أكد السينمائي المغربي محمد أومولود عبازي أن الخاصيات التي يتميز بها المغرب تمنحه "مكانة مهمة" في الساحة السينمائية العالمية باعتباره وجهة مفضلة أكثر فأكثر بالنسبة للإنتاجات الأجنبية. فمن خلال مواقعها الطبيعية، وديكوراتها المتميزة ورصيدها البشري "شكلت المملكة منذ زمن بعيد فضاء مفضلا للسينما والإنتاجات الأجنبية" يقول السينمائي المغربي في حديث أدلى به لوكالة المغرب العربي للأنباء بمناسبة تقديم فيلمه الأخير "إيطو تيتريت" (إيطو نجمة الصباح) بواشنطن. من أورسون ويلز إلى أوليفر ستون وأضاف محمد أومولود عبازي، الذي يعد من الجيل الأول للسينمائيين المغاربة لما بعد الاستقلال، أن "المغرب جلب مخرجين كبارا بدءا بدافيد لين وأورسون ويلز اللذين صورا تحفا رائعة من السينما الكلاسيكية بالمملكة وتخلد هذا التقليد مع سينمائيين من قبيل أوليفر ستون". وبالفعل، يقول عبازي، فإن العوامل لم تفتأ "تجذب مبدعين مرموقين وتنهض بصناعة سينمائية صلبة". وحسب المخرج المغربين فإن "تقليد الانفتاح على السينما الدولية تأكد منذ سنوات السبعينات من خلال تكوين مهنيين محليين وتثمين المؤهلات التي تتوفر عليها المملكة" والتي لا تنحصر فقط في مشاهد إستيتيكية خلابة وفي ضوء غامر. ولم يفت هذا المخرج، المزداد بمدينة الخميسات عام 1938 والذي درس على التوالي بمدرسة السينما بالمغرب وجامعة كاليفورنيا بلوس أنجلس وجامعة هارفارد المرموقة، التذكير ب"أهمية الرأسمال البشري المغربي" موضحا أن المغاربة أبانوا على الدوام على روح الاستقبال إزاء أي عمل فني يحتاج إلى ذلك. سينما وطنية في طور التجديد وأشار عبازي، الذي أنجز العديد من الأشرطة والأفلام الوثائقية حول المغرب منذ سنوات الستينات إلى مساهمة المملكة من خلال صندوق الدعم في نهضة السينما المغربية واستنبات صناعة سينمائية محلية في طور الازدهار. وأضاف أن هذا التوجه السينمائي "تعزز من خلال سلسلة من الإجراءات من بينها وضع بنيات استقبال مهنية وتبسيط المساطر الإدارية". واعتبر محمد أومولود عبازي أن السينما المغربية عرفت أيضا دفعة جديدا بفضل "بروز جيل جديد من السينمائيين يتوفرون على أفكار جيدة" تمنح "دما جديدا" و"قوة" للصناعة السينمائية المغربية. وفي نظر عبازي، يستحق هذا الجيل "كامل ثقة" الساحة السينمائية المغربية اعتبارا لمستواهم التكويني العالي وكذا بالخصوص اعتبارا "لرغبتهم في تمثيل المملكة بشكل مشرف". وأكد أنه "لا ينبغي التوقف في منتصف الطريق" وأن "السينما المغربية مدعوة إلى القيام بأشياء كثيرة" مشيرا إلى أن نوعية الأفلام الحالية "يجعلها تستحق جائزة أوسكار ربما خلال العشرين سنة القادمة". محمد عبازي وجه بارز في السينما المغربية ومنذ بداياته الأولى في السينما المغربية، برزت ميول محمد أومولود عبازي للقضايا الاجتماعية التي طبعت مغرب ما بعد الاستقلال. وهو توجه واضح في أفلامه القصيرة "حلم ميمون" و"ولدي العربي" وغيرها. وفي سنوات السبعينات، وضع المخرج المغربي تجربته رهن إشارة سينمائيين أجانب مروا بالمغرب من أمثال ريتشارد أتونبوروغ وروبرت وايز وجون هيوستن وفرانكو زيفيريلي وجيوليانو مونتالدو وكنزو تاكادا. واليوم، وقد بلغ محمد أومولود عبازي اثنين وسبعين عاما من عمره المديد، أضحى شاهدا ومساهما في النهوض بالسينما المغربية. وتمثل تحفته السينمائية "إيطو تيتريت"، في نظره، "عودة للجذور" و"تكريما لكفاح المغرب من أجل الاستقلال ما بين 1955 و1957". يقول، في هذا السياق، "هذا الفيلم يصور قيم الاعتزاز واللتسامح التي شكلت على الدوام خصوصية المملكة" معربا عن افتخاره بكونه تمكن من تقديم "جزء من تاريخ المغاربة" للجالية المغربية المقيمة بالولايات المتحدة. وأضاف أن فيلمه "إيطو تيتيريت"، الذي يحكي عن كفاح طفلة أمازيغية من أجل العلم حتى تنجو من الزواج المبكر يقدم "لمحة تاريخية عن تطور حقوق النساء بالمغرب". يشار إلى أن هذا الفيلم الطويل، الذي حاز على جائزة أحسن صورة بمهرجان الفيلم بطنجة عام 2008، هو الفيلم الثالث في رصيد محمد أومولود عباز بعد "من لواد لهيه" (1982) وكنوز الأطلس (1997).