طنجة تتعاقد مع ساكنتها من خلال التزام أخلاقي ومعنوي لأجل الرقي بالمدينة وتطويرها، وتحميل المسؤلية للمنتخبين كما لسكان المدينة.. كان هذا هو الشعار المفصليّ الذي عمل الملتقى التشاوري حول "ميثاق مدينة طنجة" على منافشته طيلة اليوم، وجمع المسؤولين عن تدبير الشأن العام بعاصمة البوغاز، من مجلس جماعي وولاية الجهة، بشراكة مع الوزارة المنتدبة المكلفة بالبيئة. التعاقد يأخذ فلسفته من التسيير بعديد من المدن الكندية، من خلال طريقة تدبير المدينة بطريقة تشاركية والتزمات محددة بين المسؤولين والساكنة، للمحافظة على محيط المدينة ونظافتها البيئية، وهو الأول من نوعه على المستوى المغربي، حيث وصفته الوزيرة المنتدبة المكلفة بالبيئة، حكيمة الحيطي، ب"المبادرة الاستثنائية في منطقة شمالية عُرف أهلها بثقافة النظافة، التي تنتج البيئة المواطنة" حسب وصفها. الحيطي، وهي التي ابتعدت عن كلفة المناسبات حينما تحدثت عن القيّم التي يجب ترسيخها عند المواطن ليكون شريكا في تدبير مجاله البيئي، أصرّت على التنبيه بخصوص مسؤولية الساكنة في المحافظة على المحيط المشترك الذي يضمّها. أمّا عمدة طنجة، فؤاد العماري، الذي يحاول نقل تجربة تدبير المدن الكندية إلى مدينة طنجة، من خلال ترسيخ تشارك فعلي ومسؤول بين مجلس المدينة والساكنة، فقد أكد ضمن كلمة له بافتتاح الملتقى أن الهدف من خلق "ميثاق مدينة طنجة" يأتي للتعاطي مع المكانة التي تحتلها المدينة بضفاف حوض البحر الأبيض المتوسط، وكذا الرؤية المستقبلية ل"طنجة الكبرى"، حيث الرهان يتمثل في جعل المدينة من بين أهم الحواضر المتوسطية من خلال تقوية اقتصاد مندمج، ومدينة عصرية متصالحة مع ذاتها ومع البيئة، في تكامل للأدوار مع مختلف الفاعلين في المدينة. وأشار العماري، في الوقت نفسه، إلى سلوكيات الساكنة التي يجب أن تجسد هذا الطموح، بتحمل مسؤوليتها في جعل طنجة حاضرة نظيفة تحترم بيئتها، وتتخاصم مع "التصرفات غير الذكية" في التعامل مع الفضاء الذي تعيش به، ولأجله.. كما دعا العماري إلى وجوب التصالح مع الذات وإعادة ترتيب الواجبات لخلق مقاربة تشاركية تصبّ في الصالح العام الذي لا يمكن أن يتجسد علي أرض الواقع دون غرس روح المسؤولية في كل الفاعلين، مدبّرين كانوا أو ساكنة. وتسعى طنجة، من خلال هذا الميثاق الذي سينشر كملصقات تعاقد بن الساكنة والمسؤولين، وذلك بعموم الشوارع والفنادق والمقاهي والأماكن العمومية، كالتزام واضح وتعاقد ملزم بين الطرفين، ويقول الواقفون وراء هذه الأجرأة أنه قد أضحى ضروريا تحدد الواجبات والمسؤوليات لكل طرف من أجل تطوير المجال الحضري والبيئي لطنجة. جدير بالذكر أن المشاركة في هذا الملتقى قد مسّت حوالي 500 جمعية، والعديد من الفاعلين والمهتمين من المدينة، وقد عرف الموعد فُتح أوراش للداول بشأن الصيغ الكفيلة بهذا التعاقد النوعي في المغرب، وذلك من أجل ترسيخ مفهوم التشارك بين السلطة المنتخبة والساكنة، لهدف وحيد متمثل في ضمان تنمية حقيقية ودائمة ل"طنجة العالية".