"السجن والعقاب لِمَن يمتنع عن الصيام في شهر رمضان"... هكذا ردّت السلطات الجزائرية الأسبوع الماضي على عدد من المواطنين في بلدة أوزلاقن شرقي الجزائر عندما قرّروا لأسباب شخصية ومهنية عدم احترام فريضة الصوم، الشرطة داهمت المطعم الذي كانوا يتواجدون فيه واعتقلتهم بتهمة تناول الغذاء وعدم احترام شرائع الدين الإسلامي، فيما قامت بإغلاق المطعم ووضع مالكه قيد التوقيف. نفس السيناريو وقع خلال الأيام الأولى من الشهر الكريم في بلدة عين الحمام، قرب مدينة تيزي وزو، في أعالي منطقة القبائل. الشرطة اعتقلت شخصين كانا يتناولان وجبة غذاء داخل متجر، لكن التعبئة الكبيرة لسكان البلدة حالت دون إحالتهم إلى القضاء. مصطفى كريم رئيس الكنيسة الإنجيلية في الجزائر وصف هذا التصعيد الأمني ضد الذين لا يؤدون فريضة الصوم ب"محاكم التفتيش التي كانت سائدة في أوروبا وخصيصًا في إسبانيا في القرن السادس عشر". وقال: "السلطات الجزائرية تريد أن تفرض الصيام على الجميع ولا تبالِي بما يسمى بالحريات الشخصية وحقوق الإنسان وحرية المعتقد". وأضاف مصطفى كريم أنّ الحكومة الجزائرية أصبحت ترضخ لمطالب الإسلاميين وتتصرف وفق تعليماتهم ومطالبهم الدينية والاجتماعية كونها لا تريد أن تدخل في صراع جديد معهم. وأضاف مصطفي كريم أنّ النظام الجزائري أصبح يشبه النظام الإيراني حيث يقمع الحريات العامة ويفرض رؤية دينية موحدة على كل المواطنين مهما كانت معتقداتهم وأفكارهم السياسية ووضعهم الاجتماعي والتعليمي. كما عبر عن تخوفه الشديد إزاء التصعيد الأمني الذي يستهدف المواطنين الجزائريين النصارى، لذا طالبهم بالتحلي باليقظة وبعدم الأكل علنًا لعدم إزعاج الصائمين أو التعرض للضرب أو للتوقيف من قبل الشرطة. وفي نفس السياق، دافع فوزي أوصديق وهو أستاذ جامعي وناشط حقوقي جزائري يقيم في قطر عن موقف الدولة وقال: إن "تصرفات الذين لا يحترمون شهر رمضان تُخِلّ بالذوق العام ولا تحترم الأسس والثوابت التي ينصّ عليها الدستور الجزائري خاصة المادة 2 التي تنص أن الإسلام هو دين الدولة". وأضاف أوصديق أن الحريات الخاصة يجب أن تتكيف مع خصوصيات المجتمعات ولا تخدش النظام العام، ضاربًا المثل بقانون منع البرقع في الأماكن العامة الذي صدق عليه البرلمان الفرنسي مؤخرًا لأسباب قال إنها أمنية. ودعا أوصديق إلى النظر إلى مسألة عدم احترام شهر الصيام من قبل بعض الجزائريين نظرة قانونية بحتة والابتعاد عن الايدولوجيا والسياسة، معترفًا في الوقت نفسه أنه ربما هناك أطراف وجهات تريد استغلال هذه المشكلة لأسباب شخصية أو من أجل الوصول إلى توازنات سياسية داخل النظام الجزائري أو لاسترضاء أطراف على حساب أطراف أخرى.