1- أتفق تماما مع مضمون الفتوى التي أصدرها الشيخ الباكستاني، محمد طاهر القادري، والتي قال فيها، بأن المتطرفين الذين يقومون بالأعمال الإرهابية هم أعداء الإسلام، وهو على حقّ حقيق! الشيخ محمد طاهر القادري، ليس من عادته إصدار الفتاوى، كما صرّح في مقابلة مع إحدى القنوات التلفزيونية، لكنه شعر بأن الوقت قد حان لذلك، بعدما ظل يتابع لعدة سنوات، صمت الكثير من علماء الشريعة، الذين لم يحركوا ساكنا، حيال ما يقوم به أتباع زعيم تنظيم "القاعدة"، وكأنهم يباركون هذه الأعمال الإرهابية بشكل غير مباشر! 2- عندما يقول السيد محمد طاهر القادري، بأن الإرهابيين هم أعداء الإسلام، فهو عل حق، فالشيء الوحيد الذي قدمه تنظيم القاعدة للإسلام هو أنه جعل المسلمين في نظر أهل الديانات الأخرى، مجرد وحوش لا همّ لها سوى سفك الدماء وإزهاق الأرواح الآدمية بدم بارد. فعندما كان أسامة بن لادن يقاتل جيوش الاتحاد السوفيتي في جبال أفغانستان بالسلاح والعتاد الأمريكي، ويطعم مقاتليه بأموال الدعم الأمريكي، لم يكن أحد يناديه بالإرهابي، لأنه كان يواجه عساكر جيش منظّم، أما الآن، وبعدما صار يستهدف المدنيين العزّل، أيا كانت ديانتهم، فالرجل يستحق أن يحمل لقب إرهابي، عن جدارة واستحقاق! 3- عدد من القراء، علقوا على الفتوى من خلال "هسبريس"، قائلين بأن ما يقوم به تنظيم القاعدة هو الحل الوحيد أمام المسلمين لمواجهة الغرب، وهذا تبرير لا يقبله العقل ولا المنطق. فعندما يختطف أتباع بن لادن طائرة أمريكية ويدمرون بها برجي التجارة العالمية، مع ما رافق ذلك من خسائر في الأرواح والبنيان، تحت ذريعة أن الولاياتالمتحدةالأمريكية تساند إسرائيل، وتحتل أفغانستان والعراق، فهذا تبرير غير منطقي، فليس المواطنون الأمريكيون العزّل هم الذين يحتلون أفغانستان والعراق، بل جيوش الولاياتالمتحدةالأمريكية. الكارثة أن أتباع بن لادن، حتى عندما يريدون أن يظهروا شجاعتهم وبسالتهم للعالم، ويقرروا محاربة جنود الجيش الأمريكي وحلفائه، بواسطة السيارات المفخخة، خصوصا في العراق، عندما ينفذون عملية "فدائية"، يكون عشرات القتلى الذين يسقطون ضحيتها، جميعهم من العراقيين! 4- وهنا، لا بد أن نقول لكل الذين يزعمون أن الجيش الأمريكي هو من قتل مليون ونصف المليون عراقي، منذ بداية حرب الخليج الثانية، أنهم مخطئون، فالجيش الأمريكي، وهذا ليس دفاعا عنه بل دفاعا عن الحق والحقيقة، لم يقتل كل هذا العدد الهائل من العراقيين، لأنه لم يخضْ أصلا أي حرب مع الجيش العراقي، بسبب استسلام هذا الأخير عقب أول معركة، وحتى بعد أن سقط نظام صدام حسين، لم يكن عدد العراقيين الذين لقوا حتفهم بسبب الغزو الأمريكي يتعدى بضع مئات، وبعد ذلك أصبح عدد العراقيين الذين تصعد أرواحهم إلى السماء كل يوم يتضاعف بشكل رهيب، حتى صار عدد الضحايا يقدر بمئات الآلاف، لم يسقطوا برصاص الجيش الأمريكي، بل بالسيارات المفخخة التي يزرعها أتباع بن لادن في كل مكان! 5- ولكي نكون منصفين وعادلين وواقعيين في ذات الوقت، يمكننا أن نقارن بين العراق من جهة، وبين البوسنة والهرسك من جهة ثانية، التي تعرض مواطنوها المسلمون للبطش والتقتيل والتهجير، على يد الإرهابي الصربي سلوبودان ميلوزفيتش، ولم ينقذهم من الانقراض سوى تدخل حلف الناتو، بقيادة الولاياتالمتحدةالأمريكية، التي أنقذت العراقيين من بطش نظام صدام. وها هم المسلمون اليوم هناك، في يوغوسلافيا، يعيشون في هدوء واستقرار، حيث لا وجود لطوائف ولا أعراق، كما هو الحال في العراق. المواطنون المسلمون هناك، يعيشون جنبا إلى جنب مع المواطنين الصربيين الذين أيدوا وساندوا جرائم ميلوزوفيتش، دون أن تتحرك في دواخلهم النعرات ولا الرغبة في الانتقام، لأن لديهم عقليات مختلفة تماما، عن عقليات كثير من أصحاب الرؤوس القاسية في العراق، وقد كان بإمكان العراقيين بدورهم، أن يعيشوا حياة هنيئة وكريمة، بعد إزاحة نظام الديكتاتور صدام حسين، لكن العراق مع الأسف، لا يسكنه مواطنون كالذين يسكنون البوسنة والهرسك سابقا، ولا تجمعه حدود مع دول أوروبية متحضرة كما هو حال ليوغوسلافيا، بل تجمعه حدود مع دول عربية متخلفة، لا يأتي منها سوى الشر! لذلك فإن العراق لن يهنأ أبدا، حتى بعد خروج آخر جندي أمريكي، لأن المشكلة ليست في الجيش الأمريكي، بل في أهل البلد والوافدين عليه من أجل محاربة الجيش الأمريكي بالفم! 6- لأجل كل هذا، يجب على المسلمين، العرب منهم بالخصوص، أن يدركوا بأن تنظيم "القاعدة" الإرهابي، لن يزيد صورتهم سوى سوءا على سوء، ويجب عليهم في ذات الوقت أن يكفّوا عن تعليق مشاكلهم على مشجب الغرب، ويعلقوها بدل ذلك على عاتق الأنظمة الاستبدادية التي تحكمهم، فهذه الأنظمة الديكتاتورية هي مصدر كل مشاكلنا ومصائبنا وشرورنا. وإذا عدنا مرة أخرى إلى مشكل العراق، سنكتشف أنه ما كان ليعيش هذا الوضع الكارثي الذي يعيش فيه اليوم لولا أزلام تنظيم القاعدة والأفكار الطائفية المدمّرة. بل أكثر من ذلك، ما كان للجيش الأمريكي أن يدخل إلى العراق لولا أن صدام حسين اعتدى على حرمة وسيادة دولة مستقلة هي الكويت، لأنه كان يعتبرها، بسبب حماقاته، المحافظة العراقية التاسعة عشر! ثم إن تدخل أمريكا وحلفائها لإخراج صدام من الكويت هو عين الصواب، وإذا أردنا أن نتحدث عن هذا الموضوع من زاوية دينية، ما دام أن تنظيم القاعدة يخوض حربه من هذا المنطلق، فإن المسلمين هم الذين كان عليهم أن يبادروا إلى إخراج صدام من الكويت، دون انتظار تدخل الولاياتالمتحدة، ففي القرآن الكريم يقول الله تعالى: "وإن طائفتان من المومنين اقتتلوا فأصلحوا بينهما، فإن بغت إحداهما على الأخرى فقاتلوا التي تبغي حتى تفيء إلى أمر الله، فإن فاءت فأصلحوا بينهما بالعدل واقسطوا، إن الله يحب المقسطين". سورة الحجرات الآية 9. وبما أن صدام استُنْصح بالخروج من الكويت فرفض، رغم أنه هو المعتدي، فإخراجه بالقوة كان هو عين الصواب، لكن المسلمين الذين كان مفروضا فيهم أن يبادروا إلى ذلك لم يفعلوا، وظلوا ينتظرون إلى أن أخذت الولاياتالمتحدةالأمريكية المبادرة، لذلك نقول بأن ما قامت به أمريكا، حيال صدام، في عهد الرئيس جورج بوش الأب، هو بالضبط ما يأمر به القرآن الكريم! [email protected]