يأتي هذا المقال المحين في معطياته وتحاليله، لتسليط الأضواء والإجابة عن إشكالية ذات راهنية، تتطلب تحليلا معمقا موضوعيا، في سياق جيوسياسي مغاربي وعربي وإفريقي ملتهب، يهم مجالا حساسا يربط بين أوربا وإفريقيا، والشرق الأوسط، يتعلق الأمر بقضية «الاندماج المغاربي في إطار مقاربة تنموية تشاركية مندمجة، كبديل للمواجهة في إطارالحرب الباردة». وهي مقاربة يسودها منطق التعاون المثمر المفيد لكل الأطراف (رابح- رابح)، وتبادل التجارب بين بلدانها الخمس التي كانت ضمن ما سمي سنة 1989 ب» اتحاد المغرب العربي» الذي لم يعمر طويلا. اقتراح هذه المقاربة التنموية عوض المقاربة الأمنية والحرب الباردة بين جارين حكم عليهما التاريخ والجغرافيا والمصالح المشتركة للعيش في سلام وتعاون وطمأنينة، هو استجابة لضرورة مغاربية بعدما تبين فشل المقاربات الأمنية وعنف المواجهات الديبلوماسية في إطار الحرب الباردة خلال أزيد من أربع عقود خلت، بين بعض بلدانها، وأساسا بين المغرب والجزائر، اللذين يعتبران العمود الفقري لإنجاح الاتحاد المغاربي، إذا توفرت الإرادة السياسية والنضج لحكام بلدانه. نقصد بالاندماج الجهوي المغاربي، خلق تكتل إقليمي مغاربي في إطار قانوني وحدوي، يضم البلدان الخمس المكونة من المغرب والجزائروتونس وليبيا وموريطانيا، من أجل تعاون مثمر بين شعوبها اقتصاديا وثقافيا واجتماعيا وسياسيا، عبر دينامية جديدة تسمح بحرية عبور الأشخاص، وانتقال البضائع والسلع والخدمات والرساميل، واستفادة كل طرف من خبرات وتجارب الآخر. والهدف من ذلك هو خلق تكامل اقتصادي في مرحلة أولى، ووحدة نقدية (عملة مغاربية للتداول) في مرحلة ثانية، في أفق وحدة سياسية في مرحلة نهائية، على شاكلة الاتحاد الأوروبي. هذا الاندماج الجهوي سيلغي الحدود بين المكونات الخمس للإطار الجغرافي الجهوي الموحد، مما سيساعد على حل معظم المشاكل العالقة المتراكمة، وخاصة تلك الموروثة عن الفترة الاستعمارية (مشاكل الحدود كالصحراء الشرقية، والغربية المغربيتين..)، ويدفع شعوب وبلدان المنطقة إلى تعبئة مواردها الطبيعية والبشرية من أجل خدمة التنمية المنشودة، عوض المواجهة والتسابق نحو التسلح، الذي بينت التجربة خلال أربع عقود، عقمه، وهدره لموارد تلك الشعوب هي في أمس الحاجة إليها لتحسين ظروف عيشها ونوعيه حياتها. لكن بناء الكيان الموحد الجديد يقتضي إيمانا بالقضية وبالمصير المشترك لشعوبه؛ مما يحتم توفر نضج سياسي وسداد في الرؤى لدى مسئوليه، ودينامية قوية لمجتمعاته المدنية ونخبه، لرفع تحديات انعكاسات العولمة، وتمهيد الطريق نحو التقدم العلمي والتقني والتكنولوجي والتنمية الشاملة. ويتطلب ذلك وعيا عميقا بأهمية الاتحاد، وتحضيرا عقلانيا وقانونيا وماديا له، وتوافقا لبناء المغرب الكبير الموحد على مراحل. الإشكالية المطروحة : المرتكزات و الشروط الأساسية للوحدة المغاربية. تنفرد الشعوب المغاربية بعدة مميزات وخصائص مشتركة تشمل ميادين متعددة: كممارستها لتقاليد وأعراف وشعائر دينية واحدة، واشتراكها في استعمال لغة رسمية عملية واحدة والتحدث بلغات ولهجات محلية ووطنية متشابهة أو متقاربة (الدارجة والحسانية) والأمازيغية التي أصبحت لغة رسمية بالنسبة للمغرب، ولغات أجنبية أهمها الفرنسية والانجليزية والإسبانية. كما أنها خضعت في مجموعها للاستغلال الاستعماري الأوروبي، ولكنها استفادت مع ذلك من لغاته وقوانينه وإدارته العصرية. وعلى المستوى الجغرافي، يعيش سكان المنطقة المغاربية على حيز ترابي متواصل في شمال غرب افريقيا، يسود فيه مناخ متوسطي يتدرج جنوبا نحو مجال شبه جاف (سهوبي) ثم قاحل، ومعه يتدرج غطاء نباتي طبيعي من الغابة (الصنوبر والبلوط والعرعار) إلى السهوب (الحلفا) ثم مجال صحرواي (واحات النخيل والحمادات والرقوق والعروق ) يغطي معظم التراب المغاربي. هذه الأوضاع الجغرافية والجيوسياسية والاقتصادية، تطرح على البلدان والشعوب المغاربية مواجهة مشتركة لتحدي الجفاف، وندرة الماء، وخطر الجراد، وتدهور البيئة الهشة أصلا، سواء في السهوب أو الصحراء، وكذا عواقب العولمة المتوحشة، والهجرة النازحة السرية المتدفقة من إفريقيا جنوب الصحراء وبلدان شرق-أوسطية أخرى نحو شمال إفريقيا وأوربا، وهي ظواهر أصبحت تأخذ أبعادا خطيرة بارتباط مع إشكالية أمن بلدان الساحل الغير مستقر والمهدد بخطر تنامي الإرهاب على حدودها، وتنامي ظواهر تهريب المخدرات والأسلحة والاتجار في أرواح البشر. هذه الظروف الطبيعية والبشرية في تشابهها وتنوعها، والأخطار المحدقة بها، تسهل مبدئيا التقارب والتواصل والتعاون بين دول وشعوب المغرب الكبير، لرفع التحديات المتعددة. وكان بإمكانها ترجمة ذلك -منطقيا- في التبادل التجاري والسياحي، والاستفادة من تجارب بعضها البعض. كما كان بإمكانها تبني استراتيجية تنموية متكاملة -إن حصل بينها توافق وتفاهم- لتدبير مواردها الطبيعية والبشرية، في إطار الجهوية المعمول بها في مجموعات دولية أخرى، سارت على النهج الوحدوي والقاعدة الديموقراطية والحكامة الجيدة. وقد بينت التجارب في جهات أخرى من العالم، بأن هذا النهج هو الذي يخدم التنمية الشاملة و المستدامة، ويضع أسس الاستقرار السياسي الداخلي والجهوي والدولي. بالنسبة للدول الثلاث المتمثلة في المغرب والجزائروتونس، فإنها تشترك ككتلة واحدة في عدة نقط ؛ منها نفس التكوينات الطبيعية الجيولوجية، والتشكيلات النباتية، والمميزات المناخية والجغرافية والمجموعات البشرية واللغوية، والتاريخ المشترك، والبنيات التحتية التي تحسنت في السنين الأخيرة مقارنة مع الدول الإفريقية المجاورة لها؛ كشبكة الطرق والمواصلات والاتصالات. كل هذا يؤهلها لتشكل قطب تكتل متكامل ومتجانس في المستقبل، تعززها شرقا الشقيقة ليبيا الغنية بمواردها النفطية والغازية والمحررة من النظام البائد، وجنوبا الشقيقة موريطانيا التي تربط بين إفريقيا جنوب الصحراء وبلدان شمال إفريقيا. فالباحث الجغرافي في هذا الموضوع، انطلاقا من نقط التشابه والتكامل والتنوع والتقارب وسهولة التواصل طبيعيا وبشريا، يمكنه أن يطرح إشكالية تنمية دول الاتحاد المغاربي عبر التساؤل الآتي العميق المغزى: إلى أي حد استطاعت دول وشعوب هذا الاتحاد المغاربي، في مسارها التنموي عبر أكثر من نصف قرن بعد الاستقلال، أن يكون لها دور فاعل، جهويا ودوليا، في مستوى ثقلها الديموغرافي، وغنى وأهمية مواردها البشرية والطبيعية، وامتدادها الجغرافي وموقعها الاستراتيجي؟ إذا لم تستطع بلوغ ذلك متفرقة، فما هي المعيقات الذاتية والموضوعية ؟ وما السبيل لبلوغ اندماج مغاربي اقتصادي ومالي في مرحلة أولى، ووحدة سياسية في مرحلة لاحقة عوض الصراع والمواجهة العقيمة، ليصبح للمغرب الكبير الموحد مكانة جهوية، ووزن على الصعيد الدولي؟ لقد مرت دول وشعوب المنطقة المغاربية من عدة تجارب ومحاولات لبناء كيان موحد، انطلاقا من مؤتمر طنجة سنة 1958 الذي ضم قادة ثلاثة أحزاب مغاربية كبرى، أعلنت آنذاك عن نيتها في تأسيس المغرب الكبير الموحد، مرورا من وضع اللبنة الأولى سنة 1964 للمؤسسة المغاربية. لكنها تعرضت لنكسات على إثر النزاع التونسي-الليبي سنة 1970، والتوتر المغربي-الجزائري منذ 1974 حول مشكل الصحراء المغربية، إلى حين الالتئام في إطار معاهدة مراكش سنة 1989 الذي مهد له اجتماع الجزائر سنة 1988. فرغم محاولات التوحيد، لم تحترم ولم تفعل المواثيق والمعاهدات؛ ولذا تظل الأوضاع السياسية لغاية اليوم (ونحن على عتبة سنة 2014) جامدة في غالب الأحيان، ومتوترة بين الحين والآخر بين بلدان هذا الإقليم الجغرافي الكبير. ويعيش كل بلد على حدة أزماته السياسية والاقتصادية والاجتماعية، الداخلية و الخارجية الخاصة به. وقد ارتفعت حدة الصراعات الداخلية في عدة بلدان، خاصة بعد تحول الربيع الديمقراطي في تونس وليبيا ومصر إلى خريف عاصف، واستمرار عقلية الستينات في صفوف بعض قيادات العسكر، وخاصة بعض الجنرالات الذين يضعون العصا في العجلة كلما لاح أمل لحل بعض المشاكل التي طالت أكثر من اللازم، كمسالة الصحراء الغربية المسترجعة إلى حظيرة الوطن المغرب، بحيث حررت سلميا بفضل المسيرة الخضراء في 6 نونبر 1975 ، الشئ الذي غاض طرفا من حكام الجزائر الذي لازال يحلل بمنطق الحرب الباردة في فترة الستينيات، ويحلم بربح رهانه في الهيمنة على الفضاء المغاربي. فمن خلال البحث الببليوغرافي المعمق الذي قمنا به حول هذا الموضوع، وتتبعنا لتجارب الوحدة لعدد من الشعوب والبلدان القريبة والبعيدة، تبين لنا بالملموس، بأن تجاوز أوضاع التوتر الداخلي والمواجهة الخارجية بين البلدان لن يتم إلا في إطار مقاربة تنموية شمولية، وتعاون مثمر يخدم المصالح المشتركة بينها، وقضايا السلم والاستقرار والأمن. ووفق هذه المقاربة وهذا النهج، يمكن للمنطقة المغاربية والمتوسطية أيضا أن تبعد عنها شبح الحروب، لتحل محلها أوضاع مستقرة ومزدهرة لشعوبها. من هذا المنطلق ووفق منظورنا الذي يلتقي مع تفكير النخبة المغربية بل المغاربية المتفائلة باتحاد مغاربي قوي، آجلا أو عاجلا، ومع قوى سياسية تقدمية مؤمنة بالمصير المشترك لشعوبه، ارتأينا أن نقوم بمعاينة موضوعية لأوضاع البلدان المغاربية المتشتتة، والتي لا تدعو للارتياح، مع اقتراح خطة عملية متدرجة لتطوير اقتصادياتها انطلاقا من عناصر القوة الحالية، مع تحويل عناصر الضعف إلى دينامية جديدة تتجاوز وضعية التوتر والتصعيد، وتفتح آفاقا رحبة للتساكن والتعايش والتآزر، لبناء المغرب الكبير الموحد و القوي. هذا الطرح ليس بحلم، بل يمكن تحقيقه إذا توفرت بعض الشروط الموضوعية والذاتية؛ ومنها اقتناع ووعي حكام ومسئولي هذه البلدان بأهمية الرهانات والتحديات التي يجب مواجهتها راهنا ومستقبلا، وأهمية مشاركة شعوبهم عبر تعبيراتها المختلفة والمتنوعة في كل بناء مغاربي، حاضرا ومستقبلا، على أسس ديموقراطية تراعي الخصوصيات والمؤهلات الجهوية على الصعيد الوطني والمغاربي أيضا. وستنجح التجربة بالتأكيد إذا شعرت جميع مكونات المنطقة بأنها مستفيدة حاضرا ومستقبلا من الاتحاد المغاربي، وبأن لا طرف يشعر بأنه غالب أو مغلوب، بل الكل رابح. 1.الكتلة المغاربية: قوة خامدة في الظروف الراهنة. .تشكل الدول المغاربية الخمس الممثلة فيما سمي سابقا ب»اتحاد المغرب العربي» الذي تأسس بمدينة مراكش سنة 1989 تكتلا بشريا هاما، وثقلا اقتصاديا كبيرا، وقطبا استراتيجيا، يمكن أن يكون له وزنه الجهوي والدولي الحقيقي المعترف به دوليا، في شروط جديدة مستقبلا. فمساحة هذا الاتحاد المغاربي واسعة تبلغ أزيد من 6 ملايين كلم2، تقطنه ساكنة بلغت 93 مليون نسمة سنة 2013 (www.ined.fr) ,ويتوقع أن يصل مجموع سكانه 129 مليون نسمة في أفق 2050، بحيث يشكل المغرب والجزائر عموده الفقري بحوالي 72 مليون نسمة سنة 2013، وما يقرب من 100 مليون نسمة في أفق 2050 من المجموع. وتتمتع كمجموعة دولية بموقع استراتيجي قل نظيره في العالم، بين واجهة حوض البحر الأبيض المتوسط المقابلة للاتحاد الأوربي في الشمال، والعالم العربي في الشرق،وواجهة المحيط الأطلسي التي تربطها بباقي العوالم الأخرى، بفضل شواطئها وموانئها، والصحراء الكبرى الغنية التي تربطها بالعالم الإفريقي في الجنوب. هذا الوضع الجيوسياسي خلق للمنطقة عبر العصور عدة متاعب، ومنها الأطماع الاستعمارية، إضافة إلى التوترات بين بلدانها أحيانا. وفي نفس الوقت استطاعت شعوبها أن تنسج علاقات تعاون فيما بينها، طورا آخر. إن قوة الدول المغاربية تتمثل في اندماجها الجهوي، اقتصاديا واجتماعيا وسياسيا. وهي مرغمة على ذلك، للاستفادة من تكامل مواردها الطبيعية والبشرية، وأدوارها الدولية، إن هي أرادت أن يعترف لها دوليا وعمليا، بقوتها الاقتصادية والسياسية، وهو ما سيسمح لها بالوصول إلى موقعها الدولي الشاغر لحد الآن. ويضاف إلى أهمية ما تكتنزه هذه الدول مجتمعة ومتحدة من خيرات وإمكانيات ومؤهلات متنوعة، ثقلها الديموغرافي الكبير، خاصة وأنها ستضم ما يقرب من 129مليون نسمة بحلول سنة 2050 ، الذي سيسمح لها بخلق سوق عظمى للتبادل وترويج السلع والخدمات فيما بينها، وفي علاقاتها مع التكتلات الأخرى، داخل مجالها الجغرافي الممتد والمتواصل ترابيا. لكن رغم هذه المؤهلات الطبيعية والبشرية تظل هذه البلدان غير ذي وزن دولي، نظرا لتشتتها من جهة، وغياب خطة استراتيجية مستقبلية متوافق عليها لمواجهة التحديات والتحولات العالمية من جهة ثانية. فحسب عدد من المؤشرات الدولية، ومنها ضعف التبادل التجاري فيما بينها، وغياب التشاور والتنسيق والحوار بين مسئوليها حول القضايا المشتركة، يتبين بأن العالم لا يكترث بالمجموعة المغاربية، رغم أهمية العلاقات الاقتصادية والسياسية التي تربط دولها متفرقة، مع دول كبرى ومجموعات دولية كالاتحاد الأوروبي والولاياتالمتحدةالأمريكية وروسيا واليابان و الصين. فعلى سبيل المثال، ومنذ مدة على استقلال بلدانها، لم تتجاوز نسبة التجارة بين الدول المغاربية 0.6% سنة 2000 من مجموع المبادلات، مقابل 65% من المبادلات تتم ما بين بلدان الاتحاد الأوروبي، و22.3% بين دول مجموعة جنوب شرق آسيا وحوالي 20 % بين دول أميركا الجنوبية، و10.6 % في أوربا الوسطى والشرقية. وبهذا فإن المجموعة المغاربية تظل الوحيدة في العالم التي تسجل أضعف المبادلات ت بين بلدانها في حين أنها تصدر 68 مرة إلى الاتحاد الأوروبي أكثر ما تصدره إلى بلدانها. وتؤكد بعض الإحصائيات (25 يناير 2007) نفس الوضع، بحيث تظل نسبة المبادلات بين الدول المغاربية جد ضعيفة تقدر ب 3 % مقابل 15% بين مجموعة أمريكا للاتينية و22% بين بلدان جنوب شرق آسيا. وحسب إحصائيات دولية لسنة 2011 ، تتصدر فرنسا كبلد مستورد رئيسي بنسبة %15 من الجزائر مقابل %13.6 كمستورد رئيسي من المغرب، كما تتصدر الولاياتالمتحدةالأمريكية كبلد رئسي لصادرات الجزائر بنسبة 20.6% ، وتتصدر فرنسا كبلد رئيسي لصادرات المغرب بنسبة 19.7 % ، بينما هي جد ضعيفة بين البلدين الجارين، بل حتى بين البلدان المغاربية الأخرى. إن تكلفة تأخر الاندماج الاقتصادي المغاربي يقدر سنويا ب2% من الناتج الداخلي الخام لكل بلد. فإذا فتحت الحدود المغاربية بين بلدانها سترتفع نسبة التبادل فيما بينها إلى 15%. وفي كل اجتماع لوزراء التجارة المغاربيين يتم الإلحاح على ضرورة خلق منطقة حرة للتبادل الحر بين بلدانهم. ويمكن في مرحلة أولى أن يفسر الموقف الدولي الفاتر من هذه المجموعة، بتفرق دولها وشلل قراراتها وعدم تفعيل مواثيقها ولجان عملها، وتطبيق اتفاقياتها التي صادقت عليها في إطار معاهدة «اتحاد المغرب العربي». ولكن الأخطر من كل ذلك، يتمثل في الصراع المفتعل بين بعض دولها، إما على الحدود أو أشياء أخرى تهم الزعامة في المنطقة، في الوقت الذي هو محكوم عليها –أمام عولمة لا ترحم الضعيف- بالاندماج الاقتصادي الجهوي، وفق قاعدة الكل يستفيد ويربح. إن من شأن تكتلها الجهوي كقطب اقتصادي وسياسي أن يعطي لها قيمة مضافة عبر استغلال مواردها المتكاملة (الموارد البشرية، والطبيعية : النفط والغاز الطبيعي والفوسفاط، والفلاحة والصيد البحري والسياحة..)، ويفتح أمامها آفاقا لحل المشاكل العالقة بين دولها، كمشاكل الحدود الموروثة عن الاستعمار. ويطفئ بؤر التوتر كمسألة الصحراء الشرقية والغربية المغربيتين، في إطار الجهوية والوحدة المغاربية، وفق مقاربة تنموية تشاركية، تعتمد أركانها على التعاضد والتضامن والتعاون لمواجهة التحديات عوض المواجهة. هوامش 1 أصل المقال الحالي المحين والمنقح، مشاركة للمؤلف نشرت سنة 2008 ضمن أعمال الندوة الدولية للملتقى الرابع للجغرافيين العرب المنعقدة بالرباط (2- 4 نونبر 2006) ونظمت من لدن الجمعية الوطنية للجغرافيين المغاربة و جامعة محمد الخامس أكدال ، كلية الآداب والعلوم الإنسانية 2 ركوب المهاجرين السريين لقوارب وسفن يتاجر فيها سماسرة الموت بين بلدان الساحل عبر الصحراء وبلدان الشرق الأوسط الملتهب (سوريان العراق، السودان، الصومال..) ومحاولاتهم عبور البحر الأبيض المتوسط في اتجاه أوربا، وما ينتج عن هذه المغامرات من غرق لآلآف الأبرياء في مضيق جبل طارق وجوار بلدان جنوب أوربا (إسبانيا وإيطاليا)، خاصة مع انهيار الأنظمة الديكتاتورية (ليبيا، العراق..)، واشتعال الحروب الأهلية وبروز تيارات متطرفة عرقية وأيديولوجية... 3 تنامي تيارات ومجموعات متطرفة مستفزة لعدة بلدان إفريقية مثل ما هو الحال في مالي الذي كان ولا زال مهددا في وحدة أراضيه سيادته..والحركات الانفصالية التي تهدد بلدان شمال إفريقيا (على سبيل المثال حركة البوليزاريو المدعمة ماليا وسياسيا ودبلوماسيا من لدن حكام الجارة الجزائر للتشويش على المغرب في صحرائه). 4 في موضوع الاتحاد المغاربي راجع دراسة حول تصور حزب التقدم والاشتراكية وقبله حزب التحرر ر والاشتراكية ومنظوره لمراحل بناء المغرب العربي منذ فترة السبعينات (أدبيات حزب التقدم والاشتراكية والتحرر والاشتراكية ). وباقي قوى الحركة الوطنية والتقدمية التي لها منظور متقارب (حزب الاتحاد الاشتراكي للقوات الشعبية وحزب الاستقلال..) 5 من حيث المساحة تعتبر الجزائر أكبر الدول المغاربية (2.381741 كلم2 يعيش عليها38,3 مليون نسمة سنة 2013 ، ويليها ليبيا (1.759.540 كلم2 يعيش عليها فقط 6,5 مليون ن سنة 2013) وموريطانيا ( 1.030.700 كلم2 ويعيش عليها 3,7 نسمة سنة 2013). ولكن معظم مساحات هذه البلدان صحاري، وهذا ما يفسر ضعف الكثافة السكانية خاصة في موريطانيا أقل من 2 ن/كلم2 ، وليبيا حوالي 3 ن/كلم2 . وتعتبر تونس أصغر بلد مساحة (164.155 كلم2 وعدد سكانها حوالي11 مليون نسمة)، ويتوسط المغرب بلدان المجموعة بمساحة 710.850 كلم2 ، مع ثقل سكاني يقدر بحوالي 33,6 مليون نسمة (سنة 2013) (مصدر المعلومات : Population et société, n*503, sep. 2013 من المواقع الإلكترونية لهذه البلدان على شبكة الأنترنيتwww.ined.fr ) ) 6 حسب مقال عن الأنترنيت من جريدة La Gazette n° 329, 18 août 2003 (Le manque à gagner de la faible intégration économique. Par Larbi Kabiri) 7نداء وزراء التجارة المغاربيين لتحقيق الاندماج الاقتصادي بتاريخ 26-01-2007 8 المصدر www.statistiques-mondiales.com 9 مقال ورد بوكالة المغرب العربي بتاريخ 7-2-2005 (على الأنترنيت)