسبة مشاركة ضعيفة، على أي حال هكذا تسير الديمقراطية، هناك تعبير من قبل هؤلاء الممتنعين عن قلقهم، لكن في ذات الوقت لا يمكن أن نوقف عجلة المغرب وأن لا نتوفر على مؤسسات، لهذا يجب أن تستمر المؤسسات لكن مع الأخذ بهذا الإنذار الموجه للطبقات السياسية المغربية. خلفت حصيلة المقاعد التي حصلتم عليها في الانتخابات الأخيرة نقاشا داخل حزبكم، دفعت البعض إلى المطالبة بتنظيم مؤتمر استثنائي للمطالبة بإقالة إسماعيل العلوي، ما رأيكم في هذا القول؟ هذا الصوت غير موجود تماما في الحزب ولم نسمع ذلك من أي كان، واجتمع المكتب السياسي للحزب قبل خمسة أيام وسيجتمع من جديد يوم الأحد، وليس هناك أي مسؤول طالب بما عبرتم عنه، بل هناك تشبث بالأمين العام للحزب، وهناك طرح ينادي بمعالجة تعاملنا في الانتخابات بتأن بعدما تكتمل جميع العناصر التي نحن في حاجة إليها من أجل القيام بتقييم موضوعي وليس هناك أية فكرة مطروحة لتنظيم مؤتمر استثنائي. في ظل الوضع الراهن ما هي آفاق حزب التقدم والاشتراكية، هل تروون أنفسكم في المعارضة أم في الحكومة؟ الأمر مرتبط بطبيعة التوجه الذي سيكون قائما بالنسبة للحكومة المقبلة وبالمكونات السياسية التي ستكون حاضرة في هذه الحكومة ومرتبطة بالموقف المشترك الذي ستتخذه الكتلة. يعني أنكم ملتزمون باتفاق الكتلة؟ أكيد، بالنسبة لنا الكتلة التزام والالتزام في السياسة أخلاق، ولا يمكن أبدا أن نحيد عن هذا الالتزام. في ظل النتائج التي أفرزتها انتخابات 7 شتنبر 2007، ألا تعتقدون أن المغرب في حاجة إلى حزب اشتراكي بمنظور جديد؟ نعم، أنا معكم في هذه الفكرة، نحن في حاجة إلى صياغة مشروع يساري جديد، قوي ومؤثر وجاذب، ومن أجل تحقيق ذلك يجب أن ننصت لنبض المجتمع وأن نعمل إلى جانب فصائل أخرى وفعاليات خارج الأحزاب اليسارية، علينا أن نعمل على السير قدما في هذا الاتجاه. تجاوزت أساليب الحملة الانتخابية بينكم وبين مرشح العدالة والتنمية الحدود الأخلاقية، إلى أي حد تعتبر هذه المسألة مضرة بالعمل السياسي والذي يفتقد أصلا للمصداقية؟ من قبلهم!؟ ومن طرفكم أيضا؟ من قبلهم فقط، لأنني مناضل سياسي منذ أزيد من ثلاثين سنة، ملتزم بالأخلاق التي تربيت عليها داخل حزب التقدم والاشتراكية، بالنسبة لي كانت المعركة معركة سياسية وإيديولوجية ولم تخرج أبدا عن هذا الإطار، اللوم يجب أن يوجه إلى من روج عني إشاعات دنيئة وقذرة. ألم تخاطبهم ذات مرة بقولك "راني صكع"؟ هذا كلام "خاوي" كما نقول باللهجة الدارجة، عكس ذلك هناك المئات من الناس الذين يمكنهم أن يشهدوا بترويجهم لإشاعة تقول بأني كنت أقوم بحملة انتخابية في حالة سكر خلال شهر شعبان والجميع يعلم تأثير مثل هذا الكلام على المواطن المغربي، وهذا أسلوب مرفوض وغير مسؤول. هناك من يقول إن نبيل بنعبد الله كان وراء إقصاء نزهة الصقلي من اللائحة الوطنية، إلى أي حد يعتبر هذا الأمر صحيحا؟ هذا كذب وبهتان، ويمكنكم أن تطلبوا في هذا الشأن رأي الأمين العام للحزب، والذي يعلم أنني كنت أطالب أن تحتل الرفيقة نزهة الصقلي موقعا أحسن مما اقترح عليها. وهل تتمتع اللواتي احتللن مكانها بنفس تجربتها السياسية والنضالية؟ أكيد، الأستاذة كجمولة بن أبي لها تجربة سياسية يشهد لها بها الجميع، والسيدة آمال العمري إطار من الأطر المتميزة للاتحاد المغربي للشغل، والأستاذة عائشة القرش محامية ومن الأطر المتميزة للحزب وهي عضو الديوان السياسي، لا أعتقد أنه يجب التمييز بين الرفيقات على هذا المستوى، وفي ذات الوقت أريد أن أؤكد أن للرفيقة نزهة الصقلي تاريخ نضالي نزيه ولها حب وطني متميز ولا يمكن لأحد أن يجادل في ذلك. باعتباركم كنتم مسؤولا على قطاع الإعلام، ما تقييمكم للأحداث الصعبة التي عاشتها حرية الصحافة في نهاية ولايتكم؟ نعتقد أننا عشنا في اللحظات الأخيرة بعض التعثرات، لكن أرى أننا نسير بالتدريج نحو انفراج في هذا الشأن مما يؤكد أن نهج تدعيم الصحافة يجب أن يستمر في المغرب، أنا شخصيا سبق وأن أكدت أنني أدافع باستماتة كبيرة عن ضرورة توسيع مجال حرية التعبير وحرية الصحافة في البلاد، وأتمنى في هذا الاتجاه أن يرى المشروع المتقدم الذي اشتغلنا عليه مع الهيئات المهنية النور في الوقت القريب. في ندوته الأخيرة بالدار البيضاء صرح روبير مينار الأمين العام لمنظمة صحافيون بلا حدود بأنكم غير جادين فيما تقولونه في هذا الصدد؟ لا أعتقد أنه كان يقصدني بشكل شخصي لأن الأمر لا يرجع إلي، بقدر ما كان موجها بشكل عام إلى المسؤولين المغاربة، وروبير مينار ليس في الموقع الذي يعطي من خلاله الدروس، عليه أن يهتم في هذا الشأن بجديته الشخصية واستقلالية قراراته وعدم تبعيته لأوساط معينة لأنه من الغريب أن يختار الفترة الانتخابية لينظم حملته الانتخابية، والتي أقامها بكل حرية في المغرب علما أنه في بلد آخر كان سيمنع حتى من الدخول إلى هذا البلد مما يدل على أن الديمقراطية المغربية اليوم تتحمل مثل هذه الخرجات التي عودنا عليها السيد روبير مينار.