نظر "يونس مجاهد" للمرة العاشرة إلى ساعته الأنيقة في نفاذ صبر وهو يضع يده في جيب سترته الزرقاء الداكنة الباهظة الثمن ،الساعة تشير إلى الرابعة إلا خمس دقائق من يوم الجمعة، لم يبق إلا القليل و تبدأ وقفة الصحافيين المغاربة تضامنا مع زملائهم في جريدة أخبار اليوم . "" في الوقت الذي كان لا يزال فيه "توفيق بوعشرين" يخضع للتحقيق منذ التاسعة صباحا . كان الصحافيون يتوافدون وأعدادهم تتزايد أمام مقر الجريدة المشمع، رجال الأمن يطوقون المكان، وآخرون بزي مدني يندسون وسط الصحافيين. الزملاء في أخبار اليوم منشغلون بإلصاق اللافتات المنددة بالمنع فوق "كولفازير" بالمقهى المقابلة لمقر عملهم، بينما يعمل بعضهم إلى كتابة آخر المستجدات وتحميل آخر الصور على صفحته بموقع الفايسبوك و تويتر. "يونس مجاهد" يتبادل حديثا هامشيا مع "بنشمسي" مدير تحرير مجلة "تيل كيل"، بينما يحرص الكثيرون على أخذ صور تذكارية مع الفنان "بزيز"و الصحافي "على لمرابط" ،"الساسي" أيضا كان حاضرا في هذه الوقفة الرمزية. لافتات و هتافات و شعارات منددة بمنع الجريدة من الصدور، متفادية تبني موقف الكاريكاتير الذي كان سببا في المنع، قبل أن تتحول إلى شعارات سياسية لا علاقة لها بموضوع الوقفة، في الوقت الذي كان يطوف فيه رجل نحيل مسنّ وهو يوزع "وريقات" تحمل عبارات تندد بغلاء الأسعار التي "هلكت" القدرات الشرائية للمواطن البسيط !! حضرت كاميرات التلفزيون ،اختفى يونس مجاهد من قرب "بنشمسي" ليظهر فجأة وسط حلقة الصحافيين أمام الكاميرات مباشرة وهو يصرخ بعبارات من قبيل : "لا لكتم حرية التعبير .. " و" نندد.." و "نشجب.."، وينسحب بهدوء بعد "إطفاء الكاميرات" وهو يختلس النظر إلى ساعته الغالية و ينفض بعض الغبار الوهمي عن سرواله الجينز الباهظ الثمن. يقول صحفي من الجريدة الممنوعة أن إغلاق المقر وتشميعه من دون قرار محكمة هو عمل "عصابات" وليس ردّة فعل دولة تحترم نفسها و ترفع شعار "الحق و القانون"، إن كانت جهات ما قد رأت في الكاريكاتير إساءة إليها فهناك مسطرات يجب اتباعها، و قوانين تسري على كل صغير وكبير في هذا البلد..أما تشميع مقر العمل بدون علم وكيل الملك فهذا هو العبث بعينه !! يتفادى الصحافيون تبني موقف الكاريكاتير بمن فيهم صحافيو أخبار اليوم، لكن البعض يسرّ بأن الرسام "كدّار"- الذي يتقاضى أجرا شهريا يبلغ 14000 درهما- لم يكن هو صاحب فكرة الكاريكاتير، وأن الفكرة لشخص آخر أوصاه بأن عليه أن يكون "رجلا" وبأن عليه أن يتحمل النتائج.. الصحافيون المتضامنون رمزيا في الوقفة لم يعبروا عن موقفهم التضامني كتابة في جرائدهم، بل عبر بعضهم عن العكس تماما على صفحاته في "الفايس بوك" !! .. الكثيرون من صحافيي الجريدة مقتنعون تماما بأن "رشيد نيني" كاتب العمود الشهير قام بزيادة توريط الرسام حين كتب عن هوسه بمعاداته للسامية و بالسخرية من رموز الوطن ومن الملك محمد السادس في أحد المواقع الالكترونية الساخرة..