أثار قرار وزير الأوقاف والشؤون الإسلامية، أحمد التوفيق، في إحدى جلسات البرلمان الأخيرة، التدخل لإيجاد "حل" لساكنة منطقة سيدي بوزكري بمكناس، ورفضه تمليك أراضي "الوقف" لأي شخص، (أثار) حفيظة أحفاد الولي الصالح سيدي بوزكري، الذين يتهمون وزارة الأوقاف بالتصرف في أرضهم بالتفويت والبيع و"العبث" بقطع أرضية، دون سند قانوني أو شرعي. قصة أراضي سيدي بوزكري، تعود لأزيد من تسعة قرون، حسب تصريحات أحدهم ل"هسبريس"، وهو مهدي بوزكري، الذي يؤكد أن الأراضي سكنها وامتلكها وتصرف فيها أبناء وأحفاد الولي الصالح بمقتضى ظهائر شريفة ووثائق عدلية وإدارية بما فيها الجريدة الرسمية، مشيرا أن العقار محفظ منذ 1934 تحت رقم 4650ك بالمحافظة العقارية بمكناس، بمساحة كانت تناهز 596 هكتار، قبل أن تصبح الآن فقط 52 هكتارا. "النزاع المفتعل" حول الوضع القانوني والشرعي، انطلق عام 1976، "امتدت على هذا العقار يد وزارة الأوقاف والشؤون الإسلامية من خلال نظارة الأوقاف بمكناس بدعوى مراقبة التصرف في حبس معقب، وهو ادعاء لم نعثر على أي وثيقة شرعية تبرره"، يقول مهدي، مضيفا "المعاناة استمرت لحد الساعة بعدما تأرجح الملف بين المحاكم بمختلف مستوياتها". ويستند الحفدة في أحقيتهم "الكاملة" في الأرض، وفق وثائق اطلعت عليها "هسبريس"، على خمس ظهائر شريفة من عهد السلطان سيدي محمد بن عبد الله إلى عهد السلطان مولاي عبد العزيز، وعدة رسوم عدلية ترسخ للملكية وكذا مستخلصات الجريدة الرسمية بتاريخ 7 نونبر 1922 و19 نونبر 1924 و20 ماي 1925، إضافة إلى مطلب التحفيظ الصادر في الجريدة الرسمية رقم 1150 بتاريخ 09 نونبر 1934، وقرارين للمجلس الأعلى للقضاء تحت رقمي 924 ليوم 20 مارس 1991 و1703 ليوم 8 أبريل 1999. وتظهر وثائق حصلت عليها "هسبريس" أن لجنة مختصة تابعة للوزارة المعنية انتهت، عند تطبيق الظهير الشريف الصادر في 1977 الخاص بتصفية الأحباس الخاصة والمعقبة، إلى "عدم إمكانية تطبيق مقتضياته على أراضي سيدي بوزكري"، فيما قال مهدي بوزكري إن الوزارة عمدت إلى التصرف ك"مشرع وقاض ومنفذ"، ثم إلى مقاضاة حفدة سيدي بوزكري "بدعوى الاحتلال غير الشرعي لهذا العقار". النازلة التي تم طرحها عام 1991 على القضاء ابتدائيا واستئنافيا، وعلى مستوى المجلس الأعلى، انتهت بتأكيد حق الحفدة في الحيازة والتصرف وبنفي صفة الاحتلال الغير الشرعي، يوضح مهدي في هذا الموضع قائلا "انتهى قرار المجلس الأعلى برفض نظارة الأوقاف مكناس استنادا على نقطتين، هي عدم وجود لفظ "المحبس" الذي يثبت وحده نوعية.. وانعدام الصفة لمقاضاة الحفدة التي ما فتئت هذه الوزارة تساندهم منذ سنين". ويعود المشكل الأساسي في قضية أراضي/حبوس سيدي بوزكري حين أقدمت وزارة الأوقاف إلى وضع عبارة "حبوس" أثناء التحفيظ في السجل العقاري، "دون أي سند شرعي أو قانوني"، حسب مهدي بوزكري، "ما حدى بالمحافظة العقارية إلى تسليم شهادات يكتنفها التأرجح بين بلاد سيدي بوزكري أو ملك وأحباس سيدي بوزكري أو حبوس.."، مشددا على أن هناك دراسات ومخطوطات تبين ألا أثر ل"حبس" سيدي بوزكري. وردا على ما أثير أخيرا حول تأكيد وزير الأوقاف والشؤون الإسلامية، أحمد التوفيق، على ملكية الوزارة لأراضي سيدي بوزكري، وما تعرفه تلك الأراضي من مشاكل سكانية اجتماعية، يقول مهدي بوزكري، في تصريح ل"هسبريس"، أن تلك الأحداث فرضها الاستناد على أطروحة خاطئة "حين ادعت الوزارة حبوسية هذه الأرض دون الرجوع إلى الوثائق التي تحدد الوضع القانوني لهذا العقار طبقا للشريعة الإسلامية، والمراجع التاريخية والقانونية.. لأن الوزارة لا تتوفر أصلا على أي وثيقة تثبت ادعائها". ويضيف بوزكري أن الوزارة أصبحت تكتري وتبيع وتفوت بطريقة "سلطوية" قطعا من تلك الأراضي، "فضيحة المقبرة لا زالت شاهدة، حيث أن عقد البيع في حد ذاته مهزلة ومأساة لخلق مقبرة أصبحت بين عشية وضحاها تجزئة سكنية وعمارات تندد شكلا ومضمونا". بلاغ صادر بإسم بعض حقد سيدي بوزكري، حصلت "هسبريس" على نسخة منه، تساءل قائلا "أين كانت وزارة الأوقاف بمكناس حين صدر القرار الوزاري المؤرخ يوم 25 أكتوبر 1922 حول نزع ملكية هكتارين و56 آر مع ذكر المالكين اسما وسنا ولا أثر فيه لنظارة الأوقاف"، مشيرا أن واقع الأمر أن الوزارة ومنذ 19 أبريل 1976 "أصدرت بلاغا نشر في إحدى اليوميات.. تمنع بمقتضاه كل تعامل مع حفدة سيدي بوزكري فنصّبت نفسها شططا خصما وحكما وانتقلت إلى مرحلة الفوضى". ويطالب بوزكري، بإسم الحفدة المتبقين، بإيفاد لجنة للبحث "إطار محاربة الفساد"، وذلك بغرض "الضرب بكل استعجال على يد العابثين الانتهازيين ممن نصبوا أنفسهم فوق الحق والقانون"، على حد قوله، مع ضرورة تدخل القضاء لإثارة الوضع القانوني لأراضي سيدي بوزكري.