اتفق خبراء ووسائل إعلام جزائرية على إلقاء اتهامات ضمنية صوب المغرب في سعيه على إفشال وساطة الجزائر لحل الأزمة السياسية والأمنية التي تشهدها مالي، خاصة بعد تجدد المعارك الدموية في منطقة كيدال شمال البلاد، والتي أسفرت أخيرا عن قتلى وجرحى ومختطفين. وكان المغرب قد بادر إلى التنديد بمجريات الأحداث التي وقعت شمال مالي، وانتقل وزير الخارجية صلاح الدين مزوار إلى باماكو، في زيارة عاجلة لم تكن مبرمجة، من أجل التقاء الرئيس إبراهيم بوبكر كايتا، وإبلاغه رسالة من الملك محمد السادس يدعوه فيها إلى نهج الحوار والحكمة لحل الأزمة. رسالة الملك للرئيس المالي، عبر وزير الخارجية المغربي، قرأتها صحف جزائرية على أنها محاولة من أجل "التشويش على نتائج جولة وزير الخارجية الجزائري رمطان لعمامرة إلى مالي، مبرزة أن الجزائر تلقت دعم دول منطقة الساحل لمباشرة "حوار سياسي شامل" مع كل أطياف الحركات السياسية لحل الأزمة في شمال مالي. وزعمت جرائد جزائرية بأن المغرب يطمح ليكون له موطئ قدم في منطقة الساحل الإفريقي، من خلال دعم مواقف حركة تحرير أزواد، والتي تمثل متمردي طوارق شمال مالي، مشيرة إلى لقاء سابق للعاهل المغربي في مراكش مع الأمين العام لهذه الحركة. وربطت مخيلة صحف جزائرية زيارة مزوار بزيارة قام بها لعمامرة قبله لدول منطقة الساحل، مالي وموريتانيا وبوركينافاسو، لافتة إلى أن "الجزائر تلقت الضوء الأخضر والدعم من قِبل الحكومة المالية للشروع في الحوار الشامل مع الفرقاء في شمال مالي لحل الأزمة". وذهبت المصادر الإعلامية ذاتها إلى أن "الرباط وجدت نفسها خارج ترتيبات معالجة الأزمة المالية"، ما دفعها إلى محاولة "التشويش على جهود الجزائر التي أوكل لها تنظيم جلسات الحوار السياسي بين حكومة باماكو والحركات المسلحة في الشمال". وقالت ذات الصحف إن النظام المغربي يستخدم "الحركة الوطنية لتحرير أزواد" من أجل تحقيق مآربه في المنطقة، قبل أن تشير إلى أن الدبلوماسية المغربية منيت بهزيمة عندما دعت الجمعية الوطنية المالية "البرلمان" أخيرا كافة الدول التي وصفتها ب"الصديقة" من أجل وقف كافة أشكال التعامل والعلاقات مع الحركة الوطنية لتحرير أزواد. وفي السياق ذاته انبرى محللون أمنيون إلى التلميح للمغرب، دون أن يسموه عينا، بكونه متورط في المواجهات المسلحة التي عرفتها منطقة كيدال قبل أيام قليلة، ومنهم الخبير علي زاوي الذي صرح أخيرا لجريدة عربية بأن "تجدد المواجهات في كيدال مؤامرة دبرتها قوى إقليمية ودولية لضرب جهود الوساطة التي تقوم بها الجزائر". وقال زاوي إن "الهجمات التي شنتها قوات الحركة الوطنية من أجل استقلال أزواد لم تكن اعتباطية أو صدفة، مؤكدا أن "الأمر يتعلق بمخطط حضر له منذ بضعة أسابيع، وذلك من أجل ضرب جهود الوساطة التي تقوم بها الجزائر للتوصل إلى مصالحة بين أطراف النزاع في مالي". وأفاد المحلل بأن "العودة إلى اللا استقرار في مالي يخدم مصالح الدول التي تريد أن تبقى حدود الجزائر الجنوبية ملتهبة، الأمر الذي يفرض عليها بذل جهود وتوفير إمكانيات ضخمة من أجل تأمين حدودها" وفق تعبيره.