يأتي هذا المقال المحين في معطياته وتحاليله، لتسليط الأضواء والإجابة عن إشكالية ذات راهنية، تتطلب تحليلا معمقا موضوعيا، في سياق جيوسياسي مغاربي وعربي وإفريقي ملتهب، يهم مجالا حساسا يربط بين أوربا وإفريقيا، والشرق الأوسط، يتعلق الأمر بقضية «الاندماج المغاربي في إطار مقاربة تنموية تشاركية مندمجة، كبديل للمواجهة في إطارالحرب الباردة». وهي مقاربة يسودها منطق التعاون المثمر المفيد لكل الأطراف (رابح- رابح)، وتبادل التجارب بين بلدانها الخمس التي كانت ضمن ما سمي سنة 1989 ب» اتحاد المغرب العربي» الذي لم يعمر طويلا. اقتراح هذه المقاربة التنموية عوض المقاربة الأمنية والحرب الباردة بين جارين حكم عليهما التاريخ والجغرافيا والمصالح المشتركة للعيش في سلام وتعاون وطمأنينة، هو استجابة لضرورة مغاربية بعدما تبين فشل المقاربات الأمنية وعنف المواجهات الديبلوماسية في إطار الحرب الباردة خلال أزيد من أربع عقود خلت، بين بعض بلدانها، وأساسا بين المغرب والجزائر، اللذين يعتبران العمود الفقري لإنجاح الاتحاد المغاربي، إذا توفرت الإرادة السياسية والنضج لحكام بلدانه. نقصد بالاندماج الجهوي المغاربي، خلق تكتل إقليمي مغاربي في إطار قانوني وحدوي، يضم البلدان الخمس المكونة من المغرب والجزائر وتونس وليبيا وموريطانيا، من أجل تعاون مثمر بين شعوبها اقتصاديا وثقافيا واجتماعيا وسياسيا، عبر دينامية جديدة تسمح بحرية عبور الأشخاص، وانتقال البضائع والسلع والخدمات والرساميل، واستفادة كل طرف من خبرات وتجارب الآخر. والهدف من ذلك هو خلق تكامل اقتصادي في مرحلة أولى، ووحدة نقدية (عملة مغاربية للتداول) في مرحلة ثانية، في أفق وحدة سياسية في مرحلة نهائية، على شاكلة الاتحاد الأوروبي. هذا الاندماج الجهوي سيلغي الحدود بين المكونات الخمس للإطار الجغرافي الجهوي الموحد، مما سيساعد على حل معظم المشاكل العالقة المتراكمة، وخاصة تلك الموروثة عن الفترة الاستعمارية (مشاكل الحدود كالصحراء الشرقية، والغربية المغربيتين..)، ويدفع شعوب وبلدان المنطقة إلى تعبئة مواردها الطبيعية والبشرية من أجل خدمة التنمية المنشودة، عوض المواجهة والتسابق نحو التسلح، الذي بينت التجربة خلال أربع عقود، عقمه، وهدره لموارد تلك الشعوب هي في أمس الحاجة إليها لتحسين ظروف عيشها ونوعيه حياتها. لكن بناء الكيان الموحد الجديد يقتضي إيمانا بالقضية وبالمصير المشترك لشعوبه؛ مما يحتم توفر نضج سياسي وسداد في الرؤى لدى مسئوليه، ودينامية قوية لمجتمعاته المدنية ونخبه، لرفع تحديات انعكاسات العولمة، وتمهيد الطريق نحو التقدم العلمي والتقني والتكنولوجي والتنمية الشاملة. ويتطلب ذلك وعيا عميقا بأهمية الاتحاد، وتحضيرا عقلانيا وقانونيا وماديا له، وتوافقا لبناء المغرب الكبير الموحد على مراحل. بوادر جديدة تسهل بناء الاتحاد المغاربي رغم كل الحيثيات والتعقيدات المشار إليها آنفا، فإن التاريخ سيسجل مع ذلك أن العبقرية المغاربية لم تندفع نحو حرب ضروس، لو اندلعت لا تبقي ولا تذر. وربما الفضل الكبير في عدم اندلاع هذه الحرب يعود إلى حكمة بعض النخب في الجزائر ولحكمة ورزانة المغرب، ملكا وشعبا وحكومات ومجتمع مدني وأحزابا، رغم تجدد الاستفزازات على الحدود والتي ذهب ضحيتها عدد من المواطنين المغاربة، وضياع نخيل وتمور جزء من واحة فكيك، والحملات المغرضة للصحف والقنوات الرسمية الموالية للنظام الجزائري على المغرب. وقد لاح في الأفق اقتراح، ربما سيسهل الحل، في إطار مغرب كبير موحد بدون حدود بين دوله، على غرار الاتحاد الأوروبي. إنه اقتراح المغرب لحل مسألة الصحراء الغربية في إطار الجهوية، والذي قد يرضي كل الأطراف، والمتعلق بحكم ذاتي محلي موسع لساكنة الصحراء في ظل الوحدة الترابية والسيادة المغربية التي لا تقبل الجدل. وعلى مستوى أقاليمنا المسترجعة، لا شك أن الخطاب الملكي الذي ألقاه جلالة الملك محمد السادس بمناسبة الذكرى 38 لانطلاق المسيرة الخضراء لاسترجاع الصحراء المغربية (يوم 6 نونبر 2013)، كان واضحا وحاسما عندما ركز على ضرورة إصلاح الاختلالات الاجتماعية والمجالية في الصحراء، كما صمم على وضع حد لاقتصاد الريع بها، وقدم نموذجا لتنمية بشرية ومستدامة تخدم ساكنة الصحراء، في إطار احترام كرامة المواطن وحقوق الإنسان، مع تطبيق القانون على جميع المواطنين في كل ربوع البلاد، دون ميز. وهي مقاربة تنموية ستلقى ترحيبا، إذا ما تم تفعيلها، من كل الأطراف داخل وخارج الوطن. ويبدو أن عددا من القوى الفاعلة في المجتمع الدولي تميل إلى تأييد مثل هذا الطرح الذي يخدم كل الأطراف دون غالب أو مغلوب، ويخدم الاستقرار الدائم في المنطقة. وربما أن هذه الدينامية الجديدة التي اقترحها المغرب كحل موضوعي لمسألة الصحراء الغربية، هي التي ساعدت دول عدم الانحياز في مؤتمر هافانا على اتخاذ موقف متوازن، وتراجعها عن تأييد أطروحة الانفصال التي كانت تدافع عنها الجزائر، كما أفشلت مناورات الجزائر ضد المغرب في كل المحافل الدولية المدافعة عن حقوق الإنسان (2013). 2.4 العوامل الخارجية ملائمة لبناء الصرح المغاربي. نهاية الحرب الباردة وانطفاء بؤر التوتر في جبهات الحرب الباردة بين الغرب والشرق. فيما مضى كان جدار برلين يرمز، بل ويجسد الحرب الباردة بين المعسكرين الشرقي والغربي. وقد أقحمت الدبلوماسية الجزائرية مسألة الصحراء الغربية المغربية في هذا الصراع، وآوى البلد المجاور الحركة الانفصالية «البوليزاريو» ومولها وسلحها لتهاجم المغرب انطلاقا من ترابه. وكانت الديبلوماسية الجزائرية تقدم المغرب أمام الدول التقدمية والاشتراكية ومن يناصرها من حركات تحررية، بأنه محتل لأرض الغير، على أساس أن مسألة الصحراء الغربية تدخل ضمن مسألة تصفية الاستعمار، وأن «البوليزاريو» يمثل حركة تحررية تناضل من أجل تقرير مصير «الشعب الصحراوي». ولذلك تمكنت من إقناع جزء هام من الرأي العالمي التقدمي والاشتراكي في فترة الحرب الباردة، بمسألة «تقرير المصير والاستقلال». ولكن بعد سقوط جدار برلبن وإخماد الحرب الباردة، تبخرت دوليا أسباب التوتر حسب المنطق الدولي. وفي هذا الإطار توالى سحب مجموعة دول، اعترافها بكيان وهمي مدعم ومؤطر من طرف بلد مجاور، ومنها بلد كينيا الذي سحب اعترافه في أكتوبر 2006 ودول إفريقية ومن أمريكا اللاتينية التي أيدت المقترح المغربي في الأممالمتحدة . كما وقعت انقسامات هزت حركة البوليزاريو وضربت في المصداقية التي كانت الجزائر تصبغها عليها، مقدمة إياها كحركة تحررية. وتوالت الانتكاسات بالحركة الانفصالية عندما التحق عدد من المؤسسين لحركة «البوليزاريو» إلى أرض الوطن. وكونوا مجموعة ضغط لفضح الحركة الانفصالية في الخارج وفي المحافل الدولية، ومنها تحويل المساعدات الأجنبية لساكنة مخيم الحمادة بتندوف لجيوب قادة البوليزاريو، وخرق حقوق الإنسان بتعذيب عدد من الصحراويين المختلفين مع آرائهم ومنعهم من الاستقرار مع ذويهم بتندوف، وهو ما ساهم في توضيح الرؤيا لدول العالم، ومنها حركة عدم الانحياز والأمين العام الجديد للأمم المتحدة (يناير2007)الذي دعا الأطراف المعنية إلى مائدة الحوار لحل المشكل. كما أن الدول العظمى والفاعلة استحسنت اقتراح المغرب لحل المشكل، ومنها فرنسا والولاياتالمتحدة، بل صادق عليه مجلس الأمن الذي اعتبره اقتراحا ذي مصداقية وواقعية. إنما رغم كل هذه التطورات الدولية، والانقسامات داخل الحركة الانفصالية، فلازالت السياسة الخارجية الجزائرية تسير على نفس النهج السابق على عهد الحرب الباردة، رغم الأوضاع المضطربة التي تمر منها البلاد منذ مطلع التسعينات، والنزاعات الأهلية المندلعة منذ ذلك الحين، والتي هي مستمرة رغم سياسة الوئام والتصالح التي اقترحها رئيس الدولة لتهدئة الوضع. إضافة إلى الظروف التي تمر منها البلاد واحتداد الصراع حول خلافة الرئيس بوتفليقة، الذي اختفى عن الأنظار مدة طويلة في مستشفيات فرنسا قبل رجوعه إلى البلاد منهكا، ويصعب عليه إصدار قرارات. ومن هنا تظهر صعوبة حل إشكالية البناء المغاربي، حيث تظل العقبة الكبيرة هي تشبث أطراف من ذوي النفوذ في الجزائر بسياسة معادة المغرب في تثبيت استكمال وحدته الترابية. كذلك تطرح مسالة وعي كل الأطراف، بأن وحدة المغرب الكبير ستوفر على بلدانه وشعوبه اختصار المفاوضات الثنائية والثلاثية والرباعية والإقليمية والدولية، انطلاقا من تحقيق المصالح المشتركة لخدمة الصالح العام القائم على المقاربة التنموية المشتركة، والتي ستمكن كل طرف من تحقيق النمو الاقتصادي والاجتماعي، والرفاهية لشعبه، حينما توجه الموارد لاستثمارات التنمية، عوض التسابق نحو التسلح. الاتحاد الأوروبي والدول العظمى تشجع قيام اتحاد مغاربي. لم تفتأ فرنسا ودول من أوربا صديقة للمغرب ولباقي بلدان المغرب العربي خلال عدة مناسبات، ومنها الحوار المغاربي الأوروبي، واقتراحات الاتحاد الأوروبي، تقديم العون لإقامة مشاريع كبرى مغاربية مهيكلة كالربط الطرقي والمواصلات، كلها مناسبات كانت الأطراف الأوروبية تلح دوما على ضرورة الإسراع في تأسيس تكتل مغاربي يجمع الدول الخمس، للتعامل مع طرف واحد عوض خمس دول، كل على حده. ظهر هذا خلال مناقشة العلاقة بين الاتحاد الأوروبي والدول المغاربية حول الاتفاقيات المبرمة معها، ومسلسل برشلونة الأورومتوسطي، والشراكة المتوسطية. فإذا كان هناك تكامل عمودي قائم منذ مدة بين الشمال والجنوب، فقد حان الوقت ليتم التكامل الأفقي أيضا بين بلدان جنوب –جنوب، لمواجهة التحديات المقبلة، ومنها فتح الأسواق في منطقة التبادل الحر الأرومتوسطية الذي كان مع مطلع 2010. هذا الرهان قائم، ومسلسل فتح الحدود على الأبواب، ويتطلب مواكبة من الآن، مجسدة في سياسة التأهيل في الميدان الصناعي واليد العاملة والمقاولات. هذا يتطلب التشاور والتنسيق والتعاون المثمر بين البلدان المغاربية أولا، والعالم العربي ثانيا، ودول الجنوب ومنها الإفريقية ثالثا. والمغرب الذي حظي بعضويته كشريك له مكانة في الاتحاد الأوروبي من خارج بلدانه بحيث يتمتع بمرتبة شراكة متقدمة Statut avancé ، يعتبر قيمة مضافة لاتحاد مغاربي في الأفق، إضافة إلى علاقاته المتميزة الاقتصادية والاستثمارية والسياسية مع بلدان الخليج. كما أن الولاياتالمتحدةالأمريكية قد دفعت غير ما مرة في اتجاه تأسيس اتحاد يجمع الدول الخمس، ليسهل عليها عقد اتفاقيات مع دوله المندمجة في اتحاد جهوي. ولاشك أن انتهاء الحرب الباردة سييسر بناء المغرب الكبير، إذ يمكن من القضاء على البؤر التي كانت تغذيها التكتلات المتناحرة بطرق مباشرة أو غير مباشرة، وهذا ما سيسهل مامورية التقارب والاندماج. وما زيارة الرئيس الروسي، على التوالي، لكل من الجزائر والمغرب (شتنبر 2006)، وعقد اتفاقيات بين دوليهما دون التفريط في صداقة كل منهما، ونفس النهج للسياسة الأمريكية، وضيافتها للملك محمد السادس في شهر نونبر 2013 بدعوة من الرئيس الأمريكي باراك أوباما، لتعزيز العلاقات الاقتصادية والدبلوماسية القائمة بين البلدين، إلا إشارة واضحة تؤسس لمرحلة ما بعد الحرب الباردة، والتي حلت محلها مرحلة التوافق والتصالح من أجل بناء المستقبل الذي تنشده الشعوب المغاربية التواقة إلى السلم و الحياة و الرقي في جميع الميادين. تحدي الإرهاب وضرورة تكاثف الجهود لمواجهته بدون تردد. إن عمليات الإرهاب المتكررة الذي لم تستثني أي بلد مغاربي، بما فيه المغرب والجزائر وتونس وليبيا، وعربي (مصرن العراق، سوريا، لبنان، الصومال..) وحتى بلدان المتوسط، تعتبر لوحدها تحدي كبير، لكونها تسعى إلى زعزعة استقرارهذه البلدان؛ فبالمغرب كانت أحداث 16 ماي 2003 بالدار البيضاء، وفي فبراير 2008 تم اكتشاف شبكة إرهابية، حضرت الأسلحة الفتاكة وكل اللوجستيك لزرع الرعب بالبلاد، حيث تورطت حتى بعض الشخصيات السياسية والأمنية. وفي الجزائر، أصبحت العمليات المسلحة وعمليات تدمير المنشآت العمومية ورموز الدولة جزءا من المشهد اليومي، حتى في العاصمة الجزائر. ومنها التدمير الذي لحق بمعامل تكرير البترول بالصحراء الجزائرية (2013)، دون نسيان ما وقع في تونس وفي موريطانيا من أعمال إرهابية لضرب السياحة واقتصاد هذه البلدان، واغتيال قياديين نقابين وسياسيين بارزين من قبل قوى ظلامية في تونس. وحتى في دول إفريقيا جنوب الصحراء مثل مالي التي حاول الإرهابيون تدمير وحدته الترابية وتمزيق شعبه، لولا الدعم اللوجستيكي والمادي والدبلوماسي والمساعدات الإنسانية لأصدقاء الشعب المالي وفي مقدمتهم المغرب وفرنسا الذين ساهما في دعم الوحدة الترابية لهذا البلد الإفريقي، في إطار قرارات الأممالمتحدة ونذكر في هذا الصدد، بأن تخوم الصحراء الجزائرية والموريطانية وبعض دول أفريقيا جنوب الصحراء (ماي، النيجر، ونيجيريا والصومال،..) قد أصبحت مجالا مناسبا ومرتعا لبعض الحركات الانفصالية والحركات الدينية المتطرفة، وبعض العصابات لتنظيم الهجرة السرية وتهريب الأسلحة والتجارة في البشر، والإعداد لعمليات إرهابية. هذه المعطيات الجديدة دفعت ببعض دول الاتحاد الأروبي كإسبانيا التي لم تنجو من العمليات الإرهابية (تدمير قطار مدريد) وفرنسا (اغتيال عدد من صحفييها) والولاياتالمتحدة، إلى الدعوة الرسمية الصريحة لتوحيد البلدان المغاربية، من أجل التعاون على كل المستويات الاقتصادية وعلى مستوى الأمن والهجرة. وقد انعقد مؤتمر وزاري حول أمن الساحل والصحراء احتضنه المغرب وساهمت فيه عدة دول وازنة من الشمال والجنوب، ومنها فرنسا وليبيا ومالي والمغرب..للتنسيق في مجال أمن الساحل ( 14 نونبر 2013). ولكن لم تحضره الجزائر، لحسابات جيوسياسية إقليمية غير مبررة، ولعقلية هيمنية تسود بعض أوساطها العسكرية التي ترفض التعاون مع المغرب في فضاء الساحل والصحراء، وهي حسابات خاطئة. ومن شأن التعاون بين البلدان المغاربية ودول الجوار ضد شبكات الإرهاب والمخدرات والاتجار في البشر، والسلاح، وعبر تبادل المعطيات والمشاركة الجماعية لمساعدة الدول المهددة في استتباب الأمن والاستقرار في الظروف الراهنة الملتهبة إقليميا وعربيا وإفريقيا، لمن شأنه تسهيل بناء المغرب الكبير القوي. خاتمة من خلال هذه المقال حاولنا أن نحلل، في إطار موضوع يهم المقاربة الجيوسياسية كموضوع في الجغرافية السياسية، الأوضاع القائمة الشبه جامدة بين دول الاتحاد المغاربي، مبرزين ضعف الاندماج الجهوي بينها، نظرا لسياسة المواجهة والتوتر التي كانت وبالا على شعوبها. ونظرا للقواسم المشتركة بين شعوب وبلدان المنطقة الخمس، وانطفاء الحرب الباردة التي كانت تغذي بؤر التوتر في العالم، فإن المقاربة التنموية التشاركية تظل البديل العملي الذي سيعفي الشعوب والبلدان المغاربية من تبعات حرب استنزاف مستمرة، والتي قد تؤدي إلى كوارث حرب حقيقية لا تبقي ولا تذر، خاصة بين المغرب والجزائر. وسيعوض لهذه البلدان، إن هي عملت بهذه المقاربة المقترحة، استتباب الأمن والاستقرار ببلدانها، وزرع الثقة المتبادلة بين شعوبها، وهو ما سيشجع على تدفق الاستثمارات الدولية عليها، ويخلق دينامية جديدة تعالج معضلة البطالة وسط الشباب في بعض بلدانها كما هو الوضع في المغرب؛ وإشكالية الهجرة السرية إلى أوروبا التي استفحلت أكثر في العقد الأخير. كما أنها سترجع الثقة لسكان المغرب الكبير الموحد، وتشجع الأدمغة المهاجرة المغاربية الموظفة بمخابر البحث والجامعات بأوربا وأمريكا وكندا، على العودة إلى بلدانها الأصلية. لكن هذه المقاربة التنموية، إن خلصت نيات أصحاب القرار، تستدعي في البداية إيمانا بالقضية الوحدوية، الشيء الذي سيجعل من فتح الحدود وضمان حرية حركة المرور للأشخاص، وتنقيل السلع والبضائع والخدمات والرساميل... مفتاحا لحل المشاكل الأخرى؛ وهذا منصوص عليه في معاهدة مراكش، ويتطلب فقط التفعيل. ففي هذا الإطار الجهوي المندمج، سوف تلغى الحدود التي كانت وراء التوترات بين بعض دولها على شاكلة الاتحاد الأوروبي، ومعه سيقضى بصفة تلقائية على التوترات المفتعلة هنا وهناك، وعلى بعض الحركات الانفصالية التي تسمم العلاقات المغاربية، وكذا بعض العصابات التي تنشط في كل المحظورات بالتخوم الصحراوية المغاربية والإفريقية. ولنا في التجارب الرائدة لشعوب أخرى، قدوة يمكن الاستفادة منها كالاتحاد الأوروبي. وعلى سبيل المثال، فإن حرب المائة سنة بين فرنسا وألمانيا، ونتائج الحربين الكونيتين الأولى والثانية وعواقبهما المأساوية التي عاشتها أوربا، كلها لم تثني عزيمة الدولتين المحوريتين، وعزيمة باقي دول أوربا، على اختيار المقاربة التنموية والسلمية، وحسن الجوار، ونسيان الماضي، وفتح صفحة جديدة لبناء المستقبل في إطار اندماج جهوي اقتصادي أولا، ووحدة سياسية لاحقا. وهي تجربة رائدة يمكن الاستفادة منها، في أفق خلق قطب اقتصادي وسياسي مغاربي، له وزنه الجهوي والدولي أولا، ووحدة سياسية في مرحلة ثانية، وهذا ما سينعكس ايجابيا على الشعوب المغاربية والعالم العربي والمتوسطي والإفريقي والأوروبي. - الأسعد محمد، 1991، «إشكالية الاندماج المجالي والبشري لبلدان اتحاد المغرب العربي»، نشر ضمن أعمال ندوة :التكامل والاندماج بالمغرب العربي، منشورات جامعة القاضي عياض، مراكش، المغرب ص. 167-179. - الأسعد محمد، 2001، «الاندماج الإقليمي وبناء المغرب العربي»، نشر ضمن أعمال ندوة : دور المجتمع المدني في بناء الوحدة المغاربية، منشورات منتدى رحاب للثقافة والتضامن والتنمية، وجدة، المغرب، ص. 27-34. - بحوث ملتقى الجغرافيين العرب، 1998 : المجلدات 1 و 2 و 3. جامعة صنعاء. اليمن. 1056 ص. وخاصة بحث: - أحمد علي إسماعيل، «الوحدة العربية والوحدة الأوربية: دراسة مقارنة في الجغرافيا السياسية»، الجزء الأول، الصفحات 305-341 - تروان فرونسوا (تحت إشراف) وآخرين، المغرب العربي: الإنسان والمجال، تعريب علي التومي وآخرون . دار الغرب الإسلامي. بيروت 1997 . 574 ص *كرزازي موسى، 2008، «الإندماج الجهوي المغاربي خطوة ضرورية من أجل الوحدة السياسية»، نشر ضمن أعمال الملتقى الرابع للجغرافيين العرب، منشورات الجمعية الوطنية للجغرافيين المغاربة ( تنسيق محمد الأسعد)، الجزء الثاني. وبالتزامن مع نشر أعمال الندوة، تم نشر محتوى المقال مع بعض التعديلات وتحيين المعطيات حول موضوع :»الاندماج الجهوي المغاربي واستراتيجية الوحدة السياسية»، دفاتر مركز عزيز بلال للدراسات والأبحاث، (من ص 24 إلى ص 24-35). 2008. - كرزازي (موسى)، 1998،» النزوح القروي وعواقبه على البيئة: جماعة لبصارة بالسفح الجنوبي لجبال بني يزناسن، إقليموجدة، دوار أولاد البالي نموذجا»، مجلة كلية الآداب والعلوم الإنسانية بالرباط، جامعة محمد الخامس، عدد مزدوج 21-22 (عدد خاص بمناسبة مرور 40 سنة على تأسيس الكلية) من ص. 223 إلى ص.237 - كرزلزي (موسى )، 1984، الاستثمار الفلاحي بقطاع الري العصري بملوية السفلى (تريفة): الواقع والصعوبات وآفاق المستقبل، دبلوم الدراسات العليا في الجغرافيا، كلية الآداب والعلوم الإنسانية، جامعة محمد الخامس، الرباط، 1984 (مسجل بالمركز الوطني للتوثيق تحت رقم CND (Microfiche n° 84-1012 Rabat : - زروقي ( الميلود)، 2004، الحدود وتنظيم المجال المحلي والجهوي بالمغرب الشرقي، دكتوراه دولة، شعبة الجغرافيا، كلية الآداب والعلوم الإنسانية بوجدة، جامعة محمد الأول. جزءان، (غير منشورة) عكاشة برحاب، 2002، المجال الحدودي بين المغرب والجزائر (في مطلع القرن العشرين 1900-1912)، منشورات كلية الآداب والعلوم الإنسانية بالمحمدية، سلسلة الرسائل والأطروحات رقم 2 . *Ftouhi, M., Jamal Eddine, M., Haidaoui, L. (Coordinateurs), 2000, L'interaction entre la croissance démographique, la dégradation des ressources naturelles et la pauvreté au Maghreb, Université Mohammed V-Souissi, FSE, Rabat (Inédit), 122 p. *Troin (J.F.) et al., 1997, Maghreb Moyen-Orient mutation, Dossiers des Images Economiques du Monde, SEDES, 348 p. *Prenant, A. et Semmoud, B., 1997, Maghreb et Moyen-Orient, Espaces et sociétés, ellipses, Paris, 256 p. *Camille et Yves Lacoste (Sous la direction de), 1995, Maghreb : Peuples et civilisations, Ed. La Découverte, Paris, 192 p. *Balta, P., 1990, Le grand Maghreb. Des indépendances à l'an 2000, Ed. La Découverte, Paris, 326 p. * Jennan, L. et Maurer, G. (Coordinateurs), Les régions de piémonts au Maghreb : Ressources et aménagement, (Actes du Colloque de Sefrou), Etudes Méditerranéennes n° 18, Fasc de Recherche n° 26 d'URBAMA, 1994, (174 p.) * Bethemont, J.(Coordinateur), 2001, Le monde méditerranéen, Thèmes et problèmes géographiques, (Ouvrage collectif), SEDES. 320 p. *Elloumi, M. (Sous la direction de), 2002, Mondialisation et sociétés rurales en Méditerranée, IRMC-KHARTALA, 523 p. * Bethemont, J. 2002, Géographie de la Méditerranée, Armand colin, Paris, 313 p. * Kerzazi, M., 2003, Migration rurale et développement au Maroc ; Publication de la Faculté des Lettres et des Sciences Humaines, Univ. Mohammed V-Agdal, Rabat ; Série Thèses et mémoires, N° 55 ; (500p.) مواقع على الأنترنيت: Population et société, n*503, sep. 2013 من المواقع الإلكترونية لهذه البلدان على شبكة الأنترنيتwww.ined.fr ) ) (www.statistiques-mondiales.com)