د.عبد الرحمان مكاوي (حقوقي وخبير في الشؤون العسكرية والاستراتيجية): -قضية ولد سلمى أسقطت ورقة التوت عن الجزائر -على الوكيل العام للمحكمة الجنائية لويس وكومبو أن يفتح تحقيقاً عن طريق المينورسو في قضية ولد سلمى ذهب عبد الرحمان مكاوي، الخبير في الشؤون العسكرية إلى القول إن اختطاف واعتقال ومحاكمة مصطفى ولد سلمى ولد سيدي مولود سوف تكون لها تداعيات محلية، إقليمية ودولية على المدى القصير والمتوسط والبعيد. ملحاً على أننا لا زلنا في حاجة إلى معرفة عقلية الجزائر، إذ يجب علينا أن نهضم "بروفايل" عدونا حتى نتمكن من إعداد الخطط اللازم إعدادها وليس الاستمرار خبط عشواء والاكتفاء بردود الفعل المتناثرة بدون رؤية واضحة واستراتيجية مضبوطة. لهذا وجب إعادة النظر في التعامل مع الجزائر. ويرى الدكتور مكاوي أنه بالنسبة بالرأي العام المحلي والإقليمي والدولي أظهرت هذه النازلة أن ساكنة الصحراء يقبلون بالخيار الثالث وهو الحكم الذاتي، الذي هو تيار لا غالب ولا مغلوب فيه، والأنجع لأنه يعطي للجميع حقه، وكفيل بطي الملف إلى الأبد. إن التيار المدافع على الحكم الذاتي هو الذي سوف تكون له الغلبة، إن على المستوى المحلي أو على مستوى المخيمات. ويقول الدكتور مكاوي: "حسب المعلومات الواردة عليّ كحقوقي أن هناك تململ مهم في المخيمات وخاصة في أوساط الشباب، وأغلب هؤلاء يحبذون العودة إلى الأقاليم الجنوبية والاستمرار في "نضالهم كما يقولون"، هذا هو التوجه العام، لأنهم ملوا من وضعية "لا سلم ولا حرب" ولا مستقبل وانسداد الآفاق". ويضيف مكاوي الخبير في الشؤون العسكرية والاستراتيجية : "لهذا، إن تداعيات اختطاف واعتقال ومحاكمة مصطفى ولد سلمى، سوف تؤدي إما إلى انفراج الوضع وقيام المجتمع الدولي، خاصة الدول العظمى، لفرض مشروع الحكم الذاتي على الجزائر، وإما سوف يؤدي إلى التصعيد. هذا، علماً أن الشعب المغربي بيّن أن نزاع الصحراء مفتعل خلفه جنرالات الجزائر كما قال زعيم النهضة التونسية راشد الغنوشي، أوّلا للاستمرار في الحكم، والاثراء ولإركاع المغرب وتفتيته بالتحالف مع اليمين المتطرف الإسباني واليسار المتطرف الإسباني. وبالتالي، فإن نازلة مصطفى ولد سلمى كانت بمثابة النقطة التي أفاضت الكأس. نرى أن الشعب المغربي صبّ بكثافة للتنديد بهذه الجريمة التي أسقطت ورقة التوت على النظام الجزائري الذي حاول أن يركب النزاع في صيغته الحقوقية، إلا أنه أظهر أنه لا يحترم حقوق الإنسان ولا حرية التعبير ولا حرية التنقل، وهذا حتى بالنسبة للجزائريين الذين أُغتصبت ثورتهم وأُغتصبت ديمقراطيتهم. يؤكد الدكتور مكاوي، أن نازلة مصطفى ولد سلمى أظهرت من جديد أن ملف الصحراء هو ملف المغاربة قاطبة، وليست قضية أو فئة أو وزارة أو جهاز. لهذا رأينا كيف تعبّأ المغاربة في الداخل والخارج للتنديد بهذه الفضيحة الحقوقية التي أقدم عليها القائمون على قصر المرادية وأجهزة المخابرات في " بن عكنون". لذلك فإن تداعيات هذه النازلة سوف تتجه إما نحو حلّ للنزاع يأتي من الولاياتالمتحدة وفرنسا ولإسبانيا وروسيا والصين، وإما سوف يؤدي إلى التصعيد والتشنج. إلا أن الدكتور مكاوي، أشار إلى أن المثقفين الجزائريين والكثير من الضباط الشرفاء في الجيش الجزائري والكثير من الصحفيين النزهاء بدؤوا يعرفون ويكتشفون أن قضية الصحراء هي قضية مجموعة من الضباط الجزائريين وعلى رأسهم الجنرال التوفيق المدعو "مدين" وليست قضية الجزائري الذي أضحى يرى الآن أن انفصال الصحراء المغربية يعني تفكك الجزائر إلى دويلات. إن الشعب الجزائري يرى أن انفصال "الصحراء الغربية" يعني انفصال الصحراء الشرقية كذلك كما يعرف الشعب الجزائري أن استقراره الاقتصادي والاجتماعي والأمني مع المغرب، وأن انهيار الشعب الجزائري يبدأ بإنهيار "الصحراء الغربية". لهذا، يقرّ الدكتور مكاوي، بضرورة تكثيف جهودنا كمغاربة، لأننا نحن الذين يجب أن ندافع عن قضيتنا، لا ينبغي أن ننتظر لا لوبيات ولا جماعات ولا هذه الجهة أو تلك. فالشعب المغربي هو اللوبي الأول، هو المساند الأول الذي يرفع راية الوحدة، وكل من ساندنا من الخارج مرحباً به كيفما كان. ومن جهة أخرى يقول الدكتور مكاوي، إن المخابرات الجزائرية أرادت أن تعطي لنازلة مصطفى ولد سلمى صبغة نزاع صحراوي -صحراوي، أي أن جبهة البوليساريو ألقت القبض على مجرم عادي كان يشغل منصب مفتش شرطة في مخيم العيون.. إنها أرادت أن تقزيم القضية وتجعلها نازلة داخل المخيمات. كما أن المنطقة التي قيل إنه اعتقل فيها هي منطقة عازلة (إنها منطقة تحت إشراف المينورسو، القوّة الأممية). كما أنه كيف يعقل أن منظمة مسلحة توجد فوق تراب دولة مستقلة ذات سيادة، تقول أنها سوف تحاكم رجل أُعتقل بسبب رأيه حول مشروع الحكم الذاتي للخروج من النزاع. فليس هناك أي دولة يتواجد فوق ترابها محتجزون أو لاجئون لهم قضاء مستقل عن قضاء الدولة المضيفة، لأن هذه الأخيرة هي التي تقوم بالنظر من الناحية القضائية في كل الجرائم بما فيها جرائم الحق العام. وبالتالي فإن الجزائر أرادت أن تبرئ نفسها من الاختطاف والاعتقال وكذلك من المحاكمة، لكنها سقطت في فخ إذ أن القانون الدولي يحمّلها مسؤولية حياة مصطفى ولد سلمى، كما تتحمل اسرائيل مسؤولية سكان غزة ولبنان مسؤولية مخيمات عين الحلوة ونهر البارد وغيرها. فالجزائر لها مسؤولية وينبغي للقضاء الدولي وللوكيل العام للمحكمة الجنائية لويس وكومبو أن يفتح تحقيقاً عن طريق المينورسو التي هي كذلك عليها مراسلة هذا الأخير لنفس الغاية وليباشر تحقيقاً حول اعتقال واختطاف ومحاكمة مصطفى ولد سلمى بدون مسوغ قانوني. فإذا كان من الضروري أن يحاكم وجب أن تعرض قضيته على القضاء الجزائري أو أمام القضاء الدولي. وبخصوص التحركات التي يمكن القيام بها، يوضح الدكتور مكاوي أنه هناك أوّلاً التحرك الرسمي وهناك التحرك الشعبي. فينبغي لوزارة الخارجية والدبلوماسية المغربية أن تقوم بتحريك سفاراتها، لأن هناك سفارات نائمة، بل شبعت نوماً، كما أن على الوزارة المكلفة بالجالية أن تعلم أن اللوبي الحقيقي المساند للمغرب هو الجالية المغربية، فلا يعقل أن 350 ألف مغربي أمريكي لا تتحرك في هذه الظرفية. نعم هناك سفراء يشتغلون ويتحركون وهناك سفراء "يخيمون" بالخارج. لذا كفى من إسناد المناصب الحساسة في ظرفية حساسة إلى مَن لا يحسنون التصرف، وإلى الذين لا يملكون ملكات وقدرات ومعرفة عميقة حول نزاع الصحراء الذي هو أولى الأولويات بالنسبة للمغاربة. أما على المستوى الشعبي يرى الدكتور مكاوي هناك قدرات متواجدة في الخارج يمكنها أن تتحرك، كما أنه بالداخل يمكن تنظيم مظاهرات مليونية، لأنه – يقول الدكتور – كيف يعقل أننا ننظم مظاهرات مليونية بالنسبة لمدونة الأسرة أو بالنسبة لفلسطين أو العراق ولا ننظم مظاهرة مليونية بالنسبة لملف الصحراء ينظر إليها العالم؟ وهنا، يؤكد الدكتور قائلا: "أتوجه إلى الإخوان في التيار الإسلامي وكذلك التنظيمات الأخرى لماذا لا ننظم مظاهرات أمام السفارات لإسبانيا أو أمريكا أو روسيا وغيرها لنظهر للعالم أن الشعب المغربي وراء وحدته الترابية ووراء مشروع الحكم الذاتي؟" . وكذلك هناك قضية الإعلام الذي قال بصددها الدكتور مكاوي: "إن للإعلام الجزائري أجندة مهيأة ومفبركة من طرف المخابرات الجزائرية لا يحيد عنها قيد أنملة، فلا نلاحظ في المشهد الإعلامي الجزائري رأي مخالف فيما يخص موقف قصر المرادية والجنرالات بالنسبة للمغرب"، أو فيما يخص قضية الصحراء المغربية. ولكي تتمكن من الاشتغال في الإعلام بالجزائر ينبغي أن توقع على التزام مفاده عدم المساس بمصالح الجزائر الاستراتيجية ومن بينها أي رأي مخالف لأطروحات الجزائر فيما يخص الصحراء. ويختم الدكتور المكاوي حديثه مؤكداً أن على الإعلام المغربي أن يُرحّل كل الخلافات الهامشية – والصبيانية أحيانا- أوساخنا الداخلية وجب أن تُغسل داخليا في هذا الظرف بالذات، لأن المغرب، في واقع الأمر، في حالة حرب غير معلنة من طرف الجزائر ومن جنوب افريقيا مروراً بأوغندا والجزائر إلى فنزويلا وكوبا. ونلاحظ تداعيات من هنا وهناك، لذا علينا أن نعلن التعبئة العامة كما أعلنها الملك محمد السادس.