تجددت بالمغرب دعوات لنشطاء يطالبون بما أسموه "الحق" في المجاهرة بالإفطار في نهار رمضان، ويرفضون ما يعدونه "مضايقات" يقرها القانون المغربي عبر المتابعة القضائية لمن يقدم على مثل هذا السلوك. وتأتي هذه الدعوات الجديدة بعد مرور سنة على تصدي السلطات المغربية لمحاولة مماثلة من مجموعة افتراضية على شبكة الإنترنت أطلقت على نفسها اسم "الحركة البديلة من أجل الحريات الفردية"، وتعرف اختصارا باسم حركة (مالي) نسبة إلى الحروف الأولى من مكونات اسمها باللغة الفرنسية. وكانت هذه الحركة قد دعت العام الماضي إلى تنظيم إفطار علني جماعي نهارا قرب محطة القطار في مدينة المحمدية (قرب الدارالبيضاء)، احتجاجا على المادة 222 من القانون الجنائي، التي تنص على السجن بين شهر وستة أشهر وغرامة مالية تتراوح بين 12 درهما و120 درهما (1.4 دولار و14.1 دولار) لكل من يجاهر بالإفطار في رمضان. وفي حين يعد هؤلاء النشطاء أن القانون الجنائي المغربي "ظالم و"يحد من حرية الاعتقاد"، يرى متتبعون آخرون أن تجدد هذه المطالب يكشف "سوء نية" من يدعون إليها. حرية فردية وتجددت هذه "المعركة الافتراضية" هذه السنة على الموقع الاجتماعي فيسبوك، حيث أسس مدون مغربي مجموعة للنقاش أسماها "مغاربة من أجل الحق في إفطار رمضان"، بلغ عدد أعضائها نحو 900، يتوزعون بين مؤيد للدعوة ومعارض لها. وتقول المجموعة إنها تهدف إلى فتح باب النقاش بشأن "الحق في الإفطار في رمضان"، وكذا بشأن مدى مشروعية المادة 222 من القانون الجنائي. وحسب مؤسس المجموعة المدون نجيب شوقي، فإن الهدف منها هو فتح نقاش عمومي عن "الحق في ممارسة العقيدة"، وليس "استفزاز" مشاعر الصائمين. وأضاف في تصريح للجزيرة نت أن النقاش الذي يدعو إليه "لا يأتي بدين جديد، ولا يدعو إلى التخلي عن دين معين، لكنه يحاول "تكريس مبدأ الحق في الاختلاف"، وأكد أنه تلقى مئات التهديدات بسبب "عقلية المؤامرة" وما أسماه ب"الفكر الأحادي" لمن يهددونه. واعتبر شوقي أن الدفاع عن الحريات الفردية "واجب"، لأن الإنسان -حسب رأيه- "لا يعيش بالخبز فقط، لكنه يحتاج إلى احترام خصوصياته واختياراته الشخصية". ورغم اعتقاده "بمشروعية" هذه المطالب من المنظور الحقوقي، يرى رئيس جمعية المدونين المغاربة سعيد بن جبلي أن الدعوة إلى "حرية إفطار شهر رمضان علانية" لا تقع ضمن أولويات المجتمع المغربي. واعتبر في تصريح للجزيرة نت أن ما يشغل بال المواطن المغربي هي قضايا التعليم والشغل والسكن والتنمية والحرية والعدالة، وأضاف أن خوض "معارك" إقرار "حق" الإفطار في رمضان ينتج عنها "استفزاز أغلبية واسعة من المجتمع المغربي". دعوات هامشية من جانبه قلل نائب رئيس حركة التوحيد والإصلاح مولاي عمر بن حماد من شأن الدعوات إلى المجاهرة بالإفطار في رمضان، ووصفها "بالمعزولة" بعد "فشلها" في تحقيق أي هدف في محاولات السنة الماضية. واعتبر بن حماد في حديث للجزيرة نت أن الشعب المغربي يحمل لشهر رمضان تعظيما كبيرا، وهو ما يجعله يرفض ما أسماها "استفزازات الفئة المعزولة"، التي قال إنها "تحاول أن تطبع مع الإفطار في نهار رمضان، وتسعى كي يصبح ذلك أمرا عاديا"، وهو ما "سيفشل بالتأكيد"، حسب تعبيره. ورغم "ضعف" هذه الدعوات كما يقول بن حماد –الذي يعمل أستاذا جامعيا للدراسات الإسلامية- فإن ذلك "لا يعفي الدعاة من القيام بواجبهم بالتحذير منها والتذكير بتعظيم الحرمات واحترام السلوك العام، وحذر في الوقت نفسه من "مغبة" الاستمرار في هذه الدعوات التي "قد تجلب للمجتمع ولأصحابها مشاكل كبيرة يمكن تجنبها في بداياتها". ومن جهته وصف الباحث في علم الاجتماع محمد مصباح الدعوات إلى الإفطار العلني في نهار رمضان بأنها "هامشية" بالنظر إلى "عمق" تدين المجتمع المغربي، وهو ما تبرزه العديد من الدراسات السوسيولوجية الميدانية، حسب قوله. وقال إن آخر هذه الدراسات استطلاع للرأي أنجزته جامعة ماريلاند الأميركية خلال يوليو/تموز الماضي، عبر فيه حوالي 86% من المغاربة المستجوبين بأن هويتهم "إسلامية مغربية"، وهو ما يبرز –حسب مصباح- "تأصل" القيم الإسلامية في النسيج المجتمعي المغربي. وأشار مصباح في تصريح للجزيرة نت إلى أن دعوات الإفطار في نهار رمضان تدخل في إطار "التحولات القيمية" التي يشهدها المجتمع المغربي، وبرزت معها "تيارات شبابية تحاول أن تعبر عن نفسها بطرق مختلفة".