عقدٌ كاملٌ مضَى على دخول مدونَة الأسرة، حيز التطبيق في المغرب، بيدَ أنَّ الفوارقَ بين الجنسين لا تزالُ قائمةً، حتَّى وإنْ كانَ ثمةَ تقدمٌ على مستوَى نصوص، لقيَت الإشادة عند خروجها؛ ذاكَ ما خلصتْ إليه صحيفة "نيويوركْ تايمز" فِي مقالٍ؛ رصدت فيه بعضَ مظاهر الحيف الذِي يطالُ النساء في المغرب، منها جانبُ الميراث. الصحيفة الأمريكيَّة عرضتْ حالةً لشابَّة مغربيَّة، فِي ربيعها التاسع والعشرِين، رزئتْ فِي والدها، لتجدَ نفسها إزَاء مصابٍ آخر، وقدْ جاءهَا أخٌ غير شقيق لوالدها،يطلبُ حقًّا في الميراث، رغم أنها لمْ تعرفه يومًا، لقدْ جاء فقطْ لأنَّ أمها لمْ تنجب ذكرًا، ولأنهُ تركَ خلفه يومَ رحل عن الحياة، زوجته وابنتين "لقدْ أحسستُ جورًا فِي أنْ أقتسمَ معه الميراث، بعدمَا قطرَ به السقفُ فجأة إلى حياتنا، ليأخذ من المال الذِي تركهُ والدِي، سيما أنَّ والدتِي عملتْ من جانبها، وساهمتْ بالنصف فيما تركه الوالد". زينبْ التِي لا تمثلُ سوى حالةً من بينِ حالاتٍ كثيرة، تقودُ "نيويورك تايمز"، إلى القول إنَّ المدونة التي نظر إليها كتقدمٍ كبير في المملكة، قبل عقد من الزمن، فضلًا عن إقرار دستور جديد قبل 3 سنوات، في سياق "الربيع العربِي"، خطوتان لمْ تنهِيا معاناة المرأة المغربية، موردةً أنَّ الطريقَ لا يزالُ طويلًا لبلوغ المساواة بين الجنسين، لأنَّ ثمَّة إشكالاتِ على مستوى نصوص الأسرة، لمْ يمسسها اجتهادٌ بعد، مثل مسألة الميراث، التِي يتم فيها الرجوع إلى القرآن، للتنصيص على حظوة الذكر بما للأنثيين. الإبقاء على الفوارقِ في الإرث، كما توضحُ الفاعلة الحقوقيَّة، سعيدة كوزِي، يأتِي رغمَ إتاحة الإسلام هامشًالاجتهاد، وإعادة تأويل النص الديني، سيما أنَّ تغيراتٍ اجتماعيَّة واقتصاديَّة وحصلت، ولمْ تعد قوامة الرجل حاصلة بصيغتها التقليديَّة، بلْ إنَّ بعض النساء صرنَ يعلنَ أسرًا مما يتقاضينه من رواتب، "فكيفَ لهنَّ أنْ ينلنَ نصفَ حصَّة الرجل الذِي يعملنَ بجانبه؟ ولأنَّ حقوق النساء في بلدٍ كالمغرب، تخضعُ لتقاطبٍ بين الحركة النسائيَّة المنافحة عنْ حقوق المرأة، من نظرةٍ كونيَّة غير خاضعة للخصوصيَّة المحليَّة، وقوى إسلاميَّة تبدِي غير قليلٍ من المقاومة لما ينحُو إلى إقرار سمو المواثيق الدولية، فإنَّ "نيويوركْ تايمزْ" تخلصُ إلى أنَّ الملكَ أثبتَ نفسه أعلى سلطة دينيَّة في البلاد، عام 2004، عند إقرار مدونة الأسرة، بعدما أضعفتْ أحداث 16 ماي الإرهابيَّة أصوات الإسلاميين، التِي حملتْ "المسؤوليَّة المعنويَّة"، وإنْ لمْ تغير المدونة الجديدة في مسألة الإرث. الباحث في الحقل السياسي، عبد الله ترابِي، يعودُ ليقرأ في خطوة الملك محمد السادس، بعد أعوام أربعة من اعتلائه العرش، بادرةً مكنتْ من رسمِ صورة الملك الحداثي والإصلاحي، والسد المنيع أمام القوى المحافظة، كما الحليف الاستراتيجي، للنخبة العلمانية، وإنْ كان التغيير الذِي جاءت به المدونة قدْ لاقَى عثراتٍ في التطبيق، مع بعض القضاة، الذِين منحهم القانون هامشًا للتقدير، فأجيزتْ زهاء 90 بالمائة من طلبات زواج القاصرات،وفقَ ما تؤكدهُ الإحصاءات الرسميَّة". الباحثَة المختصَّة في شؤون النساء والعالم الإسلامِي في مركز الشريعة الإسلاميَّة وقانون الشرق الأوسط بالعاصمة البريطانية، زيبا مير حسنِي، تقول إنَّ تفعيل التغيير على مستوى النصوص، على أرض الواقع، يستلزمُ الكثير من الوقت، حتَّى أنَّ بعض الدراسات تظهرُ الحاجة إلى جيلٍ كامل، أوْ30 عامًا حتى يقودَ التشريعُ المجتمع صوبَ وجهة مختلفةٍ، سيمَا أنَّ عائلاتٍ في العالم القروِي تصرُّ على تزوِيج بناتها في العالم القروِي في سنٍّ مبكرة". "نيويورك تايمز" التِي تناولتْ تأثير القوى المحافظة في المغرب، على إقرار المساواة في الإرث، تنقلُ عنْ الكاتبة صونيا تراب، قولها إنَّ ثمَّة نساءً مغربيًّات متشبثاتٍ بالنص الديني، ويعارضنَ التساوِي في الإرث، ولوْ منحن الخيار لقلنَ لا، وهو ما يظهرُ حسب قولها، الحاجة إلى فرض المساواة حتَّى تصبحَ مكتسبًا ثابتًا بعد جيلٍ أوْ جيلين".