مجلس الأرقام القياسية والغياب المطلق للوصاية في سابقة هي الأولى من نوعها على المستوى الوطني وفي تاريخ المجالس الجماعية بالمغرب، لم يعقد بعد مجلس مدينة طنجة دورة يوليوز لهذه السنة، على الرغم من أننا على مشارف دورة أكتوبر، وهو ما سيطرح إشكالات قانونية غير معهودة. فلحد الآن لم تتم الدعوة لعقد دورة يوليوز 2010، بعد مرور شهرين على الاستدعاء الأول الذي لم تعقد فيه الجلسة بكيفية قانونية؛ ولحد الآن لم يتم بعد البدء في إعداد المخطط الجماعي لتنمية مدينة طنجة، والذي كان يتعين أن يتم عرضه أصلا على دورة يوليوز التي لم تنعقد بعد؛ ولحد الآن لم تتم برمجة الفائض المخصص لتجهيز المدينة وإصلاح بنياتها التحتية... وهو ما يجعل من طنجة مدينة للأرقام القياسية بامتياز في مجال سوء التدبير وتغييب مصلحة المجلس. تأخر دورة يوليوز وغياب العمدة والمكتب المسير لم يعرف أي مجلس جماعي في تاريخ المغرب الوضعية التي يوجد عليها مجلس مدينة طنجة، فلحد الآن لم يوجه العمدة الدعوة لعقد دورة يوليوز، كما أن عضوية اللجان الدائمة للمجلس لم يتم تشكيلها قانونيا إلا أواخر شهر غشت 2010، أي بعد أزيد من سنة على تشكيل المجلس الجماعي وانتخاب رؤساء اللجان، وهو ما أعاق عقد لجان المجلس بشكل قانوني. أما دورة المجلس المخصصة قانونيا لشهر يوليوز، فبعدما لم يكتمل النصاب القانوني أواخر يوليوز 2010، كان ينتظر أن يسرع العمدة في بالدعوة لعقد جلسة ثانية قانونية، إلا أن رئيس المجلس لم يبادر لذلك بدون مبرر واضح، اللهم إذا كان السبب انشغاله بانتخابات مجلس المستشارين بجهة طنجة تطوان. وبمقابل ذلك لم ينعقد اجتماع المكتب المسير للمجلس برئاسة العمدة منذ قرابة ثلاثة أشهر، رغم أن القانون يلزمه بعقد اجتماعات رسمية كل أسبوعين على الأقل. فمنذ آخر اجتماع للمكتب المسير عُقد يوم 9 يوليوز، وتم فيه تحديد جدول الأعمال المؤقت لدورة يوليوز، لم يبادر العمدة لعقد أي اجتماع آخر لا في شهر يوليوز ولا الشهرين الموالين له، بل إن العمدة عاد إلى سابق عهده من الغياب المطلق عن الحضور إلى الجماعة وتتبع مصالح المواطنين، وهو ما يعطي انطباعا واضحا بالشلل التام على مستوى تدبير شؤون الجماعة وتتبع حاجياتها التنموية. فالغياب المطلق للعمدة عن الجماعة، وعدم عقد اجتماعات المكتب المسير منذ ثلاثة أشهر، ينضاف إلى عدم الدعوة إلى عقد دورة يوليوز التي يلزم الميثاق الجماعي بعقدها في أوانها، أو على الأقل قبل دورة أكتوبر التي لم يبقى لها سوى أيام قلائل. المجلس لم يبدأ في إعداد المخطط التنموي طنجة هي المدينة الوحيدة في الجهة التي تبدأ بعد في إعداد المخطط الجماعي للتنمية، والذي يُفترض قانونيا وتنظيميا أن يكون جاهزا لدراسته والمصادقة عليه خلال دورة يوليوز التي لم تنعقد بعد. فالميثاق الجماعي (المادة 36) يُلزم رؤساء الجماعات بإعداد مشروع المخطط التنموي خلال السنة الأولى من عمر المجلس، وبالتالي يتعين أن يدخل المخطط حيز التنفيذ، بعد دراسته والمصادقة عليه، ابتداء من السنة الثانية من عمر المجالس الحالية. وقد كان يُفترض أن يكون المشروع جاهزا، وأن يكون أساس برمجة المشاريع التنموية بالمدينة، لكن المكتب المسير غائب كليا عن هذا الإلزام القانوني، والعمدة لا يملك أي تصور لتنمية المدينة والمقاطعات. وأثناء انعقاد لقاء نظمته وزارة الداخلية الأسبوع الماضي بمدينة طنجة، تم عرض المخططات التنموية من قبل جميع عمداء المدن بالجهة باستثناء مدينة طنجة التي غاب العمدة عن اللقاء وغاب مخططها التنموي التي لم يُشرع بعد في إعداده، وهو ما أثار استهجان الجميع. وكانت وزارة الداخلية قد حاولت سابقا إعانة المكتب المسير للبدء في مرحلة الإعداد، والتي تتطلب عمليا 9 أشهر، إلا غياب المخاطَب داخل الجماعة دفع أطر الوزارة إلى غض الطرف عن طنجة، وبالتالي راكمت المدينة الأرقام القياسية في الغياب وسوء التدبير والاستهتار بشؤون المدينة ومصالح المواطنين. العمدة يتسبب في شلل المقاطعات طنجة هي المدينة الوحيدة، من بين المدن الست، المشمولة بنظام المقاطعات، التي لم تحدد بعد مبالغ المنح المخصصة للمقاطعات، وهي المبالغ التي يلزم القانون رئيس الجماعة بتبليغها لرؤساء المقاطعات شهرا على الأقل من دورات شهر شتنبر للمقاطعات، أي أن المبالغ كان يُفترض أن تُبلغ قبل نهاية شهر غشت الماضي. وهذا التأخر لحد الآن في تحديد مبالغ المنح المخصصة للمقاطعات الأربع التي يتكون منها مجلس المدينة سيؤدي إلى شلل تام على مستوى هذه المقاطعات التي، وعلى عكس مجلس المدينة، تحاول بعضها جاهدة لتدارك الخلل على مستوى الجماعة وتقديم حد أدنى من الخدمات الأساسية للمدينة وللمواطنين. فمجالس المقاطعات مطالبة بعقد دورة شتنبر لدراسة ميزانيتها،وميزانية المقاطعة عبارة عن برمجة لمبلغ المنحة التي تتوصل بها من العمدة، والعمدة لم يقدم أي مشروع لمنح المقاطعات من أجل المصادقة عليه في دورة يوليوز التي لم تنعقد بعد، فالمقاطعات إذن لن تتمكن من برمجة ميزانياتها في غياب مبلغ المنحة، وستكون دوراتها لشهر شتنبر بدون معنى بسبب الغياب المطلق للعمدة عن حاجيات الجماعة والمقاطعات. مجلس الأرقام القياسية، وحيرة السلطة الوصية مدينة طنجة هي الوحيدة التي لم تعقد دورة يوليوز، وهي الوحيدة التي لم تصادق بعد على ميزانيات المقاطعات، وهي الوحيدة التي لم تشرع بعد في إعداد مخططها التنموي... تعتبر هذه بحق أرقاما قياسية، ويحق للعمدة أن يحصل على شهادة غينيس للأرقام القياسية. مجلس المدينة لم يكتف بذلك، بل سجل سابقا أرقاما أكثر أهمية، فجميع دورات المجلس لم ينعقد فيها النصاب القانوني، باستثناء دورة واحدة من أصل 6 دورات؛ وهي الوحيدة بين المدن الكبرى والمتوسطة التي لا تتوفر لحد الآن على ميزانية لتجهيز وتنمية المدينة؛ والعمدة حطم جميع الأرقام القياسية في عدم تنفيذ مقررات المجلس الجماعي، فمن أصل أزيد من 150 مقرر وتوصية صادق عليها المجلس خلال سنة، لم ينفذ العمدة سوى مقرر واحد، على الرغم من أن جميع التوصيات والملتمسات تهم الرقي بوضع المدينة وتحسين مستوى الخدمات المقدمة للسكان... فهذه "الريادة" التي وصلت إليها المدينة بدأت أول الأمر بانتخاب غريب للعمدة، فبصفته مرشحا وحيدا لأسباب يعلمها الجميع، لم يحصل العمدة على الأغلبية المطلقة (43 صوتا من أصل 85)، ولم يفز بالعمودية إلا في الدور الثالث على الرغم من أنه مرشح وحيد، وحاز على 38 صوتا فقط على الرغم من أن عدد المصوتين فاق 65 صوتا. وهذه البداية في الواقع كانت مؤشرا دالا على ما سيتبعها، فالوضع الحالي يعتبر نتيجة حتمية لوجود رئيس لا يملك أغلبية، وتم انتخابه بترهيب خاص لم يسبق في تاريخ المجالس المنتخبة، ولا يملك أي تصور لتنمية المدينة، وغائب بشكل مطلق عن مقر الجماعة، ولم يستطع لحد الآن عقد دورة يوليوز، ولم يعقد اجتماع المكتب المسير منذ أوائل يوليوز... وتستغرب جميع الأطراف السياسية الرئيسية بالمدينة الصمت المريب للسلطات المركزية أمام هذا المشهد الدرامي، فعلى الرغم من المطالبات العديدة بتدخل الوصاية لحل الإشكال بالمدينة بالطرق القانونية، إلا أننا لم نلمس أي تحرك على هذا المستوى. وهنا يحق التساؤل، إذا كان العمدة من حزب آخر، فهل كانت السلطة المركزية ستتخذ نفس الموقف المتفرج السلبي؟