تودع الأمة الإسلامية شهراً عظيماً، شهراً تنتظره أحد عشر شهراً، تحزن لفراقه القلوب المؤمنة، وتدمع لوداعه العيون الساهرة في طاعة الله ألا وهو شهر رمضان، هذا الشهر الذي كنا بالأمس نترقبه بكل فرح وخشوع ونتلقى التهاني بقدومه، واليوم نودعه بالأسى والدموع ونتلقى التعازي برحيله كيف لا وهو الشهر الذي تضاعف فيه الحسنات أضعافاً كثيرة حتى إن البعض يخرج منه كيوم ولدته أمه. "" مضى هذا الشهر الكريم، وقد أحسن فيه البعض ولم يستثمره البعض الآخر فأساء فيه، وهذا الشهر شاهد لنا أو علينا، ولا ندري هل سندركه مرة أخرى أو يحول دون ذلك هادم اللذات ومفرق الجماعات، فسلام الله عليك شهر الصيام والقيام، شهر المغفرة والعتق من النار. وفي وداع هذا الشهر العظيم يجب على كل مسلم ان يسأل نفسه، هل أخذنا بأسباب القبول بعد رمضان وعزمنا على مواصلة الأعمال الصالحة؟ هل ما قمنا به في رمضان كفيل بأن يمحو ذنوبنا وخطايانا؟ وهل تأسينا بالسلف الصالح - رحمهم الله - الذين كانوا توجل قلوبهم وتحزن نفوسهم عندما ينتهي رمضان لانهم يخافون ان لا يتقبل منهم، لذلك فقد كانوا يكثرون الدعاء بعد رمضان بالقبول لقد كانوا يدعون الله ستة أشهر أن يتقبله الله منهم، كما ذكر الحافظ ابن رجب - رحمه الله-. لقد سألت عائشة - رضي الله عنها - رسول الله - صلى الله عليه وسلم - عن قوله سبحانه «والذين يؤتون ما أتوا وقلوبهم وجله» المؤمنون /60، أهم الذين يزنون ويسرقون ويشربون الخمر؟ قال:«لا يا ابنة الصديق ولكنهم الذين يصلون ويصومون ويتصدقون ويخافون ان لا يُتقبل منهم» وعن علي بن أبي طالب - رضي الله عنه - قال «كونوا لقبول العمل أشد اهتماماً منكم بالعمل، ألم تسمعوا إلى قول الله عز وجل «إنما يتقبل الله من المتقين» المائدة / 27 وقال ابن دينار - رحمه الله - «الخوف على العمل ان لا يتقبل أشد من العمل». وفي وداع رمضان يجب أن نسأل أنفسنا هل أثر الصيام على نفوسنا، وهل ملأت التقوى قلوبنا اذ يقول الله تعالى «لعلكم تتقون» وهل حالنا الآن بعد رمضان كحالنا قبله، هل صلحت أعمالنا وتحسنت أخلاقنا واستقام سلوكنا بصيام رمضان، أم كان صيام عادة لا عبادة، هل نستطيع الحفاظ علي ما قمنا به من أعمال صالحة من صيام وقيام وخلق حسن أم سنهدم كل ذلك ليكون هباءً منثورا. وفي وداع رمضان يجب ان نتذكر قوله تعالى: «ولا تكونوا كالتي نقضت غزلها من بعد قوة أنكاثا» النحل /92 ذلك أننا نرى الكثير من تبدل وانقلاب أحوال الناس بعض رمضان، حيث يكونون طوال الشهر يملؤون المساجد، يقضون أوقاتهم في العبادة والطاعة، ولا يكاد يفارق المصحف أيديهم ، وما أن يعلن ثبوت رؤية هلال شوال «العيد» حتى نراهم أناساً آخرين، نبذوا طاعة ربهم ووقعوا بالمعاصي وأخذوا يبحثون عن الرحلات الجماعية، والملهيات والشهوات. ماذا يقول الناس عن امرأة قضت أوقاتاً طويلة تغزل ثوباً، وسهرت عليه الليالي الطوال تحسنه وتجمله، ثم ما إن أوشك على التمام وأصبح جاهزاً جميلاً قوياً وإذا بها تنقض خيوطه خيطاً خيطاً، ماذا يقول الناس عنها؟ لا شك أنهم سيصفونها بالجنون وانعدام العقل، ولله المثل الأعلى، فإن الكثير من النساء يبذلن أوقاتاً في الطاعة والعبادة ويجتهدن في القرب من ربهم عز وجل، فإذا انقضي الشهر الفضيل ضيعوا كل ذلك بما لا ينفع من الأعمال فهل هذا عقل أو جنون. إن العاقل هو من يلجم نزوات نفسه، ويسوقها في طريق الطاعة، ويحافظ على عمله من الإحباط والضياع و المدوامة عليه. ويعلم أن رب رمضان هو رب جميع أشهر السنة، وان معه يعبد الله في رمضان فقط ثم اذا انقضى رمضان عاد سيرته الأولى هو عابد لرمضان وليس لرب رمضان، وعليه ان يكون ربانياً لا رمضانيا، ومن كان يعبد رمضان فإنه شهر يولي وينقضي، ومن كان يعبد الله فإن الله حي لا يموت. وفي وداع رمضان علينا أن نقوم بأمور عدة في طاعة الله تعالى منها: 1) أن نحمد الله تعالى أن وفقنا للصيام والقيام وان نسأل الله القبول. 2) أن نعزي أنفسنا برحيل هذا الشهر المبارك الذي تضاعف فيه الحسنات أضعافاً كثيرة. 3) عقد العزم والنية الصادقة على الاستمرار على الطاعة والعبادة، وان لا تنقطع عبادتنا مع انتهاء رمضان، ليكون رمضان بداية الانطلاقة إلى محطات أخرى من الطاعات والأعمال الصالحة. وهذا يقودنا إلى العزم على الثبات على الطاعات مهما كانت قليلة، فقليل دائم خير من كثير منقطع 4) أن نتأكد أن من علامات قبول العمل الصالح التوفيق لآخر، ولنقيّم عملنا على هذا الأساس فإذا أقبلنا على الخير ابتعدنا عن الشر، هنأنا أنفسنا بقبول عملنا، وإلا لا بد من تغيير مسارنا. 5) الحرص على الدعاء الدائم بقبول العمل الصالح اقتداءً بالسلف - رحمهم الله - الذين كانوا يتضرعون إلى الله تعالى ستة أشهر بعد رمضان لقبول رمضان. 6) ضرورة أخلاص النية في العمل، وأن يكون لله تعالى وليس نفاقاً اجتماعياً أمام الناس، ذلك أن الإخلاص سبب كل خير، وأساس نجاح كل عمل. 7) مجاهدة النفس للإقلاع عن شهواتها للفوز بسعادة الدنيا والآخرة. 8) الحرص على الإكثار من النوافل بالصيام والصلاة فهي أحب شيء إلى الله تعالى بعد الفرائض، ومن الأسباب الموصلة لرضوان الله تعالى ومن ذلك صيام الاثنين والخميس، والليالي البيض، وركعتي الضحى وغيرهما. 9) المحافظة على حسن الخلق، والتحلي بالأخلاق الإسلامية بالتعامل مع الآخرين، ذلك ان النهي عن الشتم والصخب والعصبية ليس وقفاً على رمضان وإنما هو خلق إسلامي حتى تقوم الساعة. 10) الحرص على الدعوة لله تعالى و الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر ولو بالدلالة عليه. 11) الحرص على صحبة الأخيار من الناس الذين يعينون على الخير ويمنعون من الشر امتثالاً لقوله تعالى :«واصبر نفسك مع الذين يدعون ربهم بالغداة و العشي يريدون وجهه ولا تعدُ عيناك عنهم» الكهف /28. المداومة على العمل الصالح بعد رمضان كان من هدي النبي - صلى الله عليه وسلم - المداومة على الأعمال الصالحة؛ فعن عائشة - رضي الله عنها - قالت: (كان رسول الله - صلى الله عليه وسلم - إذا عمل عملاً أثبتهُ، وكان إذا نام من الليل أو مرض صلى من النهار اثنتي عشرة ركعة) رواه مسلم. وعنها أيضاً قالت: (وكان نبي الله - صلى الله عليه وسلم - إذا صلى صلاة أحب أن يُداوم عليها، وكان إذا غلبه نوم أو وجع عن قيام الليل صلى من النهار اثنتي عشرة ركعة) رواه مسلم. واعلم يا أخي الكريم أن الأعمال المداومُ عليها أحب الأعمال إلى الله وإلى رسوله؛ فعن عائشة - رضي الله عنها - قالت: قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: (أحب الأعمال إلى الله أدومها وإن قل) متفق عليه. وعن مسروق قال: سألت عائشة - رضي الله عنها -: أي العمل كان أحب إلى رسول الله - صلى الله عليه وسلم -؟ قالت: الدائم.. متفق عليه. ومن فاته شيء من الأعمال التي يداوم عليها استحب له قضاؤه، ولولا ما للمداومة من أهمية ما شرع له ذلك؛ فعن عمر بن الخطاب - رضي الله عنه - يبلغ به إلى النبي - صلى الله عليه وسلم - أنه قال: من فاته شيء من ورده أو قال من جزبه من الليل فقرأهُ ما بين صلاة الفجر إلى الظهر فكأنما قرأه من ليله. أخرجه مسلم والإمام أحمد في مسنده. وللمداومة على الأعمال الصالحة آثارٌ منها: 1: دوام اتصال القلب بخالقه؛ مما يعطيه قوة وثباتاً بالله - عز وجل - وتوكلاً عليه؛ ومن ثم يكفيه الله همه؛ قال تعالى: (وَمَن يَتَوَكَّلْ عَلَى اللَّهِ فَهُوَ حَسْبُهُ)، واعتبر بعض أهل العلم هذا الأثر من الحكم التي شُرعت من أجلها الأذكار المطلقة، والمقيدة بالأحوال. 2: ومن آثار المداومة على الأعمال الصالحة: تعهدُ النفس عن الغفلة وترويضها على لزوم الخيرات حتى تسهل عليها، ومن ثم تصبح ديدناً لها لا تكاد تنفك عنها رغبة فيها، وكما قيل: (نفسك إن لم تشغلها بالطاعة شغلتك بالمعصية). 3: ومن آثار المداومة على الأعمال الصالحة: أنها سبب لمحبة الله تعالى للعبد وولاية العبد لله؛ قال تعالى:{إِنَّ اللّهَ يُحِبُّ التَّوَّابِينَ وَيُحِبُّ الْمُتَطَهِّرِينَ}. قال الشيخ عبدالرحمن السعدي - رحمه الله - عند هذه الآية: إن الله يحب التوابين من ذنوبهم على الدوام ويحب المتطهرين أي المتنزهين عن الآثام. عن أبي هريرة - رضي الله عنه - قال: قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: (إن الله قال: من عادى لي ولياً فقد آذنته بالحرب، وما تقرب إليَّ عبدي بشيء أحب إليَّ مما افترضته عليه، وما يزال عبدي يتقرب إليَّ بشيء أحب إليَّ مما افترضته عليه، وما يزال عبدي يتقرب إليَّ بالنوافل حتى أحبه، فإذا أحببته كنت سمعه الذي يسمع به، وبصره الذي يُبصر به، ويده التي يبطش بها، ورجله التي يمشي بها، وإن سألني لأعطينَّه، ولئن استعاذني لأعيذنَّه) أخرجه البخاري. 4: ومنها: أن المداومة على الأعمال الصالحة سبب للنجاة من الشدائد؛ فعن ابن عباس - رضي الله عنهما - قال: كنت رديف النبي - صلى الله عليه وسلم - فقال: (يا غلام، ألا أعلمك كلمات ينفعك الله بهن؟، فقلت: بلى، فقال: احفظ الله يحفظك، احفظ الله تجده أمامك، تعرف إليه في الرخاء يعرفك في الشدة) أخرجه الإمام أحمد. وعن أبي هريرة - رضي الله عنه - قال: قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: (من سرَّه أن يستجيب الله له عند الشدائد فليكثر الدعاء في الرخاء) أخرجه الترمذي، وقال حديث غريب. 5: ومنها: أن المداومة على صالح الأعمال تُبعد صاحبها عن الفواحش؛ قال تعالى: ( اتْلُ مَا أُوحِيَ إِلَيْكَ مِنَ الْكِتَابِ وَأَقِمِ الصَّلَاةَ إِنَّ الصَّلَاةَ تَنْهَى عَنِ الْفَحْشَاء وَالْمُنكَرِ). وعن أبي هريرة - رضي الله عنه - قال: جاء رجل إلى النبي - صلى الله عليه وسلم - فقال: (إن فلاناً يُصلي بالليل فإذا أصبح سرق، فقال: إنه سينهاه ما تقول) أخرجه الإمام أحمد، والبيهقي في شعب الإيمان. 6: ومنها أن المداومة على الأعمال الصالحة؛ سبب لمحو الخطايا والذنوب، والأدلة على هذا كثيرة، منها ما في الصحيحين عن أبي هريرة - رضي الله تعالى عنه - قال: قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: (أرأيتم لو أن نهراً بباب أحدكم يغتسل منه كل يوم خمس مرات هل يبقى من درنه شيء؟ قالوا: لا، قال: فذلك مثلُ الصلوات الخمس يمحو الله بهن الخطايا). وعن أبي هريرة - رضي الله عنه - قال: قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: (من قال سبحان الله وبحمده في يوم مائة مرة حُطت خطاياه وإن كانت مثل زبد البحر) متفق عليه. 7: ومنها أن المداومة على الأعمال الصالحة؛ سبب لحُسن الخاتمة، ووجه ذلك أن المؤمن يصبر على الطاعات كما يصبر عن المعاصي والسيئات محتسباً الأجر على الله - عز وجل -؛ فيقوى قلبه على هذا، وتشتد عزيمته على فعل الخيرات؛ فلا يزال يجاهد نفسه فيها، وفي الإنكاف عن السيئات؛ فيوفقه الله - عز وجل - لحسن الخاتمة؛ قال تعالى: ( وَالَّذِينَ جَاهَدُوا فِينَا لَنَهْدِيَنَّهُمْ سُبُلَنَا وَإِنَّ اللَّهَ لَمَعَ الْمُحْسِنِينَ}. وقال - عز وجل -: {يُثَبِّتُ اللّهُ الَّذِينَ آمَنُواْ بِالْقَوْلِ الثَّابِتِ فِي الْحَيَاةِ الدُّنْيَا وَفِي الآخِرَةِ وَيُضِلُّ اللّهُ الظَّالِمِينَ وَيَفْعَلُ اللّهُ مَا يَشَاء ). 8: ومنها أن المداومة على الأعمال الصالحة؛ سبب للتيسير في الحياة وتجاوز الله تعالى عن العبد؛ فعن ربعي بن حراش قال: اجتمع حذيفة وأبو مسعود؛ فقال حذيفة: (رجل لقي ربه فقال: ما عملت؟ قال: ما عملتُ من الخير، إلا أني كنت رجلاً ذا مال؛ فكنت أطالب به الناس، فكنت أقبل الميسور وأتجاوز عن المعسور؛ فقال: (تجاوزوا عن عبدي). قال أبو مسعود: هكذا سمعت رسول الله - صلى الله عليه وسلم -. أخرجه البخاري ومسلم واللفظ له؛ فبسبب مداومته على التجاوز تجاوز الله عنه 9: ومنها أن المداومة على العمل الصالح، سبب في أن يستظل الإنسان في ظل عرش الله - عز وجل - يوم لا ظل إلا ظله. أخرج البخاري بسنده عن أبي هريرة - رضي الله عنه - عن النبي - صلى الله عليه وسلم - أنه قال: (سبعة يظلهم الله في ظله يوم لا ظل إلا ظله: الإمام العادل وشاب نشأ في عبادة ربه ورجل قلبه معلق في المساجد، ورجلان تحابا في الله اجتمعا عليه وتفرقا عليه، ورجل طلبته امرأة ذات منصب وجمال، فقال إني أخاف الله، ورجل تصدق بصدقة فأخفاها حتى لا تعلم شماله ما تنفق يمينه، ورجل ذكر الله خالياً ففاضت عيناه) متفق عليه، واللفظ للبخاري. ووجهُ ذلك أن عدل الإمام، ونشوء الشاب في عبادة ربه، وتعلق القلب في المساجد، وتحابب الرجلين في الله، لا بدَّ فيه من الاستمرار عليه حتى يحصل به هذا الفضل العظيم. 10: أن المداومة على العمل الصالح سبب لطهارة القلب من النفاق، ونجاة صاحبه من النار؛ فعن أنس بن مالك - رضي الله عنه - قال: قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: (من صلى لله أربعين يوماً في جماعة يدرك التكبيرة الأولى كُتبت له براءتان، براءة من النار وبراءة من النفاق) أخرجه الترمذي. 11: ومنها أن المداومة على العمل الصالح، سبب لدخول الجنة؛ فعن أبي هريرة - رضي الله عنه - قال: قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: (من أنفق زوجين من شيء من الأشياء في سبيل الله دُعي من أبواب الجنة، وللجنة أبواب، فمن كان من أهل الصلاة دُعي من باب الصلاة، ومن كان من أهل الجهاد دُعي من باب الجهاد، ومن كان من أهل الصدقة دُعي من باب الصدقة، ومن كان من أهل الصيام دُعي من باب الريان)؛ فقال أبو بكر: (ما على من دعي من تلك الأبواب من ضرورة؟ فهل يُدعى أحد من تلك الأبواب كلها؟) قال: (نعم، وأرجو أن تكون منهم) متفق عليه. ثم اعلموا يا عباد الله أن من داوم على عمل صالح ثم انقطع عنه بسبب مرض أو سفر أو نوم كُتب له أجر ذلك العمل. أخرج البخاري بسنده عن أبي موسى الأشعري - رضي الله عنه - قال: قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: (إذا مرض العبد أو سافر كُتب له مثل ما كان يعمل مقيماً صحيحاً) قال ابن حجر: هذا في حق من كان يعمل طاعة فمنع منها، وكانت نيته - لولا المانع - أن يدوم عليها. وعن عائشة - رضي الله عنها - أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - قال: (ما من امرئ تكون له صلاة بليل فغلبه عليها نوم إلا كتب الله له أجر صلاته وكان نومه صدقة عليه) أخرجه النسائي. ولقد كانت عائشة - رضي الله عنها - تصلي الضحى ثماني ركعات، وتقول: (لو نشرني أبواي ما تركتُها) أخرجه مالك بسند صحيح. فلنحرص على مداومة الأعمال الصالحة التي كنا نفعلها في رمضان؛ ليكون منطلقاً لنا نحو استمرار العبادات؛ فإنه مدرسة للمؤمنين يتعلمون فيه قيام الليل فيحافظون عليه بعد ذلك، ويتعودون صيام النوافل والصدقات على الفقراء والمساكين. وأخيراً.. لا ينبغي لمن كان يعمل صالحاً أن يتركه؛ لما ثبت في الصحيحين عن عبدالله بن عمرو بن العاص - رضي الله عنهما - قال: قال لي رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: (يا عبد الله.. لا تكن مثل فلانٍ كان يقوم الليل فترك قيام الليل). نسأل الله أن يوفقنا لدوام الطاعات، ويغفر لنا السيئات، ويرزقنا الحسنات.. إنه سميع مجيب. لتكن عبادتنا عبادة يقين لا عبادة مواسم، فرمضان فرصة للتغيير لا رجعة عنها وعمل المؤمن لا ينقطع إلا بالموت «واعبد ربك حتى يأتيك اليقين» الحجر/99. نسأل الله تعالى أن يعيد علينا رمضان أعواماً عديدة وأزمنة مديدة ونحن في الطاعة الأكيدة. جمع وترتيب : قاسم العلوش