بدأت تمارين عسكرية بقيادة أمريكية في أوكرانيا، أمس الاثنين، فيما تواصلت المعارك في الشرق المتوتر بين القوات الحكومية والمتمردين الموالين لروسيا رغم الاتفاق على وقف لإطلاق النار قبل 10 ايام. اتفاق وقف إطلاق النار خطوة أولى للتوصل إلى اتفاق سلام طويل المدى أفيد عن سقوط قتلى مدنيين، أول أمس الأحد، في قصف عنيف في معقل الانفصاليين دونيستك في شرق أوكرانيا، حيث اتهمت كييف الانفصاليين بتهديد الهدنة عبر تكثيف الهجمات على مواقع حكومية. وتضامنا مع القيادة الموالية للغرب في كييف، بدأ جنود 15 دولة من بينها الولاياتالمتحدة تمارين "ترايدنت السريع 14" العسكرية قرب مدينة لفيف الغربية الاثنين، على بعد حوالي ألف كلم من دونيتسك. ومن المقرر أن ترسل الولاياتالمتحدة 200 جندي، في انتشار هو الأول من نوعه منذ اندلاع التمرد الموالي لروسيا في شرق أوكرانيا في أبريل الماضي. وصرح وزير الدفاع فاليري غيليتي، أول أمس الأحد، أن دول الحلف الأطلسي تزود أوكرانيا بالسلاح، رغم نفي هذه المعلومات سابقا. لكن مسؤولا في الحلف أكد أن ليس بوسعه تأكيد هذه المعلومات أو نفيها "نظرا إلى أن أي تسليم مماثل يجري على مستوى ثنائي". غير أن قادة أوكرانيا الجدد أكدوا رغبتهم في اتخاذ خطوات للانضمام إلى الحلف العسكري الغربي، ما يشكل خطا أحمر للقيادة الروسية. وبسبب النزاع في شرق أوكرانيا الصناعي بلغت العلاقات بين روسيا والغرب أدنى مستوياتها منذ الحرب الباردة وأثارت احتمال مواجهة أكثر اتساعا على حدود أوروبا الشرقية. في 5 شتنبر، أبرم الطرفان المتحاربان اتفاقا لوقف إطلاق النار من 12 نقطة في العاصمة البيلاروسية مينسك، لكن تقارير يومية تشير إلى انتهاكات للهدنة. وأعرب الرئيس الأوكراني بترو بوروشنكو والمستشارة الألمانية إنغيلا ميركل في اتصال هاتفي في وقت متأخر، أول أمس الأحد، عن "القلق" حيال هذه الانتهاكات، على ما أعلن مكتبه. كما أكد أن ميركل أيدت خطط بوروشنكو لإقرار تشريعات في البرلمان تمنح حكما ذاتيا محدودا للمناطق الشرقية التي تعتبر سندا اقتصاديا لأوكرانيا، وهي نقطة أساسية في اتفاق وقف إطلاق النار. وأكدت منظمة الأمن والتعاون في أوروبا التي رعت إبرام الاتفاق أن مراقبيها شهدوا قصفا في منطقة دونيتسك الأحد حيث قتل عدد من الأشخاص. كما أعلن مجلس مدينة دونيتسك عن مقتل ستة مدنيين دون تفاصيل إضافية. وصرح المتحدث باسم مجلس الأمن القومي والدفاع في كييف فولوديمير بوليوفي أن "أعمال الإرهاب تهدد تحقيق خطة السلام التي وضعها الرئيس الأوكراني". كما انتقد تصريحات اثنين من قادة المتمردين كانا وقعا اتفاق الهدنة لكنهما أعلنا الأحد أنهما مجرد "مراقبين" في المحادثات. وازدادت حدة المعارك أول أمس الأحد قرب مطار دونيتسك حيث أعلن الجيش الأوكراني أنه صد هجوما للمتمردين الجمعة الماضي. لكن الانفصاليين اتهموا كييف بعدم وقف إطلاق النار. وصرح قيادي متمرد على حاجز قرب قرية جنوب دونيتسك "من جهتنا لا أحد يطلق النار، لكنهم يخرقون القوانين، الجميع حول العالم يعلمون ذلك". واعتبر اتفاق وقف إطلاق النار خطوة أولى للتوصل إلى اتفاق سلام طويل المدى لإنهاء نزاع أدى إلى مقتل أكثر من 2700 شخص ونزوح نصف مليون على الأقل من المدن والبلدات المدمرة شرق أوكرانيا. وأدت الهدنة إلى تجميد هجوم انفصالي في جنوب شرق البلاد الشهر الفائت بدعم مفترض من مظليين في الجيش الروسي وبالأسلحة الثقيلة، الأمر الذي رجح ميزان القوة ضد الجيش الأوكراني. وأكد الحلف الأطلسي وكييف أن الف جندي روسيا على الأقل مازالوا على الأراضي الأوكرانية، الأمر الذي ينفيه الكرملين. غير أنه أفاد أن جنودا أسروا في أوكرانيا كانوا قد أضاعوا طريقهم على الحدود، فيما أكد مسؤول انفصالي أن جنودا آخرين في الجيش الروسي وصلوا لتمضية "العطلة". وكرر رئيس الوزراء أرسيني ياتسينيوك ارتياب الغرب العميق حيال طموحات موسكو التوسعية عندما اتهم الرئيس الروسي فلاديمير بوتين السبت الماضي بالسعي إلى "إلغاء" أوكرانيا كدولة مستقلة. ويتجه بوروشنكو هذا الأسبوع إلى واشنطن للقاء الرئيس الأمريكي باراك أوباما من أجل الاتفاق على "وضع خاص" لبلاده مع الولاياتالمتحدة، في إطار إبعادها المستمر عن الفلك الروسي. واستبعد أوباما أي تدخل عسكري، لكنه كشف عن تشديد العقوبات الاقتصادية على موسكو، إلى جانب إجراءات مشابهة للاتحاد الأوروبي، ستؤدي إلى استبعاد موسكو من الأسواق المالية الغربية وتقيد قطاعها النفطي الحيوي. واتهم وزير الخارجية الروسي سيرغي لافروف واشنطن باستغلال الأزمة "لقطع العلاقات الاقتصادية بين الاتحاد الأوروبي وروسيا". وأدت العقوبات المصحوبة بحرب تجارية بين الشرق والغرب إلى تهديد الاقتصاد الروسي بالانكماش، حيث تراجع الروبل أمس الاثنين مجددا أمام العملات الأجنبية.