لقد فتحت الأخت مايسة بمقالها( فتوى د الرشوة) موضوعا دسما وهو موضوع الظلم الواقع على المرأة في مجتمعاتنا العربية عموما والمجتمع المغربي خصوصا .وما ذكرته عن الإبتزاز المادي الذي يمارسه بعض الرجال على المرأة ما هو إلا قطرة من سيل . إن ما حققته المرأة العربية المسلمة من مكتسبات في مجتمعاتنا من المحيط إلى الخليج أمر لا نستطيع أن ننكره . لكننا في الوقت نفسه لا نستطيع أن ننكر وجود قاعدة عريضة من النساء تعاني الوأد بكل معانيه المادية والمعنوية على السواء .نساء تعاني من جرائم ترتكب في حقها لا يعاقب عليها القانون . إنها جرائم وأد ترتكب باسم الزوجية تارة، وباسم الأمومة تارة، وباسم الإسلام تارة أخرى . لكنها في جوهرها تشترك مع سابقاتها في كونها ليست سوى إذعانا لتقاليد وعادات بائسة يتمسك بها المجتمع ما أنزل الله بها من سلطان .( وإذا قيل لهم اتبعوا ما أنزل الله قالوا بل نتبع ما ألفينا عليه آباءنا أفلو كان آباؤهم لايعقلون شيئا ولا يهتدون ).سورة البقرة / الآية 91. إن مايقع على المرأة من ظلم لا يمكن أن يكون من الإسلام في شيء فالإسلام ما جاء إلا ليمحو الظلم وينشر قيم العدل والحق في المجتمعات الإنسانية ، وما كان إلا ليمنح كل ذي حق حقه. فلاحق في الإسلام لأحد على حساب الآخر حتى لو كان هذا الأحد ابنا أو زوجا وهذا الآخر أما أو زوجة . وكيف يكون كذلك وهو الدين الذي منح حتى الحيوان حقه في الحياة فجعل في كل ذي كبد رطب صدقة ، وأدخل امرأة النار في هرة حبستها لاهي أطعمتها ولا هي تركتها تأكل من خشاش الأرض !! وما أشبه تلك القاعدة العريضة من النساء بتلك الهرة المسكينة، وما أشبه مجتمعاتنا العربية البائسة بتلك المرأة القاسية . فلا هي ساعدتها على أن تحيا حياة كريمة ، و لا هي تركتها تجد سبيلا إلى الهروب مما هي فيه .بعد أن جردتها من كل ما قد تواجه به الحياة . هي مجتمعات أصرت على أن تلغي كل شيء داخل هذا الكائن البشري عدا الأم و الزوجة . وكأن ذات المرأة هي أم وزوجة فقط . في حين أن الأم لا تكون أما والزوجة لا تكون زوجة إلا إذا كانت قبل ذلك إنسانة كاملة تمتلك كل مقومات ذاتها . فكيف ومن أين لها إذن وهي التي تفقد الكثير من ذاتها أن تمنح وتربي ذواتا أخرى ؟! و منذ متى كان فاقد الشيء يعطيه ؟!! الأم مدرسة إذا أعددتها أعددت شعبا طيب الأعراف ، بيت رددناه كثيرا وتغنينا به ونحن صغار.. لكن السؤال هو: بما أعددناها؟ ولما أعددناها؟وما هو السلاح الذي منحناها لتواجه به الحياة؟؟ نحن بكل بساطة هيأناها منذ طفولتها المبكرة لأن تكو ن تابعة. هيأناها لأن تكون زوجة وأما فقط مع احترامي لوظيفة الأم والزوجة بداية من ألعاب الطفولة إلى لعبة البحث عن العريس ؛ ذلك الرجل الخارق الذي يملك بيده كل مفاتيح السعادة والعصا السحرية لكل الأمور المستعصية .ولكم أن تنظروا حولكم لتروا المهزلة .!! أسواق وبناتنا فيها سلع تعرض في سبيل الظفر بعريس .!!ونعم الطموح!!! إن اقصى طموح نزرعه في هذا الكائن البشري الجميل بكل مقوماته وخصوصياته هو البحث عن رجل تسلمه نفسها وحياتها ومصيرها لتصطدم بعد ذلك بالواقع المرير وتكتشف أن لعبة الحياة هي أكبر منها ومن ذاك الرجل الذي هيأناها لأن تعقد عليه كل الآمال وتعتمد عليه في ضمان حياتها .أوالأصح أن نقول تتوكل عليه، في حين أنه لاتوكل إلا على رب العباد . بل حتى التوكل قد وضع له الإسلام شرطا والرسول يقول : أعقلها وتوكل . فأين نحن في تربيتنا لبناتنا من أعقلها إذن ؟! نحن نعلم جيدا أن الإسلام قد كرم المرأة فجعل القوامة للرجل وجعله المسؤول عنها وعن الأسرة . ونعلم أنه قد كفل لها كل حقوقها المادية ابنة ومخطوبة وزوجة وأما ومطلقة وحاضنة وأرملة ... وأوصى الرجال بالنساء خيرا واعتبرهن شقائق الرجال . وكل ما هو من الدين نسلم به تسليما مطلقا و بدون أدنى نقاش . والشريعة الإسلامية منزهة عن أي نقصان . لكن شأننا مع المرأة يظل كباقي شؤون حياتنا وديننا؛ الإسلام فيه ينحو منحى ونحن ننحو المنحى المعاكس .وهنا السؤال :هل كل رجال المسلمين يتقون الله في نسائهم ؟؟وبما أن الجواب هو لا طبعا فأين أسلحة المرأة في مواجهة هؤلاء ؟؟ هل نقول لها اصبري واحتسبي ولك الجنة ؟؟ أظن أن الصبر يكون على أمور يعجز العبد عن حلها لكن أمر المرأة حله واضح و بأيدينا . فنحن من نملك أن نصنع منها امرأة قوية بأن لا نقتل فيها روح الطموح والإبداع ونجعلها إنسانا مؤهلا لأن يتكفل بنفسه ويدافع عنها عندما يستدعي الأمر ذلك . فالحياة ليست رجلا يطاع وأبناء تربيهم فحسب . الحياة هي قبل كل شيء عيش بكرامة وعزة نفس . وأين هذه الكرامة لدى الكثير من النساء العربيات المسلمات اللائي يعشن التعاسة والوحدة والعذاب المرير ويتحملن زيجات فاشلة غابت فيها المودة والرحمة والسكن ويعشن مع أزواج هن لهم كارهات لالشيء سوى لأنهن لايملكن خيارا آخر سوى الحياة التي يعشنها ولا يملكن الجرأة على مواجهة الحياة بمفردهن بدون رجل وكما يقول المثل المصري ( ظل راجل ولا ظل حيطة )؟؟؟؟. وحتى إذا ما سولت لإحداهن نفسها أن تنجو مما هي فيه واستجمعت قواها وقررت أن تواجه . وجدت من يقف في وجهها يجرمها بدون جريمة ويتهمها بالأنانية ويذكرها بالضمير وبالواجب وغيرها من الكلمات الكبيرة التي نجيد كثيرا استعمالها مع غيرنا .فكيف تجرؤ على التفكير في الطلاق ؟!! عيب وحشومة طبعا !! والكلمتان هذه المرة في غير مكانهما يا أخت مايسة !! كيف تجرؤ وهي الأم التي من أسمى وظائفها أن تحافظ على الأسرة ؟!قد يقبلون بالطلاق العاطفي !!فهذا أمر غير مهم !!(ديريه بحال إلى ما كاينش وربي ولادك )استحملي فمشاعرك لاوزن لها .أما الطلاق الرسمي فلا وألف لا !! وإذا صمدت أمام كل هذه اللاءات واستطاعت أن تنتزع حريتها وتنفذ بجلدها، دخلت في مرحلة مابعد الطلاق ونظرة المجتمع إليها. تلك النظرة التي لاتخلو من اتهام . فهي دائما مشار إليها بالبنان . بل إن هنالك من المجتمعات العربية من يصم حتى بنات المطلقة بالعار !!عجبا لبني الإسلام !!حتى ما أحله الله أصبح عارا عندهم !!نعم الطلاق هو أبغض الحلال عند الله لكنه يبقى حلالا بينا ولا أحد يملك أن يحرم ما أحل الله . لي صديق كندي من أصل مغربي أعجبني حديث له عن مطلقته وله منها طفلان . قال لي : لقد طلقتها وراعيت أن اطلقها وهي في أوج شبابها لتستطيع أن تجد فرصتها في الحياة . احترمته جدا . نعم هو ذاك. .تسريح بإحسان .. وأي إحسان أكثر من هذا ؟؟ قلما نجد رجلا في مجتمعاتنا العربية يهتم بمصير مطلقته بعد الطلاق .فالشائع هو أن يأكلها لحما ويرميها عظما كما يقول الإخوة المصريون . حتى إذا ما فرغت من تربية الأولاد ورعايتهم وجدت نفسها إنسانة بدون حياة تفتقد الشريك، وتفتقد الأنوثة والجمال وربما إذا ما وجدت شريكا يقبل بما تبقى منها من امرأة قيل لها : كوني تحشمي ولادك كبروا ومازال تقلبي على راجل !!فأين نحن من قول الله سبحانه وتعالى: ( وإذا طلقتم النساء فبلغن أجلهن فلا تعضلوهن أن ينكحن أزواجهن إذا تراضوا بينهم بالمعروف ذلك يوعظ به من كان منكم يؤمن بالله واليوم الآخر ذلكم أزكى لكم وأطهر والله يعلم وأنتم لا تعلمون ) سورة البقرة / الآية232. أي جرائم هذه !!!! وأي انتهاك لكرامة ومشاعر هذا المخلوق البشري !!لا نملك إلا أن نقول : قد دخلت امرأة النار في هرة حبستها لا هي أطعمتها ولاهي تركتها تأكل من خشاش الأرض .. فاتق الله أيها المجتمع في نسائك فمعظمهن تلك الهرة . فكيف تلاقي الله يوم يسألك عنهن ؟؟؟؟.