يشارك المغرب في معرض شانغهاي العالمي "إكسبو 2010"، الذي يفتتح مساء اليوم الجمعة، بجناح من حوالي ألفي متر مربع (4000 متر مربع مبنية)، عبارة عن قصر مغربي فخم البناء والتصاميم والزخرفة، بمثابة متحف حي يعرض الثقافة المغربية في أبهى تجلياتها. ويعرض الجناح المغربي، الذي أطلقت عليه وسائل الإعلام الصينية "قصر ألف ليلة وليلة" بإيكسبو شنغهاي في حين أطلق عليه موقع بايدو baidu الصيني "متحف المغرب"، أجواء تاريخية وثقافية وحياتية تنقل زوار الإكسبو في جولة ممتعة للتعرف على أساليب الحياة في مدن المغرب. وأشادت السلطات الصينية بالأهمية الكبيرة التي توليها المملكة لهذه التظاهرة وتساهم فيها بشكل فعال، لتكون بذلك البلد الإفريقي الوحيد الذي له جناحه الخاص الذي يمتد على مساحة أربعة آلاف متر مربع، والذي تم تصميمه حول موضوع " المغرب .. فن الحياة". ومن المنتظر أن يتم تنظيم اليوم الوطني للمغرب بالإيكسبو في 30 شتنبر المقبل، كما سيتم خلال شهر يونيو المقبل إيفاد مجموعة من الفنانين المغاربة إلى الصين للمشاركة في الحفلات المبرمجة في إطار أيام هذا المعرض. وكانت المملكة المغربية قد أكدت مشاركتها رسميا في إكسبو شانغهاي العالمي في أكتوبر عام 2006، وفي 15 أكتوبر 2008 وقعت اتفاقية المشاركة، بين كل من رئيس مكتب تنسيق شؤون إكسبو شانغهاي العالمي هونغ هاو والمفوض العام للجناح المغربي أحمد عمور. وأعرب هونغ هاو في كلمته عن أمله في يمثل إكسبو شانغهاي العالمي منصة جديدة لتعزيز العلاقات الصينية المغربية، وأن يقدم جناح المغرب "متعة روحية" للزوار. ومن جهته وعد أحمد عمور بإن يقيم المغرب جناحا ممتازا يظهر مفاهيم المغرب في مجالات التاريخ والثقافة والبيئة وتطور المدن. وقد استمرت أعمال البناء والتزيين في الجناح المغربي أكثر من سنة، ويقع في الفضاء "أ"، للمعرض. وبالفعل فخلال هذا المعرض العالمي الذي يستمر ستة أشهر كاملة، تحضر لأول مرة الثقافة والتقاليد المغربية بكل هذا الزخم والقوة في الصين، بحيث سيقدم الجناح المغربي يوميا للزوار شذرات عن المكنونات الحية للحضارة المغربية. وما الحرص الكبير للمغرب للمشاركة بجناح من هذا الحجم على غرار كبريات الدول العالمية إلا رغبة في التعريف بثقافته وحضارته بشكل أوسع في بلد المليار و300 مليون نسمة، والدفع أيضا بعلاقاته المتميزة مع الصين التي عرفت خلال السنوات الخمس الأخيرة تطورا لم يسبق له مثيل على مختلف المجالات أبرزها التجارية، حيث أصبحت الصين ثالث أكبر شريك تجاري للمغرب. وتم بناء وتجهيز الجناح المغربي أخذا بعين الاعتبار المميزات المعمارية والفنية المغربية الأصيلة والنجاحات التي حققها الجناح المغربي في المعرض العالمي بآيشي باليابان عام 2005، ثم المعرض الدولي لسرقسطة بإسبانيا عام 2008.وأشرف العديد من الصنايعية المغاربة من مختلف التخصصات على زخرفة وتزيين هذا القصر الفخم، في مهمة استمرت لعدة أسابيع، معتمدين في ذلك على مواد خام استقدمت جوا من المغرب من قبيل الزليج البلدي. وتتوسط نافورة من المرمر البهو الداخلي الضخم للجناح، تحيط بها أسوار عالية، تقسم فضاءات ثلاث للعرض، خصص الأول لعرض المدينة المغربية بمميزاتها الحياتية وأذواق ناسها في الطعام واللباس والسكن، وما يرتبط بذلك من مختلف الفنون الحياتية الاصيلة التي تلخصها التفاصيل الحياتية اليومية للمغاربة على مر العصور وباختلاف المدن والجهات. أما فضاء العرض الثاني والذي خصص لمجالات عرض متنوعة، فيعرض باستخدام تقنيات سمعية بصرية المكنونات الثقافية المغربية في تجلياتها اليومية من خلال الأسواق والعمران والصناعة التقليدية وفن العيش، في حين خصص الفضاء الثالث لعرض التطورات التي يشهدها المغرب الحديث في مختلف المجالات من صناعة وزراعة وسياحة وغيرها. ولم يتم إغفال الحدائق الأندلسية في محيط هذا القصر، في حين تضمنت مختلف أركانه وزواياه أسرارا مغربية جسدت بذوق راق سواء من خلال النقش على الخشب والجبس أو الزليج البلدي، واسترعت اهتمام كثير من مصممي الديكور العالميين الذين تنافسوا لإبداع تصاميم أجنحة إيكسبو شنغهاي. وجاء الجناح المغربي بهندسته الخارجية وتصميمه الداخلي مرآة لمدينة أصيلة تتغنى بالحياة، مدينة عريقة التاريخ مزدهرة الثقافة وسط بيئة منسجمة، وهي تجسيد أصلا للفكرة التي يروج لها إسكسبو شنغهاي عن المدينة المنشودة في عالم اليوم، كثير التغيرات والثوراث والخطوب. يذكر أن مساحة إكسبو شنغهاي تبلغ 3ر5 كيلومتر مربع، وتشارك فيه أكثر من 192 دولة و50 منظمة دولية، ويتوقع أن يزوره مائة مليون شخص نحو 96 في المائة منهم صينييون. كما يتوقع أن يزور شنغهاي خلال فترة المعرض قرابة 100 زعيم أجنبي، سواء في حفلي الافتتاح أو الاختتام، أو خلال الأيام الوطنية لكل دولة والتي تحتضنها أجنحتها داخل المعرض. وظل المغرب دائما يولي اهتماما بالغا لمشاركاته في المعارض العالمية، وقد فاز جناح المغرب في إكسبو آيتشي العالمي باليابان عام 2005 بجائزة فضية مخصصة للأجنحة فئة سي، ومساحتها 1000 متر مربع. كما فاز بجائزة ذهبية مخصصة ل"أفضل جناح وأروع جناح" في اكسبو سرقسطة العالمي عام 2008، وجائزة خاصة بأكثر بناء صديق للبيئة. ومنذ 1851، تاريخ عقد المعرض الكبير للصناعات الأممية في لندن، أصبحت المعارض العالمية نافذة لتبادل التجارب والخبرات واستعراض التجارب الإنسانية في مختلف المناحي الحياتية. وتعرف المعارض العالمية بأنها بمثابة أولمبياد للعلوم والتكنلوجيا والأفكار والابتكارات، حيث تعمل مختلف البلدان العارضة على إبداع أشياء تكون مرآة لقيمها وثقافتها وإنجازاتها وتطلعاتها. ويختار كل معرض عالمي محورا للعرض ذي ارتباط بمستقبل الإنسانية، وبالنسبة لشنغهاي اختار المنظمون محور التمدن "مدينة أفضل حياة أفضل". وتنظم المعارض العالمية مرة كل خمس سنوات كان آخرها في مدينة آيشي باليابان، وبين الدورتين تعقد معارض دولية لكن أقل إشعاعا مثل معرض سرقسطة بإسبانيا عام 2008.