أثار نقاش علاقة الثروة بالسلطة في المغرب في مهرجان الشبيبة الاستقلالية الثالث للشباب والطلبة بمدينة مكناس، نقاشات مستفيضة بين العديد من الأكاديميين والسياسيين، دفعت محمد مدني، أستاذ العلوم السياسية والاقتصادية بجامعة الرباط، إلى المطالبة بحدود واضحة بينهما وخصوصا على مستوى المؤسسة الملكية. وخلال توضيحه للعلاقة بين الثروة والسياسة من جهة، وبينها وبين الديمقراطية من جهة أخرى، قال مدني إن "في المغرب نوع من الحكامة السلطوية التي صاغها الملك الحسن الثاني والتي لم يتم مراجعتها بعد وفاته"، موضحا أن هذه "السلطوية هي حصر المجال السياسي في إطار تعددية محدودة تجعل من المجتمع غير قادر على إعادة النظر في القرارات التي تتخذها القيادة". وتابع المتحدث تحليله بالقول إن "اشتغال السلطوية على أساس المبدأ السياسي يقوم على إدماج الموالين ممن يقدم الولاء"، داعيا في هذا الاتجاه إلى ضرورة رسم حدود واضحة للسلطة الحاكمة، وهذه غير متوفرة في النظام المغربي"، على حد قول مدني. "السلطة في المغرب تتغذى من ثقافة المجتمع في بعدها الإسلامي والمخزني"، يقول مدني الذي أوضح "أن ما يميز السلطوية المغربية أنها تجعل المواطن يعتقد أنها استمرار للمخزن العتيق، والأصل في الواقع هو استمرار السلطوية". ونبه أستاذ العلوم السياسية إلى أن "هناك خلط مستمر بين المجال الخاص والمجال العام في المغرب"، مشيرا إلى "مستوى السلطة التنفيذية التي تعتمد حسب نفس المتحدث على "نمط حكم قائم الزبونية وعملية تبرز في مجال التعيين في الإدارة، حيث يتم تعيين أشخاص موالين وخدام للنظام السياسي لتوسيع قاعدته". وقال مدني في هذا الاتجاه إن "الخلط بين السلطات يؤدي إلى غياب المحاسبة وبالتالي تغييب تحديد المسؤوليات"، مبرزا أن هذا الأمر يعطينا قاعدة أن "الجميع مسؤول ولا أحد يحاسب على ما تم ارتكابه". وحول مطالب حركة عشرين فبراير ضمن شعاراتها بفصل الثروة عن السلطة، أكد مدني على ضرورة ربط الثروة بالأخلاق والفضيلة، وبالتالي تحقيق المصلحة العامة، مشيرا إلى "أهمية رسم حدود واضحة بين الأنشطة الاقتصادية والسلطة". ولفت أستاذ العلوم السياسية والاقتصادية إلى أن "ما يطرح في هذا الشعار يقوم على ضرورة أن لا يتم خلط السياسة على المستويات العليا والأنشطة الاقتصادية، وخصوصا الدوائر المقربة من المؤسسة الملكية". وأوضح مدني أن "المجال الاقتصادي في كل مجتمع ليس معزولا عن المجالات الأخرى بما فيها المجال الديني والأخلاقي"، مبرزا أن "المشروعية الاقتصادية يجب إعادة النظر فيها لأن الحاكم المشروع هو الذي يستمد مشروعيته من عمله ومجهودهم لتوزيع الثروة وتوفير العيش الكريم للمواطنين".