يخلد الشعب المغاربي الذكرى 52 لمؤتمر طنجة لوحدة المغرب العربي الذي جمع حزب الاستقلال المغربي، الحزب الدستوري التونسي و جبهة التحرير الوطني الجزائرية المنعقد أيام 27-28-29-30 أبريل 1958 بدعوة من اللجنة التنفيذية لحزب الاستقلال عبر البلاغ الذي أصدرته في الموضوع يوم 2 مارس من نفس السنة بمباركة من جلالة الملك محمد الخامس طيب الله تراه، و ذلك بهدف وضع الأسس الإيجابية الكفيلة لتحقيق وحدة المغرب العربي باعتبارها ليست مجرد أمل و لكنها حقيقة واقعية عندما انكب المؤتمر على دراسة جوانب القضية المغاربية من حيث العراقيل الاستعمارية التي يجب تذليلها و الوسائل المتاحة لتحقيق الوحدة دون أن يخطر ببال أحد أن يبحث هل هذه الوحدة ممكنة أم لا؟ مادامت وحدة المغرب العربي قضية الإيمان الموحد بالمصير المشترك، وما دام المغرب العربي كل لا يقبل التجزئة، و ما دامت الغاية النبيلة هي تحرير النفس و استكمال الاستقلال لخدمة الشعب المغاربي الذي طالما عانى من عصور الانحطاط و الاستعمار. و قد جسدت مقررات المؤتمر هذه الإرادة الوحدوية المغاربية من خلال وضع الأسس القمينة لتحقيق وحدة المغرب العربي عن طريق مؤسسات مشتركة، بما فيها تشكيل مجلس استشاري للمغرب العربي منبثق عن المجالس الوطنية المحلية في تونس و المغرب وعن المجلس الوطني للثورة الجزائرية و تأسيس كتابة دائمة تتألف من 6 أعضاء يمثلون الحركات الثلاثة المشاركة في المؤتمر. و اعتبر المشاركون في المؤتمر أن الشكل الفدرالي هو الأكثر ملاءمة للواقع في وحدة المغرب العربي . كما أعلن المشاركون حق الشعب الجزائري المقدس في السيادة والاستقلال كشرط وحيد لحل النزاع الفرنسي الجزائري و قرروا تقديم المساندة الكاملة و التأييد المطلق للشعب الجزائري المكافح من أجل استقلاله . و اعتبر المشاركون جبهة التحرير الجزائرية الحركة الوحيدة الممثلة للجزائر المجاهدة و حقها في تكوين حكومة جزائرية . لقد ظل حزب الاستقلال وفيا لروح مؤتمر طنجة التاريخي باعتباره يشكل خطوة إيجابية و فعالة للتعبير عن إرادة إجماع شعوب المغرب العربي في توحيد مصيرها باعتباره اختيارا استراتيجيا لا رجعة فيه، و ذلك إيمانا منه بأن هذا التكتل الإقليمي المغاربي يشكل إطارا قانونيا وحدويا من أجل تعاون مثمر بين شعوب المنطقة على الصعيد الاقتصادي و الاجتماعي والسياسي بهدف خلق تكامل اقتصادي في مرحلة ثالثة على غرار الاتحاد الأوروبي . كما ظل حزب الاستقلال يعتبر أن هذا الاندماج الإقليمي المغاربي القائم على إلغاء الحدود بين المكونات الخمسة للإطار الجغرافي الجهوي الموحد سيؤدي حتما إلى حل المشاكل العالقة المتراكمة ، بما فيها تلك الموروثة عن الفترة الاستعمارية و دفع دول المنطقة إلى تعبئة مواردها الطبيعية والبشرية من أجللا خدمة التنمية المنشودة عوض المواجهة و التطاحن والتسابق نحو التسلح لمة اجهة تحديات العولمة و المنافسة الشرسة التي يمارسها عمالقة الاقتصاد العالمي المتجسدة في التكتلات الإقليمية التي تتجه بشكل تصاعدي نحو القطبية . وفي هذا السياق، اعتبر حزب الاستقلال معاهدة مراكش لسنة 1989 انطلاقة حقيقية لقطار اتحاد المغرب العربي بعد فشل عدة تجارب ومحاولات منذ مؤتمر طنجة 1958، ولكن عدم احترام مقتضيات هذه المعاهدة من طرف الجزائر باحتضانها لحركة انفصالية معادية لأحد أقطاب الاتحاد واستمرارها في معاكسة المغرب في قضية وحدته الترابية وإقفال الحدود بين البلدين من جديد في غشت 1994 وتزايد وثيرة التوتر بين القطرين الجارين، كان لابد أن يؤدي حتما إلى تعطيل قطار التعاون في المجالات الاقتصادية والاجتماعية والسياسية والدبلوماسية .