يشارك المغرب، بحضور جد وازن، في معرض شانغهاي العالمي الذي يفتتح في الأول من ماي المقبل، بجناح من حوالي ألفي متر مربع، عبارة عن قصر مغربي الطراز فخم البناء والتصاميم والزخرفة، يمزج مختلف مكونات الثقافة المغربية في تجلياتها المختلفة وتراكماتها الزمنية. واستمرت أعمال البناء والتزيين في الجناح المغربي، الذي اختير له كعنوان "المغرب .. فن الحياة"، أكثر من سنة، ويقع في الفضاء "أ"، للمعرض، وسيعرف توهجه خصوصا في ال`30 من سبتمبر 2010، حيث سيتم تنظيم اليوم الوطني المغربي. ولأول مرة في الصين، تحضر الثقافة والتقاليد المغربية بكل هذا الزخم، في معرض يستمر ستة أشهر سيقدم يوميا للزوار شذرات عن المكنونات الحية للحضارة المغربية، وأطلقت عليه وسائل الإعلام الصينية "قصر ألف ليلة وليلة" بإيكسبو شنغهاي، في حين أطلق عليه موقع بايدو الصيني "متحف المغرب". وما الحرص الكبير للمغرب للمشاركة بجناح من هذا الحجم، على غرار كبريات الدول العالمية، إلا رغبة في التعريف بثقافته وحضارته بشكل أوسع، في بلد المليار و300 مليون نسمة، والدفع أيضا بعلاقاته المتميزة مع الصين، التي عرفت خلال السنوات الخمس الأخيرة تطورا لم يسبق له مثيل على مختلف المجالات أبرزها التجارية، حيث أصبحت الصين ثالث أكبر شريك تجاري للمغرب. وتم بناء وتجهيز المعرض أخذا بعين الاعتبار المميزات المعمارية والفنية المغربية الأصيلة، والنجاحات التي حققها الجناح المغربي في المعرض العالمي بآيشي باليابان عام 2005، ثم المعرض الدولي لسرقسطة بإسبانيا عام 2008. وأشرف العديد من الصنايعية المغاربة من مختلف التخصصات، على زخرفة وتزيين هذا القصر الفخم في مهمة استمرت لعدة أسابيع، معتمدين في ذلك على مواد خام استقدمت جوا من المغرب من قبيل الزليج البلدي. وتتوسط نافورة من المرمر البهو الداخلي الضخم للجناح، تحيط بها أسوار عالية، تقسم فضاءات ثلاث للعرض، خصص الأول لعرض المدينة المغربية بمميزاتها الحياتية وأذواق ناسها في الطعام واللباس والسكن، وما يرتبط بذلك من مختلف الفنون الحياتية الاصيلة، التي تلخصها التفاصيل الحياتية اليومية للمغاربة على مر العصور وباختلاف المدن والجهات. أما فضاء العرض الثاني والذي خصص لمجالات عرض متنوعة، فيعرض باستخدام تقنيات سمعية بصرية، المكنونات الثقافية المغربية في تجلياتها اليومية، من خلال الأسواق والعمران والصناعة التقليدية وفن العيش، في حين خصص الفضاء الثالث لعرض التطورات التي يشهدها المغرب الحديث في مختلف المجالات، من صناعة وزراعة وسياحة وغيرها. ولم يتم إغفال الحدائق الأندليسة في محيط هذا القصر، في حين تضمنت مختلف أركانه وزواياه أسرارا مغربية، جسدت بذوق راق سواء من خلال النقش على الخشب والجبس أو الزليج البلدي، واسترعت اهتمام كثير من مصممي الديكور العالميين الذين تنافسوا لإبداع تصاميم أجنحة إيكسبو شنغهاي. وجاء الجناح المغربي بهندسته الخارجية وتصميمه الداخلي، مرآة لمدينة أصيلة تتغنى بالحياة، مدينة عريقة التاريخ مزدهرة الثقافة وسط بيئة منسجمة، وهي تجسيد أصلا للفكرة التي يروج لها إيكسبو شنغهاي عن المدينة المنشودة في عالم اليوم، كثير التغيرات والثوراث والخطوب. ويستغرق هذا المعرض، المقام على مساحة 3ر5 كيلومتر مربع، لمدة ستة أشهر الى غاية 31 أكتوبر المقبل، وتشارك فيه أكثر من 192 دولة و50 منظمة دولية. وحددت السلطات الصينية سعر تذكرة دخول المعرض بالنسبة للزوار 160 يوان، أو نحو 24 دولار، ويتوقع أن يزوره مائة مليون شخص، نحو 96 في المائة منهم صينييون. كما يتوقع أن يزور شنغهاي خلال فترة المعرض قرابة 100 زعيم أجنبي، سواء في حفلي الافتتاح أو الاختتام، أو خلال الأيام الوطنية لكل دولة والتي تحتضنها أجنحتها داخل المعرض. ومنذ 1851، تاريخ عقد المعرض الكبير للصناعات الأممية في لندن، أصبحت المعارض العالمية نافذة لتبادل التجارب والخبرات واستعراض التجارب الإنسانية في مختلف المناحي الحياتية. وتعرف المعارض العالمية بأنها بمثابة أولمبياد للعلوم والتكنلوجيا والأفكار والابتكارات، حيث تعمل مختلف البلدان العارضة على إبداع أشياء تكون مرآة لقيمها وثقافتها وإنجازاتها وتطلعاتها. ويختار كل معرض عالمي محورا للعرض ذي ارتباط بمستقبل الإنسانية، وبالنسبة لشنغهاي اختار المنظمون محور التمدن "مدينة أفضل حياة أفضل". وتنظم المعارض العالمية مرة كل خمس سنوات، كان آخرها في مدينة آيشي باليابان، وبين الدورتين تعقد معارض دولية لكن أقل إشعاعا، مثل معرض سرقسطة بإسبانيا عام 2008. ويقول مسؤولون بشنغهاي أنه تم إنفاق أكثر من 43 مليار دولار لإنجاز المعرض سواء بشكل مباشر أو غير مباشر، ووظف غالبية المبلغ في تحديث وتطوير التجهيزات الأساسية بالمدينة، من خلال توسيع شبكة ميترو الأنفاق وبناء طرق سيارة وأنفاق للسيارات في وسط المدينة، ثم تجهيز منطقة العرض.