عماد شقيري لقي القيادي الاتحادي أحمد الزايدي حتفه، أول أمس الأحد بضواحي مدينة بوزنيقة، إثر غرق سيارته. الزايدي فارق الحياة بطريقة مأساوية، بعد أن غمرت المياه سيارته عندما كان يهم بعبور مسلك طرقي مؤدّ إلى جماعة الشراط مسقط رأسه. وحسب شهود عيان، فإن زعيم تيار «الانفتاح والديمقراطية» بحزب الاتحاد الاشتراكي للقوات الشعبية كان متوجها إلى بيت العائلة بالجماعة ذاتها، التي تبعد بكيلومترات قليلة عن مدينة بوزنيقة التي يقطنها، دون أن ينتبه إلى ارتفاع منسوب مياه المسلك الطرقي الذي يمر تحت السكة الحديدية بواد الشراط. وقال مقربون من القيادي الاتحادي الراحل إنه لم يتعود المرور من هذه الطريق التي تربط بين بوزنيقة التي يرأس مجلسها البلدي، وبين الجماعة القروية الشراط، لذلك لم يتمكن من معرفة عمق المياه الذي يقارب 4 أمتار، قبل أن تغرق السيارة عن آخرها وهو بداخلها. مقربون من الخصم الأول لإدريس لشكر، الكاتب الأول للاتحاد الاشتراكي، كشفوا ل«المساء» أن الراحل حاول الاتصال من داخل سيارته التي غمرتها المياه بأفراد من عائلته قبل أن يتصل بأحد المقربين منه، ويخبره بأن سيارته تغرق في بركة المياه، لينقطع الخط بعدها. وسارع الشخص الذي تلقى اتصال الراحل، رفقة عدد من المواطنين، إلى عين المكان، حيث تمكنوا من تكسير الزجاج الجانبي لسيارة الزايدي التي غمرتها المياه، وانتشلوه من داخلها. وكشف شهود عيان ل«المساء» أن الزايدي كان على قيد الحياة عندما تم إخراجه من السيارة، وأنه لم يفارق الحياة إلا بعد لحظات من ذلك. وأضافوا أن تأخر سيارة الإسعاف كان سببا في وفاة الراحل، وأنه لو كانت سيارة الإسعاف قد حضرت بسرعة لما كان الزايدي فارق الحياة. الشهادات التي استقتها «المساء» من سكان المنطقة أكدت أن المسلك الذي غرقت فيه سيارة الزايدي، سبق أن تسبب في العديد من الحوادث المشابهة، حيث سبق أن وقعت سيارتا أجرة في نفس المعبر، الذي يمتلئ بالمياه في كل مرة تعرف المنطقة تساقطات مطرية غزيرة وقال سائق سيارة أجرة إنه من الصعب تمييز عمق المياه في المسلك الطرقي الذي يشبه الحفرة. من جهة أخرى، عج محيط مستشفى بوزنيقة بمئات المواطنين عندما علموا بوفاة رئيس جماعتهم، وأن جثته نقلت إلى المستشفى. وفي منزل الراحل المحاذي لشاطئ بوزنيقة تجمع المئات من المعزين، من بينهم قياديون بارزون في حزب الاتحاد الاشتراكي، ووجوه سياسية من مختلف الأحزاب السياسية. وكان وزير الاتصال الناطق الرسمي باسم الحكومة، مصطفى الخلفي، أول الشخصيات السياسية التي وصلت إلى بيت العزاء، وحضر بعده بلحظات وزير الفلاحة والصيد البحري عزيز أخنوش، وبعض البرلمانيين عن حزب العدالة والتنمية. وعند حدود السادسة مساء وصل الوزير الأول الأسبق والكاتب الأول لحزب «الوردة» سابقا عبد الرحمان اليوسفي، الذي بدا متأثرا ومنهكا. وكان برفقته عمدة مدينة الرباط فتح الله ولعلو. ومكث اليوسفي في بيت العزاء نحو نصف ساعة قبل أن يغادره. ورفض اليوسفي، الذي كان قد التقى بالزايدي قبل يومين، الحديث أو التعليق على وفاة رفيقه في الحزب. فيما قال فتح ولعلو إن رحيل أحمد الزايدي خسارة للحزب وخسارة للوطن. وأضاف أن وفاة الزايدي كانت صادمة، وأنها خسارة للمشهد السياسي والإعلامي المغربي. وقال إن الراحل كان نموذجا لرجل الدولة، والمناضل الذي يربط بين المدينة والعالم القروي، مضيفا أن الدليل على ذلك هو وفاته أثناء زيارته للعالم القروي بصفته رئيسا لبلدية بوزنيقة. عبد الواحد الفاسي كان هو الآخر من الأوائل الذين حضروا لتقديم العزاء. وقدم الفاسي وحيدا دون أن تكون برفقته أي من الوجوه المعروفة في حزب الاستقلال. وقد رفض بدوره الحديث إلى الصحافة. عبد الرحمان بنعمرو كان هو الآخر حاضرا في بيت العزاء، ولم يدل هو أيضا بأي تصريح، إذ قال إن اللحظة غير مناسبة. كما حضر أيضا عبد اللطيف وهبي، الرئيس السابق لفريق حزب الأصالة والمعاصرة بمجلس النواب. وقد دخل وهبي في موجة بكاء حادة وهو يعانق عبد الواحد الراضي، الكاتب الأول السابق للاتحاد الاشتراكي، الذي بدا بدوره متأثرا، ووصف الزايدي بالرجل الذي لا يمكن تعويضه. فيما قال الطيب منشد إن وفاة أحمد الزايدي خسارة كبيرة لأسرته الصغيرة والأسرة الاتحادية الكبيرة. وأضاف أن إخوته عازمون على إكمال مساره من أجل بناء حزب القوات الشعبية. وفيما يتعلق بمستقبل التيار في غياب الزايدي، قال منشد إن «الزايدي كان مناضلا في التيار ولم يكن قائدا له لأن التيار يضم مناضلين وليس زعماء وقادة». وأضاف أن الزايدي شأنه شأن باقي المناضلين كان يقدم مساهمته داخل التيار. وقال إن المرحلة السابقة أدت مهامها، وأن التيار بصدد دخول مرحلة جديدة في أجل لا يتعدى شهرا إثر انعقاد الجمع العام، وأن ذلك هو الذي سيحدد مستقبل التيار. من جانبه، صرح سعيد شباعتو، عضو المكتب السياسي للاتحاد الاشتراكي، بأنه يتمنى أن تكون وفاة الزايدي عبرة للاتحاديين، وأن يجتمع شملهم. وتجنب شباعتو الإجابة عن سؤال ل«المساء» حول ما إذا كانت وفاة الزايدي مناسبة لإعادة ترميم البيت الداخلي للاتحاد. إدريس لشكر، العدو اللدود للراحل أحمد الزايدي، كان آخر الحاضرين. إذ وصل عند حدود السابعة والنصف مساء رفقة بعض مقربيه، ولم يتقدم الكثيرون للسلام عليه. فيما عانقه عبد الواحد الراضي، واصطحبه إلى داخل بيت الراحل، حيث مكث وقتا قصيرا قبل أن يغادر.