انطلقت، اليوم السبت بمدينة شنقيط الموريتانية، فعاليات "منارات إشعاع علمي وجسور تبادل ثقافي"، على هامش مهرجان "مدائن التراث"، الذي تشارك فيه شخصيات أكاديمية مغربية. وافتتح أشغال المهرجان وزير الثقافة والفنون والاتصال والعلاقات مع البرلمان الموريتاني، الحسين ولد مدو، بحضور شخصيات، أبرزها عبد الفتاح البلعمشي، رئيس "المركز المغربي للدبلوماسية الموازية وحوار الحضارات"، وعز الدين كرا، مدير "المركز الوطني للدراسات والأبحاث في التراث المغمور بالمياه"، وممثلين عن المملكة المغربية. وفي كلمة له بالمناسبة، سلط البلعمشي الضوء على العلاقات الثنائية المثالية بين المغرب وموريتانيا، مشيرا إلى الإمكانيات الواعدة لتعزيزها عبر تفعيل أدوار المجتمع المدني والمؤسسات الأكاديمية والثقافية. وأكد على أهمية الدبلوماسية الثقافية كرافد أساسي للدبلوماسية التقليدية، مبرزا استراتيجيتين متكاملتين لهذا المجال: استراتيجية الإشعاع لتعزيز حضور الدول دولياً، واستراتيجية العمق لترسيخ العلاقات البينية. وأضاف أن "تحقيق أهداف السياسة الخارجية يتطلب اعتماد مسارات متعددة تشمل الدبلوماسية غير الرسمية والأنشطة الثقافية والرياضية"، مشيدا في هذا السياق بتجربة المغرب في تنظيم الأحداث الدولية الكبرى، مثل استضافة كأس العالم 2030 إلى جانب إسبانيا والبرتغال. وأشار رئيس "المركز المغربي للدبلوماسية الموازية وحوار الحضارات" إلى دور هذه المبادرات في تعزيز مكانة الدول على الصعيد الدولي، كما نوّه برئاسة موريتانيا للاتحاد الإفريقي، الذي يعكس، بحسبه، دورها المتنامي في القارة. من جانبه، قدّم الدكتور عز الدين كرا مداخلة بعنوان "المحافظة على التراث الثقافي على ضوء الاتفاقيات والمواثيق الدولية"، تطرق فيها إلى أهمية إدماج التراث الثقافي في خطط التنمية المستدامة، وشدد على دور العنصر البشري كمحور أساسي في الحفاظ على هذا التراث. كما تناولت المداخلة أبرز الاتفاقيات الدولية في هذا المجال، مثل اتفاقية 1972 لليونسكو بشأن حماية التراث العالمي، واتفاقية 2001 الخاصة بحماية التراث المغمور بالمياه، بالإضافة إلى التطورات الحديثة التي شهدتها اتفاقية 2003 المتعلقة بالتراث غير المادي. واستعرض كرا خلال مداخلته أمثلة عملية حول كيفية توظيف هذه الاتفاقيات في إدارة التراث الثقافي اليومي، مشيراً إلى أن التراث لا يمثل فقط ذاكرة جماعية، ولكنه مورد اقتصادي وثقافي يعزز التنمية. وفي ختام المداخلات، عبر المشاركون عن إشادتهم بنجاح مهرجان "مدائن التراث" في دورته الثالثة عشرة، سواء من حيث تنوع الفعاليات الثقافية والفنية والتنموية أو مستوى الشخصيات الوطنية والدولية المشاركة. كما أجمع المشاركون على أن هذه التظاهرة الثقافية تشكل جسرا مهما لتعزيز التعاون الثقافي بين البلدين، وتجسيدا عمليا للدبلوماسية الثقافية في خدمة التقارب الإقليمي.