الساعة تشير إلى الخامسة صباحا من يوم الجمعة الذي يصادف السوق الأسبوعي بجماعة كيسر نواحي سطات؛ بدأ بّا الكبير بنصب خيمة كبيرة استغرقت ساعة لتجهيزها بالكراسي المصنوعة من البلاستيك والحصير البالي القديم. عند الانتهاء منها يجلس بجانب مقلاة كبيرة ينتظره صديقه ورفيق دربه بّا العربي؛ كلاهما يلقب ب"السفناج" و "السفناجية". وفي حديث لبّا الكبير مع هسبريس قال إنه يمارس مهنة صناعة الإسفنج لأكثر من خمسين سنة بمجموعة من الأسواق القروية بجهة الشاوية ورديغة، حرفة تعلمها أبًا عن جدّ، وما هي إلا بضع دقائق حتى تجمع حوله عشرات من المواطنين يريدون شراء السفنج، وأضاف بأنه لا يعرف سبب تسميته بذلك. بّا الكبير ليس وحده الذي يبيع الإسفنج بجمعة كيسر، فهناك العديد ممن يمارسون بيع هذه الأكلة المغربية الشعبية القديمة التي بدت معالم زوالها تلوح في الأفق، كما أن أغلب مزاوليها من كبار السن والعجزة. وبالرجوع إلى كتب التاريخ فصناعة السفنج في المغرب تعود إلى ما قبل عهد المرينيين أي قبل سنة 1280 ميلادية. وأبرزَ با الكبير أن أنواع الإسفنج محصورة بين السفنج العادي، والسفنجة المطفية، وهي التي يضغط عليها "السفانجي" بيده بعد أن تنضج ثم يعيدها للقلي مرة ثانية، فيتقلص بذلك العجين النيئ داخلها. وهناك أيضا السفنجة المطفية بالبيض، وهي اسفنجة تدق بعد طهيها ويضاف فوقها محتوى بيضة، ويعاد قليها، ورغم تواتر العديد من الحكايات التي تتهم السفانجي بعجنه بواسطة الأرجل وبقليه في زيت قديم "فإن هذه الأكلة لازال هناك من يعشقها"، يضيف با الكبير . وفي تصريح أدلى به مصدر طبي حول هذه الأكلة الشعبية، اعتبرها مضرة بالصحة لكثرة الزيوت التي تكون مشبعة بها، بالإضافة إلى قليها أحيانا في زيوت قديمة ومسمومة قد تكون مسرطنة، داعيا متناوليها إلى عدم شرائها لأخطارها الصحية على المستهلك.