في هذا العمود بالذات، تطرقت، في عدد الجريدة المؤرخ في 11 مارس، إلى رواية الطاهر بن جلون حول سياقات وظروف تعرفه على محمد شكري وترجمته ل «الخبز الحافي». وقد نقلت عن صاحب جائزة الغونكور قوله بأن محمد برادة قدم له، في نهاية السبعينيات، محمد شكري، محفزا إياه على قراءة «الخبز الحافي» وترجمتها إلى الفرنسية. وحسب بن جلون دائما، فشكري لم يكن يتوفر، حينها، على مخطوط الكتاب كاملا باللغة العربية، كما أن ترجمة الرواية إلى الإنجليزية من طرف بول بولز قد تمت اعتمادا على مجرد الحكي الشفوي. لكن، وفق بن جلون دائما، وابتداء من اليوم الموالي للقائه بشكري، زوده هذا الأخير بحوالي عشرة صفحات، وهكذا، يضيف مؤلف «موحا المجنون، موحا الحكيم»: «قضيت ستة شهور مع شكري نعمل انطلاقا من أوراق منفصلة كان يزودني بها بالتتابع». رواية الطاهر بن جلون هذه، التي عربتها انطلاقا من مقال له بأسبوعية «تيل كيل»، لفتت نظر الناقد والمبدع محمد برادة حين قراءته للعمود نظرا لكونها تتعلق «بالتأريخ لبعض الأحداث الثقافية في المغرب المعاصر». وقد حملت رسالة إلكترونيه رقيقة منه توضيحات جد مفيدة حول الموضوع، وقد ورد فيها من بين ما ورد حول مواضيع أخرى: «الشيء الثاني ورد في مقال عاهد سعيد عن ما رواه بنجلون عن «الخبز الحافي»، لأن الطاهر لم يرو كل التفاصيل التي أرجو من عاهد أن يستدركها : خلال مؤتمر الرواية العربية الذي نظمه اتحاد كتاب المغرب في فاس عام 1979، وكنت المشرف عليه، دعوت شكري للمشاركة لأنه كان قد أعطاني مخطوط روايته كاملا وكنت نشرتُ منه فصلا في آفاق بعد انتخابي رئيسا للاتحاد سنة 1976، وفي تلك الأثناء سلمت نسخة من «الخبز الحافي» إلى سهيل إدريس الذي كان معنا، ولكنه أعادها إلي بعد 3 أشهر معتذرا عن نشرها بسبب جرأتها. وبعد انتهاء مؤتمر فاس، كتب بنجلون عمودا في صحيفة «لوموند» يشير إلى أهمية اللقاء، ويصف شكري بأنه كاتب أمّي على غرار الشرادي صاحب «حياة مليئة بالثقوب» التي كان قد نشرها بولز، ولما قرأ شكري هذا الكلام غضب واتصل بي محتجا، فاتصلتُ بالطاهر وفسرتُ له حقيقة الأمر وأن النص موجود وما عليه سوى أن يقرأه وقد يغريه بالترجمة لأهميته... وهكذا بدأ اللقاء بينهما في طنجة وآل إلى ترجمة الخبز الحافي». أجل، إن توضيحات الاستاذ محمد برادة جد ثمينة، ولذا ارتأيت تعميمها على القراء، مثلما هي شهادة للتاريخ سيحتاجها، بدون شك، كل من سيبتغي، يوما، كتابة تاريخ حقيقي للأدب المغربي، كتابة نحن في حاجة ماسة لها لأن «الآلهة بمفردها تستطيع العيش دون ذاكرة».