بوادر ومقدمات صعود وهيمنة أحزاب اليمين المتطرف على برلمان الإتحاد الأوربي مما يشكل بذلك حدثا فارقا في تاريخ العالم ككل خصوصا بسبب تلك المواقف التي عرفت بها هذه الأحزاب من السياسة الخارجية ومن قضايا الهوية الأوربية، مما سيجعل السياسة العالمية تنقسم رأسا على عقب. فقط أستحضر هنا سيناريو واحدا بالنسبة لذلك، فقد كشفت وكالة الأنباء العالمية "إنتر بريس سرفيس" في مقالة لها بعنوان "أوروبا تضاعف عمليات طرد اللاجئين والمهاجرين" أن عدد طالبي اللجوء والمهاجرين الذين طردتهم حكومات الدول الأعضاء في الإتحاد الأوروبي بالتنسيق فيما بينها، قد ارتفع بنسبة ثلاثة أضعاف في الأعوام الثلاثة الأخيرة، وفقا لبيانات حصلت عليها الوكالة ذاتها. كما وتفيد هذه البيانات بأن عدد اللاجئين والمهاجرين الذين طردتهم الحكومات الأوروبية من أراضيها قد تجاوز 1,570 فردا أثناء الفترة من أول يناير ومنتصف ديسمبر من عام 2010، تم ترحيلهم في 31 رحلة جوية نسقتها وكالة الحدود الخارجية التابعة للإتحاد الأوروبي "فرونتيكس". وبصعود أحزاب اليمين المتطرف بالإضافة إلى الأزمة الإقتصادية التي تعانيها دول الإتحاد الأوربي أضحى المهاجرون من مختلف دول العالم والمقيمون بأوربا مهددون بالطرد خصوصا مع تفاقم هذه الأزمة العالمية. وبتحقيق حزب الجبهة الوطنية المتطرف المفاجأة في فرنسا دولة الأنوار بتصدره نتائج الانتخابات الأوربية في برلمانها بعد ذلك الذي حققه في الانتخابات البلدية بفرنسا التي جرت في شهر مارس الماضي عندما فاز ب 10 بلديات. نكون على أبواب مرحلة سياسية جديدة بأوربا ليفتح الأبواب شارعة أمام الأحزاب اليمينية المتطرفة في باقي بلدان الاتحاد الأوربي الأخرى. وفي أول رد فعل على ذلك، دعا الرئيس الفرنسي فرانسوا هولاند في كلمة متلفزة موجهة للشعب الفرنسي يوم الإثنين كافة المواطنين والمؤسسات إلى الدفاع عن مبادئ الجمهورية وإلى التلاحم وعدم التخلي عما تمثله فرنسا ومكانتها ومركزها في العالم وهذا يدل على استشعار قوي من لدن فرنسا بهذا الخطر الداهم الذي يهدد أوربا وفرنسا والعالم ككل. ومن عوامل انتشار أحزاب اليمين المتطرف بأوربا هو اندماج الدول الأروبية في الاتحاد الأوروبي الأمر الذي أشعل اهتمام الأروبيين بأصولهم القومية كل دولة على حدة، كما أن انتشار البطالة في أروبا والركود الاقتصادي الذي تعرفه بين الفينة والأخرى إضافة إلى الأزمة الاقتصادية العالمية جعلت الأروبيين ينظرون بعين الريبة إلى الأجانب الذيم يرون فيهم مزاحمين على الوظائف وخاصة المسلمين منهم، وانطلاقا من هنا ظهرت دعوات إلى كبح جماح الهجرة والتضييق على المهاجرين، بل أصبحت ردود الأفعال العدائية تجاه العرب برنامجا انتخابيا لدى بعض الأحزاب اليمينية الأروبية. ومن خلال هذه المعطيات تكمن الخطورة، حيث سيتصبح وضعية المهاجرين في أوربا بما فيهم المغاربة في خبر كان مما سيثقل كاهل الدولة المغربية ويصدر ويعمق الأزمة الإقتصادية العالمية عبر العالم. فتح الأبواب أما صعود اليمين المتطرف بأوربا يستدعي أكثر من وقفة خصوصا وأن هناك مصالح متبادلة بين أوربا والمغرب وبالتالي يجب على الدبلوماسية المغربية أن تتحرك نحو طمأنة أكثر لمهاجريها خصوصا بفرنسا وباقي الدول الأوربية التي تبدو فيه معالم صعود اليمين المتطرف بادية من خلال آخر المؤشرات خصوصا وهي تتزامن مع حزمة إجراءات لمواجهة تداعيات الأزمة الإقتصادية العالمية ومحاربة الفساد والإستبداد بالبلاد، وكذا مواقف هذه الأحزاب من قضايا الوحدة الترابية وعلاقاتها الدبلوماسية مع أحزاب توازيها في الطرح بدول أخرى.