مهنيون : اسعار الدجاج عادت الى الانخفاض في الاسواق    نشرة انذارية: امطار رعدية قوية مرتقبة غدا الأحد بعدد من أقاليم المملكة    البكوري: عملنا يستند على إعمال مبدأ القانون في معالجة كل القضايا مع الحرص على المال العمومي    هنغاريا تدعم الشراكة بين أوروبا والمغرب    من قرية تامري شمال أكادير.. موطن "الموز البلدي" الذي يتميز بحلاوته وبسعره المنخفض نسبيا (صور)    استجواب وزيرة الانتقال الطاقي أمام البرلمان عن الفجوة بين أسعار المحروقات في السوقين الدولية والوطنية    السكوري يُطلق منصة رقمية لخدمة التشغيل    "أطباء لبنان" تطلق نداء عاجلا لوقف "مجزرة" إسرائيل بحق الجهاز الصحي    هيئة: أكثر من 100 مظاهرة في 58 مدينة مغربية تخليدا للذكرى الأولى لمعركة "طوفان الأقصى"    جيش إسرائيل يقصف مسجدا بجنوب لبنان    شركات يابانية تلجأ إلى الذكاء الاصطناعي لتعويض نقص العمالة    حزب الله يستهدف قاعدة جوية في حيفا    الجامعة تحدد أسعار تذاكر مباراة الأسود وإفريقيا الوسطى    العدالة والتنمية: قرار المحكمة الأوربية ابتزاز سياسي وتدخل في سيادة المغرب    انتقادات للبطء الشديد في عملية إعادة إعمار مناطق زلزال الحوز    رسالة بنموسى في اليوم العالمي للمدرس        دراسة: 40 بالمائة من أطفال العالم سيعانون من قصر النظر بحلول 2050    قرار محكمة العدل الأوروبية: نواب أوروبيون يعبرون عن امتعاضهم من قرار يمس بالمصالح الاقتصادية الأوروبية    خبراء "نخرجو ليها ديريكت" يناقشون قرار محكمة العدل الأوروبية    وزير الإعلام الفلسطيني يزور مقر الفيدرالية المغربية لناشري الصحف بالدار البيضاء    اعتداء على رجل سلطة بعد دخوله منزل مزارع للكيف دون استئذان    قافلة المقاول الذاتي تصل الى اقليم الحسيمة    انطلاق بيع تذاكر مباراة المنتخب المغربي ضد نظيره من إفريقيا الوسطى    بعد قرار محكمة العدل الأوروبية.. هنغاريا تؤكد على الشراكة الاستراتيجية مع المغرب وتدرس تطويرها وتوسعتها لمجالات عدة    استياء أوربي وردود فعل قوية على حكم محكمة العدل الأوروبية: المغرب سيظل شريكًا استراتيجيًا للاتحاد الأوروبي    الحسيمة.. تخليد الذكرى 69 لانطلاق العمليات الأولى لجيش التحرير بالشمال    محكمة التحكيم الرياضي تخفف عقوبة توقيف بوغبا    كيوسك السبت | مثقفون ورجال قانون وأجانب قاطعوا الإحصاء العام للسكان والسكنى        المحكمة تأمر بإفراغ بركة زوج المنصوري بالقوة من منازل قرب ضريح مولاي عبد السلام    "ميتا" تعلن عن إنشاء نموذج ذكاء اصطناعي جديد    طقس السبت ممطر في بعض المناطق    مهنيون يرممون نقص الثروات السمكية    مدرسة التكنولوجيا تستقبل طلبة بنصالح    منتدى الصحراء للحوار والثقافات يشارك في الدورة الثانية من مناظرة الصناعات الثقافية والإبداعية    التعادل ينصف مباراة المحمدية والسوالم    مصدرو الخضر والفواكه جنوب المملكة يعتزمون قصْدَ سوقي روسيا وبريطانيا    هكذا تفاعلت الحكومة الإسبانية مع قرار محكمة العدل الأوروبية    ريدوان: رفضت التمثيل في هوليوود.. وفيلم "البطل" تجربة مليئة بالإيجابية    مرصد الشمال لحقوق الإنسان يجمد أنشطته بعد رفض السلطات تمكينه من الوصولات القانونية    تسجيل حالة إصابة جديدة ب"كوفيد-19″        باريس تفتتح أشغال "قمة الفرانكفونية" بحضور رئيس الحكومة عزيز أخنوش    إيقاعات ناس الغيوان والشاب خالد تلهب جمهور مهرجان "الفن" في الدار البيضاء    الفيفا تعلن تاريخ تنظيم كأس العالم للسيدات لأقل من 17 سنة بالمغرب    الدوري الأوروبي.. تألق الكعبي ونجاة مان يونايتد وانتفاضة توتنهام وتصدر لاتسيو    النادي المكناسي يستنكر حرمانه من جماهيره في مباريات البطولة الإحترافية    التصعيد الإيراني الإسرائيلي: هل تتجه المنطقة نحو حرب إقليمية مفتوحة؟    وزارة الصحة تكشف حقيقة ما يتم تداوله حول مياه "عين أطلس"    فتح باب الترشيح لجائزة المغرب للكتاب 2024    الذكاء الاصطناعي والحركات السياسية .. قضايا حيوية بفعاليات موسم أصيلة    مستقبل الصناعات الثقافية والإبداعية يشغل القطاعين العام والخاص بالمغرب    الزاوية الكركرية تواصل مبادراتها الإنسانية تجاه سكان غزة    القاضية مليكة العمري.. هل أخطأت عنوان العدالة..؟    "خزائن الأرض"    موسوعة تفكيك خطاب التطرف.. الإيسيسكو والرابطة المحمدية للعلماء تطلقان الجزئين الثاني والثالث    اَلْمُحَايِدُونَ..!    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



حول الجمعية المغربية لحقوق الإنسان والصحراء المغربية
نشر في هسبريس يوم 23 - 06 - 2010

الجمعية المغربية لحقوق (الإنسان) والحل (الديمقراطي) اللاديمقراطي لحل قضية الصحراء المغربية
من بين القرارات التي خرج بها المؤتمر الأخير للجمعية المغربية لحقوق( الإنسان) بخصوص النزاع المفتعل بالصحراء ، اعتماد الحل ( الديمقراطي ) في حله . فما المقصود بالحل الديمقراطي في المفهوم السياسي للجمعية التي يسيطر عليها تيار سياسي معروف بمعاداته لمغربية الصحراء منذ المؤثر الوطني الخامس عشر لمنظمة الاتحاد الوطني لطلبة المغرب المنعقد في الرباط في صيف سنة 1972 ؟ إن المقصود بتخرجة الحل ( الديمقراطي ) لا تعني في فكر أصحابها أكثر من الالتفاف على مصطلح الاستفتاء لتقرير المصير بتحويله إلى حل ( ديمقراطي ) . أي اطلاء صباغة كاشفة على شعار تقرير المصير باستعمال كلمة الحل ( الديمقراطي ) . وهو ما يعني في فكر أصحابه كذلك تبني نفس المواقف التي سبق لمنظمة إلى الإمام ان اتخذتها بخصوص نزاع الصحراء ، وهو ما يعني وقوف هذه الجماعة سواء في تنظيم ( النهج الديمقراطي ) الامتداد اليميني البرجوازي لمنظمة الى الإمام ، او امتداد المنظمة التنظيمي والإيديولوجي في الجامعة ( النهج القاعدي ) الى جانب أطروحة خصوم المغرب ،وهو الأمر الذي تضرع به البعض ليبرر انسحابه من المؤتمر ( حزب الطليعة الديمقراطي الاشتراكي ) وبعض ( المستقلين ) إضافة الى بعض أعضاء( الحزب الاشتراكي الموحد) متهمين قيادة الستاليني أمين ومن معه بالاستحواذ التنظيمي على الجمعية وتحويلها الى ناطق باسم النهج وليس باسم حقوق الإنسان المفترى عليها في خطابات وبيانات الجمعية البعيدة عن الدفاع عن مبادئ حقوق الإنسان كما هي متعارف عليها كونيا . ومن خلال الارتسام التي سجل عند الإعداد لعقد المؤتمر ، ومن خلال تتبع مسار الجمعية ، يتبين أن الصراع التنظيمي الذي تعيشه وعاشته الجمعية هو امتداد للصراع التنظيمي والمذهبي الذي كان يدور في رحاب( الاتحاد الوطني لطلبة المغرب )، سواء من خلال تحالفات اللوائح ، او من خلال الصراع بين التنظيمات التي كانت تنشط في ( أ و ط م )، وهو الوضع الذي عرف نهايته بالأزمة التي دخلها المؤتمر الوطني السابع عشر للاتحاد بسبب التناقض في المرجعيات والمواقف بين التنظيمات، وبسبب الموقف ألعدمي للقاعديين من النزاع بالصحراء ، وبسبب بروز التيار الإسلامي قويا ومزاحما للتيارات الشبه علمانية في الحقل الطلابي خاصة فصيل( جماعة العدل والإحسان) ، فصيل( التجديديون) وفصيل الميثاق ( البديل الحضاري) . من هنا يتضح ان موقف تنظيم (النهج الديمقراطي) داخل الجمعية بخصوص نزاع الصحراء ، لم يكن موقفا غريبا عن طقوس العمل النضالي اليومي الجماهيري من قضية مغربية الصحراء ، حيث لم يكتفوا بجعل نفسهم بمواقفهم العدمية هذه خارج الإجماع الوطني ، بل إنهم تخندقوا الى جانب البوليساريو والجزائر في معارضتهم للقرارات التي خرج بها مجلس الأمن خاصة القرار 1813 الذي استبعد الحلول التعجيزية ،أي إقرار مجلس الأمن بالإجماع باستحالة تنظيم الاستفتاء ، وهو ما يعني تبني المجلس لخيار الحكم الذاتي الذي تقدم به المغرب للخروج من وضع ستاتيكو الذي تتسبب فيه الجزائر ومرتزقتها . كما ان هذا الموقف ألعدمي من القضية الوطنية يخالف ما نصص عليه القرار 1871 الذي ركز على المفاوضات والحلول السياسية التي تعني بمنطق مجلس الأمن ، ان يقوم أطراف النزاع بتقديم تنازلات عن مواقفهما السابقة لتسهيل إيجاد حل في إطار لا غالب ولا مغلوب ، وهو ما يعني كذلك إشارة ايجابية من المجلس الى الحل المغربي بمقترح الحكم الذاتي واستبعاد حل الاستفتاء لتقرير المصير . و يعتبر الموقف ألعدمي لجمعية (حقوق الإنسان) النهج الديمقراطي، الذي نصص كذلك على حماية ( حقوق الإنسان ) بالصحراء تناقضا صارخا مع القرار الأممي لمجلس الأمن 1920 الذي استبعد تحويل المينورسو إلى مقيم عام يراقب أوضاع حقوق ( الإنسان ) بالصحراء ، مما يشكل مساسا بالسيادة المغربية . ان القرار الأخير لمجلس الأمن لم يذكر ولو كلمة واحدة بخصوص الاستفتاء لتقرير المصير الذي تطالب به الجزائر والمرتزقة ، والذي لونته حركة النهج باسم الجمعية المغربية لحقوق( الإنسان) ، بالحل( الديمقراطي) للتلاعب بمصطلح تقرير المصير .
ومن خلال الرجوع الى تاريخ المواقف العدمية لمنظمة الى الأمام منذ ان تأسست بصفة رسمية في 20 غشت 1970 ، يتضح ان مواقفها بخصوص نزاع الصحراء المغربية المفتعل كان يطبعه دائما التناقض الصارخ بسبب تغليب السياسي في معالجة الحقوقي ، الأمر الذي كان يؤدي وفي اغلب الحالات، ان تأتي المواقف انتهازية لخدمة مصالح أجنبية ( الجزائر والأوربيين المعادين للوحدة الترابية للمملكة ) ، ولم تكن تأتي بسبب قناعات إيديولوجية او مذهبية ( التحليل الماركسي اللينيني لتقرير مصير الشعوب الذي لا ينطبق على الحالة المغربية ) . لذلك فمنظمة الى الإمام حين كانت تنظر الى الصحراء فهي كانت تنظر الى الحكم والنظام السياسي ، ولمصالحها المرتبطة بنظام برجوازية الدولة في الجزائر . وهنا سوف لن نكتفي بإثارة الملاحظة عن حضور ممثل الجزائر أشغال مؤتمر الجمعية المغربية( لحقوق الإنسان) ، وسوف لن نكتفي بالإشارة الى الرسالة التي توصلت بها قيادة الجمعية التي هي قيادة النهج الديمقراطي من البوليساريو . بل لا بد من الإشارة الى ان منظمة الى الإمام التي تمثل النهج الديمقراطي امتدادها اليميني البرجوازي كانت طيلة السبعينات والثمانينات من القرن الماضي، مواظبة على حضور مؤتمرات البوليساريو التي كانت تعقد بالجزائر العاصمة ، كما ان قيادة الخارج للمنظمة كانت لها روابط إعلامية متينة مع البوليساريو في فرنسا ، بلجيكا ، اسبانيا ،هولندة .. بل ان منظمة الى الإمام كانت دائمة الحضور في المهرجانات التي كانت تقيمها البوليساريو في أوربة ضد الوحدة الترابية للمغرب . وبسبب عمالتها للجزائر لم تتردد منظمة الى الإمام في أوج الأزمة بين المغرب وبين الجزائر من توجيه برقية تهنئة للرئيس الجزائري الشاذلي بنجد يد بمناسبة انتخابه رئيسا للجزائر . هذا دون ان ننسى أطنان المنشورات والكراسات التي أصدرتها منظمة الى الأمام في داخل المغرب وفي خارجه بخصوص استقلال الصحراء واعتبارها بؤرة ثورية لتحرير المغرب من النظام الملكي ، ثم مساندتها الصريحة لأطروحة الجمهورية الصحراوية و الشعب الصحراوي التي بلغت قمتها خلال محاكمة يناير – يبرا ير 1977 بالدار البيضاء حين رددت داخل قاعة المحكمة شعارات ضد الوحدة الترابية للمملكة.. الخ . وان البيان السياسي الذي خرج به المؤتمر الخامس عشر لمنظمة الاتحاد الوطني لطلبة المغرب المنعقد بكلية العلوم بالرباط في 11 غشت 1972 كان كذلك قمة العدمية الوطنية التي وصلت إليها منظمة الى الأمام في تعاملها السلبي مع قضية الصحراء المغربية ، حيث تبنى المؤتمر الذي افرز قيادة مكونة من منظمة الى الأمام ( عبد العزيز ألمنبهي رئيسا ) ومنظمة 23 مارس ( عبد الواحد بالكبير نائبا للرئيس) قرارات اكبر من حجم المنظمة الطلابية ، حين تبنى المؤتمرون تقرير المصير في الصحراء ، الأمر الذي أعطى فرصة للدولة في إصدار قرار 24 يناير 1973 القاضي بالحضر الذي دام ست سنوات .
هكذا إذن وابتداء من سنة 1974 ستكشف منظمة الى( الإمام) ( رفاق النهج الديمقراطي) حاليا ،الشعب الصحراوي المزعوم الذي لم يسبق أبدا السماع به حين شرعت بلاد المغرب العربي في الحصول على استقلالها ، كما لم يسبق ان سمع بهذا الشعب الذي تقدسه منظمة الى الإمام والنهج الديمقراطي ، عندما استرجع المغرب مدينتي سيدي افني وطرفية . ففي ذلك الوقت لم يكن احد في العالم يتكلم عن أطروحة الشعب الصحراوي او الجمهورية العربية الصحراوية .. ان المحلل لأدبيات منظمة الى الإمام ومنها الآن حركة النهج الديمقراطي والنهج القاعدي و خاصة الاستناد على بعض الكراسات مثل ( طريقان لتحرير الصحراء الغربية : طريق وطني ثوري وطريق برجوازي شوفيني ) ثم كراس ( نظرية الثورة في المغرب العربي ) سيصاب بالغثيان ، بسبب ان التاريخ والحقائق شيء ، في حين بقي التنظير شيء آخر ، وهو ما تم تجاوزه لما تراجع العديد من اطر التنظيم عن الأطروحات العدمية لصالح مغربية الصحراء . ان هذا التناقض في المواقف المتباينة لليسار المتطرف لم تقف عند هذا الحد ، بل ان كل ملاحظ سيكتشف ان التناقض في المواقف، هو ما كان يطبع التحليل السياسي الخاطئ للمنظمات المتطرفة . فعندما خرجت منظمة الى الإمام عن حزب التحرر والاشتراكية في صيف 70 ، اعتبرت المنظمة في تحليلها، ان الصحراء كانت جزءا لا يتجزأ من المغرب ،فبثرة منه بسبب التكالب الامبريالي الاستعماري خاصة الخنزير الاسباني على المغرب . واعتبرت المنظمة التي كانت تعكس تصورات التيار ألعدمي بخصوص القضية الوطنية ان الجماهير الصحراوية لا تشكل شعبا مستقلا عن الشعب المغربي ، وان الحل ( الديمقراطي ) مثل الآن يكمن في تقرير المصير للجماهير في الصحراء ، ليس بدافع الاستقلال وتأسيس دولة ضعيفة بالمنطقة ، لكن تقرير المصير سيكون بدافع الانضمام الى المغرب ، وتوحيد نضال الجماهير في الصحراء بنضال الجماهير المغربية في الأجزاء المحررة لإقامة نظام ( الجمهورية الديمقراطية الشعبية ). وقد استمرت منظمة الى الإمام مثل امتدادها البرجوازي اليميني ( حركة النهج الديمقراطي ) الآن في ترديد نفس الترهات حتى أواخر سنة 1977 حين ستكتشف على حين غرة اسطوانة الشعب الصحراوي والجمهورية العربية الصحراوية . رغم ان تأسيس المنظمة يرجع إلى 20 غشت 1970.
يعتبر البيان السياسي العام الذي خرج به المؤتمر الوطني الخامس عشر لمنظمة الاتحاد الوطني لطلبة المغرب المنعقد بالرباط بكلية العلوم في 11 غشت 1972 ، موقفا ثانيا عبرت عنه الحركات اليسارية المتطرفة ( الجبهة الماركسية ) بخصوص تحديد الموقف من الصحراء ، حيث عبر المؤتمرون صراحة عن حق ( الشعب الصحراوي في تقرير المصير المؤدي الى الانفصال ) . واذا كان هذا الموقف يبدو أكثر تطرفا من الموقف الأول ، فان منظمة إلى الأمام وبتنسيق مع منظمة 23 مارس أصدرتا بيانا مشتركا في 24 يونيو 1974 تعتبران فيه : " .. ان الصحراء شكلت تاريخيا جزءا لا يتجزأ من المغرب . ان الاستعمار الاسباني قد عمل كل ما في وسعه لتكسير هذه الوحدة ، وفصل الصحراء عن المغرب " وفي آخر البيان تدعو المنظمتان " .. الى بناء هذه الوحدة التي يريد الاستعمار تكسيرها ، لكن على أسس كفاحية وطنية وديمقراطية في إطار جمهورية ديمقراطية شعبية . ان هذا الهدف يفرض دمج كفاح التحرر الوطني لجماهير الصحراء ، بكفاح شعبنا من اجل كفاح واحد ، وجبهة واحدة ..". والملاحظ ان هذا الموقف يختلف بعض الشيء عن الموقف الذي اقره البيان السياسي الذي خرج به المؤتمر الوطني الخامس عشر لمنظمة الاتحاد الوطني لطلبة المغرب .
منذ سنة 1977 ستكتشف منظمة الى الإمام فجأة ( الشعب الصحراوي)ودون ان تكلف نفسها عناء تقديم اية دراسة تاريخية وسياسية علمية حول الموضوع و لتبرهن فيها عن كيفية انبثاق الوعي الشقي عندها بوجود شعب متميز في الصحراء المغربية . وقد اندفعت منظمة الى الإمام في اكتشافاتها في آخر لحظة الى حد الاعتراف بالجمهورية الصحراوية وحضور احتفالاتها ومؤتمرات أداتها البوليساريو . وبلغت بها الخيانة قمتها لما أبرقت برسالة تهنئة للرئيس الجزائري الشاذلي بنجديد بمناسبة انتخابه على رأس الدولة الجزائرية في مايو 1979 ، رغم ان العلاقات بين المغرب والجزائر كانت جد متوترة .
ان كل محلل للخطابات التي روجت لها منظمة الى الإمام في السابق ، وتروج لها حركة النهج الديمقراطي الآن ومن خلال الجمعية المغربية لحقوق ( الإنسان ) سيكتشف وبكل سهولة ان المنظمة لم تكن تستند في مواقفها على أطروحة معينة ، لكنها كانت تستند على الجانب الانتهازي ألمصلحي لإضعاف النظام السياسي المغربي . ولنفرض على سبيل المثال ان شعارها بتقرير المصير كان بسبب قناعات ماركسية لينينية ، فان تعاملها مع النصوص الماركسية التي أصبحت متجاوزة الآن ، كان تعاملا ميتافيزيقيا وكتبيا ولم يكن تعاملا جدليا . ان الماركسية كفلسفة تدعي العلمية يفرض فيها ان تخضع جميع المبادئ مهما كانت قدسيتها للتحليلات العينية الملموسة للحالة المحددة التي هي قيد البحث والتحليل . وعليه ومن الوجهة الماركسية واللينينية ، فان نفس المبدأ يمكن ان يكون قابلا للتطبيق هنا ، وغير قابل للتطبيق هناك . ولينين حين اعترف بحق الشعوب في تقرير مصيرها ، فذلك لتحررها من الامبريالية والاستعمار ، وليس بهدف انفصالها عن وطنها لتكوين دويلات قزمية تكون عميلة للاستعمار بسبب ضعف بنيتها . لقد كان الاستفتاء لتقرير المصير الذي تسميه( النهج الديمقراطي) ب (الحل الديمقراطي ) الآن ومن خلال الجمعية المغربية لحقوق (الإنسان ) جائزا ومشروعا لما كانت الصحراء المغربية مستعمرة من طرف الخنزير الاسباني . والمغرب الذي كان شاعرا بجسامة المسؤولية طالب ومن منبر الأمم المتحدة بتقرير المصير في الصحراء في ستينات القرن الماضي . لكن لما استرجع المغرب الصحراء ، أصبح تقرير المصير المؤدي الى الانفصال عملية غير مقبولة لأنها تتعارض مع الشرعية التاريخية والدولية التي تفهمت حقيقة الصراع ، حين اصدر مجلس الأمن وبالإجماع القرار 1813 الذي استبعد الاستفتاء ، والقرار 1871 الذي بدوره استبعد تقرير المصير مركزا على الحل السياسي والمفاوضات لإيجاد مخرج مقبول وفي إطار لا غالب ولا مغلوب . والقرار 1920 الذي استبعد تدخل المينورسو في قضايا حقوق الإنسان بالمنطقة ، وركز على المفاوضات ودون ذكر ولو كلمة واحدة عن حل الاستفتاء لتقرير المصير الذي تتمسك به حركة النهج الديمقراطي ، خارج إجماع الأمة ، وضدا على المشروعية الدولية التي اقرها مجلس الأمن من خلال التقارير السابقة .. واذا كانت قيادة المنظمات اليسارية المتطرفة قد حملت المنظمة الطلابية ما لا طاقة لها به حين أدمجت حق تقرير المصير في الصحراء في البيان السياسي الذي صدر عن مؤتمري المؤتمر الوطني الخامس عشر ، حيث تم استغلال هذا الخطأ القاتل لتبرير صدور قرار 24 يناير 1973 القاضي بحظر منظمة الاتحاد الوطني لطلبة المغرب ، واستمرار هذا الحظر لمدة ست سنوات الى صيف 1979 تاريخ انعقاد المؤتمر الوطني السادس عشر ، فهل تركيز الجمعية المغربية لحقوق ( الإنسان ) في مؤتمرها الأخير على الحل ( الديمقراطي ) الذي يعني الاستفتاء لتقرير المصير يعد خطا استراتيجيا يعيد تكرار خطا المؤتمر الوطني الخامس عشر ل ( أ و ط م ) ؟
لقد طرحت بعض الأسئلة عن سبب انسحاب أعضاء ( حزب الطليعة ) بعض ( المستقلين ) وأعضاء ( الحزب الاشتراكي الموحد ) من أشغال المؤتمر . وتراوحت الأسئلة بين التركيز على مسار الجمعية ومواقفها بالنسبة لبعض القضايا ذات الحساسية مثل قضية الصحراء المغربية ، وبين التركيز على الاختلافات الإيديولوجية والتنظيمية رغم ان الجمعية في هدفها ( الدفاع عن حقوق الإنسان ) . وبدورنا نجزم ان مثل هذه الانسحابات هي عملية روتينية عادية وتمثل امتدادا للانسحابات التي عرفتها جل المؤتمرات التي عقدتها منظمة الاتحاد الوطني لطلبة المغرب . ان الصراع الذي دار في مؤتمر الجمعية بين الفصائل التي تشتغل فيها ، لم يكن صراعا بسبب الموقف من نزاع الصحراء ، او بسبب اختلافات إيديولوجية او تنظيمية ، لكن كان بسبب الاستحواذ والرغبة في السيطرة على الأجهزة التنفيذية والمقررة في الجمعية . لقد طالب المنسحبون الذي يشكلون قلة باعتماد نظام المحاصة لاقتسام المقاعد، رغم ان هذا النظام لا ينسجم وقوتهم داخل الجمعية ، مما يشكل تناقضا حتى لنظام النسبية الذي يحتفظ بتمثيلية تتماشى مع قوة التنظيم او التيار ، في حين رأى أعضاء النهج الديمقراطي ان تنظيم الكوطة هو ضد الديمقراطية التي تفرزها صناديق الاقتراع ، فكان اللجوء الى الانتخاب المباشر استجابة للأغلبية التي مثلتها لائحة النهج الديمقراطي . وبالرجوع الى مختلف الانسحابات التي عرفتها منظمة الاتحاد الوطني لطلبة المغرب ، سنجد ان سبب الانسحاب كان بسبب التعارض بين الأغلبية المغلفة بطابع الاستحواذ والسيطرة ، وبين الأقلية التي كانت تطالب بتطبيق نظام المحاصة في تمثيلية التيارات والتنظيمات في الأجهزة المقررة . لقد انسحب الاتحاد الوطني للقوات الشعبية وتبعه طلبة حزب التحرر والاشتراكية من أشغال المؤتمر الخامس عشر للاتحاد الوطني لطلبة المغرب بسبب الصراع في السيطرة على المنظمة . وقبل المؤتمر الخامس عشر انسحب اليساريون الماركسيون من أشغال المؤتمر الوطني الرابع عشر بحجة سيطرة اليمين ( الاتحاد الوطني للقوات الشعبية ) على المنظمة ، وانسحب الاتحاد الاشتراكي للقوات الشعبية من أشغال المؤتمر الوطني السابع عشر بحجة ان اغلبيه المؤتمرين كانت تنتمي إلى فصيل القاعديين المتحالفين مع لائحة رفاق الشهداء المعارضين للمكتب السياسي في حزب الاتحاد . وقبل هذا المؤتمر كاد المؤتمر الوطني السادس عشر ان يعرف انسحاب القاعديين بدعوى سيطرة الائتلاف الثلاثي اليميني على أشغال المؤتمر ( الاتحاد الاشتراكي للقوات الشعبية ، حزب التقدم والاشتراكية و منظمة العمل الديمقراطي الشعبي ). والآن وبعد كل الذي حصل يطرح سؤال ما العمل لتجاوز هذا الشرخ بسبب حب السيطرة والاستحواذ ؟ وهل واقع الجمعية الآن في طريقه الى المشاكل التي عرفتها منظمة الاتحاد الوطني لطلبة المغرب التي وان كانت الدولة قد رفعت عنها حظر 28 يناير ، فإنها الآن تعيش حظرا ذاتيا أكثر جسامة من الحظر الأول ؟
اذا كان رئيس الاتحاد الوطني لطلبة المغرب المنبثق عن المؤتمر الوطني الخامس عشر الأستاذ عبد العزيز ألمنبهي قد قدم نقدا بخصوص أخطاء المؤتمر 15 ، خاصة في الجزء المتعلق بالاعتراف بتقرير المصير في الصحراء ، فان تركيز الجمعية المغربية لحقوق ( الإنسان ) في مؤتمرها الأخير على تبني الحل ( الديمقراطي ) الذي يعني الاستفتاء لتقرير المصير في الصحراء ،قد وضع الجمعية الناطقة الآن باسم النهج الديمقراطي خارج إجماع الأمة ، وضد اعلى الحقوق المشروعية للشعب المغربي التي أكدها مجلس الأمن مؤخرا من القرارات 1813،1871 و القرار 1920 . وهو ما يعني تخندق الجمعية ( النهج الديمقراطي ) الى جانب أطروحة الجزائر وجبهة البوليساريو . الأمر يثير أكثر من علامة استفهام بخصوص التعامل مع القضايا الوطنية للأمة المغربية . ان الطعن في مغربية الصحراء هو طعن في نضالية جيش التحرير المغربي في الجنوب ،طعن في شهداء القوات المسلحة الملكية وشهداء الشعب المغربي ، وطعن من الخلف في مشروعية الحقوق التاريخية المغربية . والسؤال اذا لا قدر الله وانفصلت الصحراء عن المغرب كما تحلم بذلك حركة النهج الديمقراطي والنهج القاعدي ، كيف سيكون وضع المغرب أمام عدوه الجزائر ؟ هل الجيش المغربي والشعب المغربي سيقبلون بمغرب ضعيف أمام الجزائر العدو الحقود الذي يريد الاستحواذ على المنطقة للانفراد بتقرير مصيرها بالتحالف مع أعداء العرب والمسلمين؟


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.