تقديم الحزب السياسي تنظيم يتمتع بالشخصية المعنوية( 1) يجمع بين مجموعة من الأشخاص توحدهم نفس المرجعية وتجمع بينهم نفس الرؤى والأفكار وأهداف سياسية واحدة بغاية الاستمرار وهو بالتالي: غير محدود في الزمن ويشارك في تدبير الشؤون العمومية بطرق ديمقراطية وبغاية غير توزيع الأرباح ، ويساهم في تنظيم المواطنين وتمثيلهم بالإضافة إلى المساهمة في نشر الشفافية السياسية ومشاركة المواطنين في الحياة العامة وتأهيل نخب قادرة على تحمل المسؤوليات العمومية وتنشيط الحقل السياسي ( 2). وبعد هذا التعريف المقتضب للحزب السياسي نتساءل عن الدور الذي يمكن للأحزاب السياسية أن تلعبه في تكريس قيم المواطنة وتخليق الحياة العامة. وللإجابة على هذا التساؤل سأتطرق في محور أول إلى الدور المفترض والمنوط بالحزب السياسي في تحقيق شروط المواطنة ودعم التخليق وفي محور ثاني إلى العوائق والصعوبات التي تحول دون قيام الحزب بهذه الوظائف. الدور المفترض للحزب السياسي في تحقيق شروط المواطنة ودعم التخليق. يصعب الجدال أو الاختلاف حول الدور المركزي و الهام للأحزاب في الحقل السياسي الحديث وفي البناء النسقي للديمقراطية التي أصبح منصوص عليها كاختيار وثابت ضمن الثوابت الأساسية الأربعة المشكلة لبنية النظام السياسي المغربي بمقتضى الدستور الحالي 3 . وتبعا لذلك يمكن القول أن الحزب السياسي مؤسسة استراتيجية ومحورية في تفعيل وتجسيد أبعاد الديمقراطية عبر نظام التمثيلية الذي تضطلع به حصريا الأحزاب السياسية . كما أن الحزب السياسي اليوم يعد أداة ضرورية للمشاركة السياسية التي تعد من ركائز المواطنة بالإضافة إلى أنه مدرسة لإنتاج نخب قادرة على تمثل كل مستلزمات الحياة الديمقراطية 4 وهو ما يؤهل الحزب ليشكل أداة للتأطير والتنشئة والتوعية والتربية على مثل وقيم المواطنة بحقوقها وواجباتها 5 حتى يكون للمواطن الفرد وعي حقيقي وملموس بالظروف المحيطة بوطنه داخليا وخارجيا ومدركا لجميع مشكلات وقضايا وطنه، قادرا على معرفة أساسها الحقيقية وطبيعة هذه المشكلات ومقترحاته إزاء حلها ويؤمن بأن مصلحة الأغلبية والعمل من أجل الصالح العام وسلامة المجتمع وتطوره تعد أهدافا مثلى تحضى بالأولوية وتسمو على الفردية والأنانية 6 . بالإضافة إلى تمثيل المواطنين في كل مستويات البنية التنظيمية للدولة المركزية، الجهوية والمحلية . كما يتيح الفرصة للمشاركة في تحديد الاختيارات الكبرى للدولة سواء السياسية أو السوسيو اقتصادية . زيادة على أن الحزب يشكل مدخلا هاما لتصريف الاختلاف عبر الطرق السلمية التي تضمن وحدة المجتمع ووحدة الدولة. وتظل فرضيات ومداخل ترجمة الحزب السياسي لبرامجه قائمة من خلال امكانية مشاركته في ممارسة السلطة وتدبير الشأن العام وبالتالي تطبيق ما يعرضه ويحضره من برامج من نافلة القول أن تكون دقيقة وواقعية وقابلة للتنفيذ تعرض على صناديق الاقتراع حيث يرتبط الأمر هنا بفكرة التداول على السلطة التي تظل الغاية الوجودية لفكرة الحزب السياسي( 7). وفي الحالة التي يفوز فيها الحزب ويصل إلى المشاركة في ممارسة السلطة فإنه يكون ملزما بأجرئة وتطبيق برنامجه قصد تمكين المواطنين من مجموعة حقوق في إطار ما تفرضه المواطنة مقابل ما يؤدونه من واجبات. وتتم الاستجابة لهذه الحقوق وترجمتها وتحقيقها واستفادة المواطن منها ضمن برامج ومشاريع وتشريعات وخطط حكومية بالنسبة للمستوى المركزي، وعلى المستوى المحلي من خلال مخططات التنمية المحلية التي تعدها وتنفذها الوحدات الترابية( 8) ، خاصة وأن هذه الحقوق أصبحت مكرسة دستوريا بمقتضيات الفصل 31 من الدستور الذي يفرض على الدولة والمؤسسات العمومية والجماعات الترابية أن تعبأ كل الوسائل والإمكانيات المتاحة لاستفادة المواطنات والمواطنين وعلى قدم المساواة من : - الحق في العلاج والعناية الصحية - الحماية الإجتماعية - السكن اللائق - ولوج الوظائف العمومية حسب الاستحقاق وفي إطار من المساوة وتكافئ الفرص - التنمية المستدامة . إلى غير ها من الحقوق التي تحقق للمواطن شروط المواطنة الكاملة وسبل العيش الكريم دون أن نغفل هنا الشق الثاني من المواطنة وهي الواجبات التي تقابل الحقوق : ونجد في مقدمتها وأهمها الالتزام بمقتضيات الدستور والتقيد بالقانون بالإضافة إلى تحمل التكاليف العمومية حسب القدرة والاستطاعة والتضامن والدفاع عن حوزة الوطن ووحدته (9 ). وبخلاف الحالة التي يكون فيها الحزب السياسي يقود الأغلية الحكومية أو مشاركا فيها فإنه يشغل موقع المعارضة هذه الأخيرة رفع الدستور الحالي من مكانتها وخولها عدة حقوق بمقتضى الفصل 10 منه (10 ). ووجود الحزب في المعارضة سواء داخل السلطة التشريعية أو خارجها (11 ) يخوله القيام بدور مراقبة أعمال الحكومة وتقييم وتقويم السياسات العمومية المتبعة من قبل أحزاب الأغلبية وطرح البدائل الواقعية وبالتالي نكون أمام مشاركة الحزب من موقع المعارضة في التأثير على عملية صنع القرار وتوجيهها نحو الدفاع عن مصالح المواطنين وخدمتهم . وإذا كانت هذه نظرة موجزة عن الدور المنوط بالأحزاب السياسية ، فهل أحزابنا تقوم بهذا الدور ؟ أم أن حدود الوظيفة المرسومة لها في النظام السياسي المغربي بالإضافة إلى العوائق الذاتية والموضوعية المتأتية من الأحزاب نفسها تحول بينها وبين القيام بهذه الوظائف. وذلك ما سأحاول التطرق له في المحور الموالي. العوائق التي تحول دون قيام الأحزاب السياسية بدورها في تكريس شروط المواطنة ودعم التخليق. وسنتطرق في البداية للعوائق الناتجة عن حدود الوظيفة المرسومة للحزب السياسي في نظامنا السياسي من خلال النصوص القانونية المؤطرة للأحزاب السياسية وبعد ذلك لجملة العوائق الذاتية للأحزاب . أولا: العوائق القانونية : محدودية الوظيفة كانت الأحزاب السياسية قبل حصول المغرب على الاستقلال تجمعها وحدة الهدف مع المؤسسة الملكية آنذاك في إطار من اللحمة الوطنية قصد تحرير البلاد من الاستعمار. وبعد نيل الاستقلال وأثناء إرساء أسس ومؤسسات الدولة المستقلة وتجاوز التركة الاستعمارية ، دخلت الأحزاب في اختلاف مع السلطة السياسية حول شكل ومضمون وسلطات المؤسسات المحدثة. ويعتبر هنا ظهير الحريات العامة لسنة 1958( 12) أول إطار قانوني، حدد وظيفة الحزب السياسي بالمغرب وذلك من خلال التعريف الذي كان يعطيه للنشاط السياسي باعتباره :"كل نشاط من شأنه أن يرجح مباشرة أو غير مباشرة مبادئ الجمعية في تسيير وتدبير الشؤون العمومية وأن يسعى ممثلوها في تطبيقها"( 13) والملاحظ هنا أن هذا الظهير همش دور الأحزاب السياسية وجعل منها مجرد جمعيات لا تسعى إلى تطبيق برنامجها السياسي أو تهدف إلى تحول المجتمع وتطوره انطلاقا من مشاريعها وبرامجها. وظلت نفس الحدود ومنهجية التهميش مرسومة لوظيفة للحزب السياسي ولو بعد دخول المغرب العهد الدستوري، حيث حدد الفصل 3 من دستور 1962 وظيفة الحزب وحصرها إلى جانب المنظمات النقابية والجماعات المحلية والغرف المهنية في تنظيم المواطنين وتمثليهم ، فتم تقليص الدور الأساسي الذي ينبغي أن تلعبه الأحزاب السياسية في تنشيط الحياة السياسية وترجمة المبادئ الديمقراطية. وتجد هذه الحدود الضيقة تفسيرها في طبيعة السلطة بالمغرب التي كانت تتنافى مع أي ممارسة سياسية بالإضافة إلى عمل الملكية على احتلال موقع الصدارة في مقابل تواري القوى السياسية الأخرى (14 ) بما يقتضيه الأمر من محاولات دؤوبة للحد من نشاط كل ظاهرة حزبية تنهل من المواصفات الديمقراطية. وتبعا لهذا النهج دخلت البلاد ولمدة عقود في مسلسل - من التمييع - تمت خلاله محاربة العمل السياسي الجاد الذي أصبح يحيل بالضرورة إلى المواجهة مع السلطة والاستعداد المسبق للاعتقال والتهديد في الحياة الشخصية والعائلية وذلك لإنهاك وإضعاف القوى التقدمية المعارضة وخاصة الأحزاب القوية والمؤثرة آنذاك (15 ) بالإضافة إلى دعم الانشقاقات وإحداث أحزاب اللحظات الانتخابية الموالية للسلطة(16 ) مما أدى إلى تعددية مفرطة أساءت إلى التعددية وأدت إلى البلقنة. وفي ظل هذا الوضع يصعب الحديث عن مبادئ المواطنة أو تخليق الحياة العامة حيث ثم حجب دور الأحزاب السياسية وتم مقابل ذلك التغاضي عن الفساد ودعم نظام اللا عقاب وإقرار نظام للامتيازات واقتصاد الريع لشراء الو لاءات وغيرها من الممارسات، إلى درجة أن هذا الوضع لم يعد للبلاد القدرة على تحمل نتائجه حيث وصلت الى مشارف السكتة القلبية مما اقتضى تقديم بعض التنازلات من طرف السلطة السياسية للدخول في مسلسل من المصالحة والإصلاح وفسح المجال أمام تشكيل الحكومة في أغلبها من الأحزاب السياسية في إطار ما سمي بالتناوب التوافقي. غير أن التحول الذي سيعرفه المغرب سنة 1999 على مستوى هرم السلطة السياسة إثر وفاة الملك الحسن الثاني وانتقال العرش إلى الملك محمد السادس أبانت من خلاله المؤسسة الملكية عن نوايا وهوامش ديمقراطية اقتضت بالضرورة إبراز دور الأحزاب السياسية إذ لأول مرة يتم افراد قانون خاص بها وهو القانون 36.04 الذي تضمن مقتضيات تتعلق الأحزاب وإجراءات تأسيسها وإعمال الآليات الديمقراطية داخلها. غير أنه حدد دورها وحصره في حدود المشاركة في تدبير الشأن العام مما استمر معه التأكيد على مكانة وسمو المؤسسة الملكية(17 ) كفاعل أساسي في تدبير الشؤون والقضايا الوطنية وعلى إثر التحولات والمطالب الشعبية التي أدت إلى إقرار الدستور الحالي ، دستور يوليوز2011، يمكن الاعتراف بالتطور الذي هم وظيفة الحزب السياسي، فعلى خلاف القانون المنظم للأحزاب السياسية نجد الفصل 7 من الدستور( 18) يرتقى بوظيفة الحزب إلى المشاركة في ممارسة السلطة بدل المشاركة في تدبير الشأن العام ونجد ترجمة لذلك في توسيع صلاحيات السلطة التنفيذية وتشكيلها من الأحزاب وتعيين رئيسها من الحزب الحائز على المرتبة الأولى ، مع النص على تنظيم الأحزاب السياسية بمقتضى قانون تنظيمي إذ تم الرفع من المكانة التشريعية للنص المنظم لها. وعلى الرغم من هذا التحول فإن المفترض أن تمارس الأحزاب السلطة كاملة إذا كنا إزاء ديمقراطية كاملة تنبثق فيها السلطة من صناديق الاقتراع . ومادمنا بصدد سؤال المواطنة والتخليق فإن الديمقراطية الكاملة تؤدي بالضرورة إلى ربط المسؤولية بالمحاسبة حتى لا تظل هناك بياضات أو هوامش في ممارسة السلطة لا تخضع للمحاسبة والتقييم. وإذا ما سلمنا مرحليا بإيجابية هذه الوظيفة التي أصبحت للحزب السياسي إلا أننا لازلنا نصطدم مع كل الأسف بمجموعة من العوائق الذاتية للأحزاب تحول دونها والقيام بهذا الدور على الوجه الأكمل. وهنا سنأتي على ذكر أهم العوائق والصعوبات . ثانيا: العوائق الذاتية للأحزاب السياسية تعرف الأحزاب السياسية مجموعة من العوائق الموضوعية وذاتية بالخصوص تؤثر سلبا على أدائها لوظائفها في التأطير والتكوين ووضع البرامج التي تؤهلها للمشاركة في ممارسة السلطة، وتتجلى أهم العوائق في غياب الديمقراطية داخل الأحزاب سواء في تولي المسؤوليات والتداول عليها أو خلال اختيار المرشحين باسم الحزب للانتدابات الوطنية والمحلية إذ في الغالب ما يتم اعتماد منهج التعيين بدل الانتخاب كآلية ديمقراطية يجب أن تسود تدبير الحزب ، ويصاحب منهج التعيين عادة القرب من مراكز القرار داخله أو التوفر على مركز مالي مهم(19 ) ، وهذه الاختيارات غالبا ما تتم على حساب الكفاءة والتجربة والنزاهة ، كما أن تراجع الديمقراطية داخل الأحزاب تؤدي إلى الانشقاقات حيث أصبحنا أمام تعددية مفرطة أساءت إلى منطق التعدد وأدت إلى نشوء أحزاب ليس بمقدورها تقديم أية إضافة ايجابية للمشهد السياسي وظلت أحزابا مجهرية. إن اعتماد الآليات الديمقراطية في تصريف شؤون الحزب يعد منهجا قويما يؤدي إلى تدبير الاختلاف والتداول على مسؤوليات الهياكل الحزبية، ومأسسة التيارات ( 20) وجعلها ثابتا داخل الأحزاب، حيث أن الاعتراف بالتيارات أصبح سمة من سمات التدبير الديمقراطي وآلية من آليات نهج الحكامة الحزبية ومن نتائج غياب الديمقراطية داخل التنظيمات الحزبية التي تؤدي في الغالب إلى الإقصاء وتضييع جهود الحزب في الكواليس والصراعات الداخلية، أصبحت هذه الأخيرة تقبل بين أعضائها الفاسدين والمرتشين وتتغاضى عن الإخلال بالمسؤولية والأمانة من هؤلاء الأعضاء خاصة الذين يتحملون مسؤوليات وطنية أو محلية، وهنا تجب الإشارة إلى أنه أصبح من اللازم تحميل الأحزاب (في البداية) ولو المسؤولية المعنوية إذا ما نسب إلى أحد المرشحين باسمها أي اختلاس للمال العام أو سوء التدبير لدفعها نحو مزيد من التدقيق والتحري حول كفاءة وسلوك مرشحيها ومواكبة وتتبع عملهم . وهناك عائق آخر أرى أنه من الأهمية بمكان ويتعلق الأمر بعدم امتلاك معظم الأحزاب السياسية لبرامج وتصورات صائبة واضحة واقعية ودقيقة ومتجددة ترتبط بالواقع الاجتماعي المتغير والمشاكل المستجدة، تلبي حاجيات المواطنين عند المشاركة في ممارسة السلطة وتشكل أساسا للتعاقد بين الحزب والكتلة الناخبة. فالملاحظ أن الأحزاب السياسية تتقدم أثناء الحملات الانتخابية بمجموعة وعود مصاغة بشكل إنشائي خالي من التدقيق وغالبا ما تتكرر عند كل استحقاق انتخابي بالإضافة إلى تشابهها بين عدد من الأحزاب ، ويتسع التساؤل هنا ليشكك في مدى إدراك أحزابنا السياسية للمدلول الحقيقي والواقعي للبرامج (21 ). وبطبيعة الحال فعدم امتلاك الأحزاب لأبناك معلومات ومعطيات تهم جل القطاعات( 22) تمكنها من معرفة مشاكلها ومحاولة اقتراح الحلول الكفيلة بتجاوزها، وعدم إحداثها لمراكز بحث ودراسة تابعة لها تساعد ها في التشخيص الدقيق من أجل تحضير وتجهيز برامج واقعية، فذلك لن يساعدها على الإطلاق في اعداد البرامج والتصورات الجدية . وبالإضافة إلى هذه العوائق نجد كذلك محدودية زمن الاشتغال السياسي لدى الأحزاب والاقتصار على الزمن الانتخابي بما يطبعه من موسمية تقتصر على أيام الحملات الانتخابية. ومحدودية زمن الاشتغال هذه إذا أضفنا لها ضعف التغطية الترابية للأحزاب وامتدادها وانتشارها التنظيمي فإن الأحزاب لن تتمكن من القيام بدورها في التنشئة والتأطير والتوعية باعتبارها مداخل أساسية للتشبع بقيم المواطنة فقد أصبح مطلوب وبكل إلحاح من الأحزاب بعدما وصلنا في مسارنا الديمقراطي إلى مرحلة المشاركة في ممارسة السلطة انتهاج مبادئ الحكامة( 23) حتى تكون مؤهلة كفاية لأداء الوظائف الجديدة التي باتت مطلوبة منها خاصة إذا علمنا أنه لا يمكن إسناد هذه الوظيفة لأية جهة أو منظمة أخرى غير الأحزاب السياسية ، إذن فهي وظيفة حصرية تظل حكرا على هذه الأخيرة حيث نلمس في الأخير وبكل وضوح مستوى التحدي والرهان المطروح عليها. وهنا تأتي الدعوة الصريحة للمواطنين والمواطنات خاصة من ذوي الكفاءات والتجربة والمصداقية من أجل دخول غمار الحياة السياسية والاهتمام بقضايا وطنهم تفعيلا لمبادئ المواطنة، حيث أن العزوف والتراجع واحتلال مساحات الظل لن يخدم في شيء قضايانا الوطنية وخصوصا ديمقراطيتنا الناشئة بقدر ماسيدخلنا في متاهات الإجابة عن إشكالية شرعية المؤسسات المنتخبة سواء المركزية والمحلية وبالتالي نظام التمثيلية الذي يشكل عماد الديمقراطية. لذلك فبقدر وعي الشعب وحركيته تترسخ وتتسع مجالات الممارسة الديمقراطية التي بمقدورها وحدها تقديم الجواب الأمثل عن سؤال المواطنة والتخليق. هوامش: 1- راجع المادة 1 من القانون 36.04 المتعلق بالأحزاب السياسية ، ج ر عدد، 5397 بتاريخ 20 فبراير 2006 2 - راجع المادة 2 من نفس القانون. 3 - وتتمثل الثوابت الأخرى طبقا للفقرة الثالثة من الفصل الأول من دستور 2011 في : - الدين الإسلامي السمح، - الوحدة الوطنية متعددة الروافد، - الملكية الدستورية 4 - الصوفي (مصطفى)، حوار منشور بجريدة الاتحاد الاشتراكي، عدد 31 أكتوبر 2010 . 5 - تعد الأسرة والمدرسة من آليات التنشئة في المراحل العمرية الأولى ، ويأتي دور الأحزاب السياسية لاحقا بعد مرحلة النضج التي يصبح فيها المواطن مؤهلا للاهتمام بقضايا الوطن... 6 - بن صالح العامر(عثمان) ، "مفهوم المواطنة وعلاقته بالانتماء" مجلة أفاق الإلكترونية ، ص6 ، زيارة الموقع 29 ماي 2013. 7 - الصوفي( مصطفى) ، نفس المرجع السابق . 8 - أصبحت الجماعات الترابية بمقتضى التعديل الذي هم القانون 00 .78 المتعلق بالتنظيم الجماعي بواسطة القانون 08 .17 ملزمة بإعداد مخطط للتنمية الاقتصادية والاجتماعية وفق منهجية تشاركية ، ويحدد المخطط مجموع أعمال التنمية المقرر انجازها بتراب الجماعة لمدة ست سنوات وهي مدة الانتداب الجماعي، وغني عن القول أن يكون المخطط الجماعي للتنمية – على الأقل في خطوطه العريضة - برنامجا حزبيا يقدم أثناء الحملة الانتخابية الجماعية. راجع للمزيد من التوضيح بهذا الخصوص، المسعيد (عبد المولى)، مسار وتحولات سياسة اللامركزية الترابية بالمغرب، مطبعة النجاح الجديدة، الدارالبيضاء، 2012 . 9 - أنظر المواد من 37 إلى 40 من دستور 2011. 10 - راجع مضمون الفصل 10 من دستور 2011 للاطلاع بتفصيل على الحقوق المخولة للمعارضة البرلمانية. 11 - تجد هذه الحالة تفسيرها في حالتين: - إما أن الحزب لم يتمكن من الحصول على مقاعد برلمانية أثناء الانتخابات كما هو الشأن لعدد من الأحزاب، وهنا نطرح التساؤل حول جدوى وجودها وقيمتها المضافة ؟ ويقتضي الأمر تفكيرها الجدي في الاندماج في أحزاب تقاربها نفس التوجهات. - أو أن الحزب تبنى خيار المقاطعة وعدم المشاركة في الانتخابات، وفي هذه الحالة فان موقفه لا يتماشى مع الوظائف الجوهرية الحزب ويخالف الهدف من تأسيسه رغم ما قد يقدمه من مبررات. 12 - يتعلق الأمر بظهير 15 نونبر 1958 رقم 376- 58-1 ، ج ر عدد 2404 بتاريخ 27 نونبر 1958. 13 - راجع للمزيد من التفصيل، معتصم (محمد)،الحياة السياسية المغربية، مطبعة ايزيس للنشر ، 1992 ، ص144. 14 - بوز (أحمد) ،" الاحزاب المغربية وإشكالية الوظيفة" ، مقالة منشورة على الأنترنيت، زيارة الموقع : 29 ماي 2013 15 - هذه الوضعية هي ما اصطلح عليها في الأدبيات السياسية المغربية بسنوات الجمر والرصاص، واقتضت لاحقا إحداث هيئة الإنصاف والمصالحة في محاولة لجبر الضرر والتعويض عن الانتهاكات الجسيمة لحقوق الإنسان... 16 - إذا كانت التعددية أمرا مطلوبا في العملية الديمقراطية باعتبارها تناقض نظام الحزب الوحيد المرادف للديكتاتورية غير أن الإفراط في التعددية وخاصة في الحالة المغربية كان منهجا من أجل إضعاف الأحزاب القوية التي كانت لها قوة تأطير وتأثير في الشارع ، ومن جهة أخرى خلق أحزاب موالية من أجل محاولة إضفاء شيء من الشرعية على ممارسة السلطة السياسية. 17 - الأزهر (محمد) ، قراءة في قانون الأحزاب السياسية، مطبعة دار النشر المغربية، الدارالبيضاء، 2006، ص11 18 - راجع مضمون الفصل 7 من دستور 2011. 19- استشرت ظاهرة ترشيح الأعيان باسم الأحزاب السياسية عند كل استحقاق انتخابي رغم أن هؤلاء لا تجمعهم علاقة العضوية بالحزب قبل الانتخابات، غير أنهم في الغالب على دراية وبينة من الطرق الملتوية وغير الشريفة التي تؤدي إلى الفوز بالمقاعد الانتخابية. 20 - التيار الحزبي هو مجموعة من الأعضاء داخل نفس الحزب تجمعهم وحدة الهدف والفكرة قد يختلفون مع قيادته أو باقي الأعضاء الآخرين حول قضايا أو توجهات معينة أو في نظرتهم العامة إلى طريقة تدبير شؤون الحزب، ويحرصون على وحدة الحزب ويتحدون مع باقي الأعضاء فيما يرجع لاديولوجية الحزب ومبادئه العامة، إلا أن الملاحظ أن أحزابنا السياسية لازالت لم تعترف بعد بالدور الذي يمكن للتيارات أن تلعبه في تطوير ممارستها وفي تدبير الاختلاف داخل الوحدة. 21 - بوز (أحمد)، م س ، ص 8 . 22 - والمقصود هنا أن تكون للأحزاب معطيات دقيقة عن المشاكل والصعوبات التي يعرفها ككل من القطاع العام والقطاع الخاص على حدة من أجل تقديم أجوبة لحلها حيث أن التنمية تقتضي بالضرورة التعاون الوثيق والشراكة المثمرة بين القطاعين. 23 - أصبح الأمر يقتضي من الأحزاب اعتماد مباديء الحكامة في تدبيرها اليومي وفي انتخاب أجهزتها الوطنية والجهوية والمحلية، وفي تصريف الاختلاف داخلها واقتران المسؤوليات فيها بناء على عناصر الانتخاب والتعاقد التي تفسح المجال للتقييم والمحاسبة *عضو المركز المغربي للأبحات في التنمية والتواصل