التطور الذي عرفه المجتمع المغربي وسط عصر السرعة غير نظرة الناس لكثير من الأمور الحياتية، فقد بدأت عدة ظواهر تطفو على السطح من بينها عدم اهتمام العديدين باختيار النظام الغذائي الأنسب، إذ غالبا ما يتم تناول الأطعمة بطرق عشوائية دون مراعاة مكوناتها. وفي هذ الصدد تشير نورة دوبيز، أخصائية في الحمية والتغذية بوحدة التغذية من قطب العلاجات التمريضية بالمركز الاستشفائي الإقليمي الحسني بالناظور، إلى أن الدراسات التي تقوم بها وزارة الصحة، فيما يخص العادات الغذائية السائدة والنظام الغذائي المثالي، أثبتت أن النمط الغذائي بالمغرب قد تحول من نمط تقليدي، مكون أساسا من الحبوب والقطاني، إلى تغذية غنية بمواد ذات مصادر حيوانية، والتي تفوق الحاجيات الطاقية للجسم، وذلك حسب الإستراتيجية الوطنية للصحة 20112019. وتقول نورة، ضمن تصريح لهسبريس، إنّ ذات الدراسات الرسمية قد أفرزت في تحليلها للإستهلاك الغذائي بالمغرب إلى نتائج تكشف عن ارتفاع معدل الإستهلاك اليومي من 2202 وحدة حرارية سنة 1970 إلى 3031 وحدة حرارية سنة 2001، وذلك وسط ساكنة المدارات الحضريّة بعموم مناطق البلاد. وتحيل دوبيز تنوع مهم في التغذية مع اشراك مختلف المجموعات الغذائية لدى المغاربة، موردة أنّ ذلك يتمّ بإنخفاض في نسبة السكريات المركبة وزيادة في السكريات البسيطة، وفي إستهلاك الفواكه والخضروات، وكذا زيادة في نسبة البروتينات ذات الأصل الحيواني، خاصة اللحوم البيضاء، وذلك على حساب البروتينات ذات الأصل النباتي، وأيضا في نسبة الدهون، بما في ذلك المشبعة وغير المرئية، بالإضافة إلى إنخفاض في تناول الألياف الغذائية. كل هذا لا يزال غير كافٍ مقارنة مع التوصيات الدولية، تقول نورة دوبيز لهسبريس قبل أن تنصح بضرورة تناول خمس أنواع من الخضر والفواكه يوميا، "فهي تمد الجسم بالفيتامينات والأملاح الضرورية لعمل الأعضاء المختلفة، وعلاوة على ذلك، تتميز باحتوائها على قدر قليل من السعرات الحرارية بالنسبة لحجمها ووزنها، وهذا يعمل أتوماتيكيا على التقليل من أكل المواد مرتفعة السعرات مثل الدهون والنشويات والبروتينات، كما تحتوي الخضر والفواكه على الألياف الغذائية التي تساهم في تحسين كفاءة الهضم وتنظيم عمل القولون، وتعمل أيضا على تنظيم مستوى الكولسترول والسكر في الدم والوقاية من العديد من أنواع السرطان خاصة سرطان القولون". ذات الأخصائية تحث على أخذ الحليب و مشتقاته ثلاث مرات في اليوم، باعتباره المصدر الأول للكالسيوم، وتمد الجسم بالبروتينات والفيتامينات من نوع "ب" والفوسفور.. وهنا تقول نورة: "أود أن أنصح الناس بعدم أخذ الكافيِّين مع الحليب، لأنه ينقص إمتصاص الكالسيوم"، مشيرة إلى "ضرورة تعويض الخبز الأبيض بالخبز الكامل، لما يحتويه من ألياف غذائية، ولحاجته إلى مدة أطول للمضغ قبل بلعه، ما يساعد على تناول الطعام ببطء وتناول كمية أقل والشعور بالشبع، وبذلك يساعد على المحافظة على الوزن وكذا تخفيضه". كما أكدت دوبيز أيضا على ضرورة الإكثار من تناول الأسماك لما تحتوي عليه من أحماض دهنية هامة (الأومغا 3) إذ تحمي الدم من التخثر الزائد،وتخفض مستوى الدهون كالكولسترول في الدم وتحمي من مخاطر السمنة، وكذا الإكثار من شرب الماء خصوصا بين الوجبات. أما بخصوص نظرة المجتمع للحمية تعلق دوبيز، في ذات التصريح لجريدة هسبريس الإلكترونية، "مجتمعنا لازال يعتقد أن الحمية مرتبطة دائما بالمرض، ومعظم الناس ينظرون للحمية على أنها إقصاء وحرمان من بعض أنواع الطعام، وهذا خطأ". وتزيد: "الحمية ثلاثة أنواع؛ هناك الحمية النظامية : وتمثل التغذية المتوازنة التي تحتوي على العناصر الغذائية الضرورية لبناء الجسم، وتزويده بالطاقة التي يحتاجها لذا يشترط أن تكون متنوعة أي تتضمن جميع أصناف الأغذية ( بانية: بروتينات، واقية: فيتامينات و أملاح معدنية و طاقية: سكريات و دهنيات) وكافية أي تسد حاجيات الجسم كما وكيفا لتفادي الأمراض الناتجة عن سوء التغذية. و كذا حمية من أجل التحكم في الوزن والتي تهدف إلى نقص أو زيادة في الوزن، ثم الحميات الخاصة؛ وتمثل النظام الغذائي الخاص لتكييف الغذاء مع الحالة الصحية للمريض ومنها حمية السكري، حمية ارتفاع ضغط الدم، حمية مرض النقرس وغيرها". نورة تضيف: "مجتمعنا، للأسف، لازال غير واع بأهمية اختيار نظام غذائي متوازن.. فحتى المرضى حينما يفرض عليهم الرِّجِيمْ لا يفكرون في زيارة أخصائي.. وهنا يبرز دور الطبيب والصيدلاني في هذا المجال، فبعد تشخيص المرض ووصف الدواء المناسب يجب إرسال المريض الى أخصائي في الحمية والتغدية لتزويده بالنصائح الغذائية التي تلائم وضعه الصحي .. إذ تبقى الفئة التي تعاني من السمنة هي الأكثر إقبالا على العيادات المختصة في الحمية".