تسعى إسرائيل من خلال إسقاطها لأكبر عدد من القتلى والمصابين الفلسطينيين في هجومها البري على قطاع غزة إلى الضغط على المقاومة الفلسطينية للقبول ب "المبادرة المصرية" لوقف إطلاق النار، كما يرى محللون سياسيون فلسطينيون. وارتكب الجيش الإسرائيلي فجر اليوم الأحد مجزرة بحي الشجاعية شرقي قطاع غزة، بعد قصف جوي عشوائي، راح ضحيتها 60 قتيلا فلسطينيا على الأقل، وجرح 210 في حصيلة مرشحة للزيادة. وكان من بين قتلى القصف العشوائي على حي الشجاعية، شرقي مدينة غزة، 17 طفلا، و14 امرأة، و4 مسنين، في الوقت الذي أعلن فيه أشرف القدرة، الناطق باسم وزارة الصحة الفلسطينية، مساء اليوم الأحد، ارتفاع عدد القتلى من الفلسطينيين، منذ بدء العملية العسكرية الإسرائيلية ضد قطاع غزة، مساء يوم 7 يوليو الجاري إلى 425 قتيلاً وإصابة نحو 3008 آخرين. فايز أبو شمالة، المحلل السياسي، اعتبر أن "إسرائيل تسعى إلى تصدير الرعب والفزع في نفوس المواطنين وعلى وجه الخصوص سكان المناطق الحدودية، من خلال سياسة الأرض المحروقة، لخلق حالة من الضغط الشعبي على المقاومة الفلسطينية للقبول بالتهدئة". وأضاف أبو شمالة، الكاتب في صحيفة فلسطين الصادرة من قطاع غزة، في حديث مع "الأناضول"، إن "إسرائيل تجهل ما يحدث على أرض غزة من أعمال مقاومة، فأصبحت كثور هائج مغمض العينيين، يضرب بقرنيه في أي اتجاه، بعد تلقيها عدة ضربات من المقاومة". ويرى أن إسرائيل تسعى من وراء سياسة "الأرض المحروقة"، من هدم وقصف لبيوت الفلسطينيين بشكل كبير، واستهداف المدنيين، إلى إخضاع المقاومة للقبول بالتهدئة، حتى لو أنها لا تحقق أي من شروطها". وأشار أبو شمالة أن هجوم إسرائيل البري أوقع جيشها في "ورطة"، لما يجده ويواجهه من رد "نوعي" من المقاومة الفلسطينية، رغم تواضع أسلحتها أمام الترسانة الإسرائيلية، متوقعًا أن تسحب قواتها مع أول مبادرة لوقف إطلاق النار قد تلوح في الأفق. ووصف المحلل السياسي العملية العسكرية البرية ب "الفاشلة من قبل أن تبدأ"، فأهدافها بإيقاف إطلاق صواريخ المقاومة، وتدمير الأنفاق "أمر شبه مستحيل" باعتراف القادة الإسرائيلين. وأعلن الجيش الإسرائيلي في وقت سابق، أن الهدف من العملية البرية الإسرائيلية كما حددت الحكومة الإسرائيلية، هو "إيجاد واقع يعيش فيه السكان الإسرائيليين بأمن وأمان من دون تواصل الإرهاب العشوائي، وتوجيه ضربة كبيرة للبنية التحتية لحركة حماس الإرهابية". وتحاول إسرائيل أن تكلف المقاومة الفلسطينية "ثمنًا باهظًا" من خلال "سياسة الأرض المحروقة"، كما يرى الدكتور مشير عامر، الكاتب والمحلل السياسي. وقال عامر في حديث للأناضول:" إسرائيل تتبع مبدأ الضاحية، كما فعلت بيروت أثناء حربها مع لبنان، فتجعل المدنيين هم من يدفعون الثمن لإجبار المقاومة على التنازل". وأضاف:" إسرائيل في وضع مأزوم فهي لم تتقدم في هجومها البري سوى بضعة أمتار وفي مناطق ساقطة أمنيًا، مقابل إنجازات المقاومة، ضد قواتها المتوغلة في حدود القطاع". ولفت عامر إلى أن "الجيش الإسرائيلي سيستمر في استهداف الآمنين، وإسقاط أكبر عدد من القتلى في صفوفهم، لقاء احتضانهم للمقاومة، وللإيحاء بقدراته العسكرية". بدوره توقع هاني البسوس، أستاذ العلوم السياسية في الجامعة الإسلامية بغزة، أن إسرائيل لن تغامر بعملية برّية طويلة الأمد مكانًا وزمانًا في قطاع غزة، لعلمها المسبق بأن المقاومة ستلحق خسائر في صفوف جنودها". وقال البسوس في حديثه مع الأناضول:" إسرائيل تعلم أن المقاومة الآن أكثر تطورًا ولديها شبكة أنفاق، كما هو معروف وعمليتها البرية ستكون محدودة". ويرى أستاذ العلوم السياسية في الجامعة الإسلامية بغزة، بأن الأوضاع المحيطة من صمت وتأيد لإسرائيل من بعض الدول على المستوى العربي والإقليمي والدولي، سيعطيها حالة من الطمأنينة في استمرار قتل المدنيين، دون أن تأبه بالمجتمع الدولي".