أجواء الحزن استمرت في تخييمها على سماء بوزنيقة خلال "عشاء عزاء" أقيم لروح القيادي الاتحادي أحمد الزايدي الذي اختطفه الموت غرقا قبل ثلاثة أيام.. فيما مناقب الفقيدتحدث عنها الخصوم قبل الحلفاء، وتاريخه النضالي وحد اليسار واليمين والإسلاميين والعلمانيين.. الحكومة والمعارضة. في الليلة الثالثة على رحيله اجتمع العشرات من رجال السياسية والإعلام ومعارفه وأسرته في جو روحاني رهيب بمنزل الفقيد الزايدي بمدينة بوزنيقة، فكان تقديم العزاء لزوجته وأبنائه الذين بدت عليهم علامات التأثر البالغ لفراق "الأب والرفيق والصديق" كما اختار أن يسميه نجله سعيد الزايدي. الزايدي الابن، وهو الذي قرأ برقية العزاء التي بعث بها الملك محمد السادس لأسرته، حرص على تقديم شكره للعاهل على "هذه الالتفاتة التي خففت جزء من الحزن"، وبعدها اعتبر أن فقدان والده قد كان قدرا محتوما.. معقبا ذلك بقوله: "لن يصيبنا إلا ما كتب الله لنا". ليلة قرآنية لفّت بيت آل الزايدي ببوزنيقة، وفي عشاء العزاء الذي حضرته الطبقة السياسية المغربية بمختلف تلاوينها اختارت ابنة الراحل أن تكون كلمة العائلة فيها دعاء لوالدها بالمغفرة والرحمة والجنة، وقد كشفت أن أحمد الزايدي حامل لكتاب الله وهو الذي ختمه منذ أن كان في ال15 من عمره. "رحل أبي، لكن رائحته كالمسك مازالت عالقة في بيتنا، والمصحف الشريف لم يفارقه منذ اختتمه" تقول راثية الزايدي الأب قبل أن تزيد: "أدعو أن يجعل الله قبره روضة من رياض الجنة وأن يغفر له ذنوبه". وحضر حفل التأبين جل أعضاء الحكومة المغربية، وفي مقدمتهم رئيسها عبد الإله بنكيران، بالإضافة لقيادة حزب العدالة والتنمية ونوابه البرلمانيّين، فيما بدا وكأن الخلافات التي طبعت مرحلة ما بعد المؤتمر الوطني الأخير لحزب الاتحاد الاشتراكي للقوات الشعبي قد طغت على نوعية الاتحاديين الذي حضروا لتقديم العزاء.. إذ كان لافتا غياب الكاتب الأول إدريس لشكر، إذ لاح أنه غير مرغوب فيه داخل أوساط الزايدي عائلة وتيارا. كما لم يحضر من المكتب السياسي ل"حزب الوردة" غير ثلاثة هم حسناء أبوزيد ورقية الدرهم ورئيس الفريق الاشتراكي بمجلس المستشارين محمد العلمي، في الوقت الذي اختار فيه القيادي في الحزب حميد الجماهيري الاعتذار مسبقا عن الحضور بسبب ظروف قاهرة. من جهة ثانية استطاع حفل التأبين أن يعيد العديد من الوجوه للعائلة الاتحادية، وفي مقدمتهم كاتب الدولة السابق في الشباب والرياضة محمد الكحص، ومندوب التخطيط أحمد الحليمي، والمحامي خالد السفياني، ورئيس مجلس المنافسة عبد العالي بنعمور، كما شهدت الحفل التأبيني حضور كل من الوزير الأول السابق عبد الرحمان اليوسفي، ونظيره إدريس جطو الذي يشغل حاليا منصب رئيس المجلس الأعلى للحسابات. كلمة أصدقاء مؤسس تيار الديمقراطية والانفتاح بالUSFP ألقاها البرلماني عبد العالي دومو وهو يقوم بشكر النخبة السياسية المغربية التي شاركت العائلة في حزنها على رجل ترك بصماته في مجال اشتغاله الإعلامي والسياسي من خلال الاتحاد الاشتراكي. وقال دومو في كلمته التي أنهاها باكيا إن "الراحل أمن بالأخلاق في ممارسة السياسة وإصلاح المشهد السياسي لتلبية طموحات الشعب المغربي"، مشيرا أنه "بصم بشكل جيد في الفريق الاشتراكي عندنا كان رئيساً له لكونه يحسن الاستماع ولا يؤمن سوى بالفكرة المتقدمة ويبحث عن الحقيقة النسبية". وسجل دومو أن "الفريق كان فضاء للعطاء والمساهمة في التشريع وهاجسه مصلحة المواطن"، واصفا الزايدي "بالرجل الودود والذي يتميز بالصدق والوفاء والإخلاص"، قبل أن يؤكد أنه "مهما قلت تظل العبارات فقيرة في حق سِّي أحمد الزايدي".