يلتئم ثلة من الباحثين والجامعيين المغاربة والأجانب، على مدى يومين بوجدة، لمناقشة موضوع مسألة الحدود ومفارقاتها من خلال مقاربات متعددة، الذي اختير كعنوان للمؤتمر العلمي السنوي الثالث لمركز الدراسات والبحوث الإنسانية والاجتماعية لوجدة. وأبرز رئيس المركز، سمير بودينار، خلال افتتاح أشغال هذا المؤتمر، المنظم بتنسيق مع جامعة محمد الأول، السياق الدولي والإقليمي والمحلي لانعقاد هذا الملتقى، والذي تطبعه إشكالات كثيرة مرتبطة بمسألة الحدود على الصعيد الدولي. وأشار إلى أن انعقاد هذا المؤتمر يأتي أيضا في الوقت الذي يشهد فيه العالم نقاشات فكرية تتعلق بموضوع الحدود وقضية السيادة والحدود الاقتصادية والحماية الجمركية ورفع الحواجز الاقتصادية أمام السلع، وكذا في المقابل المفارقة المرتبطة على الخصوص بتقييد حركة الهجرة والبشر عبر الحدود. وأضاف أن التحديات "الخطيرة" غير المسبوقة على المستوى الإقليمي التي تشهدها مجموعة من دول العالم العربي والمرتبطة بمستقبل الحدود وخارطة هذه الدول، وكذا التحديات والإشكالات الكثيرة على المستوى المحلي التي تطرحها الحدود المغلقة بين المغرب والجزائر على الصعيد الاجتماعي والإنساني وحركة البشر عبر الحدود، تؤكد على أهمية البحث في مسألة الحدود والتفكير الجماعي من خلال تخصصات ومقاربات متعددة لهذا الموضوع. من جهته، اعتبر إدريس دريوشي، نائب عميد كلية الحقوق بوجدة، أن هذه التظاهرة العلمية تأتي في ظل الظروف والمتغيرات الدولية الحالية وتصاعد الاهتمام الدولي بقضايا الهجرة والتنمية والأمن وتزايد عابري الحدود باستمرار، مبرزا أنه بالنظر إلى ارتباط مسألة الحدود بإشكاليات اقتصادية واجتماعية وسياسية وإنسانية ودينية فإن اختلاف هذه الارتباطات سيؤدي حتما إلى تفاعل أفكار مختلف المشاركين في هذا الملتقى لبلورة أفكار وحلول ناجعة تدفع المجتمعات بقاطرة النمو والتعاون. وأكد أن إعادة النظر في مسألة الحدود باعتبارها قضية سيادية بامتياز ونبذ الخلافات الضيقة والتركيز على ما يقارب الشعوب في علاقاتها الإنسانية، يبقى السبيل الأنجع للوصول إلى الاستقرار والنمو والتقدم. من جانبه، أبرز خالد حنفي علي، باحث في مجلة السياسة الدولية (مؤسسة الأهرام)، أبعاد وتأثيرات الاقتصاديات غير الشرعية على الحدود، مشيرا في هذا الصدد إلى السياقات السياسية والاجتماعية والأمنية التي ادت إلى ظهور ما يسمى باقتصاديات التهريب بين الدول خاصة منها ما يتعلق بالاشكالات التنموية بالمناطق الحدودية. وأشار أيضا إلى التنسيق الإقليمي وضرورته في مسالة تأمين الحدود والتقليل من أضرار اقتصاديات التهريب على اقتصاديات الدول، مبرزا في هذا الإطار أهمية اللجان الإقليمية الحدودية سواء من خلال مؤسسات الجامعة العربية أو عبر الأطر العربية الرسمية من أجل إيجاد حلول للأزمات الحدودية ومنع أي خروقات لهذه الحدود. ويتضمن برنامج أشغال هذا المؤتمر مناقشة مجموعة من المواضيع ذات العلاقة بمسألة الحدود، منها على الخصوص "الاتحاد المغاربي وآليات تدبير المسألة الحدودي"، و"مستقبل الحدود العربية .. ما وراء الافتراضية"، و"الحدود الدولية والعولمة"، و"المجالات الحدودية وإكراهات التنمية"، و"الأسرة المغاربية في زمن غلق الحدود نظرات في الاشكالات والحلول"، و"إشكالية التكامل الاقتصادي المغاربي في ظل النزاعات الحدودية".