إلهي... يا ربَّ السماواتِ والأرض، هذي أصواتُ كلِّ المؤمنين الشاهدين أنّ لا إله إلا أنت، وأن محمدا عبدُك ورسولُك، ترجّ السماءَ والأرضَ بالدعاء. أينما يكنْ مسلمٌ يرتفعْ دعاء. تأتي الصورُ من غزةَ صادمةً مريعةً فنشعرُ بالعار، نشعرُ كم نحنُ عاجزون ولا نملك إلا الدعاءَ... وحْدَك القادرُ القاهرُ المنتقمُ الجبّارُ، فانتقمْ لنا يا ألله من الذين منا ينتقمون. ها أنتَ ترى يا ربَّ العزّة كيف تنفجرُ رؤوس الأطفالِ في غزّةَ ولم يكونوا بك كافرين، ها أنت ترى الضّالين الذين غَضبتَ عليهم يستمدون منك القوة ليعيثوا في أرضِنا وأجسادِنا وأعراضِنا نهشاَ وقتلا وتدميرا. ها أنت ترانا عاجزين عن منع الطائراتِ من أنْ تطيرَ وأنتَ الأعلمُ متى تطير؛ فجراً ظهراَ عصراً ليلاً... عاجزين عن منع القنابلِ من أن تسقطَ وأنت الأعلمُ بما عنها ينتجُ؛ فظاعاتٌ فظاعاتٌ فظاعاتٌ... عاجزين عن منع البيوتِ من أن تنهارَ، وأنتَ الأعلمُ بما سينقشِعُ عنه الغبارُ والرماد؛ أشلاءٌ ودميةٌ وسجادةُ صلاة. إلهي إن أعداءَنا/ أعداءَك لا يصدّقون أنهم لم يعودوا شعبَ الله المختار، لا يصدّقون أنّنا صرنا البدلَ إذْ صرْنا خير أمةٍ أُخرجتْ للناس. يكذّبوننا ويسخرون. يسخرون من دعواتنا كلَّ هذه السنين بأن تعزّنا وتذلهَّم، بأن تنصرَنا وتهزمَهم، بأن نقتلَهم ولا يقتلونا... فما رأوا إلا أننا نزدادُ نحنُ ذلا فيزدادونَ هم عزّة، نُراكم الهزائمَ فيكدّسون الانتصارات. نقتلُ منهم ثلاثةً فيقتلون منا ألفا... وغزّةُ دليل. إلهي إنهم لا يصدّقون أنك ارتضيتَ للعالمين الإسلامَ دينا إذا ندعوك. يرونَنا نلجأُ إليكَ صائمين خاشعين في رمضانَ، في الشهر الذي تُفتحُ فيه أبوابُ الجنّة، فيفتحون علينا أبوابَ النار. أنت يا ربي تريد رمضانَ شهرَ رحمةٍ وسلامٍ وتسامح وفرح، وهم يريدون مسلسلاً يوميا من العنفِ والقتل والبكاء والدماء... كأنهم يتحَدّوْن إرادتَك، إذ يفعلون ما يريدون، وأنتَ الفعّال لما تُريد. فباسم من سبّح باسمك في أمّتنا تقيّا، باسم من كان من أهلنا طولَ عمره نقيا، باسم الأطفال الصغار الذين ما أذنبوا بعد وما أخطأوا... أرِهِمْ عزّتك التي التجأنا إليها، أرِهِمْ آيةً أننا حقا المفلحون، شيئا مُعجزا تخرَسُ به مدافعُهم وألسنتُهم، وترتدُّ به إليهم ضرباتُهم... يا ربّ، هبْ لنا معجزةً تجعلُ من في الأرض يخرّ ساجداً، فيؤمنُ أعداؤنا/ أعداؤكَ أخيراً بأننا نحنُ حقا عبادُ الله المخلَصون.