شن الشيخ صالح كامل خلال ندوة قناة إقرأ الفضائية هجومًا حادًّا على قنوات فضائية دينية اتهمها بإثارة الفتن بين السنة والشيعة. كما عرفت الندوة جدلا واسعا بين الفقهاء المشاركين حول ضرورة ضبط فتاوى الفضائيات. وفي كلمته أمام الندوة الفقهية الإعلامية الثامنة لتأصيل قضايا الإعلام والفن التي عقدت يومي 8 و2005-10-9 في جدة بغرب السعودية قال الشيخ صالح كامل: هناك 12 قناة دينية -في إشارة للقنوات الشيعية العراقية- تحاول إثارة الفتن المذهبية بين السنة والشيعة، واستخراج الخلافات المذهبية من بطون كتب العلماء. وحذر من أن هذه القنوات أخطر من برامج العري.. وأن الكثير من العامة يشاهدونها، مما يشكل رأيًا عامًّا بين هؤلاء المشاهدين يثير الفتن المذهبية بين المسلمين. وقد أثنى الشيخ كامل -صاحب مجموعة قنوات راديو وتلفزيون العرب ومن بينها قناة إقرأ على قناتي المنار التابعة لحزب الله اللبناني وإقرأ، وقال: إنهما تلتزمان بمبدأ لمِّ شمل المسلمين، وعدم تفريقهم بإثارة الفتن المذهبية. فتاوى الفضائيات وخلال مداخلته، انتقد الدكتور يوسف القرضاوي مالكي القنوات الفضائية العربية بشدة؛ لأنهم يعرضون البرامج الدينية من باب الديكور العام للقناة. وقد قلَّل الشيخ القرضاوي والدكتور أحمد الكبيسي (من العراق) من شأن القضايا التي تتناولها فتاوى الفضائيات. ففي ورقة للدكتور محمد المختار السلامي (من تونس) قال: إن فتاوى الفضائيات تعاني عدة مشاكل من بينها عدم تخصص المفتين، وعدم مراعاة اختلاف بيئات المشاهدين، بالإضافة إلى التصدي لقضايا مصيرية. لكن القرضاوي والكبيسي عارضا أن تكون فتاوى الفضائيات تتعرض للقضايا المصيرية، وقالا: إنها تنصب على المشاكل اليومية للمشاهد العربي لا أكثر ولا أقل. وقال الكبيسي: مشكلة الفضائيات أنها لا تعترف بالرأي الآخر، أي لا تعرض الآراء الأخرى في القضايا المتشعبة. وشدَّد الكبيسي على ضرورة تعميم ما يسمى بفقه الفتوى بين المشاهدين لإشعارهم بوجود آراء أخرى في القضايا الفقهية. ومع هذه الاختلافات فقد اتفق جميع المشاركين من العلماء والمفكرين على ضرورة وضع ضوابط للفتاوى عبر الفضائيات. الإفتاء الرسمي ولم يغب البعد السياسي عن قضية فتاوى الفضائيات؛ إذ هاجم المفكر الإسلامي الدكتور محمد عمارة هيئات الإفتاء الرسمية بالدول العربية باعتبارها تلبي مطالب السلطان. وقال: قبل أن نلوم المفتين غير المتخصصين بالفضائيات، ماذا عن المتخصصين، لقد أضحى الإفتاء وظيفة لدى الدولة وليس لدى الشعب؛ فكثير من مناصب الإفتاء ومن المفتين الرسميين يفتون للحكام ولا يفتون للأمة، وتابع الإفتاء بعالمنا الإسلامي يحتاج لمؤسسات جماعية كمجامع الفقه، وأن لا تكون خاضعة للسلطات الرسمية، حينها يمكن أن نعالج قضية مفتي الفضائيات غير المتخصص. وألقى أستاذ الدراسات الإسلامية بجامعة الملك عبد العزيز بجدة الدكتور محمد بشير حداد بالمسؤولية في غياب المتخصصين من المفتين على كليات الشريعة. وقال: إذا كنا نشكو من غياب المتخصصين على الفضائيات فإن كليات الشريعة ما عادت تخرِّج لنا مفتين مؤهلين. الإعلام الإسلامي وقد أثار الداعية الإسلامي عمرو خالد نقاشًا حادًّا داخل أروقة الندوة حين تساءل عن موقع الإعلام الإسلامي بين استراتيجيتي الصراع والتعايش. وقال: إن مسؤولي الإعلام الإسلامي ليست لديهم تصورات واضحة في معالجتهم للأحداث، فالواقع يشدنا إلى إستراتيجيتين، إحداهما هي إستراتيجية الصراع التي نعتبر وفقًا لها مضامين المادة الإعلامية المقدمة للجمهور خطابا لتحميسهم. وتابع أما الثانية فهي استراتيجية التعايش، وتفويت الفرصة على الوسائل الإعلام الغربية التي تدفعنا نحو المجابهة، وبالتالي نجنح إلى التعايش دون تنازلات. وحذر من أنه إذا لم تعتمد مؤسسات الإعلام الإسلامية على إستراتيجية موحدة، فإن الإعلام الإسلامي سيهتز وربما يندثر. غير أن الدكتور نبيل حماد مدير قناة إقرأ اختلف مع عمرو خالد قائلاً: لا يمكننا أن نحصر مسألة الإستراتيجية بين صراع وتعايش، فهناك ما يمكن تسميته بإستراتيجية الاحتواء، أي تقديم ما لدينا من مضمون إعلامي بشكل احتوائي للآخر. أما جاسم المطوع رئيس عام القناة فاعتبر أن معظم المؤسسات الإعلامية الإسلامية تفتقد الجرأة في طرحها للقضايا المختلفة. غير المسلمين ورغم أن المشاركين في الندوة استغرقوا في النقاش والتفصيلات الفكرية، فإن الندوة لم تغط محورًا أساسيًّا من محاورها وهو إيجاد خطة إعلامية لمخاطبة غير المسلمين. وللإشارة فقد اشتمل برنامج الندوة على 4 موضوعات هي: الفتوى من خلال التلفزيون والإذاعة وضوابطها، ونماذج حية عن دور التلفزيون في هداية الضالين، وتحرير المفاهيم السائدة في الإعلام حول مصطلحات الجهاد والقتال والإرهاب، وأخيرًا أهداف وخطة مخاطبة غير المسلمين إعلاميًّا.