كثيرة هي الأفلام التي خرجت إلى الوجود ودخلت إلى دور العرض وأثارت القيل والقال وكانت موضوع نقاش مستفيض في كل المنتديات ,وليس الأهم هو هذا الجدال الكبير الذي عم كل الأرجاء, لكن الأهم هو أن العديد من الأفلام يتجاوز فيها الكلام حسب ما هو متعارف عليه من التغطيات والتعاليق بل يتجاوز الأمر إلى الدخول في " البوليميك" بخصوص الموضوع الذي يعالجه الفيلم فما أثاره فيلم " حجاب الحب" من تداخل للقيم الإسلامية مع القواعد الوضعية, وعلاج تيمة الحجاب كواقع أساس للفيلم هو ما أثار اللغط الذي طغى كل الأحداث الفنية مؤخرا. وبالعودة بالذاكرة نوعا ما إلى الوراء نستحضر ما أثاره كذلك فيلم "ماروك" لمخرجته ليلى المراكشي من جدل كبير في الساحة السينمائية . لكن بغض النظر عن هذا وذاك فإن موضوع " البوليميك" قد يتحول في كثير من الأحيان إلى دعاية مجانية لأفلام بعينها وذلك من باب " كل ممنوع مرغوب " حيث أن تلك الانتقادات قد تتحول إلى إشهار مجاني للفيلم , كيف ذلك , فلنتابع هذه القضية التي نستحضر فيها العديد من النماذج الحية فلاش باك من يتذكر فيلم " ماروك " لمخرجته ليلى المراكشي قبل سنتين من الآن بطبيعة الحال سيكون قد عاش تلك الأجواء التي حاطت بالفيلم ليس من خلال تقديمه للجمهور والاحتفال بدخوله لقاعات العرض لكن من خلال الانتقادات الشديدة اللهجة التي كان قد تعرض لها الفيلم خصوصا من طرف المخرج والناقد السينمائي محمد العسلي الذي اعتبر بعض اللقطات في الفيلم تضرب القيم الإسلامية في الصميم خصوصا تلك اللقطة التي كانت مرتع الجدال الكبير وهي ظهور بطلة الفيلم بملابس داخلية أمام أخيها وهو يصلي وتتحدث معه إبان إقامته لصلاته حيث اعتبر معظم المحللين أنه أمر غير مرغوب فيه خصوصا وأن الفيلم يعرض في بلد ديانته الإسلام . لكن المثير للاهتمام هو أن الفيلم على الرغم من أن مخرجته كانت ستتخلى على فكرة عرضه بالقاعات السينمائية المغربية , إلا أنه عرض أمام مرأى الجماهير وهو ما كان عاملا مساعدا له في استقطاب حجم لا بأس به من الإيرادات ولربما ما كان ليحققها لو لم يرافقه ذلك "البوليميك" الذي تحدثت عنه كل الصحف الوطنية بإسهاب كبير . السب والقذف في كازا نيكرا من الأفلام الجديدة فيلم كازا نيكرا لمخرجه نور الدين الخماري والذي خرج منذ مدة إلى القاعات السينمائية,هذا الأخير هو كذلك أثار زوبعة كبيرة من التصريحات والتصريحات المضادة وذلك بسبب بعض الكلمات البذيئة التي لا يسمح المقام بذكرها حيث أن العديد من المحللين رأوا في ذلك على أنه لا يعدو أن يكون نقلا للواقع اليومي الذي نعيشه في الشوارع والأزقة مدينة الدارالبيضاء على وجه الخصوص ما دام أنها المحور الرئيسي للفيلم , لكن هناك من ينتقد هذا الطرح بشدة وذلك لكون ما يشاهد في الفيلم هو على عكس ما يعاش في الواقع حيث يمكن للأول أن يكون بتأثير أكبر وسط المشاهدين من الشباب خصوصا . لكن مهما يكن في ظل الأقوال والأقوال المضادة فإن ما يمكن تسجيله هو أن الفيلم نور الدين الخماري كان الفضل في إنتشاره الواسع بالطبع لتلك التصريحات المعادية له والتي تدفع بالجمهور لإكتشاف الخبايا والأسرار التي قيل أنها لا تصلح للعرض . حجاب الحب أزال الحجاب عن الطابوهات لئن كان أكثر الأفلام إثارة للجدل فلا يعدو أن يكون فيلم حجاب الحب الذي دخل إلى دور العرض على إيقاع تصريحات نارية للشيخ عبد الباري الزمزمي والتي هاجم فيها بشدة المخرج عزيز السالمي وفيلمه حجاب الحب خصوصا وأن تيمة الموضوع حسب عبد الباري الزمزمي لا تليق بالمضمون العام للفيلم ولعل أبرز ما تحدث عنه هو ممارسة بطل الفيلم " نجاة بلحلوفي " الجزائرية الأصل للجنس وهي مرتدية للحجاب وعلى الرغم من هذا الإفتحاص والتدقيق الجيد لعبد الباري الزمزمي لمضامين الفيلم إلا أنه يصرح بأنه لم ولن يشاهد الفيلم . في حين أن عزيز السالمي إنتقد منتقد الفيلم في هذه النقطة بالذات حيث قال بأنه كيف لشخص لم يشاهد الفيلم ثم يعقب عليه , كما أن عزيز السالمي يعتبر بأن هذه الإنتقادات لن تؤثر في الفيلم بصفة عامة ومدى قابلية الجمهور له بل على العكس من ذلك ستزيد من نجاحه سواء على المستوى الوطني أو الدولي . نقاش أم دعاية ؟ إنها لمن الإشكاليات الصعبة على الفهم والتحليل , حيث أنه في أي خانة يمكن أن نضع ذلك" البوليميك " الكبير الذي يرافق جملة من الأفلام التي تناقش طابوهات جنسية محضة , فهناك من لا يعتبر ذلك سوى نقاش عادي يطغى على كافة المنتديات بمثل مناقشة قضايا عدة من الإهتمام العام , لكن بغض النظر عن هذه الأمور السطحية فيمكن تسجيل العديد من الملاحظات ولعل أبرزها هو أن الأفلام التي تكون متبوعة ب "البوليميك" غالبا ما تحقق إيرادات هامة بالنسبة لدور العرض كفيلم ماروك . لكن مهما يكن فإن الأمر وإن كان يعتبره البعض عاديا إلا أنه يبقى قيمة مضافة للفيلم لكي يحقق نجاحا ما كان لينتظره القائمون على الفيلم لو لم يكن النقاش الكبير والمعارضة قد سلطت أقلامها من أجل النقد اللاذع لمضمون الفيلم بشكل عام وهو ما يشجع المشاهدين على الإطلاع على تلك المضامين التي قيل أنها تعتبر من الطابوهات والتي لا يجب أن تكون محل مناقشة . دعاية تحت الطلب لا يمكن أن يتصور المرء أن لا يتمنى المخرج لفيلمه النجاح وأن يخلق نقاشا كبيرا على الساحة الوطنية ولما لا يكون حتى على المستوى الخارجي , وهذا لا يمكن أن يتحقق كلا ولو إستطاع القائمون على الفيلم أن يعملوا له دعاية إشهارية في المستوى المطلوب إلا أنها تبقى غير كافة من أجل تحقيق عز المتمنيات , لكن إن صاحب الفيلم إنتقاذات لا ذعة ليس على مستوى سوء الفيلم ولكن في مناقشة أمور بداخله حيث تكون إبانها النقطة التي تفيض الكأس والتي تجعل الرأي العام بالكامل يتعرف على القضية بكامل أوصافها فيتولد له شغف من أجل الوقوف بنفسه على كل هذه المحطات. ففي فيلم كازا نيكرا نقف على الكلمات البذيئة وفي فيلم حجاب الحب نتطلع إلى مشاهدة بطلة الفيلم وهي تمارس الجنس بالحجاب وقبلا فيلم ماروك وقضية الملابس الداخلية . هذه إذن مجموعة من المواصفات التي تجعل الدعاية المجانية عز الطلب من طرف المخرجين والمنتجين وأصحاب دور العرض من أجل أن يكون الفيلم عند حسن التطلعات من حيث الإيرادات وليس شيئا آخر .