قال مزارعُون لنبتة الكِيف ب "بَاب بْرّْدْ" إن الدولة مطالبَة بسدَاد الدين التاريخي الذي في ذمّتها قبل أي حديث عن ملف زراعة "العُشْبَة" بأراضِيهم، منادين ب "ميز إيجابيّ" تستفيد منه منطقتهم التي تلزمها طرق ومدَارس ومراكز صحيَّة من ذات الجودة التي تتوفر عليها عدد من أرجاء المغرب.. وجاء ذلك ضمن لقاء نظّمه حزب الأصالة والمعاصرة، السبت، بذات البلدة الريفيّة التي تقع ضمن النفوذ الترابيّ لإقليم شفشاون.. وهو الموعد الذي برز ك "جلسة استماع" لفلاّحي الكيف الذين اشتكُوا "الحُكرَة" و"الابتزَاز" و"ترويج شائعَات الاغتناء" في مواجهتهم.. وستعمل هسبريس على بث وقائعه، لاحقا، بتفصيل بالصوت والصورة. قبل أن يصل "بنشمَاس ومن معه" إلى بَاب بْرّْدْ، ضمن وفد قياديّ لحزب الأصالة والمعاصرة المبادر للاستماع إلى زارعِي الكيف بخيمة نصبت لهذا الغرض على مرمَى حجر من مقر "الجَدَارْميَّة"، كان المئات من الشباب الوافد على "الباب" يأخذون مكانهم ب "المُوقْفْ".. لا يتعلّق الأمر هنا بعمّال بنَاء بل بممارسِي مهن تقترن بزراعة الكيف.. ووسطهم مرّ "الزوّار" مخترقين البلدة نحو مكان اللقاء الذي استغرق 4 ساعات ونيف بحضور معنيين بذات الزراعة في ثلة من جماعات "الشَّاوْن". مَاتْصْوْتُوشْ على البَّام.. اختار حكيم بنشمّاش، رئيس المجلس الوطني لحزب الأصالة والمعاصرة ومتزعم مستشاريه بفريق التنظيم وسط البرلمان، أن يوجّه "ضربة استباقيّة" لخصوم حزبه عبر نفي كون التحرك ضمن ملف زراعة الكيف مستندا لدواع انتخابيَّة.. "مَاتْصْوْتُوشْ على البّام.. صوتُوا على أي كَان، شرِيطَة أن يدافع عنكُم وعن مصَالِحكم.. هل تضنُّونَ أنّنا أشرار لهذا الحدّ حتَّى نخضع محنا اجتماعية، لمنطقة بها ما يزيد عن 48 ألف مبحوث عنه، لمنطق انتخابيّ؟؟" بهذه العبارة خاطب حكيم المئات من المزارعِين.. مفلحا في انتزاع تصفيقاتهم التي استمرّت لوقت طويل. بنشمّاش قال إنّ صحفا قد أطلّت على المغاربة بقراءات مغلوطَة تعني مقاربَة "البّام" لواقع زراعة القنّب الهنديّ، موردا أنّ موادا إعلاميَة ضمّت أنّ الحزب يروم "تحديد مقدار الحشيش الذي سيسمح للمغاربة بتعاطيه، مع تعميم زراعة الكيف بعموم المغرب".. "هذا خطَا، نحن ضدّ تعاطي المواد المخدّرة ولا رجعة في ذلك، كما أنّنا مع إيجاد حلول لزراعة الكيف بالمناطق التي اشتهرت بذلك تاريخيا، وحصر هذه الممارسة بذات الفضاءات لاستعمالات طبيّة وصناعيَة.. نتوفر على أجوبة تهمّ بعض الأسئلة المفصلية، وعدد كبير من الإجابات على أسئلة أخرى نبتغي البحث عنها مع المعنيّين بالأمر لأننا لا نتوفر عليها بالمرّة". أمّا ميلودة حازب، وضمن كلمتها باعتبارها رئيسة لنواب الأصالة والمعاصرة بالبرلمان، فقد قالت إنّ نواب الأمّة المنتمين لتنظيمها السياسي يتبنَّون كل ما سيسفر عنه النقاش بغرض الاشتغال عليه كمشرّعين حتَّى يتم القضاء على الإشكالات المرصودة.. "لا مكَان للمقاربة الأمنيَّة في هذا الملف، وينبغي تعويضها بالإشراك في تحقيق التنمية الحقّة.. والنموذج البديل الذي كانت تريد الحكومة تطبيقه ضمن أراضي زراعة الكيف، فيما قبل، تحل محله الحين بدائل واقعية تشجّع استثمار الكيف في الإنتاج الطبي والصناعيّ" تزيد حازب بعد كلام بنشمَاس. العفو للمزارعين المطلوبين للقضاء كان حزب الأصالة والمعاصرة، خلال الحملة الانتخابيّة التي تهمّ جماعيَات العام 2009، وبالضبط حين وصول قياديّيه إلى بلدة كتَامَة بقلب الريف من أجل التواصل مع ساكنتها،بوفد تصدّره حينها مؤسس التنظيم فؤاد عالي الهمّة، قد دعا إلى تمتيع "صاعدِي الجبل" ب "عفو ملكيّ".. وهي الخطوة التي أسالت حينها الكثير من "الحبر الصحفيّ" دون أن يكون لها أثر عمليّ على أرض الواقع طيلة السنوات الخمس التي أعقبت هذه "الدعوة". بنشمَاش، وكأي سياسيّ يدرك جيّدا ما يفعله حاليا دون قطيعة مع مواقف الماضي لتنظيمه السياسيّ، أعاد التذكير بذات الموعد الملتئم بكتَامَة قبل نصف عِقد من الحين، مجدّدا ذات المطلب وهو يقول أمام مزارعي الكيف بباب برّد: "نطَالب بالعفو عن الفلاحين لإسقاط المتابعات عنهم".. إلاّ أنّه استدرك: "لا يعني ذلك طلب عفو ملكيّ بالضرورة، إن تأتَّى ذلك فمرحبا به.. لكن الوثيقة الدستورية تعطي الملكي حق ممارسة العفو الخاص كما تعطي البرلمان صلاحية ممارسة العفو العام بقانون، وهذا ما ينبغي التفكير فيه بجديّة وآنيَّة". ترأّس جماعة فاعتزل الكِيف "سِي حسن" كان أوّل المتدخلين من الحاضرين، وبعفويته ولسانه "الجبلِيّ" الأنيق استطاع انتزاع ضحكَات الجميع بمداخلات منتميّة ل"الكُومِيديَا السوداء" غير المقصودة بالمرّة.. "هناك عدة حالات لابتزازات تطال أشخاصا يقومون فعلا بزراعة الكيف، فهناك مثلا من تقدم لخطبة فتاة، وحين رفض الأب يتم تهديده بذكر اسمه في للدركيّين كمشتغل بالكيف إذا لم يوافق على الزواج.. والدرك الملكي يقبض على الأشخاص دون تأكد من ملكيتهم للأرض المزروعة بالكيف، مكتفين بوشايات كاذبه، وهناك من يطلبون أموالا تحت التهديد بتقديم هذه الوشايات" يقول "سي حسن". ويضيف ذات المتحدّث الطاعن في السنّ: "نقول أن الكيف مزروع في العلن و أمام الجميع، و الدولة تراه.. نحن نطالب باحترام حرمة بيوتنا، فالكيف الموجود في البيوت هو ذاك المزروع خارجها والذي لا تطاله أيادي الدولة"، بعدها قدّم "سِي حسن" لبنشمَاش ما قال إنّها "وثائق ينبغي أن تمنح للمؤرّخين حتى يدركُوا مدى العمق التاريخي لزراعة الكيف بالمنطقَة".. مختتماً حديثه ب: "مَانْكْذْبْشْ.. كْمِيتْ الكِيف فالسْبْسِي والنِّيبْرُو، ومَا قْطْعْتُو حْتَى حْشْمْتْ ملِّي ولِّيتْ رئِيس جَمَاعَة". "عصَابَات الدّولة" والأعراس "لماذا تحارب الدولة الكيف ولا تحارب سلع القْرْقُوبِي والهِيرْوِينْ التي تدخل من مليلية و سبتة كي تقتل الشباب وترفع نسب الجرائم باختلافها؟" يقول أحد المزارعين ل "العُشبَة" حين أعطيت له الكلمة، وبعدها استرسل: "العصابات الحقيقية يشكلها رجال الدرك الملكي وعناصر السلطة المحلية، وعلى سبيل المثال أذكر وجود عناصر دركيّة تقوم بابتزاز سكان المداشر عبر مطالبتها ب3000 درهم عن كل منزل، وذلك حتّى تُترك لزراعتها، فيضطر بهذا المزارع البسيط، خوفا من الإعتقال، الى الاستدانة من أجل منحها لرجال الدرك الذين يقومون بهذه العمليات كلما احتاج أحدهم للمال.. وهنا أوجه لحسني بنسليمان، المسؤول عن الدرك، رسالة اقول له فيها، كما للحكومة التي ترفع شعار محاربة الفساد، أن يسائلوا عناصر الدرك الملكي بمناطق زراعة الكيف عن المنازل و الفيلات التي يتملكونها، كعقارات صورية لزوجاتهم وأبنائهم، بتطوان ومارتيل ومناطق أخرى". محن بطائق الLC.. "نرفض أن تسمى زراعتنا بالمخدرات، بل نسميها الكيف.. هي زراعة تاريخية بباب برّد وكتامة، وهي الحين مسألة تجعلنا نتسائل هل نكون أو لا نكون، وهذه حقيقة اقتصادية و اجتماعية، لأن طبوغرافية المنطقتين عبارة عن صخور غير قابلة لاستقبال أي من الزراعات الأخرى، لذلك نطالب بمنح منطقة بني خالد وكتامة وضعا خاصا لأنها متضررة أكثر من بعض المناطق المجاورة" يقول مزارع للكيف، ويزيد: "بطائق التعريف الوطنيّة ذات الترقيمات المستهلّة بLC تجعلنا محطّ إدانات مسبقة واتهامات دركيّة، وأتذكّر هنا أنِّي كنت على متن حافلة توقفت بحاجز دركيّ بإحدى مدن المغرب، وبعد تفحص بطاقات راكبيها غادرت دوني فقط لأني أحمل بطاقة تعريف ترجع على باب برّد.. نحن أكثر من رقم، إنّنا نحزن لأحزان المغاربة ونفرح لأفراحهم". كَاتكَات الجَادَرمِيّة.. والدِّيسْتِي متحدّث آخر قال إنّ "المزارعين بالمنطقة مضطرون لفلاحة الكيف حتى يتمكّنوا من العيش، ومنهم من يتم القبض عليه دون حيازة، في شطط لاستعمال السلطة برغبة لمنح رشاوَى.. والدركيين الجدد يتلقون رواتب تزيد بقليل عن ال3000 درهم شهريا، وعندما يشتغلون باب برّد يقتنون سيارات رباعية الدفع بأربعين مليونا من السنتيمات، ويواظبون على الخروج صوب المداشر دون توفرهم على تراخيص من الجهات المسؤولة عن آدائهم، ويقومون بعمليات قبض على الناس". نفس المدلي بشهادته أمام موفدي "البَّام" للمنطقة قال إنّ "المناطق الساحلية التي تعرف زراعة الكيف تعرف تواجد شخص ملقّب ب :النَّايْكَة، ويقوم بإدخال المزارعين للسجن عبر موافاة الدركيّين بصور موثقة لأراض مزروعة ومعطيات عن أصحابها المفترضين، ولا يثنيه عن ذلك غير تقديم المال من لدن الضحايا الذي يعرّفهم بنفسه كضابط ممتاز بالدِّيستِي"، وأردف: "هناك بحريّ صيّاد، لا علاقة له بالكيف بتاتا، تم سجنه بتهمة زراعة الكيف بعد وشاية كاذبة من هذا الذي يقدمّ نفسه كضابط مخابرات". كيف الديُون غالبية المتحدّثين من صفوف الفلاحين، وبينهم أصحاب تكوينات دراسية عليا، شدّدوا على أن عملهم لا يدر المبالغ الخيالية التي يتم إلصاقها بممارساتهم، وهنا قال أحدهم: "لو بقينا نزع الكيف لقرن كامل لن نتخطّى مرحلة العيش بالديون، فكلّ فلاح يعيل أسرته ويؤدّي مستحقات قرابة 20 من أصحاب المهن الموازية، وحتى هؤلاء يتأثرون بما يخضع له الفلاحون من ابتزازات وتحرشات مختلفة".. وزاد: "نعاني من استفزازت الدركيين، فمعاونوهم يركبون معك السيارة ويضعون لك قطعة مخدرات بها، بعدها يتصلون بالدرك الذي يطالبك ب10 ملايين سنتيم نظير إطلاق سراحك، لذلك نطالب بوقف عناصر الدرك الملكي عند حدهم". رسالة لبنسليمَان واستدعاء لحصاد حكيم بنشمَاش لجأ إلى أسلوب "الرسائل المفتوحة"، بعد موافاته لنسخ من شكايات موجّهة للنيابة العامّة دون أن يتم البت فيها، وهي المرتبطة بممارسات منسوبة لحاملي زي الجهاز العسكري الأول بالمغرب وكذا عناصر الإدارة الترابية المعينة، موردا أنّه يلجأ إلى الصحافة من أجل مطالبة الجنرال دُوكُوردَارمِي حسني بنسلِيمَان بفتح تحقيقات في ممارسة عناصره بداخل المناطق الشاهدة لزراعة الكيف، مضيفا أنّ "الامر قد بلغ حدودا غير مقبولة بالمرّة وينبغي وضع حدّ له"، قبل أن يستدرك: "هذا لا يعني أنّ جميع الدركيّين متورّطون، فبطون المغربيّات لا يمكن أن تكون ولاّدة للأشرار فقط". محمّد حصّاد، وزير الداخليّة، لم تهمّه أي "رسالة مفتوحة" من لدن بنشمَاش بقدر ما أنبأ الأخير ذات المسؤول الحكومي بعمل الأصالة والمعاصرة على استدعائه نحو البرلمان بغية موافاته بكافة المعطيات المقترنة بأداء رجال الإدارة الترابية ببَاب برّْد ونواحيها وفقا لشهادات مزارعي الكيف التي تمّ التعبير عنها والتوثيق لها بالصوت والصورة، مع تمكين حصاد بنسخ من ذات المداخلات لمزيد من الاطلاع على التفاصيل بدقّة.