اختتام أشغال الدورة ال10 العادية للجنة الفنية المعنية بالعدالة والشؤون القانونية واعتماد تقريرها من قبل وزراء العدل في الاتحاد الإفريقي        "إسرائيليون" حضروا مؤتمر الأممية الاشتراكية في الرباط.. هل حلت بالمغرب عائلات أسرى الحرب أيضا؟    أنشيلوتي يشيد بأداء مبابي ضد إشبيلية:"أحيانًا أكون على حق وفترة تكيف مبابي مع ريال قد انتهت"    الدار البيضاء.. اعتقال شخص مبحوث عنه وطنياً تسبب في دهس مجموعة من المواطنين بسيارته    معهد "بروميثيوس" يدعو مندوبية التخطيط إلى تحديث البيانات المتعلقة بتنفيذ أهداف التنمية المستدامة على على منصتها    كيوسك الإثنين | إسبانيا تثمن عاليا جهود الملك محمد السادس من أجل الاستقرار        إنقاذ مواطن فرنسي علق بحافة مقلع مهجور نواحي أكادير    ترامب يهدد بمحاولة استعادة قناة بنما    هيئة المعلومات المالية تحقق في شبهات تبييض أموال بعقارات شمال المغرب    تشييع جثمان الفنان محمد الخلفي بمقبرة الشهداء بالدار البيضاء    فريق الجيش يفوز على حسنية أكادير    فرنسا تسحب التمور الجزائرية من أسواقها بسبب احتوائها على مواد كيميائية مسرطنة    حفيظ عبد الصادق: لاعبو الرجاء غاضبين بسبب سوء النتائج – فيديو-    دياز يساهم في تخطي الريال لإشبيلية    المغرب يوجه رسالة حاسمة لأطرف ليبية موالية للعالم الآخر.. موقفنا صارم ضد المشاريع الإقليمية المشبوهة    المغرب يحقق قفزة نوعية في تصنيف جودة الطرق.. ويرتقي للمرتبة 16 عالميًا    وزارة الثقافة والتواصل والشباب تكشف عن حصيلة المعرض الدولي لكتاب الطفل    فاس.. تتويج الفيلم القصير "الأيام الرمادية" بالجائزة الكبرى لمهرجان أيام فاس للتواصل السينمائي    التقدم والاشتراكية يطالب الحكومة بالكشف عن مَبالغُ الدعم المباشر لتفادي انتظاراتٍ تنتهي بخيْباتِ الأمل    جلالة الملك يستقبل الرئيس الموريتاني محمد ولد الشيخ الغزواني    الجزائر تسعى إلى عرقلة المصالحة الليبية بعد نجاح مشاورات بوزنيقة    انخفاض طفيف في أسعار الغازوال واستقرار البنزين بالمغرب    الرجاء يطوي صفحة سابينتو والعامري يقفز من سفينة المغرب التطواني    العداء سفيان ‬البقالي ينافس في إسبانيا    بلينكن يشيد أمام مجلس الأمن بالشراكة مع المغرب في مجال الذكاء الاصطناعي    مسلمون ومسيحيون ويهود يلتئمون بالدر البيضاء للاحتفاء بقيم السلام والتعايش المشترك    مباراة نهضة الزمامرة والوداد بدون حضور جماهيري    رحيل الفنان محمد الخلفي بعد حياة فنية حافلة بالعطاء والغبن    لقاء مع القاص محمد اكويندي بكلية الآداب بن مسيك    لقاء بطنجة يستضيف الكاتب والناقد المسرحي رضوان احدادو    بسبب فيروسات خطيرة.. السلطات الروسية تمنع دخول شحنة طماطم مغربية    ندوة علمية بالرباط تناقش حلولا مبتكرة للتكيف مع التغيرات المناخية بمشاركة خبراء دوليين    مقاييس الأمطار المسجلة بالمغرب خلال ال24 ساعة الماضية    الرباط.. مؤتمر الأممية الاشتراكية يناقش موضوع التغيرات المناخية وخطورتها على البشرية    غزة تباد: استشهاد 45259 فلسطينيا في حرب الإبادة الإسرائيلية على غزة منذ 7 أكتوبر 2023    ألمانيا: دوافع منفذ عملية الدهس بمدينة ماجدبورغ لازالت ضبابية.    بنعبد الله: نرفض أي مساومة أو تهاون في الدفاع عن وحدة المغرب الترابية    تفاصيل المؤتمر الوطني السادس للعصبة المغربية للتربية الأساسية ومحاربة الأمية    استمرار الاجواء الباردة بمنطقة الريف    البنك الدولي يولي اهتماما بالغا للقطاع الفلاحي بالمغرب    خبير أمريكي يحذر من خطورة سماع دقات القلب أثناء وضع الأذن على الوسادة    ندوة تسائل تطورات واتجاهات الرواية والنقد الأدبي المعاصر    استيراد اللحوم الحمراء سبب زيارة وفد الاتحاد العام للمقاولات والمهن لإسبانيا    ارتفاع حصيلة ضحايا الحرب في قطاع غزة إلى 45259 قتيلا    سمية زيوزيو جميلة عارضات الأزياء تشارك ببلجيكا في تنظيم أكبر الحفلات وفي حفل كعارضة أزياء    لأول مرة بالناظور والجهة.. مركز الدكتور وعليت يحدث ثورة علاجية في أورام الغدة الدرقية وأمراض الغدد    وفاة الممثل محمد الخلفي عن 87 عاما    دواء مضاد للوزن الزائد يعالج انقطاع التنفس أثناء النوم    المديرية العامة للضرائب تنشر مذكرة تلخيصية بشأن التدابير الجبائية لقانون المالية 2025    أخطاء كنجهلوها..سلامة الأطفال والرضع أثناء نومهم في مقاعد السيارات (فيديو)    "بوحمرون" يخطف طفلة جديدة بشفشاون    للطغيان وجه واحد بين الدولة و المدينة و الإدارة …فهل من معتبر …؟!!! (الجزء الأول)    حماية الحياة في الإسلام تحريم الوأد والإجهاض والقتل بجميع أشكاله    عبادي: المغرب ليس بمنأى عن الكوارث التي تعصف بالأمة    توفيق بوعشرين يكتب.. "رواية جديدة لأحمد التوفيق: المغرب بلد علماني"    توفيق بوعشرين يكتب: "رواية" جديدة لأحمد التوفيق.. المغرب بلد علماني    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



بطلة الخبز الحافي: أعشق الأدب العربي الحديث
نشر في هسبريس يوم 19 - 09 - 2007

الممثلة الايطالية بطلة فيلم الخبز الحافي مارسيا تيديشي في حوار ثقافي شيق مع جريدة الرأي المغربية
‹‹الحياة ليست دائما هي الكلمات الجميلة والرقيقة››...مارسيا تيديشي
ملصق فيلم الخبر الحافي
غالبا ما يصنع الفنانون من الرواية شيئا جميلا،أو يزيدونها جمالا على جمالها، لم تكن حصة رواية كاتبنا الشمالي، القادم من المغرب الأقصى أوفر حظا، بل أن الرواية ذاتها، الجريئة و الخطيرة في نفس الآن، و التي منعت لمدة تزيد عن ثلاثين سنة، كانت مبعدة و منبودة في صفوف التقلييدين و السلطة معا، ولم تصنها إلا أروقة الجامعات و رفوف الطلبة المغضوب عليهم، في فترة ما سمي في المغرب ب «سنوات الرصاص»، هكذا، حتى اختفت تماما من الأذهنة، قبل أن تنبعث من رمادها، بعد الانفتاح المحسوب الذي عرفته الساحة الثقافية المغربية، ليعود معها الوجود الاعتباري للكاتب العظيم محمد شكري من خلال روايته «الخبز الحافي»، و هي عبارة عن سيرة ذاتية للكاتب، تمنى أن يراها فيلما قبل أن يغيبه الثرى، و لكن سبق السيف العدل، قبل أن يخرج الفيلم إلى الوجود، وقبل أن يعرض في القاعات السينيمائة في إطار أيام المهرجان المتوسطي بطنجة، مدينة الكبار،عن هذا الفيلم كان لنا لقاء مع مجموعة من الفنانين من بينهم الفنانة الأنيقة التي صنعها الفيلم، و منحها حظا كبيرا لإبراز قدراتها الفنية، مارسيا تيديشي و أجرينا معها الحوار التالي، الذي كان كله عرفان للكاتب الكبير محمد شكري ،القادم من المغرب الاقصى و لروايته الجريئة «الخبز الحافي» التي ننصح من لم يقرأها بعد-أن يفعل.
-الفنانة الرائعة مارسيا تيديشي كيف يمكن أن نقدم مارسيا تيديشي كممثلة إلى القراء ؟
- أنا اسمي مارسيا تيديشي ،إيطالية،و ممثلة جادة، قامت بدراسات مهمة للتمكن من مهنتها الفنية، حصلت على الدكتوراه الأولى في الآداب والمسرح من جامعة «لاسبينوزا» بروما ودكتوراه ثانية «Laureat honoris causa» في علم التواصل من جامعة «جمهورية مالطا»، قمت بأنشطة فنية مكثفة عبر العالم، سمحت لي بالاستفادة من الانتشار الفني في الملتقيات والمهرجانات.
أحرزت على دبلوم التخرج بفضل الدراسة والبحث الذين أجريتهما، ولكن أيضا بفضل فيلم الخبز الحافي بأدائي لدور قوي جدا، وبالتمثيل والحضور الجريء في المهرجانات الدولية، عبر العالم بأكمله، أصر أن أكون ملتزمة ، جد ملتزمة في الفن، وفي الحياة الاجتماعية ممثلة تعتني بالحوار و التواصل بين مختلف الثقافات، كما درست واشتغلت كممثلة في انجلترا والولايات المتحدة الامريكية مما سمح لي بصقل موهبتي و أدائي و إغناء تجربتي الفنية التي هي بالتالي حياتي.
-و ماذا عنك كإنسانة ؟
-كإنسانة ،أنا امرأة بكل هشاشتها ووهنها،و اللذين هما في نفس الوقت سر قوتي، عادة، أحب أن أبقى وحيدة، لكي أفكر و لأركز في العمل الذي سأقوم به، غير أنني في جميع الأحوال أحب أصدقائي، كما أحب أن أبحث عن أصدقاء.
- إسمحي لي مارسيا أن أكون صريحا، نحن لا نعرف الشيئ الكثير عنك، كممثلة؟
-( تضحك)لست بعد مشهورة مثل أنجلينا جولي ...ليس بعد..
بعد فيلم « الخبز الحافي»، توصلت بمجموعة رائعة وجميلة من النقد والمقالات حول أدائي الفني، في الدول التي عرض فيها الفيلم ،وكنت قد مثلته في النقاش مع المثقفين و الصحافة، أستطيع أن أقول:إنني كممثلة تعودت على المسرح أو الأدوار التلفزيونية، وأن «الخبز الحافي»، كان فيلمي الأول في السينما و هو من أدخلني إلى العالمية، و من خلال أدائي لهذا الدور حصلت على ثلاثة جوائز كأحسن ممثلة، جائزة أحسن ممثلة في توبيرون الدولي لمهرجان الفيلم بسان فرانسيسكو/ الولايات المتحدة الامريكية، 2006 عن الفيلم «الخبز الحافي»، لمخرجه رشيد بلحاج، مع الممثل المغربي سعيد تغماوي. Best actress 2006 ، Italy- arsizioثم جائزة أحسن ممثلة في مهرجان الفيلم العربي بروردام بهولندا 2006، الأن لدي مشاريع جديدة مهمة، ولكن عادة أرفض السيناريوهات التي لا تروق لي .
- كيف توصلت إلى التوفيق بين حياتك الفنية والخاصة ؟
-فعلا إنها مسألة صعبة جدا، أن نوازن بينهما، ولكن مع مرور الوقت والممارسة نتوصل إلى توازن معين. عندما أشعر أنني مرهقة جدا بسبب عملي، أرتمي في أحضان أسرتي التي كانت وستبقى عشي الدافئ، حتى عندما أشتغل في الخارج، إذا وجدت زملاء متفتحين في الحوار، ومحبين للفن مثلي ،أحس أنني في حضن عائلتي ،عندما ألعب دورا ما وأجري بعدها، حورات صحفية أشعر بارتياح، وأفهم حينها أن مهنتي هي حياتي، كم هو مهم جدا بالنسبة لي أن أدافع عن حب عائلتي أسرتي .
-من دفعك إلى عيش هذه المغامرة الآتية من وسط ليس لك،و سط لا تنتمين اليه بالمرة؟
- لا أحد دفعني إلى حلمي، إنه حلمي، اخترت أن أكون ممثلة منذ أن كان عمري إحدى عشرة سنة، أتذكر بالضبط اللحظة بالذات، عندما كنت بصدد لعب عرض مسرحي للمدرسة بمناسبة نهاية السنة الدراسية، خلال لعبي لهذا العرض عشت تجربة كبيرة، واكتسبت حرفية هامة في التواصل والحوار، و تفاعلت وبجرأة مع الحضور، بينما كانت إحداهن تشجعني داخل القاعة ..لم تكن هذه المرأة إلا إلفيرا، Elvira ، هذه المشاعر قادتني ووجهتني طيلة حياتي الفنية، ماتت عندما كان عمري 8 سنوات. الفيرا ELVIRA كان اسمها، كانت بمثابة جدة بالنسبة لي، في هذا الوقت، بعدما أصبحت في الحادية عشرة قطعت عهدا على نفسي، بعدما اخترت حلمي، إذا حصلت يوما ما على جائزة كافضل ممثلة سوف أهديها إلى الفيرا ELVIRA، وفي السنة الماضية فزت بجائزتي الأولى في سان فرانسيسكو، تيبورون مهرجان الفيلم، واستطعت أن أفي بوعدي الذي قطعته على نفسي وأهديته إلى الفيرا .
-كيف ترين محمد شكري؟أريد أن أقول أسلوبه في كتابة حياته الخاصة ..؟
- في الجامعة الايطالية لا يدرس الاداب العربي القديم، ولا الحديث، لعبي لهذا الدور جعلني، أو سمح لي بمعرفة ثقافة مختلفة عني وعن ثقافتي الغربية الاوروبية،لم تكن هذه الثقافة المختلفة إلا الثقافة العربية، والتي في نفس الوقت جد قريبة إلى ثقافتي لأن كلتا الاثنتان تنتميان إلى البحر الابيض المتوسط ، تعرفي على محمد شكري وكتابه، جعلني أعشق و أغرم بالأدب العربي الحديث، الآن، أنا بصدد قراءة كل كتابات الطاهر بنجلون وكتاب عرب آخرين...أحببت جدا الطريقة الجافة والعنيفة التي استعملها شكري في كتابة و وصف حياته الخاصة و العالم المحيط بها، فالحياة ليست دائما هي الكلمات الجميلة والرقيقة، بالاضافة إلى ذلك، يمكن القول: إن محمد شكري أعطاني الإمكانية لأداء أول دور سينمائي، دور قوي جدا ،ولا ينسى، وأريد هنا أيضا أن أشكر رشيد بلحادج المخرج الجزائري الكبير لفيلم الخبز الحافي، وهو رجل رائع
لقطة من فيلم الخبز الحافي في الصورة الممثلة الإيطالية مارسيا تيديشي و الممثل المغربي سعيد تغماوي
- هل هو أمر طبيعي وعادي،أن تجد نفسك وحيدة وسط ممثلين مغاربيين ؟ و ماهي الصعوبات التي اعترضتكم كممثلة إيطالية و باقي الممثلين الجزائريين والمغاربة؟
- الفنانون، ليس هناك اختلافات كبيرة بينهم، الفنان ليس له أبدا في حياته جذر واحد، والانتماءات المختلفة لا تشكل عائقا، وبالعمل الجماعي تصبح هذه الانتماءات مصدر إغناء يجب استمرار تواجده ،ولهذا أظن أننا نستطيع أن ننجز عدة أفلام بإنتاج مشترك بين مجموعة من الدول ،بهدف التعارف الإبداع المشترك .
ألم تكون اللغة عائقا أمام تواصلكم ؟
اللغة المختلفة ليست-أبدا- عائقا، الاختلاف في العقليات ( الطرق المختلفة لفهم الحياة) هو المشكل.
أتذكر، خلال تصوير الفيلم، أنني سألعب باللغة الإيطالية ،و بعض الفقرات سيلعبها معي سعيد التغماوي وكلها باللغةالعربية، ويتكلم فقط العربية، ومع ذلك استطعت أن أفهم كل شي، فقط عبر الحوار، ولغة عيوننا، التي هي بحق تعبير الروح. ويمكن أن نتفاهم أيضا حتى بالحركات أو تبادل النظرات، وهذه أعتقد أنها لغة عالمية يمكن لكل فنانين العالم فهمها، والتعبير بها واستعمالها وإتقانها.
- كيف وجدت عاصمة البوغاز..مدينة طنجة ؟
-لدي صديق عزيز- و هو بالمناسبة مخرج- قبل إقلاعي في اتجاه مدينة طنجة، أسر لي، أنه مستحيل أن لا أسحر بهذه المدينة الغريبة، والمدهشة، والرائعة، لقد كان محقا، مدينة طنجة وجدتها بمثابة جدة بأحضان مفتوحة، و لكنها في نفس الوقت لا تكشف لك أبدا عن ماضيها، ولكنك تستطيع أن تستنشقه ،هذا الفضاء المحيط بها يطبق عليك ولا يريدك تغادره، حينها تفهم الخيار والإختيار الذي جعل العديد من الفنانين والمثقفين العالميين- مثل بول بولز - الذين استقروا بها ومكثوا للعيش فيها و منهم حتى من قضى فيها ، أتمنى أن أعود إلى طنجة قريبا جدا.
شكرا جزيلا على هذا الحوار.
أجرى الحوار بالفرنسية
وترجمه الى العربية :
أحمد برطيع
ملصق فيلم الخبر الحافي
غالبا ما يصنع الفنانون من الرواية شيئا جميلا،أو يزيدونها جمالا على جمالها، لم تكن حصة رواية كاتبنا الشمالي، القادم من المغرب الأقصى أوفر حظا، بل أن الرواية ذاتها، الجريئة و الخطيرة في نفس الآن، و التي منعت لمدة تزيد عن ثلاثين سنة، كانت مبعدة و منبودة في صفوف التقلييدين و السلطة معا، ولم تصنها إلا أروقة الجامعات و رفوف الطلبة المغضوب عليهم، في فترة ما سمي في المغرب ب «سنوات الرصاص»، هكذا، حتى اختفت تماما من الأذهنة، قبل أن تنبعث من رمادها، بعد الانفتاح المحسوب الذي عرفته الساحة الثقافية المغربية، ليعود معها الوجود الاعتباري للكاتب العظيم محمد شكري من خلال روايته «الخبز الحافي»، و هي عبارة عن سيرة ذاتية للكاتب، تمنى أن يراها فيلما قبل أن يغيبه الثرى، و لكن سبق السيف العدل، قبل أن يخرج الفيلم إلى الوجود، وقبل أن يعرض في القاعات السينيمائة في إطار أيام المهرجان المتوسطي بطنجة، مدينة الكبار،عن هذا الفيلم كان لنا لقاء مع مجموعة من الفنانين من بينهم الفنانة الأنيقة التي صنعها الفيلم، و منحها حظا كبيرا لإبراز قدراتها الفنية، مارسيا تيديشي و أجرينا معها الحوار التالي، الذي كان كله عرفان للكاتب الكبير محمد شكري ،القادم من المغرب الاقصى و لروايته الجريئة «الخبز الحافي» التي ننصح من لم يقرأها بعد-أن يفعل.
-الفنانة الرائعة مارسيا تيديشي كيف يمكن أن نقدم مارسيا تيديشي كممثلة إلى القراء ؟
- أنا اسمي مارسيا تيديشي ،إيطالية،و ممثلة جادة، قامت بدراسات مهمة للتمكن من مهنتها الفنية، حصلت على الدكتوراه الأولى في الآداب والمسرح من جامعة «لاسبينوزا» بروما ودكتوراه ثانية «Laureat honoris causa» في علم التواصل من جامعة «جمهورية مالطا»، قمت بأنشطة فنية مكثفة عبر العالم، سمحت لي بالاستفادة من الانتشار الفني في الملتقيات والمهرجانات.
أحرزت على دبلوم التخرج بفضل الدراسة والبحث الذين أجريتهما، ولكن أيضا بفضل فيلم الخبز الحافي بأدائي لدور قوي جدا، وبالتمثيل والحضور الجريء في المهرجانات الدولية، عبر العالم بأكمله، أصر أن أكون ملتزمة ، جد ملتزمة في الفن، وفي الحياة الاجتماعية ممثلة تعتني بالحوار و التواصل بين مختلف الثقافات، كما درست واشتغلت كممثلة في انجلترا والولايات المتحدة الامريكية مما سمح لي بصقل موهبتي و أدائي و إغناء تجربتي الفنية التي هي بالتالي حياتي.
-و ماذا عنك كإنسانة ؟
-كإنسانة ،أنا امرأة بكل هشاشتها ووهنها،و اللذين هما في نفس الوقت سر قوتي، عادة، أحب أن أبقى وحيدة، لكي أفكر و لأركز في العمل الذي سأقوم به، غير أنني في جميع الأحوال أحب أصدقائي، كما أحب أن أبحث عن أصدقاء.
- إسمحي لي مارسيا أن أكون صريحا، نحن لا نعرف الشيئ الكثير عنك، كممثلة؟
-( تضحك)لست بعد مشهورة مثل أنجلينا جولي ...ليس بعد..
بعد فيلم « الخبز الحافي»، توصلت بمجموعة رائعة وجميلة من النقد والمقالات حول أدائي الفني، في الدول التي عرض فيها الفيلم ،وكنت قد مثلته في النقاش مع المثقفين و الصحافة، أستطيع أن أقول:إنني كممثلة تعودت على المسرح أو الأدوار التلفزيونية، وأن «الخبز الحافي»، كان فيلمي الأول في السينما و هو من أدخلني إلى العالمية، و من خلال أدائي لهذا الدور حصلت على ثلاثة جوائز كأحسن ممثلة، جائزة أحسن ممثلة في توبيرون الدولي لمهرجان الفيلم بسان فرانسيسكو/ الولايات المتحدة الامريكية، 2006 عن الفيلم «الخبز الحافي»، لمخرجه رشيد بلحاج، مع الممثل المغربي سعيد تغماوي. Best actress 2006 ، Italy- arsizioثم جائزة أحسن ممثلة في مهرجان الفيلم العربي بروردام بهولندا 2006، الأن لدي مشاريع جديدة مهمة، ولكن عادة أرفض السيناريوهات التي لا تروق لي .
- كيف توصلت إلى التوفيق بين حياتك الفنية والخاصة ؟
-فعلا إنها مسألة صعبة جدا، أن نوازن بينهما، ولكن مع مرور الوقت والممارسة نتوصل إلى توازن معين. عندما أشعر أنني مرهقة جدا بسبب عملي، أرتمي في أحضان أسرتي التي كانت وستبقى عشي الدافئ، حتى عندما أشتغل في الخارج، إذا وجدت زملاء متفتحين في الحوار، ومحبين للفن مثلي ،أحس أنني في حضن عائلتي ،عندما ألعب دورا ما وأجري بعدها، حورات صحفية أشعر بارتياح، وأفهم حينها أن مهنتي هي حياتي، كم هو مهم جدا بالنسبة لي أن أدافع عن حب عائلتي أسرتي .
-من دفعك إلى عيش هذه المغامرة الآتية من وسط ليس لك،و سط لا تنتمين اليه بالمرة؟
- لا أحد دفعني إلى حلمي، إنه حلمي، اخترت أن أكون ممثلة منذ أن كان عمري إحدى عشرة سنة، أتذكر بالضبط اللحظة بالذات، عندما كنت بصدد لعب عرض مسرحي للمدرسة بمناسبة نهاية السنة الدراسية، خلال لعبي لهذا العرض عشت تجربة كبيرة، واكتسبت حرفية هامة في التواصل والحوار، و تفاعلت وبجرأة مع الحضور، بينما كانت إحداهن تشجعني داخل القاعة ..لم تكن هذه المرأة إلا إلفيرا، Elvira ، هذه المشاعر قادتني ووجهتني طيلة حياتي الفنية، ماتت عندما كان عمري 8 سنوات. الفيرا ELVIRA كان اسمها، كانت بمثابة جدة بالنسبة لي، في هذا الوقت، بعدما أصبحت في الحادية عشرة قطعت عهدا على نفسي، بعدما اخترت حلمي، إذا حصلت يوما ما على جائزة كافضل ممثلة سوف أهديها إلى الفيرا ELVIRA، وفي السنة الماضية فزت بجائزتي الأولى في سان فرانسيسكو، تيبورون مهرجان الفيلم، واستطعت أن أفي بوعدي الذي قطعته على نفسي وأهديته إلى الفيرا .
-كيف ترين محمد شكري؟أريد أن أقول أسلوبه في كتابة حياته الخاصة ..؟
- في الجامعة الايطالية لا يدرس الاداب العربي القديم، ولا الحديث، لعبي لهذا الدور جعلني، أو سمح لي بمعرفة ثقافة مختلفة عني وعن ثقافتي الغربية الاوروبية،لم تكن هذه الثقافة المختلفة إلا الثقافة العربية، والتي في نفس الوقت جد قريبة إلى ثقافتي لأن كلتا الاثنتان تنتميان إلى البحر الابيض المتوسط ، تعرفي على محمد شكري وكتابه، جعلني أعشق و أغرم بالأدب العربي الحديث، الآن، أنا بصدد قراءة كل كتابات الطاهر بنجلون وكتاب عرب آخرين...أحببت جدا الطريقة الجافة والعنيفة التي استعملها شكري في كتابة و وصف حياته الخاصة و العالم المحيط بها، فالحياة ليست دائما هي الكلمات الجميلة والرقيقة، بالاضافة إلى ذلك، يمكن القول: إن محمد شكري أعطاني الإمكانية لأداء أول دور سينمائي، دور قوي جدا ،ولا ينسى، وأريد هنا أيضا أن أشكر رشيد بلحادج المخرج الجزائري الكبير لفيلم الخبز الحافي، وهو رجل رائع
لقطة من فيلم الخبز الحافي في الصورة الممثلة الإيطالية مارسيا تيديشي و الممثل المغربي سعيد تغماوي
- هل هو أمر طبيعي وعادي،أن تجد نفسك وحيدة وسط ممثلين مغاربيين ؟ و ماهي الصعوبات التي اعترضتكم كممثلة إيطالية و باقي الممثلين الجزائريين والمغاربة؟
- الفنانون، ليس هناك اختلافات كبيرة بينهم، الفنان ليس له أبدا في حياته جذر واحد، والانتماءات المختلفة لا تشكل عائقا، وبالعمل الجماعي تصبح هذه الانتماءات مصدر إغناء يجب استمرار تواجده ،ولهذا أظن أننا نستطيع أن ننجز عدة أفلام بإنتاج مشترك بين مجموعة من الدول ،بهدف التعارف الإبداع المشترك .
ألم تكون اللغة عائقا أمام تواصلكم ؟
اللغة المختلفة ليست-أبدا- عائقا، الاختلاف في العقليات ( الطرق المختلفة لفهم الحياة) هو المشكل.
أتذكر، خلال تصوير الفيلم، أنني سألعب باللغة الإيطالية ،و بعض الفقرات سيلعبها معي سعيد التغماوي وكلها باللغةالعربية، ويتكلم فقط العربية، ومع ذلك استطعت أن أفهم كل شي، فقط عبر الحوار، ولغة عيوننا، التي هي بحق تعبير الروح. ويمكن أن نتفاهم أيضا حتى بالحركات أو تبادل النظرات، وهذه أعتقد أنها لغة عالمية يمكن لكل فنانين العالم فهمها، والتعبير بها واستعمالها وإتقانها.
- كيف وجدت عاصمة البوغاز..مدينة طنجة ؟
-لدي صديق عزيز- و هو بالمناسبة مخرج- قبل إقلاعي في اتجاه مدينة طنجة، أسر لي، أنه مستحيل أن لا أسحر بهذه المدينة الغريبة، والمدهشة، والرائعة، لقد كان محقا، مدينة طنجة وجدتها بمثابة جدة بأحضان مفتوحة، و لكنها في نفس الوقت لا تكشف لك أبدا عن ماضيها، ولكنك تستطيع أن تستنشقه ،هذا الفضاء المحيط بها يطبق عليك ولا يريدك تغادره، حينها تفهم الخيار والإختيار الذي جعل العديد من الفنانين والمثقفين العالميين- مثل بول بولز - الذين استقروا بها ومكثوا للعيش فيها و منهم حتى من قضى فيها ، أتمنى أن أعود إلى طنجة قريبا جدا.
شكرا جزيلا على هذا الحوار.
أجرى الحوار بالفرنسية
وترجمه الى العربية :
أحمد برطيع


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.