لا زالت ردود الأفعال الغاضبة والمتضامنة في الوقت ذاته مع "الكارثة" الإنسانية التي أحدثتها الفيضانات التي هزّت بعض أقاليم الجنوب المغربي مُستمرّة، خاصة بعد الخسائر الفادحة التي خلفها موجة الأمطار، قبل أيام، بمَقتل أزيد من 30 مواطناً واستمرار البحث عن عدد من المفقودين، إلى جانب خسائر مادية فادحة، طالت المنازل والضيعات والقناطر والطرقات. فإلى جانب مطالب "إعلان الحداد" و"المنطقة منكوبة" و"تحمل الدولة والحكومة المسؤولية" و"فتح التحقيق"، طالب حقوقيون وناشطون مغاربة بفتح باب التطوع لصالح الجمعيات والهيئات المعنية، من أجل التدخل لإنقاذ منكوبي الفيضانات وإمدادهم بالمعونات المادية والعينية اللازمة، خاصة مع الحصار الذي فرض على تلك المناطق والدمار الذي لحقها. وانطلقت قبل أيام حملة شبابيّة تحت عنوان "لنفُكّ عُزلتهم"، التي تستهدف، وفق منظميها، حوالي 400 أُسرة موزعة على 9 دواوير بمناطق تابعة لإقليم الحوز، والتي تعاني من عزلة تامّة جراء حصار الأمطار الطوفانية الأخيرة، وهي الحملة التي تروم جمع تبرعات مادية وعينية، لأجل توفير الأغطية والمواد الغذائية اللازمة. وضمت الهيئة الوطنية لحقوق الإنسان صوتها للتضامن مع المنكوبين، بدعوتها للتدخل العاجل لفك عزلة الدواوير المحاصرة، "في ظل ظروف صحية وبيئة قاسية"، مطالبة بنجدة المتضررين وتقديم الدعم الإنساني العاجل و"مد الساكنة بالمؤن والأدوية والحاجيات الضرورية". مقابل ذلك، عمت موجة من الحداد داخل صفحات التواصل الاجتماعي على كارثة الجنوب الإنسانية، واكبتها انتقادات حادة وجهت للحكومة، متهمة إياها ب"التّقصير الكبير" في إنقاذ المنكوبين، فيما انتقد العديد منهم مداخلة وزير الداخلية، محمد حصاد، ليوم أمس داخل قبة البرلمان، التي حمل خلالها كارثة الجنوب الطبيعية للسائقين، عوض "الترحم على الموتى والاعتذار للمواطنين عن التقصير في الإنقاذ". أما وسائل الإعلام الرسمي، المتمثلة في قنوات التلفزة المغربية، فنالت حصتها من الغضب، حيث أدانت الرابطة المغربية لحقوق الإنسان تعامل الإعلام الرسمي مع الفيضانات الأخيرة، وذلك من خلال "استمرار الحفلات الراقصة ومختلف أنواع الاحتفال"، عوض إعلان حالة "حداد إعلاميّ" يتضامن مع الضحايا والمتضررين، فيما حملت الهيئة ذاتها الدولة المغربية كافة المسؤولية في "استمرار كوارث ناتجة عن سوء تدبير المخاطر، وعن غياب بنيات استقبال الأمطار". الرابطة دعت أيضا البرلمان لعقد جلسة طارئة، بغرض مناقشة التدابير اللازمة للحد من كوارث ناتجة عن الأمطار، إلى جانب الوسائل الكفيلة بجبر الضرر الجماعي لضحايا الكوارث الطبيعية، مقابل "غياب تدبير المخاطر والكوارث بشكل علمي ومدروس، من طرف الحكومة المغربية وكافة الأجهزة المعنية بتدبير المخاطر والكوارث". أما جماعة العدل والإحسان، فنددت بما وصفته "التعامل غير اللائق" للسلطات بكلميم مع جثث الضحايا، على إثر حملهم في شاحنة للنفايات، ما رأت فيه "إهانة واضحة لآدمية وكرامة الإنسان حيا وميتا بهذا البلد"، مطالبة في الوقت ذاته بتعويض أهالي الضحايا وجبر الضرر "الذي أصابهم من جراء تقصير الدولة في حماية وإنقاذ ذويهم المتوفين وتفريطها في تقديم العون لهم" وطالبت الجماعة، في بلاغ صادر عن دائرتها السياسية بكلميم، بإصلاح بيوت المعوزين الذين تهدمت منازلهم بسبب الأمطار، و"الاهتمام بالفقراء والمهمشين الذين طحنتهم سياسات الدولة ومقارباتها الفاشلة"، متسائلة في الوقت ذاته عن مصير اعتمادات مشاريع الدولة "لما يسمى بمحاربة الهشاشة ، في الوقت الذي تسقط فيه بيوت عشرات الأسر الفقيرة على رؤوس ساكنيها ،سواء بحاضرة الإقليم اوبالجماعات القروية التابعة له" .