الشرع: سوريا غير معنية بصراعات جديدة    الذكرى الأولى لرحيل حرزني .. مذكرات السجن وتأملات في الماركسية والأديان    5 قتلى في إطلاق نار بشمال فرنسا    التعادل يحسم لقاء تواركة والزمامرة    المغرب وموريتانيا يعززان جسور الثقافة    الصحة تكشف نتائج التحقيق في وفيات بمستشفى مولاي يوسف بالرباط    أكثر من 60 ضربة جوية إسرائيلية على سوريا خلال أقل من 5 ساعات    تسليم جائزة الأركانة العالمية للشعر لسنة 2024 للشاعر البحريني قاسم حداد    باتشوكا يهزم الأهلي ويحرز كأس التحدي ليلاقي الريال في نهائي إنتركونتننتال    المجلس الأعلى للحسابات يحيل 16 ملفًا على الحنايات        خبير دولي ل"برلمان.كوم": ما يحدث في سوريا سيؤثر على العالم بأسره    افتتاح المعرض الدولي لكتاب الطفل والشباب بالدار البيضاء    إصلاح مجلس الأمن: المغرب مؤهل أكثر لتمثيل إفريقيا    جهة طنجة تطوان الحسيمة تستقبل وفداً رفيع المستوى من مقاطعة شاندونغ الصينية    لجنة الاتصال الوزارية العربية تدعو إلى انتقال سلمي بسوريا برعاية الأمم المتحدة والجامعة العربية    شباب هوارة ينتصر على جمعية سلا بثلاثية ويواصل تألقه في غياب الجمهور    ترويج الكوكايين يقود شخصا إلى سجن الحسيمة لست سنوات    بنسعيد: الصحافة مهنة نبيلة تعادل الطب والتعليم والمحاماة    نشرة إنذارية: رياح قوية تصل إلى 85 كلم في الساعة بعدد من الأقاليم    إسرائيل تدمر 20 موقعا للمخابرات الجوية في سوريا    توصيات للحكومة بتوفير هوامش إضافية احتياطية لمواجهة الظرفيات الطارئة والصعبة    رئيس كوريا الجنوبية: "أنا محبط وسأتنحى عن منصبي"    ضعف المؤسسات الاستشفائية وخصاص مهول بالموارد البشرية..تقرير يعري واقع منظومة الصحة العقلية بالمغرب    وفاة مهاجر مغربي سقط من أعلى بناية شركة بإيطاليا    سوس ماسة.. المركز الجهوي للاستثمار يُحَدّد أولوياته الاستثمارية لعام 2025    الرابطة الوطنية للصيد البحري فرع العرائش تدق ناقوس الخطر على التسيب بميناء العرائش    الخطوط الملكية المغربية تتوج كأفضل شركة طيران بإفريقيا للسنة الثانية على التوالي    الرجاء الرياضي ينهي استعداداته لمواجهة صن داونز غدا الأحد    التقاليد والحداثة في انسجام: الرباط نموذج يُلهم كينشاسا    "المجلس الأعلى" يحيل 55 قاضيا إلى المجلس التأديبي ويراقب "ثروة القضاة"    المنتخب السعودي للسيدات يقفز 8 مراكز لأول مرة في تاريخ تصنيف الفيفا    تفاقم عجز السيولة البنكية ب 3,29 في المائة من 5 إلى 11 دجنبر    بريطاني أدمن "المراهنات الرياضية" بسبب تناول دواء    جمعية مجالس العمالات تناقش الاقتصاد التضامني ورهانات التنمية الاجتماعية    النجم الشعبي".. برنامج جديد على القناة الثانية 2M لاكتشاف مواهب الأغنية الشعبية المغربية    القضاء يدين بودريقة بست سنوات سجنا نافذا    توقعات أحوال الطقس اليوم السبت    ديربي العاصمة بوابة اتحاد يعقوب المنصور لتصحيح المسار    العثور على "أشرطة كاسيت" لأغنيات غير معروفة لمايكل جاكسون    جامعة سيدي محمد بنعبد الله تفوز بالجائزة الدولية للابتكار الألماني-الإفريقي    كيوسك السبت | الخارجية الأمريكية تشيد باستراتيجية المغرب في مكافحة الإرهاب والتطرف    تتويج الفائزين بالجائزة الوطنية الكبرى للصحافة    قرعة التصفيات الأوروبية لكأس العالم 2026 تفرز عن مواجهات مثيرة            الفدرالية الوطنية تؤكد انخراطها الثابت في الدفاع عن استقلالية ومصداقية التنظيم الذاتي للصحافة الرياضية بالمغرب    دراسة: الاكتئاب مرتبط بأمراض القلب عند النساء    البرلمان يعزل رئيس كوريا الجنوبية    ثورة طبية في اليابان .. اختبار عقار جديد يعيد نمو الأسنان المفقودة    باحثون يابانيون يختبرون عقارا رائدا يجعل الأسنان تنمو من جديد    تزامنا مع تألقه في جوائز "البيلبورد".. "طوطو" يرزق بمولوده الأول    للطغيان وجه واحد بين الدولة و المدينة و الإدارة …فهل من معتبر …؟!!! (الجزء الأول)    الانفراد بالنفس مفيد للصحة النفسية    حماية الحياة في الإسلام تحريم الوأد والإجهاض والقتل بجميع أشكاله    عبادي: المغرب ليس بمنأى عن الكوارث التي تعصف بالأمة    توفيق بوعشرين يكتب.. "رواية جديدة لأحمد التوفيق: المغرب بلد علماني"    توفيق بوعشرين يكتب: "رواية" جديدة لأحمد التوفيق.. المغرب بلد علماني    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



الذكرى الأولى لرحيل حرزني .. مذكرات السجن وتأملات في الماركسية والأديان
نشر في هسبريس يوم 15 - 12 - 2024

بعدٌ إنساني وتاريخي ومعرفي اختلط في ندوة فكرية نظّمتها مؤسسة "الربوة للثقافة والفكر" وعائلة الفقيد الحقوقي والسياسي والديبلوماسي البارز أحمد حرزني، بمناسبة الذكرى السنوية الأولى لرحيله، لتسليط الضّوء على كتابه "الماركسية والأديان والحقائق المعاصرة"؛ وهو عبارة عن مذكرات من فترة الاعتقال السياسي التي قضاها في السجن خلال سبعينيات القرن الماضي.
وخلال افتتاح هذا "اللقاء التأبيني" أشاد الأكاديمي والمؤرخ عبد الرحيم بنحادة بمبادرة المجلس الوطني لحقوق الإنسان بنشر الكتاب، وأشار إلى أنه "في السبعينيات والثمانينيات أو سنوات الجمر والرصاص وجد عدد من الشباب أنفسهم أمام المحاكم بتهم ملفقة تقع تحت عنوان المساس بالأمن العام للدولة وتوزيع مناشير وبث الفتنة وعدم الاستقرار وغيرها من العناوين، وكان أحمد حرزني من بين هؤلاء الشباب الحالمين بغد أفضل".
ظروف الاعتقال والتحرير
وتابع بنحادة "قُدم للمحاكمة سنة 1972، بعد تعرضه لأشكال التعذيب المعهودة آنذاك، وحوكم بالسجن وأطلق سراحه سنة 1984 بعد قضاء 12 سنة في المعتقل"، مضيفا أنه "في الوقت الذي كرس عدد من هؤلاء السجناء وقتهم لكتابة المذكرات، وبعضهم كتب سيراً ذاتية وروايات ودواوين شعرية ومسرحيات، اختار حرزني أن يتفرد كعادته ويكتب مجموعة من النصوص التأملية في القضايا التي شغلته أثناء عمله النضالي".
وأبرز أن هذه النصوص "متفرقة المواضيع ومتفرقة في الزمن كذلك، أنجزها في الفترة ما بين سنة 1978 و1981، وهي عبارة عن نصوص متفرقة تربط بينها، كما يقرّ صاحب التمهيد، طبيعتها التأملية التي تدفع القارئ أو المتأمل للتفكير فيها والتدبر بشأنها"، مشيرا إلى أنها "عبارة عن إسهام في النقاش النظري عن قدرة المشروع الماركسي في تغيير العالم، والظاهر أن هذه النصوص كانت أيضا ثمرة للنقاشات التي كانت جماعة من السجناء والمعتقلين تتداول فيها".
ويسرد المؤرخ البارز أنه "عندما غادر حرزني المعتقل خرج محملا بنصوصه وركنها في رف مكتبته. لم يفرط فيها، لكنه أيضا لم يكن متحمسا لنشرها. صاحبته زهاء ثلاثين سنة، قبل أن يلتفت إليها عدد من المثقفين خلال فترة الحجر الصحي في 2020، بل استغله بعضهم لكتابة نصوص تخييلية وسير ذاتية (...) فلم يختر أحمد هذه الطريق الصعبة: كتابة مذكرات، لا سيما بعد المهام التي تولاها والمسؤوليات التي تقلدها في مساره".
رجل بخصال كثيرة
مبارك بودرقة، عضو هيئة الإنصاف والمصالحة، ألقى كلمة نيابةً عن رئيسة المجلس الوطني لحقوق الإنسان آمنة بوعياش، اعتمد فيها "حصراً" على "ما تدّخره الذاكرة"، مشيرا إلى أنه تعرف على الراحل حزرني سنة 2001 بعد عودته من المنفى في إطار المناظرة التي نظمتها المنظمة المغربية لحقوق الإنسان تحت عنوان "الاختفاء القسري في أية تسوية؟". وأضاف "عندما تأسست هيئة الإنصاف والمصالحة اعتمد رئيسها الراحل إدريس بنزكري على تعبئة المجموعة من العناصر الحقوقية".
وتابع قائلا: "ازداد اللقاء مع حزرني بعدما عينه الملك محمد السادس خلفاً للمرحوم إدريس بنزكري، وقد كنت عضوا في المجلس. هذا التلاقي وقتها سمح لي بأن أكتشف العديد من الخصائص التي يتمتع بها المرحوم، منها الخصال الإنسانية والحرص على أمن الناس وتفهم حاجة المعوزين وحرصه على التكوين الأكاديمي للعاملين معه".
ويحكي المتحدث أن الراحل أشرف على لجان كثيرة وأعمال عديدة خلال عمله "بوفاء وإخلاص"، كما نظم العديد من الندوات فيما يخص قضايا كانت تعد مهمة وراهنية من قبيل تعديل القانون الجنائي والمسطرة الجنائية، ونظم ندوة وطنية حول قوانين الصحافة، كما كان ترافعه واضحا من الناحية العملية وبشكل متواصل لنبذ الاتجار بالبشر.
سجينٌ يقظ
خديجة شاكر، رئيسة مؤسسة "الربوة للثقافة والفكر"، تساءلت "هل يمكن أن يتوارى أحمد حرزني وراء الأفكار التي يضج بها كتابه هذا؟ هل يمكن للقارئة او القارئ أن يبتعدا عن طيفه وهما يطالعان أقسام وأبواب وفصول هذا الكتاب؟". وقالت: "تجربتي الخاصة أثبتت أن حرزني لم يبتعد أبدا. كان قريبا، حاضرا في كل الفقرات. صحيح أنه لم يكتب بصيغة المتكلم إلا نادرا، لكن تأملاته وأفكاره في باقي أجزاء المؤلف لم تظهر في نظري منفصلة عن شخصه وعن وضعه إبان كتابتها وتوثيقها على الأوراق".
وذكرت المتحدثة مختلف الأحداث التي عاشتها منطقة شمال إفريقيا والشرق الأوسط والعالم وكذا المغرب، مشيرة إلى أن هذه الأحداث الملتهبة كان حرزني يتابعها من زنزانة السجن "ببرودتها وعتمتها"؛ يتأملها ويكتب ملاحظاته وهو يقرأ أو يعيد قراءة "البيان الشيوعي"، و"الإيديولوجيا الألمانية"، و"أصل العائلة والملكية الخاصة والدولة"، و"رأس المال"، ومختلف الرسائل التي تبادلها ماركس وإنجلز.
وأشارت شاكر في مداخلتها، التي ألقتها بكثير من التأثر أمام الحضور المكون من مثقفين وحقوقيين وسياسيين، إلى أن حرزني لم ينس وهو في السجن "الكتابات التي اهتمت بتطور أفكار ماركس وبحياته"، كما ظلّ "يقرأ كتاب "ما العمل؟" والأعمال الكاملة للينين، ويطالع كذلك القرآن والأناجيل وكتب التوراة وكتابات الأقدمين والمحدثين عن هذه الكتب المقدسة وعن حاملي رسالتها من الرسل والأنبياء".
تصورات للحقيقة
هاجر البدوي، باحثة في علم الاجتماع، قدمت قراءة في محتويات المذكرات، وبدأت بذكر ما أراده ماركس وفق الكاتب، وهو "أن يظهر القوى المحركة للتاريخ لكي يسهل صنع التاريخ. فالطبقات تعرف نفسها عبر الصراع، حيث يشكل الأفراد طبقة فقط للدرجة التي يكونون فيها منخرطين في صراع مشترك ضد طبقة أخرى"، ف"إذا ما اعتبرنا أن علاقات الإنتاج هي مجموعة من العلاقات الاجتماعية فإن البورجوازية لا يمكن أن توجد دون إحداث ثورة مستمرة في أدوات الإنتاج، ويحيلنا هذا على مثال الجيش".
وتنقل البدوي عن حرزني بخصوص الديانات أنه "لم يكن أي توحيد آخر متعطشا للدماء مثل الديانة اليهودية، حيث يتساءل عن شرعية الوعد؟ ألم يكن من الممكن أن يتم ذلك سلميا؟ يتعلق الأمر هنا بدخول أبناء إسحاق في ملكية أرض الموعد". وتابع "إن الاستيلاء على أرض الموعد بالعنف وبالإبادة الجماعية هو خيار متعمد يقدم نفسه كعقيدة. لم يكن الأمر بالنسبة لليهود تمهيد الطريق لظهور الوحدانية في حد ذاتها بقدر ما كان الأمر يتعلق بإلغاء الآخر أي كان هذا الآخر".
وبخصوص الإسلام أو "جنات الله لولا الشيطان"، فقد ذكرت الباحثة أن الكاتب يرى "الإسلام مرجعا قويا بشكل خاص لأي مشروع هدفه إعادة بناء المجتمع اليوم لأن فيه أهم شروط المصداقية المتمثلة بالخصوص في رفض التجبر والجبابرة"، مضيفة أن "يسوع كان مفرط الثقة، بل اكتشف أنه شجاع وأطلق العنان لشجاعته في مواجهة الطبيعة بأكملها. لقد فعل ذلك بتهور، فهو القائل إن كل شيء مستطاع للمؤمن، ونحن نعرف المعنى الحقيقي لهذه الكلمة".


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.