علمت هسبريس، من مصادر جيدة الاطلاع، أن تقارير خبرة وهمية تسللت إلى مشروع ضخم لتحلية مياه البحر، بعدما طلبت شركة مكلفة عبر المناولة بإنجاز مهام المراقبة التقنية والتدقيق لفائدة الجهة صاحبة المشروع، من مختبر للبناء والأشغال العمومية، بإعداد تقارير خبرة ومصادقة على أشغال منتهية فعليا، لم يتابعها أو يعاينها تقنيو ومهندسو المختبر، موضحة أن هؤلاء المسؤولين رفضوا إنجاز أزيد من 100 تقرير أو التأشير عليه دون معاينة مباشرة أو تتبع قبلي للأشغال. وأفادت المصادر ذاتها بأن التقارير المشبوهة ارتباط، أساسا، باختبارات استقبال صناديق الحفريات Réception des fonds de fouilles وتركيبة الخرسانة formulation des bétons، واختبارات مراقبة الخرسانة (الهبوط ومقاومة الضغط والشد بالانفلاق والكتلة الحجمية)، واستخراج العينات (الكور) من الخرسانة Essais de carottage sur béton. ولفتت مصادر الجريدة إلى أن الشركة طالبت المختبر بإعداد التقارير اللازمة بسرعة، وأشارت في رسائل عبر البريد الإلكتروني إلى عدم استجابة تقني تابع له بالحضور المادي في الورش وتتبعه. وشددت المصادر نفسها على أن التقني المعني بالأمر رفض التأشير على تقارير الخبرة، وتمسك بعدم إثارة غيابه في جميع مراحل إنجاز المشروع من قبل الزبون (الشركة المكلفة بالمراقبة التقنية والتدقيق)، واستمرار الأشغال بشكل عادي، دون تتبع أو معاينة، حتى نهايتها. وأكدت مصادر هسبريس أن المختبر المتورط في إعداد تقارير خبرة وهمية درج في مشاريع أخرى على تزويد شركات خبرة تقنية وتدقيق وجهات أصحاب مشاريع بتقارير ذات صيغة عامة Rapports standard، يجري بسهولة ملاءمتها مع نوعية الاختبارات المطلوب المصادق عليها، دون حاجة إلى الحضور المادي للتقني أو المهندس المسؤول في الورش، أو الحصول على عينات من التربة أو الإسمنت أو مواد البناء الأخرى لغايات الفحص التجريبي. وأبرزت المصادر عينها أن المشروع المعني بتقارير الخبرة المشبوهة هم قناة لمدة تحلية مياه البحر بين مدينتين في جهة الدارالبيضاء- سطات، على مسافة تصل إلى 10 كيلومترات، وجرى تسريع وتيرة إنجاز أشغاله بالنظر إلى استعجالية تشغيل هذه القناة خلال الظرفية المناخية الحالية، التي تتسم بالجفاف وندرة المياه. واشتكت مختبرات للبناء والأشغال العمومية الأسعار المنخفضة المفروضة ضمن التقديرات المالية المحدودة للجهات أصحاب المشاريع، وارتفاع مستوى المنافسة بين الفاعلين، وتعقد الانتقال من تصنيف إلى آخر من أجل المشاركة في الصفقات العمومية، إضافة إلى التأخر في صرف المستحقات المالية لفائدة ضمن الصفقات المذكورة؛ ما فاقم الأعباء المالية لهذه المختبرات، وأدى إلى إفلاس العديد منها. فيما طالب الفاعلون في أكثر من مناسبة السلطات بضمان إسناد الصفقات إلى العرض الأفضل، بناءً على أسعار مرجعية محددة بدقة، مع وصف تقني متحكم فيه، قابل للتنفيذ ومحكم، وضمان أداء الأعمال المنجزة في الوقت المحدد دون تأخير، وتعزيز آليات الرقابة والتقييم، مع التركيز على الشفافية والإنصاف. وكشفت مصادر الجريدة عن تقدم المختبر المعني بتقارير الخبرة الوهمية لمصالح وزارة التجهيز والماء للحصول على تصنيف جديد يؤهله للمشاركة في صفقات عمومية أكبر، مستغلا أيضا شهادات مرجعية عن صفقات أشغال أنجزها لفائدة مؤسسات ومقاولات عمومية. وأكدت المصادر أن الوزارة سبق لها اعتماد نظام جديد لتكييف وتصنيف مقاولات ومختبرات البناء والأشغال العمومية، بالإضافة إلى اعتماد مكاتب الدراسات، من خلال تطوير النظام الذي وُضع منذ سنة 1994 في 2017، مدفوعة بالتأثير السلبي لإسناد الصفقات العمومية المتعلقة بالبناء والأشغال العمومية إلى مقاولات غير مؤهلة؛ ما يؤثر على جودة الأشغال المنجزة من حيث المدة الزمنية أو التكلفة المالية.