نائب رئيس الكنيست الإسرائيلي يدعو إلى قتل الفلسطينيين البالغين بغزة    شرطي يطلق النار في بن سليمان    اتحاد طنجة يسقط أمام نهضة الزمامرة بثنائية نظيفة ويواصل تراجعه في الترتيب    انتخاب محمد انهناه كاتبا لحزب التقدم والاشتراكية بالحسيمة    المؤتمر الاستثنائي "للهيئة المغربية للمقاولات الصغرى" يجدد الثقة في رشيد الورديغي    صدمة كبرى.. زيدان يعود إلى التدريب ولكن بعيدًا عن ريال مدريد … !    بدء أشغال المؤتمر السابع للبرلمان العربي ورؤساء المجالس والبرلمانات العربية بالقاهرة بمشاركة المغرب    اختيار المغرب ضيف شرف المعرض الدولي للفلاحة بباريس يعكس جودة التعاون الثنائي (وزيرة الفلاحة الفرنسية)    حديقة المغرب الملكية في اليابان: رمز للثقافة والروابط العميقة بين البلدين    ألمانيا.. فوز المحافظين بالانتخابات التشريعية واليمين المتطرف يحقق اختراقا "تاريخيا"    تجار سوق بني مكادة يحتجون بعد حصر خسائرهم إثر الحريق الذي أتى على عشرات المحلات    الملك محمد السادس يهنئ سلطان بروناي دار السلام بمناسبة العيد الوطني لبلاده    نجوم الفن والإعلام يحتفون بالفيلم المغربي 'البطل' في دبي    المغربي أحمد زينون.. "صانع الأمل العربي" في نسختها الخامسة بفضل رسالته الإنسانية المُلهمة    الإمارات تكرم العمل الجمعوي بالمغرب .. وحاكم دبي يشجع "صناعة الأمل"    مصرع فتاتين وإصابة آخرين أحدهما من الحسيمة في حادثة سير بطنجة    إسرائيل تنشر فيديو اغتيال نصر الله    الكاتب بوعلام صنصال يبدأ إضرابًا مفتوحا عن الطعام احتجاجًا على سجنه في الجزائر.. ودعوات للإفراج الفوري عنه    انتخاب خالد الأجباري ضمن المكتب الوطني لنقابة الاتحاد المغربي للشغل    مودريتش وفينيسيوس يقودان ريال مدريد لإسقاط جيرونا    هذه هي تشكيلة الجيش الملكي لمواجهة الرجاء في "الكلاسيكو"    لقاء تواصلي بمدينة تاونات يناقش إكراهات قانون المالية 2025    أمن تمارة يوقف 3 أشخاص متورطين في نشر محتويات عنيفة على الإنترنت    تحت الرعاية السامية لصاحب الجلالة الملك محمد السادس : الجمعية المغربية للصحافة الرياضية تنظم المؤتمر 87 للإتحاد الدولي للصحافة الرياضية    المغرب في الصدارة مغاربيا و ضمن 50 دولة الأكثر تأثيرا في العالم    الاعتماد المفرط على الذكاء الاصطناعي يُهدد القدرات المعرفية للمستخدمين    طنجة تتصدر مقاييس التساقطات المطرية المسلجة خلال يوم واحد.. وهذه توقعات الإثنين    مقاييس الأمطار المسجلة بالمغرب خلال ال 24 ساعة الماضية    المغرب ضمن الدول الأكثر تصديرا إلى أوكرانيا عبر "جمارك أوديسا"    نقابة تدعو للتحقيق في اختلالات معهد الحسن الثاني للزراعة والبيطرة    رسالة مفتوحة إلى عبد السلام أحيزون    تقرير.. أزيد من ثلث المغاربة لايستطيعون تناول السمك بشكل يومي    جمال بنصديق يحرز لقب "غلوري 98"    عودة السمك المغربي تُنهي أزمة سبتة وتُنعش الأسواق    حماس تتهم إسرائيل بالتذرع بمراسم تسليم الأسرى "المهينة" لتعطيل الاتفاق    هل الحداثة ملك لأحد؟    مسؤول أمني بلجيكي: المغرب طور خبرة فريدة ومتميزة في مكافحة الإرهاب    لقاء تواصلي بين النقابة الوطنية للصحافة المغربية ووفد صحفي مصري    نجاح كبير لمهرجان ألوان الشرق في نسخته الاولى بتاوريرت    سامية ورضان: حيث يلتقي الجمال بالفكر في عالم الألوان    نزار يعود بأغنية حب جديدة: «نتيا»    متهم بالتهريب وغسيل الأموال.. توقيف فرنسي من أصول جزائرية بالدار البيضاء    فقدان الشهية.. اضطراب خطير وتأثيره على الإدراك العاطفي    الصين تطلق قمرا صناعيا جديدا    رضا بلحيان يظهر لأول مرة مع لاتسيو في الدوري الإيطالي    القوات المسلحة الملكية تساهم في تقييم قدرات الدفاع والأمن بجمهورية إفريقيا الوسطى    القصة الكاملة لخيانة كيليان مبابي لإبراهيم دياز … !    الشاذر سعد سرحان يكتب "دفتر الأسماء" لمشاهير الشعراء بمداد الإباء    المغرب يعود إلى الساعة القانونية    فيروس غامض شبيه ب"كورونا" ينتشر في المغرب ويثير مخاوف المواطنين    في أول ظهور لها بعد سنة من الغياب.. دنيا بطمة تعانق نجلتيها    التخلص من الذباب بالكافيين يجذب اهتمام باحثين يابانيين    رمضان 2025.. كم ساعة سيصوم المغاربة هذا العام؟    على بعد أيام قليلة عن انتهاء الشوط الثاني من الحملة الاستدراكية للتلقيح تراجع نسبي للحصبة وتسجيل 3365 حالة إصابة و 6 وفيات خلال الأسبوع الفارط    اللجنة الملكية للحج تتخذ هذا القرار بخصوص الموسم الجديد    أزيد من 6 ملاين سنتيم.. وزارة الأوقاف تكشف التكلفة الرسمية للحج    الأمير رحيم الحسيني يتولى الإمامة الإسماعيلية الخمسين بعد وفاة والده: ماذا تعرف عن "طائفة الحشاشين" وجذورها؟    التصوف المغربي.. دلالة الرمز والفعل    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



بطلة الخبز الحافي: أعشق الأدب العربي الحديث
نشر في هسبريس يوم 19 - 09 - 2007

الممثلة الايطالية بطلة فيلم الخبز الحافي مارسيا تيديشي في حوار ثقافي شيق مع جريدة الرأي المغربية
‹‹الحياة ليست دائما هي الكلمات الجميلة والرقيقة››...مارسيا تيديشي
ملصق فيلم الخبر الحافي
غالبا ما يصنع الفنانون من الرواية شيئا جميلا،أو يزيدونها جمالا على جمالها، لم تكن حصة رواية كاتبنا الشمالي، القادم من المغرب الأقصى أوفر حظا، بل أن الرواية ذاتها، الجريئة و الخطيرة في نفس الآن، و التي منعت لمدة تزيد عن ثلاثين سنة، كانت مبعدة و منبودة في صفوف التقلييدين و السلطة معا، ولم تصنها إلا أروقة الجامعات و رفوف الطلبة المغضوب عليهم، في فترة ما سمي في المغرب ب «سنوات الرصاص»، هكذا، حتى اختفت تماما من الأذهنة، قبل أن تنبعث من رمادها، بعد الانفتاح المحسوب الذي عرفته الساحة الثقافية المغربية، ليعود معها الوجود الاعتباري للكاتب العظيم محمد شكري من خلال روايته «الخبز الحافي»، و هي عبارة عن سيرة ذاتية للكاتب، تمنى أن يراها فيلما قبل أن يغيبه الثرى، و لكن سبق السيف العدل، قبل أن يخرج الفيلم إلى الوجود، وقبل أن يعرض في القاعات السينيمائة في إطار أيام المهرجان المتوسطي بطنجة، مدينة الكبار،عن هذا الفيلم كان لنا لقاء مع مجموعة من الفنانين من بينهم الفنانة الأنيقة التي صنعها الفيلم، و منحها حظا كبيرا لإبراز قدراتها الفنية، مارسيا تيديشي و أجرينا معها الحوار التالي، الذي كان كله عرفان للكاتب الكبير محمد شكري ،القادم من المغرب الاقصى و لروايته الجريئة «الخبز الحافي» التي ننصح من لم يقرأها بعد-أن يفعل.
-الفنانة الرائعة مارسيا تيديشي كيف يمكن أن نقدم مارسيا تيديشي كممثلة إلى القراء ؟
- أنا اسمي مارسيا تيديشي ،إيطالية،و ممثلة جادة، قامت بدراسات مهمة للتمكن من مهنتها الفنية، حصلت على الدكتوراه الأولى في الآداب والمسرح من جامعة «لاسبينوزا» بروما ودكتوراه ثانية «Laureat honoris causa» في علم التواصل من جامعة «جمهورية مالطا»، قمت بأنشطة فنية مكثفة عبر العالم، سمحت لي بالاستفادة من الانتشار الفني في الملتقيات والمهرجانات.
أحرزت على دبلوم التخرج بفضل الدراسة والبحث الذين أجريتهما، ولكن أيضا بفضل فيلم الخبز الحافي بأدائي لدور قوي جدا، وبالتمثيل والحضور الجريء في المهرجانات الدولية، عبر العالم بأكمله، أصر أن أكون ملتزمة ، جد ملتزمة في الفن، وفي الحياة الاجتماعية ممثلة تعتني بالحوار و التواصل بين مختلف الثقافات، كما درست واشتغلت كممثلة في انجلترا والولايات المتحدة الامريكية مما سمح لي بصقل موهبتي و أدائي و إغناء تجربتي الفنية التي هي بالتالي حياتي.
-و ماذا عنك كإنسانة ؟
-كإنسانة ،أنا امرأة بكل هشاشتها ووهنها،و اللذين هما في نفس الوقت سر قوتي، عادة، أحب أن أبقى وحيدة، لكي أفكر و لأركز في العمل الذي سأقوم به، غير أنني في جميع الأحوال أحب أصدقائي، كما أحب أن أبحث عن أصدقاء.
- إسمحي لي مارسيا أن أكون صريحا، نحن لا نعرف الشيئ الكثير عنك، كممثلة؟
-( تضحك)لست بعد مشهورة مثل أنجلينا جولي ...ليس بعد..
بعد فيلم « الخبز الحافي»، توصلت بمجموعة رائعة وجميلة من النقد والمقالات حول أدائي الفني، في الدول التي عرض فيها الفيلم ،وكنت قد مثلته في النقاش مع المثقفين و الصحافة، أستطيع أن أقول:إنني كممثلة تعودت على المسرح أو الأدوار التلفزيونية، وأن «الخبز الحافي»، كان فيلمي الأول في السينما و هو من أدخلني إلى العالمية، و من خلال أدائي لهذا الدور حصلت على ثلاثة جوائز كأحسن ممثلة، جائزة أحسن ممثلة في توبيرون الدولي لمهرجان الفيلم بسان فرانسيسكو/ الولايات المتحدة الامريكية، 2006 عن الفيلم «الخبز الحافي»، لمخرجه رشيد بلحاج، مع الممثل المغربي سعيد تغماوي. Best actress 2006 ، Italy- arsizioثم جائزة أحسن ممثلة في مهرجان الفيلم العربي بروردام بهولندا 2006، الأن لدي مشاريع جديدة مهمة، ولكن عادة أرفض السيناريوهات التي لا تروق لي .
- كيف توصلت إلى التوفيق بين حياتك الفنية والخاصة ؟
-فعلا إنها مسألة صعبة جدا، أن نوازن بينهما، ولكن مع مرور الوقت والممارسة نتوصل إلى توازن معين. عندما أشعر أنني مرهقة جدا بسبب عملي، أرتمي في أحضان أسرتي التي كانت وستبقى عشي الدافئ، حتى عندما أشتغل في الخارج، إذا وجدت زملاء متفتحين في الحوار، ومحبين للفن مثلي ،أحس أنني في حضن عائلتي ،عندما ألعب دورا ما وأجري بعدها، حورات صحفية أشعر بارتياح، وأفهم حينها أن مهنتي هي حياتي، كم هو مهم جدا بالنسبة لي أن أدافع عن حب عائلتي أسرتي .
-من دفعك إلى عيش هذه المغامرة الآتية من وسط ليس لك،و سط لا تنتمين اليه بالمرة؟
- لا أحد دفعني إلى حلمي، إنه حلمي، اخترت أن أكون ممثلة منذ أن كان عمري إحدى عشرة سنة، أتذكر بالضبط اللحظة بالذات، عندما كنت بصدد لعب عرض مسرحي للمدرسة بمناسبة نهاية السنة الدراسية، خلال لعبي لهذا العرض عشت تجربة كبيرة، واكتسبت حرفية هامة في التواصل والحوار، و تفاعلت وبجرأة مع الحضور، بينما كانت إحداهن تشجعني داخل القاعة ..لم تكن هذه المرأة إلا إلفيرا، Elvira ، هذه المشاعر قادتني ووجهتني طيلة حياتي الفنية، ماتت عندما كان عمري 8 سنوات. الفيرا ELVIRA كان اسمها، كانت بمثابة جدة بالنسبة لي، في هذا الوقت، بعدما أصبحت في الحادية عشرة قطعت عهدا على نفسي، بعدما اخترت حلمي، إذا حصلت يوما ما على جائزة كافضل ممثلة سوف أهديها إلى الفيرا ELVIRA، وفي السنة الماضية فزت بجائزتي الأولى في سان فرانسيسكو، تيبورون مهرجان الفيلم، واستطعت أن أفي بوعدي الذي قطعته على نفسي وأهديته إلى الفيرا .
-كيف ترين محمد شكري؟أريد أن أقول أسلوبه في كتابة حياته الخاصة ..؟
- في الجامعة الايطالية لا يدرس الاداب العربي القديم، ولا الحديث، لعبي لهذا الدور جعلني، أو سمح لي بمعرفة ثقافة مختلفة عني وعن ثقافتي الغربية الاوروبية،لم تكن هذه الثقافة المختلفة إلا الثقافة العربية، والتي في نفس الوقت جد قريبة إلى ثقافتي لأن كلتا الاثنتان تنتميان إلى البحر الابيض المتوسط ، تعرفي على محمد شكري وكتابه، جعلني أعشق و أغرم بالأدب العربي الحديث، الآن، أنا بصدد قراءة كل كتابات الطاهر بنجلون وكتاب عرب آخرين...أحببت جدا الطريقة الجافة والعنيفة التي استعملها شكري في كتابة و وصف حياته الخاصة و العالم المحيط بها، فالحياة ليست دائما هي الكلمات الجميلة والرقيقة، بالاضافة إلى ذلك، يمكن القول: إن محمد شكري أعطاني الإمكانية لأداء أول دور سينمائي، دور قوي جدا ،ولا ينسى، وأريد هنا أيضا أن أشكر رشيد بلحادج المخرج الجزائري الكبير لفيلم الخبز الحافي، وهو رجل رائع
لقطة من فيلم الخبز الحافي في الصورة الممثلة الإيطالية مارسيا تيديشي و الممثل المغربي سعيد تغماوي
- هل هو أمر طبيعي وعادي،أن تجد نفسك وحيدة وسط ممثلين مغاربيين ؟ و ماهي الصعوبات التي اعترضتكم كممثلة إيطالية و باقي الممثلين الجزائريين والمغاربة؟
- الفنانون، ليس هناك اختلافات كبيرة بينهم، الفنان ليس له أبدا في حياته جذر واحد، والانتماءات المختلفة لا تشكل عائقا، وبالعمل الجماعي تصبح هذه الانتماءات مصدر إغناء يجب استمرار تواجده ،ولهذا أظن أننا نستطيع أن ننجز عدة أفلام بإنتاج مشترك بين مجموعة من الدول ،بهدف التعارف الإبداع المشترك .
ألم تكون اللغة عائقا أمام تواصلكم ؟
اللغة المختلفة ليست-أبدا- عائقا، الاختلاف في العقليات ( الطرق المختلفة لفهم الحياة) هو المشكل.
أتذكر، خلال تصوير الفيلم، أنني سألعب باللغة الإيطالية ،و بعض الفقرات سيلعبها معي سعيد التغماوي وكلها باللغةالعربية، ويتكلم فقط العربية، ومع ذلك استطعت أن أفهم كل شي، فقط عبر الحوار، ولغة عيوننا، التي هي بحق تعبير الروح. ويمكن أن نتفاهم أيضا حتى بالحركات أو تبادل النظرات، وهذه أعتقد أنها لغة عالمية يمكن لكل فنانين العالم فهمها، والتعبير بها واستعمالها وإتقانها.
- كيف وجدت عاصمة البوغاز..مدينة طنجة ؟
-لدي صديق عزيز- و هو بالمناسبة مخرج- قبل إقلاعي في اتجاه مدينة طنجة، أسر لي، أنه مستحيل أن لا أسحر بهذه المدينة الغريبة، والمدهشة، والرائعة، لقد كان محقا، مدينة طنجة وجدتها بمثابة جدة بأحضان مفتوحة، و لكنها في نفس الوقت لا تكشف لك أبدا عن ماضيها، ولكنك تستطيع أن تستنشقه ،هذا الفضاء المحيط بها يطبق عليك ولا يريدك تغادره، حينها تفهم الخيار والإختيار الذي جعل العديد من الفنانين والمثقفين العالميين- مثل بول بولز - الذين استقروا بها ومكثوا للعيش فيها و منهم حتى من قضى فيها ، أتمنى أن أعود إلى طنجة قريبا جدا.
شكرا جزيلا على هذا الحوار.
أجرى الحوار بالفرنسية
وترجمه الى العربية :
أحمد برطيع
ملصق فيلم الخبر الحافي
غالبا ما يصنع الفنانون من الرواية شيئا جميلا،أو يزيدونها جمالا على جمالها، لم تكن حصة رواية كاتبنا الشمالي، القادم من المغرب الأقصى أوفر حظا، بل أن الرواية ذاتها، الجريئة و الخطيرة في نفس الآن، و التي منعت لمدة تزيد عن ثلاثين سنة، كانت مبعدة و منبودة في صفوف التقلييدين و السلطة معا، ولم تصنها إلا أروقة الجامعات و رفوف الطلبة المغضوب عليهم، في فترة ما سمي في المغرب ب «سنوات الرصاص»، هكذا، حتى اختفت تماما من الأذهنة، قبل أن تنبعث من رمادها، بعد الانفتاح المحسوب الذي عرفته الساحة الثقافية المغربية، ليعود معها الوجود الاعتباري للكاتب العظيم محمد شكري من خلال روايته «الخبز الحافي»، و هي عبارة عن سيرة ذاتية للكاتب، تمنى أن يراها فيلما قبل أن يغيبه الثرى، و لكن سبق السيف العدل، قبل أن يخرج الفيلم إلى الوجود، وقبل أن يعرض في القاعات السينيمائة في إطار أيام المهرجان المتوسطي بطنجة، مدينة الكبار،عن هذا الفيلم كان لنا لقاء مع مجموعة من الفنانين من بينهم الفنانة الأنيقة التي صنعها الفيلم، و منحها حظا كبيرا لإبراز قدراتها الفنية، مارسيا تيديشي و أجرينا معها الحوار التالي، الذي كان كله عرفان للكاتب الكبير محمد شكري ،القادم من المغرب الاقصى و لروايته الجريئة «الخبز الحافي» التي ننصح من لم يقرأها بعد-أن يفعل.
-الفنانة الرائعة مارسيا تيديشي كيف يمكن أن نقدم مارسيا تيديشي كممثلة إلى القراء ؟
- أنا اسمي مارسيا تيديشي ،إيطالية،و ممثلة جادة، قامت بدراسات مهمة للتمكن من مهنتها الفنية، حصلت على الدكتوراه الأولى في الآداب والمسرح من جامعة «لاسبينوزا» بروما ودكتوراه ثانية «Laureat honoris causa» في علم التواصل من جامعة «جمهورية مالطا»، قمت بأنشطة فنية مكثفة عبر العالم، سمحت لي بالاستفادة من الانتشار الفني في الملتقيات والمهرجانات.
أحرزت على دبلوم التخرج بفضل الدراسة والبحث الذين أجريتهما، ولكن أيضا بفضل فيلم الخبز الحافي بأدائي لدور قوي جدا، وبالتمثيل والحضور الجريء في المهرجانات الدولية، عبر العالم بأكمله، أصر أن أكون ملتزمة ، جد ملتزمة في الفن، وفي الحياة الاجتماعية ممثلة تعتني بالحوار و التواصل بين مختلف الثقافات، كما درست واشتغلت كممثلة في انجلترا والولايات المتحدة الامريكية مما سمح لي بصقل موهبتي و أدائي و إغناء تجربتي الفنية التي هي بالتالي حياتي.
-و ماذا عنك كإنسانة ؟
-كإنسانة ،أنا امرأة بكل هشاشتها ووهنها،و اللذين هما في نفس الوقت سر قوتي، عادة، أحب أن أبقى وحيدة، لكي أفكر و لأركز في العمل الذي سأقوم به، غير أنني في جميع الأحوال أحب أصدقائي، كما أحب أن أبحث عن أصدقاء.
- إسمحي لي مارسيا أن أكون صريحا، نحن لا نعرف الشيئ الكثير عنك، كممثلة؟
-( تضحك)لست بعد مشهورة مثل أنجلينا جولي ...ليس بعد..
بعد فيلم « الخبز الحافي»، توصلت بمجموعة رائعة وجميلة من النقد والمقالات حول أدائي الفني، في الدول التي عرض فيها الفيلم ،وكنت قد مثلته في النقاش مع المثقفين و الصحافة، أستطيع أن أقول:إنني كممثلة تعودت على المسرح أو الأدوار التلفزيونية، وأن «الخبز الحافي»، كان فيلمي الأول في السينما و هو من أدخلني إلى العالمية، و من خلال أدائي لهذا الدور حصلت على ثلاثة جوائز كأحسن ممثلة، جائزة أحسن ممثلة في توبيرون الدولي لمهرجان الفيلم بسان فرانسيسكو/ الولايات المتحدة الامريكية، 2006 عن الفيلم «الخبز الحافي»، لمخرجه رشيد بلحاج، مع الممثل المغربي سعيد تغماوي. Best actress 2006 ، Italy- arsizioثم جائزة أحسن ممثلة في مهرجان الفيلم العربي بروردام بهولندا 2006، الأن لدي مشاريع جديدة مهمة، ولكن عادة أرفض السيناريوهات التي لا تروق لي .
- كيف توصلت إلى التوفيق بين حياتك الفنية والخاصة ؟
-فعلا إنها مسألة صعبة جدا، أن نوازن بينهما، ولكن مع مرور الوقت والممارسة نتوصل إلى توازن معين. عندما أشعر أنني مرهقة جدا بسبب عملي، أرتمي في أحضان أسرتي التي كانت وستبقى عشي الدافئ، حتى عندما أشتغل في الخارج، إذا وجدت زملاء متفتحين في الحوار، ومحبين للفن مثلي ،أحس أنني في حضن عائلتي ،عندما ألعب دورا ما وأجري بعدها، حورات صحفية أشعر بارتياح، وأفهم حينها أن مهنتي هي حياتي، كم هو مهم جدا بالنسبة لي أن أدافع عن حب عائلتي أسرتي .
-من دفعك إلى عيش هذه المغامرة الآتية من وسط ليس لك،و سط لا تنتمين اليه بالمرة؟
- لا أحد دفعني إلى حلمي، إنه حلمي، اخترت أن أكون ممثلة منذ أن كان عمري إحدى عشرة سنة، أتذكر بالضبط اللحظة بالذات، عندما كنت بصدد لعب عرض مسرحي للمدرسة بمناسبة نهاية السنة الدراسية، خلال لعبي لهذا العرض عشت تجربة كبيرة، واكتسبت حرفية هامة في التواصل والحوار، و تفاعلت وبجرأة مع الحضور، بينما كانت إحداهن تشجعني داخل القاعة ..لم تكن هذه المرأة إلا إلفيرا، Elvira ، هذه المشاعر قادتني ووجهتني طيلة حياتي الفنية، ماتت عندما كان عمري 8 سنوات. الفيرا ELVIRA كان اسمها، كانت بمثابة جدة بالنسبة لي، في هذا الوقت، بعدما أصبحت في الحادية عشرة قطعت عهدا على نفسي، بعدما اخترت حلمي، إذا حصلت يوما ما على جائزة كافضل ممثلة سوف أهديها إلى الفيرا ELVIRA، وفي السنة الماضية فزت بجائزتي الأولى في سان فرانسيسكو، تيبورون مهرجان الفيلم، واستطعت أن أفي بوعدي الذي قطعته على نفسي وأهديته إلى الفيرا .
-كيف ترين محمد شكري؟أريد أن أقول أسلوبه في كتابة حياته الخاصة ..؟
- في الجامعة الايطالية لا يدرس الاداب العربي القديم، ولا الحديث، لعبي لهذا الدور جعلني، أو سمح لي بمعرفة ثقافة مختلفة عني وعن ثقافتي الغربية الاوروبية،لم تكن هذه الثقافة المختلفة إلا الثقافة العربية، والتي في نفس الوقت جد قريبة إلى ثقافتي لأن كلتا الاثنتان تنتميان إلى البحر الابيض المتوسط ، تعرفي على محمد شكري وكتابه، جعلني أعشق و أغرم بالأدب العربي الحديث، الآن، أنا بصدد قراءة كل كتابات الطاهر بنجلون وكتاب عرب آخرين...أحببت جدا الطريقة الجافة والعنيفة التي استعملها شكري في كتابة و وصف حياته الخاصة و العالم المحيط بها، فالحياة ليست دائما هي الكلمات الجميلة والرقيقة، بالاضافة إلى ذلك، يمكن القول: إن محمد شكري أعطاني الإمكانية لأداء أول دور سينمائي، دور قوي جدا ،ولا ينسى، وأريد هنا أيضا أن أشكر رشيد بلحادج المخرج الجزائري الكبير لفيلم الخبز الحافي، وهو رجل رائع
لقطة من فيلم الخبز الحافي في الصورة الممثلة الإيطالية مارسيا تيديشي و الممثل المغربي سعيد تغماوي
- هل هو أمر طبيعي وعادي،أن تجد نفسك وحيدة وسط ممثلين مغاربيين ؟ و ماهي الصعوبات التي اعترضتكم كممثلة إيطالية و باقي الممثلين الجزائريين والمغاربة؟
- الفنانون، ليس هناك اختلافات كبيرة بينهم، الفنان ليس له أبدا في حياته جذر واحد، والانتماءات المختلفة لا تشكل عائقا، وبالعمل الجماعي تصبح هذه الانتماءات مصدر إغناء يجب استمرار تواجده ،ولهذا أظن أننا نستطيع أن ننجز عدة أفلام بإنتاج مشترك بين مجموعة من الدول ،بهدف التعارف الإبداع المشترك .
ألم تكون اللغة عائقا أمام تواصلكم ؟
اللغة المختلفة ليست-أبدا- عائقا، الاختلاف في العقليات ( الطرق المختلفة لفهم الحياة) هو المشكل.
أتذكر، خلال تصوير الفيلم، أنني سألعب باللغة الإيطالية ،و بعض الفقرات سيلعبها معي سعيد التغماوي وكلها باللغةالعربية، ويتكلم فقط العربية، ومع ذلك استطعت أن أفهم كل شي، فقط عبر الحوار، ولغة عيوننا، التي هي بحق تعبير الروح. ويمكن أن نتفاهم أيضا حتى بالحركات أو تبادل النظرات، وهذه أعتقد أنها لغة عالمية يمكن لكل فنانين العالم فهمها، والتعبير بها واستعمالها وإتقانها.
- كيف وجدت عاصمة البوغاز..مدينة طنجة ؟
-لدي صديق عزيز- و هو بالمناسبة مخرج- قبل إقلاعي في اتجاه مدينة طنجة، أسر لي، أنه مستحيل أن لا أسحر بهذه المدينة الغريبة، والمدهشة، والرائعة، لقد كان محقا، مدينة طنجة وجدتها بمثابة جدة بأحضان مفتوحة، و لكنها في نفس الوقت لا تكشف لك أبدا عن ماضيها، ولكنك تستطيع أن تستنشقه ،هذا الفضاء المحيط بها يطبق عليك ولا يريدك تغادره، حينها تفهم الخيار والإختيار الذي جعل العديد من الفنانين والمثقفين العالميين- مثل بول بولز - الذين استقروا بها ومكثوا للعيش فيها و منهم حتى من قضى فيها ، أتمنى أن أعود إلى طنجة قريبا جدا.
شكرا جزيلا على هذا الحوار.
أجرى الحوار بالفرنسية
وترجمه الى العربية :
أحمد برطيع


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.