اهتمت جل الصحف الاوروبية، الصادرة اليوم الثلاثاء، بصفة خاصة، بتدهور الأوضاع في أوكرانيا على خلفية انسحاب الجيش الاوكراني من بعض المواقع الاستراتيجية لصالح الانفصاليين، و بقرار ألمانيا القاضي بتسليم السلاح لأكراد العراق لمقاومة تقدم عناصر تنظيم "الدولة الاسلامية". ففي بلجيكا ركزت الصحف بصفة أساسية على ميزان القوى بين روسيا والغرب في أوكرانيا، حيث كتبت صحيفة "لا ليبر بلجيك" أن أوكرانيا تدعو الاتحاد الأوروبي إلى تزويدها بالسلاح، بينما الاتحاد الأوروبي يظن أنه بالإمكان التوصل إلى حل تفاوضي، في حين أن الاستراتيجية الروسية هي إقناع أعضاء الاتحاد بالضغط على كييف لقبول أسوأ حل لحفظ السلام وهو وقف إطلاق النار. وبحسب الصحيفة، فإن الاتفاق على وقف إطلاق نار فوري وغير مشروط، كما دعا إليه الرئيس الروسي فلاديمير بوتين، هو بمثابة قبول بتشكيل دولة زائفة جديدة على حدود روسيا، على غرار ترانسنيستريا (مولدوفا) أو أبخازيا وأوسيتيا الجنوبية (جورجيا)، مع نشر ما يسمى بقوات روسية لحفظ السلام . وفي الموضوع نفسه كتبت صحيفة "لا ديرنيير أور" أن موسكو بدأت تؤدي الثمن الاقتصادي للعقوبات التي اتخذها الغرب ضدها، حيث يبدو اقتصادها مترهلا وعملتها لا تساوي فلسا غير أن بوتين لا يزال لديه سلاح رئيسي إنه الوقت. وأضافت الصحيفة أنه مع ذلك فإن مسألة الوقت تعمل لصالح الغرب أكثر من روسيا، لكنه يبقى من الضروري إقناع الرأي العام، في إشارة إلى ردود فعل بعض أعضاء الاتحاد الأوروبي من الرد الروسي على العقوبات الاوروبية. وأشارت صحيفة "لوسوار"، من جهتها، إلى أن قرار حلف شمال الأطلسي بوضع خطة عمل لنشر قوة متعددة الجنسيات في وقت قصير جدا كان الدافع وراءه هو التهديد الروسي الذي أصبح يشعر به جيرانه من أعضاء الحلف الأطلسي. وأكدت الصحيفة أن الأزمة الأوكرانية جعلت حلف (الناتو) يراجع خططه بخصوص سرعة رد فعل خلال الأزمات، مشيرة إلى أن قوى الردع التابعة للحلف يمكن أن تكون قادرة على التدخل في غضون 48 ساعة. وفي إسبانيا، اهتمت الصحف بقرار ألمانيا القاضي بتسليم أسلحة للأكراد في العراق لوقف تقدم تنظيم "الدولة الإسلامية" في هذا البلد. وكتبت صحيفة " الموندو"، أن ألمانيا ستقدم الأسلحة للأكراد بصفة استثنائية لمواجهة هجومات تنظيم "الدولة الاسلامية" خاصة في شمال البلاد، مشيرة إلى أن المستشارة الألمانية أنجيلا ميركل غيرت موقفها بعد أن كانت ترفض فكرة منح المساعدات العسكرية للاكراد. وأضافت الصحيفة أنه من المتوقع أن تكون ميركيل قد عرضت تفاصيل خطتها أمام البرلمان لتقديم أسلحة إلى قوات البشمركة الكردية لمواجهة تنظيم "الدولة الإسلامية" لنيل موافقة الأحزاب السياسية. وفي السياق نفسه كتبت صحيفة "إلباييس" أن برلين عبرت عن استعدادها لتسليم أول دفعة من الاسلحة، وهي عبارة عن 30 صاروخا مضادا للدبابات، وآلاف البنادق الهجومية للاكراد في العراق، مبرزة أن "تقدم إرهابيي الدولة الاسلامية في العراق رغم الهجمات الأمريكية يثير قلق البلدان الغربية". أما صحيفة " لاراثون" فأكدت أنه بهذا القرار، تكسر ميركل أحد المحرمات التي تحظر توريد الأسلحة إلى جماعة أو منطقة تشهد صراعا مسلحا، مشيرة إلى أن هذا الموقف يمثل تغييرا "جذريا" في السياسة الخارجية لبرلين، التي كانت تميل دائما نحو السبل السلمية لحل النزاعات، وأنه خلف جدلا حادا في ألمانيا. وفي بولونيا، ركزت الصحف كذلك على الوضع المتدهور في أوكرانيا، حيث اتخذت الحرب منعطفا جديدا مع انسحاب القوات الأوكرانية من بعض المناطق الاستراتيجية شرق البلاد لصالح الانفصاليين الموالين لروسيا. وأثارت صحيفة "ريسبوبليكا"، في هذا السياق، انسحاب الجيش الأوكراني من بعض المناطق الاستراتيجية قرب دونيتسك ووغانسك مدفوعا الى ذلك من قبل الانفصاليين المدعومين من قبل الجيش الروسي، مما يثير مخاوف السلطات الأوكرانية من اندلاع حرب مفتوحة مع روسيا. وأضافت الصحيفة أن الدبابات الروسية تدعم المتمردين الذين سيطروا على مناطق واسعة في شرق البلاد، في الوقت الذي يتهم الرئيس الأوكراني بيترو بوروشينكو روسيا بشن أعمال عدوانية ضد بلاده. واستنكرت الصحيفة رفض حلف شمال الاطلسي إلغاء الاتفاق الذي وقعه الحلف مع روسيا عام 1997 على الرغم من إلحاح بولونيا التي تدعو لإنهاء هذا الاتفاق حتى تعود روسيا الى رشدها. وكتبت صحيفة " لاغازيت إليكتورال" تحت عنوان " نهاية عملية مكافحة الإرهاب في كييف وبداية حرب مفتوحة بين روسياوأوكرانيا"، مشيرة الى انتكاسات الجيش الاوكراني الذي تنازل عن مواقع استراتيجية لصالح المتمردين الذين تدعمهم روسيا. وذكرت أن كل المؤشرات تدل على أن روسيا لا تعير أي اهتمام لمواقف الولاياتالمتحدة، ولا للاتحاد الأوروبي أو حلف شمال الأطلسي إلى درجة أنها تستعد لفرض الامر الواقع في هذا النزاع الذي من المتوقع أن يطول أمده والذي يدفع المدنيون ثمنه الباهظ. وفي فرنسا ركزت الصحف بدورها على التطورات الأخيرة للوضع في شرق أوكرانيا، الذي تحدث الرئيس الروسي عن منحه "وضع الدولة". وفي هذا السياق كتبت صحيفة (لوموند) أن رد فعل الرئيس بوتين لم يتأخر، مضيفة أنه في الوقت الذي يعتزم فيه الاتحاد الأوروبي فرض عقوبات جديدة على روسيا، ومع اقتراب موعد مؤتمر حلف (الناتو) يومي رابع وخامس شتنبر ببلاد الغال، والذي من المقرر أن يهمين عليه الوضع في أوكرانيا، انطلق الرئيس بوتين في مزايدات من خلال حديثه لأول مرة عن منح "وضع الدولة" للمناطق الشرقية لاوكرانيا. وقالت الصحيفة إن هذا التصريح غير مقبول من لدن سلطات كييف ذلك انه يدعو الى تفكيك الدولة الأوكرانية، وينم عن نية في ضم جزء آخر من التراب الذي يحتله المتمردون الموالون لروسيا، مشيرة الى أن خرجة بوتين هذه لا ينبغي الاستخفاف بها، ذلك ان الرئيس الروسي سبق له في مارس الماضي ان ضم بالقوة شبه جزيرة القرم . من جهتها اعتبرت صحيفة (لاكروا) أن بوتين وجه رسالة لكل الذين لازالت تنتابهم الشكوك، فروسيا لن تكتفي بضم القرم، كتعويض عن فقدان تحكمها في أوكرانيا، متسائلة عن كيفية الرد بفعالية على استفزازات موسكو. من جانبها، أكدت صحيفة (ليبراسيون) أنه ليس أمام أوكرانيا سوى تنظيم دفاعها الذاتي في مواجهة الضغط الروسي والتردد الأوروبي. وفي هولندا، لا يزال الوضع في أوكرانيا يشكل الموضوع الرئيسي للصحف المحلية، حيث كتبت صحيفة " فولكس كرانت" أن قوات كييف تستمر في التراجع أمام المتمردين بعد انسحابها دون مقاومة من مطار لوغانسك، مضيفة أن الجيش الأوكراني يتهم موسكو بحشد قواتها التي ساهمت في خسارة الجيش الاوكراني لمساحات واسعة لصالح الانفصاليين. وقالت إنه مع احتدام القتال في شرق أوكرانيا، تواصل مجموعة الاتصال التي تضم روسياوأوكرانيا ومنظمة الأمن والتعاون جهودها لإيجاد حل للصراع. ونقلت صحيفة " إن إر سي" أصداء تحذيرات السياسيين الأوكرانيين والأوروبيين من اندلاع حرب أوسع على أبواب أوروبا، الذي ستودي بآلاف القتلى، كما قال وزير الدفاع في أوكرانيا. وأوردت الصحيفة تصريح الرئيس الألماني بأن موسكو أنهت فعليا شراكتها مع أوروبا من خلال مساهمتها في تأجيج الصراع في أوكرانيا. وفي روسيا واصلت الصحف التطرق الى موضوع تراجع سعر صرف الروبل امام العملات الاجنبية. وذكرت ان الدولار الامريكي استعاد في بورصة موسكو أمس الاثنين الحد الأقصى التاريخي في مجال صرفه بالنسبة للروبل، ووصل سعر الدولار الواحد الى 37,51 روبل وتخطى سعر صرف الأورو الحد الذي حققه في بداية ماي الماضي وبلغ سعر صرفه 49,13 روبل. وذكرت صحيفة (روسيسكايا غازيتا) ان "السبب الرئيسي لتباطؤ وتيرة النمو الاقتصادي في روسيا هو تقلص حجم الواردات وكذلك التأثير السلبي للعوامل الجيوسياسية". ونقلت صحيفة (نوفيه ازفيستيا)، من جهتها، عن الكسندر ابراموف البروفيسور في مدرسة الاقتصاد العليا قوله "إن سبب ارتفاع سعر صرف الدولار والأورو في الاسبوع الاخير كان رد فعل متوتر من جانب السوق على الانباء السيئة، حيث تصادف حدوث امرين ، فرض عقوبات جديدة على روسيا وقيام المصرف المركزي بتوسيع حدود تذبذب اسعار صرف العملات الأجنبية". من جانبها، نقلت صحيفة (كوميرسانت) عن رئيس قسم التجارة في الاسواق النقدية واسواق العملات الاجنبية في مصرف( كريدي سويس موسكو)، دميتري سينيتسين، أن "سبب ارتفاع سعر الدولار مقابل الروبل يرتبط بنقص العملات الصعبة في السوق، بحيث لم يعد يوجد الحد الكافي من العملات الصعبة لدى المصارف والزبائن بسبب تقلص الاستقراض الخارجي". وذكرت صحيفة (نيزافيسمايا غازيتا) بأن السيناريو الاساسي المتوقع هو تعزيز سعر صرف الروبل في حدود 35و36 روبلا لقاء الدولار. وعلى الارجح ستضطر دول الغرب وروسيا الى الابتعاد عن "حرب وسباق القيود" مع العودة بشكل تدريجي إلى طريق الخروج من الازمة، لأن ذلك يهم غالبية الدول الداخلة في هذه المواجهة، مشيرة الى أن كل ذلك سيسمح للروبل باستعادة بعض عافيته".