كان ذلك اليوم من أيام شهر شتنبر حارا وكذلك كان النقاش الذي احتضنته قاعة عبد السلام لموذن بالمقر المركزي للحزب الاشتراكي الموحد بزنقة أكادير وسط مدينة الدارالبيضاء. إنقسم الحزب، الذي وضع جل بيضه في سلة حركة عشرين فبراير، بين مساند و معارض للإنتخابات التشريعية التي قررت الدولة تنظيمها يوم الجمعة 25 نونبر 2011. كان لكل فريق مبرراته الموضوعية وكان اجتماع المجلس الوطني، ذلك الصيف، حلبة لمقارعة الحجة بالحجة. من أهم المداخلات التي زادت الحيرة في صفوف الواقفين في المنطقة العازلة بين المشاركة و المقاطعة كان ذلك الذي عبر عنه شيخ اليساريين محمد بن سعيد ايت يدر والذي دافع عن منطق المشاركة كيفما كانت الأوضاع. المعارض، المحكوم عليه بأحكام إعدام غيابية زمن الجمر، خبر الممارسة الحزبية المؤسساتية منذ سنة 1983 و هو العام الذي رخص فيه الملك الراحل الحسن الثاني لتأسيس حزب منظمة العمل الديمقراطي الشعبي. قبل تحالف المنظمة مع باقي أطراف اليسار و تشكيل الحزب الاشتراكي الموحد ثم الائتلاف تحت مظلة فدرالية اليسار الديمقراطي خبر أعضاء المنظمة ثم اليسار الاشتراكي الموحد، فيما بعد، العمل البرلماني فكان لهم نواب من دائرة شتوكة أيت باها و جرسيف و جرادة و غيرها من المناطق غير أن أعضاء المجلس الوطني لحزب الشمعة رأوا في ذلك السبت من أيام سنة 2011 أن لا فائدة من المشاركة في انتخابات اعتبروها صورية. مرت السنوات وبقي أعضاء من الحزب و المتعاطفين معه ينتقدون قرار المقاطعة. كان آخرها لقاء نظمته فيدرالية اليسار الديمقراطي بأحد الفنادق بالدارالبيضاء حيث جلس محمد بنسعيد ايت يدر، وعلى يساره عبد الرحمان بنعمرو تتوسطهما نبيلة منيب، زعيمة الحزب الاشتراكي الموحد، يتلقون سهام النقد من بعض الرفاق في ندوة حملت عنوان "واقع الحركة الديمقراطية و سؤال إعادة البناء". مصطفى بوعزيز، الاستاذ الجامعي المهتم بالتاريخ و القيادي في حزب الشمعة، ذهب بعيدا في شرح أبعاد المقاطعة السلبية للإنتخابات و وضح أن المشاركة كانت مهمة في انتخابات 25 نونبر للحزب وللمجتمع. كذلك فعل المحامي عمر بنجلون، الذي كان مدعوا لمائدة النقاش، و الذي عاب على الأحزاب التي قاطعت الانتخابات سلبيتها ودعا الى المشاركة في الهامش الممكن مذكرا بمحورية الدور الذي لعبه بنسعيد أيت يدر داخل قبة البرلمان رغم ضعف تمثيلية منظمة العمل الديمقراطي الشعبي آنذاك كما قال أن عرب 48 يشاركون من داخل الكنيسيت الاسرائيلي و رفاق مانديلا شاركوا من داخل برلمان الابارتايد بجنوب إفريقيا. هسبريس و بمناسبة الذكرى الثالثة لإنتخابات 25 نونبر أعادت طرح السؤال على نبيلة منيب، الأمينة العامة للحزب الاشتراكي الموحد: هل أنتم نادمون على مقاطعة الانتخابات التشريعية ليوم 25 نونبر 2011؟ منيب أجابت أن لا وجود لمسببات الندم و ان ما يعتمل داخل المشهد السياسي المغربي يوما بعد يوم يثبت صواب الموقف الذي اتخذه الرفاق. منيب وضحت، في اتصال هسبريس، أن منطلق الحزب كان و لا يزال هو المشاركة و أن البعد المؤسساتي مهم في عمل حزب الشمعة الذي شارك إنتخابيا في أحلك الظروف، تقول الأمينة العامة، و الذي تقدم بأرضية من عشرين نقطة أعتبرت مدخلا لشفافية العملية الانتخابية كخلق هيئة مستقلة للإشراف على الانتخابات و مراجعة اللوائح الانتخابية القديمة و فتح باب التصويت إعتمادا على بطاقة التعريف الوطنية و إعادة تقطيع الدوائر الانتخابية و غيرها من المطالب التي لم يتم الاستجابة لها، حسب نبيلة منيب، التي ختمت بالقول "لقد فهمنا أن المبادرات الرسمية كان يحكمها منطق الالتفاف على مطالب الحركة الديمقراطية و ان 2011 كانت استثنائية مما دفعنا لاتخاذ موقف استثنائي".