في مسيرةٍ هيْمنت عليها جماعة "العدل والإحسان"، حجّ مئات الآلاف من المواطنين المغاربة وفق أرقام المنظمين إلى العاصمة الرباط، للمشاركة في المسيرة الاحتجاجية الشعبية التضامنية مع غزّة، في اليوم الثالث عشر من بداية العملية العسكرية التي قتل فيها الجيش الأسرائيلي لحدّ الآن أكثر من 400 فلسطيني في غزة. فعلى الرغم من المخاوف التي كانت لدى المنظمين من أن يحدّ عامل الصيام من عدد المشاركين في المسيرة، إلا أنّ نداءات التضامن مع أهل غزة حظيت باستجابة واسعة من طرف المغاربة، في مسيرة بَدَا، حتى قبل انطلاقها، وجود انقسام بارز بيْن المكوّنات الداعية إليها. ففيما كان بضع عشرات من المستجيبين لنداء كل من مجموعة العمل الوطنية من أجل فلسطين، والجمعية المغربية لمساندة الكفاح الفلسطيني، يجتمعون في منعطف شارع الحسن الثاني، في حدود الساعة العاشرة والنصف صباحا، كان عشرات الآلاف من المنتسبين إلى جماعة "العدل والإحسان" يحتلّون شارع الحسن الثاني لمئات الأمتار. عدم توحيد الصفوف في المسيرة، بين جماعة "العدل والإحسان" ومجموعة العمل الوطنية من أجل فلسطين والجمعية المغربية لمساندة الكفاح الفلسطيني، حسب حسن بناجح، عضو الدائرة السياسية لجماعة العدل والإحسان، يعود إلى "رغبة الطرف الآخر في إقصائنا من البيان الداعي إلى المسيرة"، مضيفا أنّ مشاورات جرتْ بين الجانبين، غير أنها لم تُفْض إلى نتيجة. ويظهر جليّا أنّ الخلاف القائم بين منسّق مجموعة العمل الوطنية من أجل فلسطين، خالد السفياني، وجماعة "العدل والإحسان"، بسبب موقفه الداعم لنظام بشار الأسد في سوريا، ووقوفه إلى جانبه، قدْ خيّم بظلاله على التنسيق بين الطرفين. إذ قال بناجح في حديث لهسبريس، "إضافة إلى رغبة إقصاء حضور الجماعة من بيان المشاركة في المسيرة، لدينا تحفظ على موقف السفياني، الداعم لنظام بشار الأسد، وهذا لا يُشرّفنا"، فيما رفض فتح الله أرسلان الخوض في هذا الموضوع، قائلا "هذا ليسَ وقت الحديث عن الخلافات". في المقابل قال خالد السفياني، منسق مجموعة العمل الوطنية من أجل فلسطين، في تصريح لهسبريس، إنّ المجموعة والجمعية اتفقتا على الاتصال بجميع مكونات المجمتع المغربي، بمن في ذلك جماعة العدل والإحسان، "لأنّ المسيرة هي مسيرة لجميع المغاربة، غيرَ أنّهم كانت لديهم وجهة نظر أخرى، ونحن لم نتفق معها"، مضيفا أنّ الأهمّ هو أنّ المسيرة نجحتْ، وعرفتْ ترديد شعارات موحّدة، "وهذا دليل على أنّ الشعب المغربي بكلّ مكوّناته مجتمع موحّد وملتحم". من ناحيةٍ أخرى، اتّهم عبد الصمد فتحي، منسق الهيئة المغربية لنضرة قضايا الأمة، التابعة لجماعة العدل والإحسان، والداعية إلى المسيرة الشعبية للتضامن مع غزّة، السلطات بمنع المنتسبين إلى الجماعة، في عدد من المدن من المشاركة في المسيرة، وذلك بمنع الحافلات التي كان من المقرّر أن يستقلوها نحو الرباط، وفق ما صرّح به لهسبريس. المسيرة، التي غابَ عنها رئيس الحكومة عبد الإله بنكيران، وحضر فيها وزير الدولة عبد الله بها، شارك فيها عدد من وزراء الحكومة، من جميع الأحزاب السياسية المشكّلة للتحالف الحكومي، كما عرفت مشاركة قادة أحزاب المعارضة، ومنهم الأمين العام لحزب الاستقلال حميد شباط، والكاتب الأول لحزب الاتحاد الاشتراكي للقوات الشعبية، إدريس لشكر، ومصطفى بكوري، الأمين العام لحزب الأصالة والمعاصرة.